يمثل هذا المقال حصيلة أولية لعمل مجهد، امتد على مدى أزيد من أربع سنوات متقطعة، في محاولة قراءة وفهم العوار الكرنولوجي المزمن لمصادر السيرة النبوية، وينطلق من سؤال واضح و بسيط. هل كانت وقعة بدر الكبرى بين المسلمين بقيادة النبي محمد بن عبدالله، والمعارضين لدعوته من قبيلته قريش، بزعامة عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، في: "يوم الجمعة لست أو سبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان"[1] من السنة الثانية للتأريخ العمري، الموافق في الكرنولوجيا السائدة يوم الثلاثاء - أو الأربعاء تنزلا - 16 مارس 624 ميلادية غريغورية؟ وهل كان ثمة إجماع قديم حول هذا التأريخ في مصادر السير والمغازي؟ أم أن هناك من تجرأ وأرخ هذه الوقعة العظمى خارج رمضان الجمهور؟
نعم هذا هو التأريخ وموافقه الشمسي الميلادي! يمكن للقارئ أن يتجاوز المفارقة الزمنية القائمة فيه بالهروب إلى الأمام، متذرعا بالهلال، يمكنه أن يزعم أن الزمن النبوي زمن مقدس عصي على القبض، مفارق لأي محاولة للضبط، بل أكثر من ذلك، يمكنه أن يتهم الإصلاح الغريغوري بخلخلة نظام الأيام.
قد يجادل أيضا في أن الشهر شهر رمضان، وإن الخلاف قديم في العدد دون اسم اليوم والشهر رادا بذلك روايات متظافرة ينصر بعضها بعضا عن شهود عيان، تضاهي في حجيتها الروائية لدى المحدثين والمؤمنين بقداسة الرواية أحاديث شعائر الإسلام، لصالح تـأريخ ترقيعي ثابت كلنداريا في شهر النسي المواطئ للتأريخ السائد: "الجمعة لتسع عشرة ليلة خلت[2]" من شهر جمادى الأولى النسي المواطئ لشهر رمضان العدة المستقيمة من السنة الثانية للتأريخ العمري، الموافق 19 مارس 624 ميلادية غريغورية، وتأريخ يوم الخروج إلى بدر تبعا لذلك، بيوم "الاثنين لثمان خلون"[3] الموافق 8 مارس 624 م. غريغورية، وهو تأريخ ابن هشام. أو بتاريخ ابن اسحاق "الأربعاء لثلاث خلون"[4] الموافق 3 مارس 624م.غريغورية، بيد أن المفارقات في تأريخ وقعة بدر الكبرى أكبر من أي حل ترقيعي جاهز، وبمناسبة الحديث عن المفارقات، فإن هذا التأريخ السائد لبدر الكبرى، هو أيضا جمادى النسي وربيع أول شبح على رأس خمسة وعشرين شهرا، أرخ به الواقدي مقتل خنيس بن حذافة السهمي ربما ثاني اثنين قتلا ببدر؟ أو وفاته بالمدينة مرجع النبي منها، وزواج عثمان بن عفان من أم كلثوم بعد وفاة أختها رقية والرسول ببدر، وهو أيضا تأريخه لغزوة ذي أمر ولسرية محمد بن مسلمة إلى كعب بن الأشرف؟!
بقدر ما يبدو هذا السؤال نوعا من الترف الفكري، فإن الضبط الزمني للواقعة التاريخية يعتبر بالنسبة لنا عاملا أوليا حاسما في الرقابة على الرواية الشفوية، ومنخلا يسمح بفرز الخبر التاريخي وتصنيفه وإضفاء طابع المصداقية التاريخية عليه، بل والبناء عليه كنقطة مرجعية في تركيب تصور ذهني عن الوقائع التاريخية السابقة واللاحقة وفق منظور اتساقي واضح، ومن ثمة الخروج بسردية تاريخية تقارب الحدث التاريخي العام من زاوية العلاقات السببية والسياقية القائمة بين مجموع الأحداث المتشابكة التي تفاعلت في صناعته. بل لا نبالغ إن قلنا: إن زحزحة تأريخ واحد يمكن أن يطيح بكامل السردية، فاتحا بذلك الباب لذاكرة الهامش المقصي من الحضور، للبروز والتجلي في أبهى الصور.
يكتسب هذا السؤال في واقع الأمر جدته وجديته، بالنظر إلى الاستعادة المحينة لكل وقائع الإسلام المبكر على مدى التاريخ الإسلامي كأحد أهم طقوس حفظ الذاكرة الروائية من الاندثار؛ وفي سياق فكري عالمي يتسم براهنية السؤال عن الإسلام المبكر، وبمراجعات لتاريخية هذا التاريخ ومصداقيته، بوضعه على محك الاختبار و الدرس الأكاديمي المبعثر الرؤى هنا وهناك، و بطروحات أضحت أكثر سماجة والتصاقا بخيالات أصحابها من أي وقت مضى، تاركة "المعطيات الهشة القابلة للتلف" التي حملها التقليد الروائي على مدى عهود طويلة من الزمن، في نوع من الجحود والإنكار لمجهود خرافي بالقياس إلى تاريخ أي أمة أخرى في بداياتها المبكرة. وبدل الاستعادة المتكررة لهذه الذكريات النبوية الحاضرة في المعيش اليومي لجميع المسلمين، فإن الوقوف عندها بالدرس والتحليل والنقد المتجاوز لتقديس الرواية الشفوية وأقوال السلف لكفيل بخلق عقلية أخرى أكثر جدلا في مقارعة الخصوم الثقافيين لهذا التراث، و بناء تصور تاريخي أكثر اتساقا وتصالحا مع بعضه البعض أولا وأخيرا.
بهذا المعنى، فإن المفارقة القائمة في تأريخ وقعة كبرى من حجم وأهمية بدر القتال تضع كل فهمنا التاريخي أو جزء منه على المحك، وإن استمرار مثل هذا العوار الكرنولوجي المزمن في مصادر تاريخ الإسلام، يعيق بناء أي تصور حقيق بالاعتبار والإنصاف الموضوعي النسبي لما هي عليه الأمور في واقع الأمر، مما يزيد من حدة التشويش الروائي والضبابية القائمة حول عدد من الوقائع والأحداث المرتبطة بالسيرة النبوية، وبتاريخ الإسلام المبكر بشكل عام.
يقال إن محمد بن اسحاق - الراوية المشهور لأخبار السير والمغازي- "نقض السيرة ثلاث مرار[5]" بحثا عن اتساق مرفوع عجز عن تحقيقه. يكشف استعراض المصادر الروائية في هذه النقطة عن خلاف مندرس، وعن عوار كرنولوجي مزمن. خوفا من الجمهور العام آثر بعض المتصدرين للسيرة، الإقرار بشهر رمضان والتأريخ للوقائع النبوية بمدد زمنية لا تصرح بأسماء الشهور، ولا حتى بمبدأ العد، فقيل: "فلما أتت لهجرته صلى الله عليه وسلّم سنة وثمانية أشهر، وسبعة عشر يوما غزا غزوة بدر[6]".
عليك أن تقدر مبدأ العد لتستطيع تسمية الشهور، و أن لا تصادر بالضرورة على أنه ربيع الأول. وهل ثمة شك؟ وعلى فرض أنك قمت بإنجاز المهمة، وتحصل منها أن وقعة بدر لسبع عشرة ليلة خلت من ذي القعدة على رأس إحدى و عشرين شهرا من المقدم. ماذا تفعل؟ تُؤول للرجل، لقد عد السنة الأولى من محرم التأريخ العمري، ولا بد من إلغاء شهرين منها، فلا يمكن أن يكون شهر بدر غير شهر رمضان؟ أولم يصرح أنه عد من المقدم؟
على الأقل يتوافق تأريخ الغزوة بذي القعدة من السنة الثانية للتأريخ العمري كلنداريا وفلكيا، مع تأريخ الواقدي يوم الخروج إليها "عشية يوم الأحد لثنتي عشرة ليلة خلت[7]" الموافق 9 ماي 624 ميلادية غريغورية، ومع تأريخ محمد بن حبيب البغدادي وعبد الله بن أبي زيد القيرواني ليوم الخروج، بيوم الأربعاء لثمان خلون[8] الموافق 5 ماي 624م.غ، وفيه الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت. بل إنه يتوافق تماما مع مدد أخرى أوردها ابن قتيبة لتأريخ المصاهرات التي انعقدت بعد بدر، وأساسا تأريخه زواج الإمام علي بعد ستة عشر يوما من وفاة رقية امرأة عثمان بن عفان وبنت النبي محمد؟ فكان الزواج على ذلك، يوم الثلاثاء لست خلون من ذي الحجة على رأس اثنين وعشرين شهرا. غير أن ابن قتيبة أورد مددا في صفحات مختلفة من كتابه، ولا شيء يضمن لنا اتساقها وتسلسها مع بعضها البعض، وإنما هي من باب إيراد الشيء ونقيضه، دون أن يشَكل له الاتساق بين ما يورده هاجسا مؤرقا.
