أصبح من الشائع اعتبار السيميائيات(Sémiotique)عند المهتمين بهذا الحقل المعرفي علما موضوعه دراسة العلامات، والعلامة، كما حددها بورس( CH.S.Peirce)، كل شيء يحل محل شيء آخر ويدل عليه، سواء كانت علامة لفظية أم علامة غير لفظية، طبيعية أم اصطناعية؛ هذا بالرغم من أن أمبرطو إيكو(U.Eco) ذهب إلى أن موضوع السيميائيات ليس العلامة، وإنما الوظيفة السيميائية، وهو في ذلك يستند إلى يلمسليف (Hjelmslev)في هذا التوجه.
ارتبطت السيميائيات ابتداء بالعالم الأمريكي تشارلز سندرس بورس من خلال كتابه "كتابات حول العلامة"، وهو عبارة عن محاضرات لبورس جمعت بعد وفاته؛ فقد أرسى قواعدها منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، جعلها مناط دراسة التجربة الإنسانية عامة، منطلقا بالأساس من اعتبارها محرك باقي العلوم الأخرى، سواء كانت علوما إنسانية أم غير ذلك، وبورس إذ يراها كذلك، ينطلق من إبدالات نظرية أملتها التخصصات المتعددة التي أقام عليها نموذجه النظري السيميائي(الرياضيات والمنطق والفيزياء...). وفي الوقت نفسه الذي كان يبني بورس فيه هذا النموذج النظري، افترض اللساني السويسري فرديناند دوسوسور(F.De Saussure) وجود علم جديد سماه السيميولوجيا(Sémiologie)، سيكون جزءا من علم النفس العام، وسيدرس كل العلامات الدالة التي لا تدرس اللسانيات إلا اللفظية منها، حيث تعنى أساسا باللسان، وستكون اللسانيات بذلك ضمن علم أشمل هو السيميولوجيا.
صاحبة مؤلف "جمال الروح" الكاتبة والشاعرة اليمنية منى لقمان - بشير عمري
"عصفورنا العربي النادر هو ذاك الأديب النحات الذي يجسم الجمال لكل المستويات"
من اليمن مهد نهضة العمران العالي في التاريخ انبجس اسم إبداعي ينحت في صخر اللغة جمال المعنى وجمال الروح فيجعل من صمهما نطقا سيمفونيا يسر السامع والناظر في ذات الآن.
إنها الشاعرة والكاتبة منى شوقي لقمان صاحبة التحفة الأدبية "جمال الروح" الصادر مؤخرا عن دار سندباد بالقاهرة، هي قلم انصرم كالوهج من قوالب كلاسيكيات التأليف الفكري والأدبي الجامد التي أضنت القارئ العربي قبل أن يقرأها حتى، فكتبت بأسلوب ينبذ شرطية المستوى ويقفز عن احتكارية النخبة قراءة المنتج الفني والجمالي للعقل والوجدان العربيين.
عن تجربتها في حقل الخاطرة وواقع الكلمة الجميلة في المشهد الإبداعي العربي قبلت مشكورة التحدث إلينا الكاتبة والشاعرة اليمنية منى شوقي لقمان.
ـ يرى الكثيرون أن فضاء الخاطرة أضيق من أن يستوعب جراحات الوطن وآلامه التي هي قضية المتلقي العربي ومادة إمتاعه في ذات الآن إلى أي حد تتفقين مع مثل هذا الرأي؟
لا متناهية الرمز في لغة الجسد - عماد كامل
تتخذ الكتابة القصصية غالبا عند لانا عبد الستار لغة الجسد عوضا عن الكلمات،الجسد الذي يعيش حالة من التوتر فيفصح عن خلجاته الذاتية،الجسد الذي يعيش في حالة قلق من ضغوطات المجتمع ألذكوري،فيحاول البحث عن التميز والفرادة من اجل أن يكسب حريته المسلوبة. إن وعي الكاتبة بذاتها بالبحث عن قيمة التفرد هو الذي جعل كلماتها سهلة مفعمة بالحياة،فـ(لانا) حينما توجهت للجسد اعتبرته كإعلان عن تحررها، وكرد فعل على ممارسات المجتمع الذي يسحق جسد المرأة ويحوله إلى مصدرا لإغراء الرجل وغوايته وسببا لخطيئته،وهذه العوامل جعلت من كتابة(لانا) علامة تدل على الاحتجاج والتمرد على القمع والقهر الاجتماعي المتجذر في مجتمعاتنا تاريخيا،هذا القهر انعكس في مرآة الكتابة فحاولت الكاتبة صياغة رؤية استشراقية لمستقبل المرأة ومحاولة لتفكيك قيود الإكراه التي تقيد المرأة في حاضرها ومستقبلها،كفرد إنساني يحق له ممارسة حياته الطبيعة،إذ جاء عنوان(ليلة بقرب الحبيب) دالا على إن الكتابة بلغة الجسد هي اللغة التي اعتمدتها