أوحى الواقدي في متنه لغزوة بدر بما يمكن أن يُستشف منه احتمال وقوع الغزوة في ذي القعدة، لِما أورده من قول زعيم قريش عمرو بن هشام (أبو جهل) "لا والله، لا نرجع حتى نرد بدرا- وكان بدر موسما من مواسم الجاهلية يجتمع بها العرب، لها بها سوق- تسمع بنا العرب وبمسيرنا، فنقيم ثلاثا على بدر ننحر الجزر، ونطعم الطعام، ونشرب الخمر، وتعزف القيان علينا، فلن تزال العرب تهابنا أبدا". ومعلوم أن هذا السوق كان ينعقد “لهلال ذي القعدة إلى ثمان خلون منه[9]". على أنه للنسي، وليس للعدة المستقيمة، ولم أقف على مصدر واحد ميز بينهما في مصادر السيرة، تعامل الجميع مع أسماء الشهور الروائية على أنها للعدة المستقيمة، وكأن قريش ما نسأت أبدا.
نص ابن قتيبة موافقا إجماع الرواية السائدة، على وفاة رقية بنت النبي وامرأة عثمان بن عفان، زمن وقعة بدر في شهر رمضان، ثم عاد ليدقق وفاتها مخالفا ما صدره آنفا، فقال: " وكانت وقعة بدر في شهر رمضان سنة اثنين لسبع عشرة ليلة خلت ... وتوفيت ابنته رقية...وتزوجها عثمان بن عفان بمكة وماتت بعد مقدمه المدينة بسنة وعشرة أشهر وعشرين يوما[10]" مؤرخا بذلك الغزوة ضمنا بيوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت، الموافق 12 يوليوز 624م.غ - وهو تأريخ يوم مذكور وُسم بالشاذ[11] - ووفاة رقية بنت النبي بالتالي يوم الخميس لعشرين ليلة خلت من شهر المحرم على رأس ثلاثة وعشرين شهرا من المقدم. فهل خالف ابن قتيبة الجمهور بتأريخ وقعة بدر لسبع عشرة ليلة خلت من المحرم سنة ثلاث؟ أم خالف رواية تخلف عثمان بن عفان عن غزوة بدر ليقوم على زوجه؟ تقريره الوفاة زمن بدر يرفع الإشكال جزئيا، تاركا الباب مؤاربا أمام إمكانية شهود النبي دفنها، ما يؤكد في جميع الأحوال، مخالفته الجمهور بتأريخ بدر القتال ضمنيا بهذه المدة، ولأن التعلات لم تنته، فلعله قصد بعبارة "مقدمه المدينة" مقدم عثمان بن عفان لا النبي محمد؟
يمكن أن يكون تأريخه هذا في المحرم على رأس ثلاثة وعشرين شهرا مجرد وهم تابع لقول/ وهم آخر، يرى زواج الإمام علي في شهر صفر.[12] فالوهم الكرنولوجي قائم هنا على البناء على نقط مرجعية متضاربة في عد الزمن. و لربما استهدفت هذه المدة في الأصل تأريخ غزوة بدر بجمادى الآخرة من السنة الثانية، ولكن وفق قالب آخر بمبدأ عد مختلف، يتوافق فيه جمادى العدة المستقيمة مع محرم شبح على رأس ثلاثة وعشرين شهرا من مقدم مختلف عن الذي نعرف، وعلى أي حال فإن المحرم على رأس ثلاثة وعشرين شهرا من الهجرة، الموافق يوليوز 624 مواطئ بشهر رمضان النسي من الطور 15 من أعوام النسي الجاهلي في دورته الأخيرة.
قدم أبو بكر بن العربي المالكي بسنده مددا زمنية لغزوات النبي محمد، فقال الراوي الذي آثر السلامة:" لما أتت لهجرته سنة وثلاثة أشهر وثلاثة عشر يوما غزا غزوة بدر وذلك لتسع عشرة خلت من رمضان[13]". طوى الراوي ما خالف فيه الجمهور طي العدد وسمى شهر رمضان، ليؤرخ وقعة بدر الكبرى على رأس ستة عشر شهرا من المقدم، فيما هو بلا مثنوية شهر جمادى الآخرة من السنة الثانية للتأريخ العمري، لتسع عشرة ليلة خلت منه، ومحال أن يقع شهر رمضان على رأس ستة عشر شهرا طالما كان المقدم في ربيع الأول. في تفسير القمي تصريح بذلك بأقل مؤاربة، فقال: "وكانت بدر على رأس ستة عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة[14]".
يمكن أن يكون هذا التأريخ مبنيا على وهمين روائيين: الأول أن بين بدر وأحد سنة واحدة، والثاني أن غزوة أحد مؤرخة في شعر شاعر المشركين هبيرة بن أبي وهب المخزومي "بليلة من جمادى ذات أندية[15]". وحري به أن يكون للنسي لا شهر عدة مستقيمة، ولكن لم يؤخذ النسي على محمل الجد أبدا، وظل الخلاف على تأريخ غزوة بدر مطويا تحت مدد يحسب العاقل أنها عالية الدقة بمكان.
في جمادى الآخرة العدة المستقيمة على رأس ستة عشر شهرا من الهجرة ، المواطئ بشهر صفر النسي يمكن أن نقف فيهما على وجه التوازي والتقابل، على كل تواريخ الأيام التي أرخت بها المصادر الخروج إلى بدر تقريبا: بدءا من سبت ابن سعد في طبقاته لاثنتي عشرة ليلة خلت[16] الموافق 13 دجنبر 623 ميلادية غريغورية، والأحد لثنتي عشرة ليلة خلت كما قال شيخه في المغازي، وصولا إلى الأربعاء لثمان خلون كما عند البغدادي محمد بن حبيب في المحبر وابن أبي زيد القيرواني في جامعه[17].
إن الفرق الزمني القائم تقريبا بين المدة التي أرخ بها " ابن فارس القزويني" غزوة بدر في شهر ذي القعدة؛ والمدة التي أرخ بها "القمي وابن العربي المالكي" نفس الوقعة في جمادى، لو وضعتا في جدول من خانتين متوازيتين، بحيث يتطابق فيه شهر جمادى الأولى العدة المستقيمة على رأس خمسة عشر شهرا، مع ذي القعدة على رأس احدى وعشرين شهرا، لكان ذلك كفيلا بفهم كامل اللعبة المتحكمة في تضارب تواريخ السيرة النبوية، ولتبين أن ربيع المقدم في المصادر الروائية غير ربيع الهجرة الذي نعرف.
نقف في تاريخ البخاري على تأريخ لوقعة بدر أقرب من كل التواريخ السابقة إلى زمن المقدم النبوي، ترجم لعثمان بن مظعون، فقال: "وقال الليث بن سعد – توفي 175 هجرية - شهد بدرا وكانت بدر في رمضان بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بستة أشهر[18]". لن نجادل في محاولة تصحيف كلامه، ولا في الشهر الذي يأتي على رأس ستة أشهر من المقدم، هو شهر شعبان لا شهر رمضان، فقد ذهب موسى بن عقبة - توفي 141 هجريه - هو الآخر في مستخرج مغازيه[19] إلى تأريخ غزوة بدر برمضان على رأس ثمانية عشر شهرا من المقدم، ولا يكون إلا على رأس تسعة عشر شهرا من المقدم، وكذلك قال ابن سعد: "وكانت بدر صبيحة يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة مضت من شهر رمضان على رأس ثمانية عشر شهرا من الهجرة[20]" بفارق اثنا عشر شهرا بين قولهما وقول البخاري أعلاه.
أرخ البخاري عزوا إلى الليث بن سعد، معركة بدر القتال برمضان على رأس سبعة أشهر برأس شعبان، في نفس المحل الزمني الذي استفتح فيه موسى بن عقبة والواقدي التأريخ لبعث سرية حمزة بن عبد المطلب إلى سيف البحر، بفارق ستة إلى سبعة أشهر كاملة عن مدرسة محمد بن اسحاق (توفي 151 هجرية) وامتداداتها ممثلة في علي بن محمد المدائني (توفي سنة 225 هجرية) والبغدادي محمد بن حبيب ( توفي سنة 245 هجرية) الذي أرخ السريتين ( سرية حمزة، وسرية عبيدة) معا بربيع الأول من السنة الثانية[21] على رأس ثلاثة عشر شهرا، ونقل الصالحي قول المدائني أيضا في ربيع الأول، وقال أبو عمرو؟ بعد ربيع الآخر[22]. بالمقابل، أرخ الواقدي غزوة بواط في نفس المحل الزمني، ما يكشف عن تزامن مرفوع لأربع وقائع نبوية: غزوة بواط – سريتي حمزة بن عبد المطلب، و عبيدة بن الحارث – غزوة بدر الكبرى؟ وعن زواج كرنولوجي مثير بين شهور النسي وشهور العدة المستقيمة في المصادر الروائية.
في شهر رمضان العدة المستقيمة على رأس سبعة أشهر من الهجرة الذي أرخ به البخاري غزوة بدر، نقف كلنداريا وفلكيا على مطابقة معظم تواريخ الخروج: الأربعاء لثمان خلون منه الموافق 19 مارس 623 ميلادية غريغورية. سبت ابن سعد وأحد الواقدي: لثنتي عشرة ليلة خلت. وصولا إلى الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت، الموافق 28 مارس 623م.غ. أما إن كان البخاري يقصد شعبان على رأس ستة أشهر ففيه تأريخ ابن اسحاق للخروج: الأربعاء لثلاث خلون كما نقله عنه خليفة بن خياط في تاريخه، الموافق 12 فبراير 623م.غ، وصولا إلى الجمعة لتسع عشرة ليلة خلت.
لا يعكس هذا الاضطراب في تسمية الشهر وترقيمه، مساوئ الذاكرة البشرية واندراس الخبر وبعد الزمن، بقدر ما يؤشر على وجود مشكلة حقيقية تفضح تحرك مبدأ العد في المصادر الروائية، وعدم استقراره في نقطة مرجعية قارة. وإن ما يسمى بالتالي محرم التأريخ العمري صناعة مدرسية (مدرسة المغازي والسير) تم التخلي بموجبها عن شهر الله والقرآن وعن ربيع الهجرة، لصالح الشهر الذي كانت قريش تُنسئ منه الشهور في أعوام الترك/ الحل، والإثبات/ التحريم، ولم يكن له من القرار والثبات المدرسي الذي يميزه اليوم شيئا إلى حدود القرن 19 ومطلع القرن 20، عندما تم ضبطه بالموافق الشمسي في يوم الخميس 18 يوليوز 622م،غ. وتعيين ربيع الهجرة تبعا لذلك في شتنبر من العام نفسه، لتتم موافقة تواريخ السيرة بالموافق الميلادي الشمسي عبثا وبشكل عشوائي دون تحقيق القوالب الكرنولوجية للمصادر الروائية، وبالرغم من وجود محاولات أقدم لضبط التأريخ العمري إلا أنها تبقى لاحقة على زمن تدوين السيرة، و لم يكن لها أي أثر يذكر في معالجة أحداثها ووقائعها و ضبط أيامها، وذُكر في هذا الصدد أن محرم التأريخ العمري وافق يوم الخميس الثامن من أيار سنة 933 لذي القرنين[23]. وهو تحديد جعل محرم التأريخ العمري في شهر شوال، الموافق لشهر ماي 622 م؟
وحتى وإن كانت الرواية الرسمية حول التأريخ العمري قائمة واقعا، فإنه لم يكن لها أي أثر حقيقي في تأريخ أحداث السيرة النبوية، وقد يكون ذلك مفهوما إلى حد ما، بالنظر إلى أن التأريخ العمري لاحق على السيرة الروائية التي ظلت أسيرة لشهور الضلالة إلى يومنا هذا، في خاصية تجعلها حقيقة أكثر أصالة وارتباطا بذاكرة شهود العيان، ومع هذا فإن العوار الكرنولوجي للمصادر الروائية ظل قائما في عهد أبي بكر وضاعت معه معركة اليمامة الحاسمة وتأريخ وفاته نفسه، و إلى نهاية حكم عمر بن الخطاب لا نكاد نتوفر على تأريخ دقيق وغير مختلف عليه لمعظم المعارك الفاصلة في الفتوحات، وفي الحروب الأهلية التي أعقبت فتنة مقتل عثمان بن عفان، بل نلاحظ على العكس من ذلك خفوتا واضحا للتأريخ.
تصدى البيهقي وابن حجر لترقيع هذا الإشكال المتمثل في عدم استقرار ووضوح مرجع العد واضطراب التأريخ، بتحميل وزره لجماعة من السلف "كانوا يعدون التأريخ من المحرم الذي وقع بعد الهجرة ويلغون الأشهر التي قبل ذلك إلى ربيع الأول[24]". وعلى ذلك، فقد كان محرم التأريخ العمري عند هؤلاء على رأس أحد عشر شهرا من الهجرة؟ ولم يكن قبلها. وقد سمى منهم ابن حجر يعقوب بن سفيان الفسوي في تاريخه ( توفي سنة 277 هجرية) واعتبر عمله عملا واهيا لما جعل غزوة بدر في السنة الأولى. وكان في ذلك أقرب إلى الحقيقة من جمهور المغازي والسير، ذلك أنه إنما ألغى السنة الأولى من قالب ابن اسحاق الفاسد أصلا، لكنه لم يستطع الفكاك من شهر رمضان بدر وتحويله إلى شهر صفر، والانتقال من قالب النسي وتوابعه الفاسدة على وهم أنه قالب عدة مستقيمة إلى قالب العدة المستقيمة الخالص.
واقع الحال يتجاوز ذلك بكثير، يجسد التأريخ بالمدد الزمنية أولى المحاولات الإصلاحية المبكرة التي وعت بوجود مشكلة ما في قوالب السير والمغازي ولم تستطع الفكاك من محرم التأريخ الفاسد، الذي استخلص في غالب الظن كاجتهاد مدرسي من قالب ابن اسحاق- الأكثر تعبيرا عن شهور الضلالة، وسكت فيما وصلنا من سيرته مرات عدة عن ذكر المحرم، ولم ينفك يردد لازمته الأثيرة على طول العشرية النبوية " وولي المشركون تلك الحجة من تلك السنة[25]"- ومن هجرة أبي سلمة لعشر خلون من المحرم، وتتابع المهاجرين أرسالا بعد بيعة العقبة (اثنا عشر رجلا). استهدف بعضهم تأريخ غزوة بدر في الشهور الأولى من السنة الثانية للتأريخ العمري دون إدراك ذلك بقوالب مختلفة من حيث مبدأ العد، والتي تؤدي بالمناسبة إلى نفس المحل الزمني بتفاوت نسبي، عبر قوالب كرنولوجية متضاربة، ما بين قالب النسي الأكثر ارتباطا بذاكرة شهود العيان، ونواتجه الفاسدة القائمة على اعتباره من جهة قالب عدة مستقيمة بإقحام المحرم عليه مطلقا، وبين قالب العدة المستقيمة الخالص من جهة أخرى، وبين العد من المحرم، والعد من ربيع الهجرة فاسدا كان أو صحيحا.
روى ابن سعد عن شيخه محمد بن عمر الواقدي (توفي 207 هجرية) بسنده إلى محمد بن شهاب الزهري رأس المغازي (توفي 124 هجرية) أن مهجع بن صالح مولى عمر بن الخطاب كان أول من قتل من المسلمين ببدر، ومباشرة بعد ذلك ترجم لخنيس بن حذافة السهمي زوج حفصة بنت عمر بن الخطاب قبل النبي محمد، إلى أن قال: "وشهد خنيس بن حذافة السهمي بدرا ومات على رأس خمسة وعشرين شهرا من الهجرة.[26]" فهل أومأ ابن سعد بذلك أنه ثاني اثنين قتل ببدر من المسلمين؟ سيما مع اضطراب ترجمته، لما زعم أنه دفن بالبقيع إلى جانب قبر عثمان بن مظعون المتوفى حسب شيخه بعد شهوده بدر، في "شعبان على رأس ثلاثين شهرا من الهجرة"؟ ولا ندري كيف يستقيم ذلك و لا من اللاحق من السابق؟
في ترجمته لحفصة بنت عمر بن الخطاب عاد ليؤكد وفاته بالمدينة، فقال: "فمات عنها بعد الهجرة مقدم النبي صلى الله عليه وسلم من بدر[27]"؟ فإن كان خنيس بن حذافة السهمي قد دفن إلى جانب قبر عثمان بن مظعون الذي توفي حسبه في شعبان على رأس ثلاثين شهرا، فكيف تزوج النبي حفصة بنت عمر في نفس الشهر كما زعم؟ الواقع أن شهر ربيع الأول المجرد من قالب الواقدي هو ربيع الأول، العدة المستقيمة على رأس ثلاثة عشر شهرا من الهجرة، المواطئ بشهر شوال النسي. وفيه تزوج (بنى) النبي عائشة بنت أبي بكر في آخره، يوم الأربعاء لليلتين بقيتا منه[28]، الموافق الفاتح من أكتوبر623م.غ، وهو أيضا ربيع الأول الذي توفي فيه خنيس بن حذافة السهمي زوج حفصة إن كان فعلا لم يقتل ببدر، فتزوجها النبي بعد انقضاء عدتها[29]. ما يفيد أن غزوة بدر في شهر صفر العدة المستقيمة، المواطئ برمضان النسي على رأس تسعة عشر شهرا من التوطين الفاسد لربيع الهجرة في المصادر الروائية، وهو كذلك ربيع زواج عثمان بن عفان من أم كلثوم، إن صح للواقدي هذا التمييز بين الزواج والبناء؟ كان تبعا لمدد ابن قتيبة المعاد استثمارها في جمادى الأولى على رأس خمسة عشر شهرا، يوم الأحد لإحدى وعشرين ليلة خلت منه، الموافق 23 نونبر 623م.غ المواطئ بذي الحجة النسي من الطور 14.