الكاتبة،وهي لغة تحاول أن تعكس الصورة الجمالية للجسد عبر(الايروتيك) السردي إذ تقول (داعبت المياه الساخنة المتدفقة من كل صوب خلايا جسدي المرهق،مشيت على الرخام الأسود تاركة خلفي أثارا بخارية لقدمي،تشرنقت المنشفة البيضاء الحريرية حول صدري وبطني ممتصة الماء المتقطر ورحت أداعب شعري بزيت الشعر وأنا خارجة من الحمام مدندنة لحن أغنية عاشقة ومسكينة والنبي) ومن هنا فأن لغة الجسد أشركت في سياقاتها حاسة البصر مع حاسة السمع، كما إنها خلقت متعة ولذة للقارئ في الصورة التي قدمتها وكأنها مشهد سينمائي،وفي مقطع أخر تصور انفعالاتها الداخلية وما يتركه رؤية الملابس الداخلية في البوتيك على نفسها التواقة إذ تقول:
الكتابة السلطانية: ضوابط و مؤهلات - د. عبدالرحيم الخلادي
على ضوء وصايا عبد الحميد الكاتب
تمـهـيد:
تحتل الكتابة السلطانية مكانة شريفة ضمن الدرجات العلى لأهم مناصب الدولة، لكونها تتولى صياغة وتدبيج الرسائل الصادرة باسم السلطان فتؤدي وظائف نبيلة وخطيرة في نفس الآن، مما يجعل السلطان ينتقي كتابه من الصفوة المثقفة والملمة بالأحداث وبضوابط الكتابة والتعبير. ولا زالت أهم البلاطات الإسلامية تهتم بالكتابة السلطانية أيما اهتمام، مستحضرة طبيعة المتلقي والعديد من الشروط التواصلية، بواسطة خطاب رسالي محدد المعالم، أثار اهتمام النقاد منذ القديم فحاولوا تتبع أهم آلياته بالنقد والتقويم حتى يتسنى للرسالة السلطانية أن تؤدي وظائفها في تفاعل تام مع النشاط الدبلوماسي والسياسة الخارجية للدولة. وإذا التفتنا إلى تراثنا فإننا نجد العديد من الأفكار والمعطيات والوصايا في الموضوع؛ لكن تستوقفنا رسالة أهم بكثير، دبجها عبد الحميد الكاتب ووجهها إلى الكتاب مضمنا إياها العديد من النصائح القيمة التي لا شك أنها ستنير درب كل كاتب أو مقبل على مهمة الكتابة السلطانية.
1- عبد الحميد الكاتب:
حوار مع معد ومقدم برنامج (مشارف) - المبارك الغروسي
حوار مع معد ومقدم برنامج (مشارف)، أهم برنامج ثقافي على التلفزيون المغربي
أجرى الحوار:
المبارك الغروسي (كاتب ومترجم من المغرب)
يعتبر برنامج (مشارف) من المواعيد الثقافية النادرة على المحطات التلفزيونية المغاربية والعربية. ينتظره المثقفون بشغف وشوق باعتباره نافذة متميزة على عوالم الفكر والثقافة والأدب. برنامج يحظى بنجاح خاص بين عموم المهتمين الذين لا يلهيهم عنه ضجيج الاتساع الإعلامي الفضائي والصخب التلفزيوني.. والسر في نجاح البرنامج بين عموم المثقفين وكذا نجاحه في الوصول إلى جمهور جديد للثقافة خصوصا في أوساط الشباب متعلق بالتأكيد بكون معده ومقدمه من أهل الإبداع والثقافة. شاعر وأديب شاب ومبدع أنيق، أحسن إدارة البرنامج وأجاد تقديمه وجمع فيه بين بشاشة المحيا وأناقة العبارة. اقتربنا من المبدع الشاعر ياسين عدنان لمحاورته والحديث عن "مشارف"، مساره ورهاناته وآفاقه وكذا كواليسه وما يعترضه من عراقيل.
أسطرة البوح الأنثوي :قراءة في سرديات بسمة الشوالي ـ عماد كامل
الجسد ذلك الكائن الوجودي الذي يحمل دلالات كثيرة تعكس الفضاء القيميّ الدال على المنظومة الثقافية المنتسب إليها، فالجسد كائن لا يفهم بغير سياقه التاريخي والثقافي والإيديولوجي، وبقدر ما يحاول الإنسان التعرف على فهم لغة الجسد فأنه سيعرف ما حوله من أسرار الكون،لأن الجسد اختزال للعالم،بل هو كما يصوره إبراهيم محمود هو الكائن في العالم،ولكنه المكون فيه والمتكون به،وهو الذي يكون باستمرار باعتباره حقيقة تدرك أكثر فأكثر كلما كان هناك تشعب أكثر في العالم، وقد حظي الجسد باهتمام الفلاسفة والمفكرين منذ القدم فقد اعتبره أفلاطون الحاجز الذي يمنع سموّ النفس إلى عالم المثل،فهو السجن الذي لا خلاص للنفس
منه إلا الموت.