سكت ابن سعد عن تسمية الشهر- ربيع الأول - واكتفى برأسه، فهل أرخ الواقدي ضمن أقواله المتعددة في شأن الوقعة الواحدة، غزوة بدر بربيع الأول من السنة الثالثة على رأس خمسة وعشرين شهرا من المقدم؟ من اللافت للنظر أن رأس الشهر هذا هو نفسه الذي أرخ به محمد بن سعد وشيخه الواقدي زواج عثمان بن عفان بأم كلثوم أخت رقية بعد وفاتها زمن بدر في رمضان جعله ابن سعد هذه المرة على رأس سبعة عشر من الهجرة[30]، ولا يكون إلا رجبا - وبرأس الشهر هذا قال البيهقي أيضا بسنده في دلائله محلا لوقعة بدر، فلا يتصور أنه تصحيف - فقال ابن سعد: "فلما توفيت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف عثمان بن عفان على أم كلثوم بنت رسول الله وكانت بكرا وذلك في شهر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة وأدخلت عليه في هذه السنة في جمادى الآخرة[31]. في وهم هذا التأريخ، انتظر عثمان بن عفان ثمانية أشهر ليتزوج بأم كلثوم، ثم زاد شهرين، والحال أن الرواية تجعل زواجه منها، وزواج النبي من حفصة بنت عمر بعد انقضاء عدتها في محل زمني واحد[32]، وتبعا لهذه التواريخ المستجدة بعد أن طواها النسيان والعدد، جاز لنا أن نؤرخ معركة بدر نظريا بربيع الأول وجمادى الآخرة، كما رجب وشعبان وصولا إلى رمضان وذا القعدة والمحرم، سبعة أشهر كاملة لتأريخ وقعة واحدة تم طيها عن الجمهور العام، يتعين على المتصدرين للرتق الإجابة عن ذلك بكل بوضوح.
في شهر رجب على رأس سبعة عشر شهرا من الهجرة، المؤرخ به ضمنا لغزوة بدر عند ابن سعد، وصراحة عند البيهقي[33]، المواطئ بربيع الأول النسي يمكن أن نقف فلكيا و كلنداريا على تأريخ الواقدي للخروج، وعلى الجمعة لست عشرة أو سبع عشرة ليلة خلت الموافق 16 يناير 624 م.غ، وبإزائهما محرم شبح على رأس ثلاثة وعشرين شهرا من مقدم مختلف عن الذي نعرف، هنا في هذا المحل الزمني تجمع شتات التأريخ المضطرب، رجب البيهقي للغزوة ورجب ابن سعد لوفاة رقية امرأة عثمان بن عفان، ومدة ابن قتيبة لتأريخ وفاتها، وربيع الواقدي لوفاة خنيس بن حذافة السهمي، وزواج عثمان بن عفان بأم كلثوم، يتصور القارئ أنها أزمنة تتعاقب على خط الزمن، وواقع الحال، إنها شهور أفقية متوازية، لكل منها مبدأ عده المستقل، تمرين بسيط يمكن أن يوضح الأمر ويزيل عنه الغشاوة.
ثمة حوادث كثيرة تؤكد الاختلاف المبكر في تحديد شهر الهجرة نفسه، ولم يكن دائما في ربيع الأول، هو اختلاف طواه الزمن بلا شك، بيد أنه ترك بصمات واضحة. وحيث إن الزمن بنية نسقية لا تتخلف متى ما ضبطنا أنظمة التقويم ومرجع العد، فمن السهل الوقوف على هذه الآثار الباقية: رُوي عن عبدالله بن مسعود، ان النبي توفي يوم الاثنين "لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر رمضان[34]" بدل ربيع الجمهور المجمع عليه، وبالتبعية كانت- عنده أو عند من نسب إليه هذا الرأي- الهجرة والبعثة والمولد في شهر رمضان، فالحساب الروائي لا يرتفع، هي عشر كوامل في جميع الحالات.
ترجم ابن سعد لأبي أمامة أسعد بن زرارة رأس النقباء ليلة العقبة، فقال: "أخبرنا محمد بن عمر – الواقدي - قال أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الرجال، قال مات أسعد بن زرارة في شوال على رأس تسعة أشهر من الهجرة- الأصل أن يكون شوال على رأس ثمانية أشهر- ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ يبنى وذلك قبل بدر". بل "وعدته الأنصار أول من دفن في البقيع[35]".
تضمر هذه الترجمة وفاة أسعد بن زرارة بعد قدوم رسول الله بزمن يسير، وتصرح بأمرين أساسيين: الأول تزامن وفاته مع بناء المسجد النبوي، والثاني أنه أول من دفن بالبقيع في رواية الأنصار، وعلى فرض أن هذا المسجد النبوي هو المشار إليه في القرآن بالمسجد الذي " أسس على التقوى من أول يوم"- وإن كنا نرى أنه مسجد قباء- فإن تأريخ الواقدي وفاته في شوال على رأس ثمانية/ تسعة أشهر والمسجد يبنى قول باطل، إلا أن يكون الرسول قد هاجر في رمضان ما، وأسس المسجد النبوي في شوال ما على رأس شهر واحد من المقدم.
في خبر آخر روى البخاري، فقال :" حدثني زكرياء بن يحيى عن أبي أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء رضي الله تعالى عنهما أنها حملت بعبد الله بن الزبير قالت: فخرجت وأنا مُتم فأتيت المدينة فنزلت بقباء فولدته بقباء ثم أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته في حجره ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم حنكه بتمرة ثم دعا له وبرك عليه وكان أول مولود ولد في الإسلام[36]". رغم الدلالة الصريحة لهذه الرواية، فقد حدد الواقدي تأريخ ولادته باعتباره أول مولود للمهاجرين بالمدينة، "في شوال على رأس عشرين شهرا[37]" من المقدم، وهو شوال بني قينقاع في الكرنولوجيا السائدة، وكان من المفترض - حسب منطوق رواية البخاري والخلاف القائم في تحديد سنة ولادته - أن تكون ولادته في ربيع الأول الهجرة والرسول لم يرم بعد قباء، ما يضع كل معلوماتنا حول تأريخ يوم الهجرة، ومدة اللبث النبوي بقباء على المحك، ويضع ابن اسحاق وثاني عشره، وأيامه القليلة في مهب الريح.
نعم. ثمة مخلص في الزعم ان المخاض أرغمها النزول بقباء، ويمكن دائما الاستنجاد بترقيع جاهز توفره روايات أخرى وجدت في الأساس لمثل هكذا حالات. ومن الغريب أن ولادة أول مولود للأنصار مؤرخة في المصادر الروائية وفق "رواية أهل المدينة في شهر ربيع الآخر على رأس أربعة عشر شهرا، وأما أهل الكوفة فيروون عنه رواية كثيرة يقول فيها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فدل على أنه أكبر سنا مما روى أهل المدينة في مولده[38]" بفارق ستة إلى سبعة أشهر أفقية في غالب الظن بين الرجلين/ التأريخين، مع أن السياق الروائي يجمعهما معا، ويضمن لكليهما الأولية والتحنيك النبوي الشريف بتمرة. ولنا أن نتساءل عن مدى مصداقية هذه الأولية المؤرخة في السنة الثانية بعد عشرين شهرا من الهجرة، في مجتمع قبلي بخصوبة عالية، وفرت في أقل من عشر سنوات تعدادا بشريا هائلا، صرفه الخلفاء الثلاثة الأوائل في غزو واستيطان بلاد امتدت من فارس إلى افريقية، تنبه الراوية الجاهز لرقع الخرق، زعم أن "اليهود سحرتهم فلا يولد لهم".
تُشكل مثل هذه الروايات التي تصدح بشكل خافت بما يخالف الجمهور، الأثارة الهشة من الذاكرة المندرسة الحاملة إلى يومنا هذا لبقايا الحقيقة الثاوية وراء كثير من الأوهام السائدة. وبدل الهروب إلى الأمام بتعلات لا تنتهي، يتعين في مثل هذه الحالات التساؤل بجدية عن كيف يمكن لربيع الأول الهجرة وربيع الآخر أن يكونا في نفس الوقت رمضانا وشوالا في الروايات والأقوال التي تعين للحادثة الواحدة شهورا متضاربة، وهذا التضارب ليس ترفا من القول وزورا، بقدر ما هو محصلة لقوالب شتى نتجت في الأصل عن قالب ضلالة النسي الجاهلي، ومعاملة شهوره على أساس أنها من شهور نظام العدة المستقيمة.
أرخ ابن سعد عن شيخه الواقدي مقتل الملك الفارسي كسرى أبرويز (خسرو الثاني) على يد ابنه شيرويه، "بليلة الثلاثاء لسبع ساعات مضت منها، لعشر ليال مضين من جمادى الأولى سنة سبع[39]". وليس في السيرة كلها حدث مؤرخ بمثل هذه الدقة المعلنة، بيد أن جمادى الواقدي ويومه هذا تأريخ شبحي لا وجود له إلا في ذهنه؟!
يوافق شهر جمادى الأولى العدة المستقيمة، من السنة السابعة للتأريخ العمري السائد، على رأس خمسة وسبعين شهرا من الهجرة، شهر شتنبر 628 م. ولم يكن فيه يوم الثلاثاء لعشر خلون، أوله الاثنين وثامنه الثلاثاء، وكان من المفروض حسب تأريخ ابن سعد نفسه أن يكون الرسول في جمادى الأولى هذا محاصرا حصون خيبر[40]، غير متواجد بالمدينة من الأساس، حتى يستقبل رسل كسرى ويُنبئهُم بمقتله تلك الليلة المؤرخ بها، على يد ابنه شيرويه.
أكثر من ذلك، خالف الواقدي بهذا التأريخ المصادر المسيحية والكتابات الفارسية التي أرخت وفاة كسرى في فصل الربيع، ما بين أواخر فبراير إلى أبريل من628م - وعامة الكتابات التاريخية الغربية[41] تؤرخ وفاته نهاية فبراير، يوم الأحد الثاني من مارس 628 ميلادية غريغورية[42]. لسبع عشرة ليلة خلت من شوال العدة المستقيمة من السنة السادسة للتأريخ العمري، على رأس ثمانية وستين شهرا من الهجرة، وبحسب هذه المصادر فقد تلقى هرقل رسالة تحدد تأريخ تنفيذ خطة الانقلاب على كسرى الثاني في ليلة 23– 24 فبراير 628[43] ميلادية جوليانية. و"تم تنصيب ابنه قباذ في شهر أبريل 628م"[44].
إننا بمتابعة الواقدي وابن سعد، نؤرخ في الواقع مقتل كسرى في المحل الزمني الذي أرخت فيه المصادر البيزنطية والكتابات التاريخية المبنية عليها وفاة قباذ الثاني، شيرويه قاتل أبيه، يوم الثلاثاء التاسع من شتنبر 628 ميلادية غريغورية، وقال المسعودي، إنه حكم ستة أشهر[45]، ما يتفق فيه والمصادر البيزنطية والكتابات التاريخية المؤسسة عليها. فتبين على ضوء هذا التحقيق أن جمادى الأولى من سنة سبع عند الواقدي شبح موجود في ذهنه، قد يقع بإزاء شهر شوال، وقد يقع بإزاء شهر ذي القعدة العدة المستقيمة، بالقياس إلى هل عد من ربيع الأول النسي دون اثبات محرم التأريخ أم أثبته في طور حل وترك، محل صفر النسي، وعلى تأريخه للحادثة بيوم الثلاثاء لعشر ليال خلون، فقد وافق الثلاثاء لعشر خلت من ذي القعدة، 25 مارس 628 ميلادية غريغورية، ولعله بهذا التأريخ كان أكثر دقة من المصادر المسيحية، بفارق اثنين وعشرين يوما فقط، هذا إن لم يكن قوله لعشر مضين سبق قلم وأراد في الأصل الثلاثاء لعشر بقين. وتُمكن هذه الموافقة بين جمادى الواقدي وشهر ذي القعدة الذي نعرف من استعادة مبدأ العد في المصادر الروائية، بما يؤكد من جديد مخالفتها لمبدأ العد السائد، وذهاب ابن اسحاق والواقدي وعامة المصادر الروائية ضحية تأريخ الهجرة النبوية بربيع الأول النسي، المواطئ لشهر شعبان العدة المستقيمة، الموافق يوم الاثنين 4 مارس 622م،غ.
بإيجاز بالغ، يمكن تعريف النسي المشار إليه في سورة التوبة ( الآية 37 ) بأنه ميقات قمري ضال اعتمدته قريش الجاهلية لمواطأة أشهر العدة المستقيمة[46] بأشهر الضلالة، زيادة منها في الكفر، ولتحل بذلك ما حرم الله من حرمة القتال وظلم النفس في الشهر الحرام. ويتكون النسي من دورة تدور على أشهر العدة المستقيمة (24) مرة، فكانت قريش الناسئة تترك شهر المحرم[47] في الأعوام الفردية من هذه الدورة، وتثبته في الأعوام الزوجية، فيواطئون كل شهر من شهور العدة المستقيمة مرتين بشهور الضلالة[48]، مرة في عام الحل، ومرة في عام التحريم، وتكَون كل عام حل من أعوامهم من أحد عشر شهرا فقط، بينما تكَون كل عام تحريم/ إثبات للمحرم، من اثنا عشر شهرا، وتتعاقب في أعوامهم ستة شهور فجرية وستة شهور غروبية في حالة التحريم، وفي ذي الحجة من نهاية كل عام تحريم يتمونه بليلة، ليُستفتح عام الحل بشهر صفر، ويلغون المحرم فلا يذكرونه[49]. كما كانوا يعرفون السنة القمرية الكبيسة، ويعدون الليالي المعتمة دون النهار، فيؤرخون بكذا ليلة خلت أو بقيت، وهذا النظام الذي تتعاقب فيه شهور فجرية وأخرى غروبية أقره القرآن على ما يظهر مخالفا اليوم الكتابي الغروبي السائد، حيث نجد له صدى واسعا في الذكر الحكيم، وأشار إليه صراحة في سورة الفجر ضمن مجموع عددي ابتدأ بالفجر وانتهى بليل يسري، وفق نظام حسابي وفلكي دقيق لا يأخذ بالرؤية معيارا أوليا، ويزعم التفسير السائد أنها عشر من ذي الحجة وأيام التشريق، التي تُستهل بأي حال من الأحوال في العد السائد من لحظة الغروب كباقي الشهور الأخرى.
وقد حج النبي في نهاية الطور/ العام (23) في ذي الحجة النسي الموافق لذي الحجة العدة المستقيمة من السنة العاشرة، وقال قولته المشهورة "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض". وجدد التأكيد على حرمة النسي، وكان قبل ذلك قد استعلن بتحريم النسي في السنة التاسعة، في شهر ذي الحجة العدة المستقيمة المواطئ بذي القعدة النسي من الطور (22). فيما حج المشركون في المحرم المستقيم تلكم السنة لآخر مرة وفق نظام النسي، فقطعت براءة شعائر الحج الجاهلي وأحلت محله شعائر الحج النبوي.
ترجم ابن سعد في طبقاته لإبراهيم بن النبي من مارية القبطية، واتفقت المصادر الروائية على ولادته في ذي الحجة من السنة الثامنة للتأريخ العمري على رأس (94) شهرا من الهجرة، كما أجمعت والصحاح على كسوف الشمس يوم وفاته، غير أنهم اختلفوا في عمره وتأريخ وفاته، فقيل: عاش ثمانية عشر شهرا ، فكانت وفاته على ذلك في جمادى الآخرة على رأس (112). وقيل عاش ستة عشر شهرا، فتوفي على ذلك في ربيع الآخر على رأس (110). إلى أن قال ابن سعد: "وتوفي يوم الثلاثاء لعشر خلون من ربيع الأول سنة عشر[50]"، على رأس (109) أشهر من الهجرة، فجعل بهذا التأريخ مدة عمره خمسة عشر شهرا فقط، مخالفا الروايتين معا، و مخالفا الوقوع الفلكي للكسوف آخر الشهر.
وقال المسعودي: وفى هذا الشهر- شهر ربيع الأول سنة عشر - توفى إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من مولده إلى وفاته سنة وعشرة أشهر وعشرة أيام وكسفت الشمس يومئذ[51]. غافلا عما يلزم من هذه المدة المذكورة من مخالفة صريحة لتأريخ الواقدي وكاتبه ابن سعد، ذلك أن تأريخ الولادة ثابت في ذي الحجة المذكور، وكان على المسعودي أن يؤرخ وفاته تبعا لذلك في شهر شوال من السنة العاشرة على رأس 116 شهرا، بدل ربيع الأول، ولكنه تابع الواقدي في الشهر وخالفه في المدة في ذهول عجيب (94+12+10= 116). وتبين من التحقيق الفلكي أن الكسوف المذكور في الروايات كان على التحقيق العلمي والروائي الدقيق، يوم الاثنين لليلة بقيت من شوال على رأس (116) شهرا،المذكور ضمنيا عند المسعودي في التنبيه والإشراف، الموافق 30 يناير 632 ميلادية غريغورية، وتبث بالمراجعة الفلكية الدقيقة للشهور المذكورة المؤرخ بها وفاته بما في ذلك شهر رمضان وذا الحجة، أن أيا منها لم يشهد كسوفا مرئيا بالمدينة على الإطلاق. وعلى ما ذكره المسعودي في مدة عمره، فقد ولد يوم الاثنين لعشر بقين من ذي الحجة السنة الثامنة للتأريخ العمري، الموافق 12 أبريل 630 م.غ، وكان من ولادته إلى وفاته سنة وعشرة أشهر وعشرة أيام بالتمام والكمال، ويعتبر هذا الحدث بذلك أقوى دليل روائي وفلكي على فساد القوالب الكرنولوجية لمصادر السيرة، ومخالفتها لقالب العدة المستقيمة السائد حاليا من حيث مبدأ العد، بفارق سبعة أشهر. مأ يؤكد من جديد، وبشكل حاسم لا رجعة فيه، ذهاب السيرة النبوية ضحية النسي الجاهلي وتوابعه الفاسدة.