أما الفلسفة الحديثة فقد حاولت الفصل بين الجسد(البيولوجي) المادي،والجسد الذاتي(المعنوي) إذ اعتبر الجسد أداة لتواصلنا مع العالم،حيث يرى بارت إن الفترات التي يهب فيها الجسد ذاته كانت محدودة جدا في المجتمعات التقليدية ومفصولة عن بقية فترات الحياة،فترات الاحتفالات التي كانت تسمح للمرء بأن يلبس بشكل مختلف:الأعياد والرقصات الطقوسية،وكانت الحياة منقسمة إلى قسمين:لحظة يعطي فيها الجسد عبر الاحتفال،وهذه نادرة جدا.والجزء الثاني والأكبر من الحياة ينمط المألوف،حيث لا يوجد الجسد إلا ضمن إطار العمل.
الانزياح في قصيدة "عزاء على بطاقة تهنئة" لأحمد مطر ـ مديحة عتيق
مقدمة:
ينزع النص الأدبي إلى تحقيق هويته من خلال الاختلاف عن الخطاب الشائع ، والتعالي على مرتكزات التعبير التقليدي مستنكفا بذلك عن كلّ ما هو قارّ وثابت ، كأنه يؤسس ذاته وجماليته في تمرده عن التأثير القواعدي/النحوي، والتواصل اللساني ، فيتحوّل إلى مغامرة داخل اللغة تهشّم عناصرها ثم تعيد بناءها في حلة جديدة، فالكلمة الشعرية "هي نفس الآن موت وانبعاث للغة "(1)
وهكذا يغدو النص الأدبي لغة خاصة ضمن اللغة العامة، وخطابا غير عاد ضمن الخطابات التواصلية العادية ، وقد ظهرت مصطلحات عديدة تبحث عن خصائص هذا الكائن اللغوي المتميز،ومنها "الانحراف")Deviation)، "المخالفة"Infraction، الخرق Transgression، الانتهاك Viol، وكل هذه التسميات تحمل تلوينات دلالية مختلفة ، لكنها تقارب مصطلحا شائعا وهو "الانزياح"L’ecart، وقد عرّف باعتباره " حدثا لغويا جديدا يبتعد بنظام اللغة عن الاستعمال المألوف ، وينحرف بأسلوب الخطاب عن السنن اللغوية الشائعة" (2).
وقد ارتبط هذا المصطلح بجدلية لغة النثر ولغة الشعر.فالشعر هو أكثر الفنون الأدبية ولعا بالزيغ والمخاتلة ، وتخطّي الثوابت السائدة "فالنثر هو بالتحديد اللغة الطبيعية ، أما الشعر فلغة الفن أي لغة مصنوعة ،...وكون النثر هو اللغة الشائعة يمكن أن نتحدّث عن معيار تعتبر القصيدة انزياحا عنه"(3)
قراءة في المجموعة القصصية '' عندما تغادر العصافيرأقفاصها '' للكاتب المغربي عبد الغفور خوى
عندما تتأمل في عنوان المجموعة القصصية للكاتب عبد الغفور خوى تتفاجأ منه حيث يبحر بك في متاهات فلسفية غاية في التعقيد ،وتؤكد ذلك صورة الغلاف التي تحتوي على عصفور يحترق فوق شمعة تذيب نفسها هي أيضا وسط مركب صغيروعينان جاحظتان ترقب تربص الأمل المفقود وسط ظلام حالك لا يبشر بالخير .
والجولة في هذه المجموعة جولة في الزمان والمكان فما تراه ليس مجرد قصص عابرة بل نقوش تركها الزمن وعبرعنها الكاتب بكل مصداقية وشفافية و حين تتوقف أمامها تتأملها وتحاول فك شفرتها حتى تفاجئك وهي تروي لك الوقائع وتستحضر الأحداث والتاريخ و تتركك تتحاور مع أبطالها .
وتأتي أهمية المجموعة التي اتخذ ت من هذه الصور وسيلتها الرئيسية للتعبيرعن حالة القلق التي يعيشها أبطال قصصها تجاه ما يجري حولهم بلغة شديدة التكثيف والتباين، وهي أولى إصدارته القصصية ، عن المطبعة والوراقة الوطنية الداوديات- مراكش ، وتضم بين دفتيها أكثر من ثلاثين قصة قصيرة جدا ،تتوزع على اثنتين و تسعين صفحة من الحجم المتوسط .
وقد استهلها عبد الغفور خوى بماهية السؤال الذي شغل بال الكثيرين'' لماذا الكتابة'' ( قصة لماذا نكتب) هذا السؤال الأبدي الذي اكتشف له إجابة أنه مطمح للتأمل والحرية وامتداد للروح، مبحرا في ثتايا الواقع المعيش بطرح أفكاروتساؤلات تسايرمناحي الحياة الحديثة للمجتمع .