لنتذكر جيدا أن محمد بن اسحاق قد استفتح التأريخ لغزوات الرسول وسراياه في صفر على رأس اثنا عشر شهرا من الهجرة، وخالفه عروة بن الزبير- توفي سنة 94 هجرية - وموسى بن عقبة، و محمد بن عمر الواقدي في تأريخ أولى السرايا التي بعثها النبي برمضان وشوال على رأس سبعة وثمانية أشهر[52] ، بفارق ستة أشهر ما بين رمضان وصفر، واختلفوا في أول سرية بعثها النبي، بين سرية حمزة بن عبد المطلب إلى سيف البحر، وسرية عبيدة بن الحارث إلى رابغ، وانتهى ابن اسحاق إلى القول بأن الرسول "شيعهما معا فشبه ذلك على بعض الناس"، و أن بعض "علماء يزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه – عبيدة بن الحارث- حين أقبل من غزوة الأبواء، قبل أن يصل إلى المدينة[53]".
تكشف هذه المفارقة الروائية عن تزامن السريتين المؤرختين برمضان وشوال من السنة الأولى في مغازي الواقدي وابن عقبة؛ مع غزوة الأبواء المؤرخة عند محمد بن اسحاق والواقدي وعموم المصادر الروائية بشهر صفر من السنة الثانية. فكيف تم الفصل بينهما؟ وكيف كانت السرية في السنة الأولى، و الغزوة في الثانية؟ مع أن ما بقي من الهتامات الروائية يجعلهما في محل واحد؟ ما ذكره ابن اسحاق في شأن بعث النبي عبيدة بن الحارث إلى رابغ حين أقبل من الأبواء، خبر ذكره "أبو الأسود في مغازيه (توفي سنة بضع وثلاثين ومائة هجرية)، ووصله ابن عائذ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما وصل إلى الأبواء بعث عبيدة بن الحارث في ستين رجلا [54]".وكان يتعين على الواقدي وقبله موسى بن عقبة - وعلى كل من يرى رأي ابن عائذ عن ابن عباس- تأريخ غزوة بدر الكبرى في رمضان على رأس اثنا عشر شهرا ؟ بدل الرجوع إلى متابعة محمد بن اسحاق في استفتاحه الغزوات والسرايا في "صفر على رأس اثنا عشر شهرا بغزوة الأبواء، لثنتي عشرة ليلة خلت[55]" بعد عام من المقدم؟ وهي مدة طويلة ومثيرة للريبة بكل تأكيد، بيد أن شهر رمضان الذي جاءت به روايات شهود العيان المتضافرة عن غزوة بدر لم يكن ليأتي أبدا وفق نظام العدة المستقيمة وربيع الهجرة، على رأس اثنا عشر شهرا من المقدم. إلا بتغيير شهر القدوم من ربيع الأول السنة الأولى المشهود، إلى شهر شوال المنسي منها، وهو ما كان مخالفا تماما لروايات شهود العيان فركن الجميع -باستثناء أصحاب المدد وقلة قليلة - إلى متابعة ابن اسحاق وقوالبه الفاسدة، والركون في النهاية إلى تأريخ الوقعة في رمضان شبح في نظام العدة المستقيمة، على رأس تسعة عشر شهرا من ربيع الهجرة. الموافق في الكرنولوجيا السائدة والتائهة مارس 624 م.
عاد الواقدي مباشرة بعد بدر إلى مخالفة ابن اسحاق فأرخا في شوال واحد غزوتين مختلفتين، ولم تجد الكرنولوجيا السائدة غضاضة في ارضائهما معا بتأريخ غزوة بني سليم وغزوة بني قينقاع في شهر شوال من السنة الثانية- لما في تأريخ غزوة بني سليم بمحرم الواقدي من حرج لا يخفى، مع أن الواقدي جعل حصارهم نصف شهر وغيب الرسول في بني سليم نصف شهر آخر. أما ابن اسحاق فسكت عن تأريخ غزوة بني قينقاع لما لم يسعفه قالبه بشوالين من نفس العام وتركها معلقة بين ذلك، فجعلها البغدادي محمد بن حبيب في صفر من سنة ثلاث يوم الأحد لسبع خلون[56]، وهو تأريخ يوم يذكرنا بتأريخ الواقدي لغزوة أحد[57] وإن سماه سبتا، متخلفا عن تأريخ ابن اسحاق بأسبوع كامل[58]، ويذكرنا أيضا بتأريخ المدائني لغزوة السويق[59]. لو أخذت تواريخ الأيام الواردة في السيرة واستعيدت بشكل نسقي، انطلاقا من جمعة حجة الوداع لما صح معظمها للكرنوولجيا السائدة التي تكرس دون حرج، تأريخ أحداث السيرة بأيام وشهور شبحية، وتحول الروايات الواردة بهذه الأيام من حيث تدري أولا تدري إلى كذبة كبيرة بتعلة الاختلاف في رؤية الهلال، ولو كانت رؤيته معيار فاصلا لما كانت حجة الوداع نفسها في يوم الجمعة المحفوظ.
روى البيهقي في دلائل النبوة بسنده، حدثنا أبو يوسف بن يعقوب بن سفيان قال : "قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة شهر ربيع الأول وأقام بها الى الموسم وكانت غزوة بدر يوم الجمعة صبيحة سبع عشرة ليلة من شهر رمضان على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول الله المدينة [60]" موضع الشاهد في الرواية قوله " وأقام بها إلى الموسم" يكشف والقرائن الأخرى بما لا يدع مجالا للشك أن السيرة أرخت في الأصل بشهور ضلالة النسي الجاهلي، فالموسم موسم الحج، والحج كانت تقيمه قريش وفق نظام النسي لا نظام العدة المستقيمة، ومن هنا يفهم هذا الإصرار المجمع عليه على غير العادة لتأريخ أولى غزوات الرسول بشهر صفر، ولا جرم أن يكرر ابن اسحاق لازمته المشهورة "وولي المشركون تلك الحجة من تلك السنة" على طول سيرته.
ومن هذا المنطلق يمكن أن نفهم أن هناك شهور رمضان أخرى غير التي نعرف تقابل شهور رمضان كما نعرفها الآن في تعاقبها وتواليها وفق نظام العدة المستقيمة الذي أقره النبي علنا وللمرة الأولى في السنة التاسعة من التأريخ العمري، على لسان الإمام علي الذي أدى عنه سورة براءة في آخر موسم على نظام النسي، خلال حجة أبي بكر (حجة الإسلام)، وحيث إن الشيء بالشيء يذكر، فمن المناسب أن نستحضر هنا الخلاف المشهور في تأريخ هذه الحجة بشهرين مختلفين[61]، والحال أن شهر ذي القعدة النسي كان مواطئا لذي الحجة العدة المستقيمة في السنة التاسعة للتأريخ العمري. كما لا يمكن أن نفوت فرصة التذكير بأن ابن عباس قد جعل في رواية عنه غزوة حنين في رمضان السنة الثامنة "والناس مختلفون فصائم ومفطر[62]" بدل شوال المؤرخ به، وإن كان ابن عباس نفسه يرى الفتح في رمضان. لثلاث عشرة ليلة خلت منه على الأقل. وأن النبي أقام بمكة تسع عشرة ليلة يقصر الصلاة قبل أن يخرج إلى حنين، ذلك أن شهر شوال المؤرخ به غزوة حنين كان موطئا برمضان النسي، فتحير المسلمون الجدد هل يصومون أم يفطرون.
في سياق الأحداث قبل بدر أرخت المصادر الروائية لصرف القبلة على مدى ما يقارب السنة من الشهور المتضاربة، من رمضان على رأس سبعة أشهر من المقدم[63] مرورا بذي القعدة وذا الحجة على رأس تسعة أو عشرة أشهر، والمحرم على رأس أحد عشر شهرا، وصولا إلى جمادى الآخرة ورجبا و شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من السنة الثانية للتأريخ العمري[64]، في اختلاف وتضارب شديد، رجح منه الجمهور رواية المغازي والصحيح، على خلاف بين جمادى الآخرة ورجب وشعبان من سنة اثنين. وهو الخلاف نفسه الذي يعتور تأريخ بعث سرية عبدالله بن جحش إلى بطن نخلة، كسرية عين لتحسس أخبار قريش وتجارتها، السرية التي انتهت بقتل عمرو بن الحضرمي بعدما اطمأن إلى أن رجالها "عمار لابأس عليه منهم[65]"، وقد أرخها الواقدي وابن اسحاق برجب، فيما جعلها موسى بن عقبة في جمادى الآخرة، وقد أثارت هذه السرية أزمة بين المسلمين وقريش في شأن القتال في الشهر الحرام، ولما كانت قريش تعتد بالنسي فقد كان شهر رجب هذا حتما شهر ضلالة غير أنه كان مواطئا لذي الحجة العدة المستقيمة على رأس عشرة أشهر من الهجرة، فنزل القرآن معظما لحرماته على مبدأ العدة المستقيمة، ولو كان رجب هذا موطئا لشهر حل على نظام العدة المستقيمة لما كان تقريع النبي للسرية واردا من الأساس على القتال في الشهر الحرام، إلا أن يكون لم يأمرهم بقتال فخالفوا أمره "لطمع أشفوا عليه فغلب على أمرهم الذين يريدون عرض الدنيا فقتلوه وغنموا عيره[66]"، ولما كان فيها نزول القران مبينا[67].
في صحيح مسلم، خرج أبو الدرداء الأنصاري، عويمر بن زيد في جماعة من المسلمين مع النبي محمد، في شهر رمضان في حر شديد، قال أبو الدرداء "حتى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة[68]".
لو استعرضنا جميع شهور رمضان طلية العشرية النبوية بالمدينة، لن نجد فيها شهر رمضان واحد وافق شهر ماي، فضلا عن أن يوافق فصل الصيف وجمرة القيظ "طباخ التمر". فهل نكذب الرواية أم نقر بفساد الكرنولوجيا النبوية السائدة ومن ثمة العمل على اصلاح ما يمكن اصلاحه. و لئن كانت الكرنولوجيا السائدة تعاند في إسلامه قبل بدر، فقد شهد عبدالله بن مسعود هو الآخر بأن يوم بدر كان يوما حارا غيرت فيه الشمس جثت القتلى، فقال البخاري: "حدثني عمرو بن خالد حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال استقبل النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة فدعا على نفر من قريش على شيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأبى جهل بن هشام فأشهد بالله لقد رأيتهم صرعى قد غيرتهم الشمس وكان يوما حارا[69]". وأمر رسول الله أن تطرح في القٌلب/ الآبار، "فطرحوا فيها كلهم إلا أمية بن خلف، فإنه كان مسمنا انتفخ من يومه، فلما أرادوا أن يلقوه تزايل لحمه[70]".
حفظ شعر هبيرة المخزومي يوم أُحد[71] وروايات الخندق المصرحة بالبرد الشديد[72] الظروف المناخية السائدة في مسرح الأحداث النبوية في شهري مارس وأبريل بما لن يتمكن معه رفاعة بن رافع بن مالك من أن يغتسل فيه آخر الليل وهو ببدر[73]. ولما كانت الكرنولوجيا السائدة تؤرخ غزوة بدر في شهر رمضان الموافق 16 مارس 624 ميلادية فإن شهادة عبد الله بن مسعود شهادة زور وإفك مبين، وتبعا لكل هذه الأدلة والقرائن فإن التوطين الزمني السائد لغزوة بدر الكبرى مخالف لصريح الروايات ولحقائق العوار الكرنولوجي المزمن لمصادر السيرة النبوية ويتعين لزوما وبما لا يدع مجالا للشك ومن جميع وجوه التحقيق الإقرار:
- بتخلف القوالب الكرنولوجية للمصادر الروائية عن المحل الزمني الدقيق لتوطين الأحداث المؤرخة بستة إلى سبعة أشهر: ما بين شوال وفاة ابراهيم بن النبي المحقق فلكيا وروائيا على رأس (116)، وتأريخ الواقدي للحادثة نفسها بربيع الأول على رأس (109)، وما بين جمادى الأولى على رأس (75) لمقتل كسرى؛ وشوال على رأس (68) المؤرخ لمقتله في الكتابات التاريخية الغربية المبنية على المصادر البيزنطية. وهذا الفارق الزمني هو نفسه الفاصل بين تأريخ الواقدي وابن عقبة لسرية حمزة بن عبد المطلب على رأس (7) أشهر، وتأريخ المدائني والبغدادي لنفس السرية على رأس (13)، وهو نفس الفارق الزمني الفاصل بين أصحاب المدد: بين محرم ابن قتيبة لوفاة رقية بنت النبي على رأس (23) وجمادى الآخرة على رأس (16) المؤرخ لغزوة بدر في مدد أبي بكر بن العربي المالكي والقمي، وهو نفسه أيضا الفارق الزمني بين التأريخ السائد لغزوة بدر على رأس (19) وتأريخ الواقدي لمقتل خنيس بن حذافة السهمي وزواج عثمان بن عفان بأم كلثوم على رأس (25) شهرا.
- بأن المصادر الروائية قد أرخت ما يسمى بمحرم التأريخ العمري خلاف التوطين السائد، في محرم شبح محل صفر النسي مستهل الطور13 من أعوام النسي، الموافق فاتحه يوم الثلاثاء 22 يناير 622 ميلادية غريغورية، المواطئ لشهر رجب العدة المستقيمة قبل محرم التأريخ السائد المؤرخ فاتحه فلكيا بيوم الخميس 18 يوليوز 622 ميلادية غريغورية.
- بأن المصادر الروائية قد أرخت في الأصل حدث الهجرة النبوية بيوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول النسي الموافق 4 مارس 622 ميلادية غريغورية، المواطئ لشهر شعبان العدة المستقيمة قبل اختراع التأريخ العمري، خلاف التأريخ السائد والصحيح للهجرة النبوية في ربيع الأول العدة المستقيمة الموافق شتنبر 622 ميلادية غريغورية، المواطئ بشوال النسي أٌرخت به في الأصل ولادة أول مولود للمهاجرين، وهجرة أمه أسماء بنت أبي بكر، والرسول لم يرم قباء بعد.
- بأن اقحام المصادر الروائية لما أسمته محرم التأريخ العمري محل صفر النسي في طور حل وترك للمحرم قد ترتب عنه خلق قالب كرنولوجي شبحي على منوال ما هو معمول به في قالب العدة المستقيمة وترتب عن ذلك ازاحة ربيع الأول النسي المؤرخ للهجرة في المصادر الروائية من التوافق مع شعبان العدة المستقيمة إلى التقابل مع شهر رمضان العدة المستقيمة، الموافق فاتحه الجمعة 22 مارس 622 ميلادية غريغورية. فكان فيه تأريخ الهجرة يوم الاثنين لعشر أو لإحدى عشرة ليلة خلت، وبشوال الشبح الناتج عنه على رأس ثمانية أشهر أُرخت في الأصل وفاة أسعد بن زرارة/ ربيع الآخر العدة المستقيمة من السنة الأولى للتأريخ العمري السائد.
- بأن النبي محمد قد استفتح غزواته بعد سرية حمزة بأيام قلائل بغزوة الأبواء يوم الأربعاء "لعشر خلون[74]" من شهر شعبان العدة المستقيمة على رأس ستة أشهر من الهجرة السائدة والصحيحة، الموافق 19 فبراير 623 ميلادية غريغورية، المواطئ بربيع الأول النسي من الطور 14 (طور إثبات للمحرم) ورجع الخميس لخمس بقين. وفيها بعث سرية عبيدة بن الحارث إلى رابغ لما بلغ الأبواء. ثم غزوة بواط يوم الخميس "لليلتين خلتا[75]" من شهر رمضان العدة المستقيمة، الموافق 13 مارس 623 ميلادية غريغورية، المواطئ بربيع الآخر النسي. ثم غزوة العشيرة يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة خلت[76] من شهر شوال العدة المستقيمة على رأس ثمانية أشهر من الهجرة، الموافق 21 أبريل 623 ميلادية غريغورية، المواطئ بجمادى الأولى النسي من الطور 14 على رأس خمسة عشر شهرا من التوطين الفاسد للهجرة في المصادر الروائية. ثم غزوة بدر الأولى على إثر غارة كرز بن جابر الفهري على سرح المدينة – وكانت معه قريش[77]- والخروج في طلبه يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة بقيت من شهر ذي القعدة العدة المستقيمة على رأس تسعة أشهر من الهجرة، الموافق 26 ماي 623 ميلادية غريغورية، المواطئ بجمادى الآخرة النسي على رأس ستة عشر شهرا وبه جزم موسى بن عقبة[78] ضحية القالب الشبحي الناجم عن إثبات محرم التاريخ العمري محل صفر النسي المواطئ لرجب العدة المستقيمة الموافق يناير 622 ميلادية غريغورية قبل التأريخ العمري والهجرة السائدة والمعروفة، ثم رجع وبعث سرية في طلبه[79] "قاتلت حيا من كنانة في الشهر الحرام[80]" (رجب النسي) ثم امتنعوا بجهينة واختلفوا معها على القتال في الشهر الحرام، فبدا لسعد بن أبي وقاص أن يأتي عير قريش فيقتطعها، فلما فاتته "أغار قافلا على نعم لبني ضمرة ردها الرسول للحلف[81]"، ورجعوا إلى الرسول مختلفين. ثم صرف القبلة يوم الاثنين لتسع خلون من شهر ذي الحجة العدة المستقيمة على رأس عشرة أشهر[82] من الهجرة، الموافق 16 يونيو 623 ميلادية غريغورية، المواطئ برجب النسي على رأس سبعة عشر شهرا من التوطين الفاسد للهجرة في المصادر الروائية، (وفيه أيضا الاثنين لست عشرة ليلة خلت والثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت المؤرخ بهما على قول من قال أن بين صرف القبلة وبدر شهرين[83] تامين). ثم سرية عبد الله بن جحش لعشر بقين منه[84]، وفيها سعد بن أبي وقاص وكان قد تخلف في الطريق هو وعتبة بن غزوان في طلب بعير قد ضل، ولما رجعا وجدا وفد قريش قد جاء في فداء الأسيرين والاحتجاج على خرق حرمة الشهر الحرام على مبدأ النسي، وتريث النبي في قبول الفداء حتى قدما عليه لئلا تكون قريش قد قتلتهما. وبين ذلك غزوتين إلى ثلاث انفرد بهما البغدادي[85] في المحبر والمدائني في تاريخ خليفة[86]، وعبدالله بن أبي زيد القيرواني في جامعه[87]، وعلى التحقيق فإن سفوان البغدادي بعد بواط بأيام قلائل يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان العدة المستقيمة، السنة الأولى للتأريخ العمري، الموافق 25 مارس 623 م.غ. وأما ينبع البغدادي وأبي زيد القيرواني فبعد سرية بطن نخلة، يوم الخميس لثلاث خلون من المحرم السنة الثانية، المواطئ بشعبان النسي، الموافق 10 يوليوز 623م.غ، استرد فيها الرسول اللقاح الذي أغار عليه كرز بن جابر الفهري بعدما اختلف أفراد السرية الذين أرسلهم في طلبه فيما بينهم ورجعوا إليه متفرقين. أما غزوة ناحية جهينة عند المدائني على متن جابر بن عبدالله (غزونا مع رسول الله قوما من جهينة)، فبعد بدر لا قبلها.
- بأن غزوة بدر الكبرى قد أرخت في الأصل في ذاكرة الرواة شهود العيان بيوم الجمعة لست عشرة ليلة خلت من رمضان النسي، من الطور 14، عده الناس شهر عدة مستقيمة فبنوا عليه، المواطئ ليوم الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت من شهر صفر العدة المستقيمة من السنة الثانية للتأريخ العمري، على رأس اثنا عشر شهرا من الهجرة، الموافق 22 غشت 623 ميلادية غريغورية، وبحسب البغدادي في المحبر وابن أبي زيد القيرواني في جامعه، فقد خرج النبي إليها يوم "الأربعاء لثمان خلون منه ورجع الأربعاء لثمان بقين." وتوفيت ابنته رقية يوم الاثنين لعشرين خلون منه. بفارق سبعة أشهر عن التوطين السائد والفاسد لبدر الكبرى في رمضان العدة المستقيمة من السنة الثانية للتأريخ العمري، على رأس 19 شهرا من الهجرة، الموافق الثلاثاء 16 مارس 624 ميلادية غريغورية. وهو نفس الفارق الزمني القائم بين التأريخ الفلكي المحقق روائيا و فلكيا (كسوف الشمس) لوفاة ابراهيم بن النبي محمد من مارية القبطية في شهر شوال العدة المستقيمة على رأس (116) شهرا من الهجرة، وتأريخ الواقدي وفاته في ربيع الأول من السنة العاشرة على رأس (109) أشهر. مما يتأكد معه من جميع الوجوه صحة تأريخنا لغزوة بدر في شهر صفر وفساد التوطين السائد لها في شهر رمضان العدة المستقيمة من السنة الثانية، تبعا لفساد توطين المصادر الروائية لما أسموه محرم التأريخ العمري، وبالتبعية فساد توطينها الهجرة النبوية ومخالفته للتوطين السائد والصحيح في شتنبر 622م.
- بأن شهور تأريخ أحداث السيرة النبوية، موزعة في المصادر الروائية وفق القوالب الكرنولوجية التالية:
- قالب النسي المحض انطلق من ربيع الأول النسي الموافق مارس 622م. المواطئ لشهر شعبان العدة المستقيمة وهو الذي كانت تعتمده قريش.
- قالب شبحي أقحم المحرم مطلقا على قالب النسي على وهم أنه قالب عدة مستقيمة، وأرخ محرم التأريخ العمري محل صفر النسي من العام 13 المواطئ لشهر رجب العدة المستقيمة الموافق يناير 622 م.غ، وهو الغالب على التأريخ.
- قالب شبحي عد من ربيع الأول النسي الموافق مارس 622 م.غ وبنى عليه على وهم أنه نظام عدة مستقيمة بإقحام المحرم عليه في أعوام الحل والترك ولم يثبت محرم التأريخ العمري.
- قالب جماعة من السلف انطلق من محرم شبح على رأس أحد عشر شهرا، المقابل لشهر رجب العدة المستقيمة من السنة الأولى للتأريخ العمري على رأس خمسة أشهر من الهجرة السائدة والصحيحة
- قالب العدة المستقيمة والهجرة الفعلية شتنبر 622م.غ والتأريخ العمري السائد يوليوز 622م.غ
وبالنظر إلى صعوبة استعادة تأريخ الأيام القمرية وفق الفهم السائد، فإننا ننوه إلى أن تواريخ الأيام المذكورة وعددها في الشهر القمري فيما حققناه وقرناه شمسيا بالتقويم الميلادي الغريغوري، تواريخ فلكية وحسابية التزمت نظاما جديدا مستنبطا من القرآن ومن دراسة تواريخ أيام السيرة دراسة نسقية فالحساب لا يكاد يتخلف، وعلى كل من يشك في نتائج البحث أن يضعه على المحك وأن يتكبد بنفسه عناء التحقيق الفلكي و الكلنداري والكرنولوجي والروائي، ولنا أن نوجهه مثلا إلى تحقيق وفاة السيدة فاطمة الزهراء ووفاة أبي بكر ليقف بنفسه على استمرار التأريخ بالقوالب الفاسدة بعد وفاة الرسول في المصادر الروائية، والتنافر الحاد والفاحش بين الظروف المناخية للرواية، والتوطين الزمني السائد والفاسد، ليفهم معنى "الجماديين" في عرف الإخباريين وقوالبهم الفاسدة.
عبد الرزاق بن همام الصنعاني، توفي سنة 211 هجرية، المصنف، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، منشورات المجلس العلمي، الهند، توزيع[1]
المكتب الإسلامي – بيروت، الطبعة الثانية، 1983، ج 5، ص 448.
محمد بن جرير الطبري، توفي سنة 310 هجرية، تاريخ الأمم والملوك، منشورات مؤسسة الأعظمي للمطبوعات، بيروت، لبنان، ج 2، ص 130. [2]
عبد الملك بن هشام الحميري، توفي سنة 213 هجرية، السيرة النبوية، تحقيق مصطفى السقا وآخرون، نشر شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي[3]
الحلبي وأولاده بمصر، الطبعة الثانية 1955، ج 2، ص612.
خليفة بن خياط العصفري، توفي سنة 240 هجرية، تاريخ خليفة بن خياط، تحقيق سهيل زكار، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت 1993 [4]
ص31.
أحمد بن حنبل، توفي سنة 241 هجرية، مسائل الإمام أحمد كتاب العلل ومعرفة الرجال، تحقيق وصي الله بن محمد عباس، المجلد الثاني، المكتب [5]
الإسلامي ، بيروت، دار الخاني الرياض، الطبعة الأولى 1988، ج 3، ص 436 .
أحمد بن فارس القزويني، توفي سنة 395 هجرية، أوجز السير لخير البشر، تحقيق حمدان محمد محمود، دار الرشاد، مصر 1993، ص 59. [6]
محمد بن عمر الواقدي، توفي سنة 207 هجرية - كتاب المغازي، تحقيق مارسدن جونس، دار الأعلمي، بيروت، الطبعة الثانية 1989، ج 1، ص 63. [7]
محمد بن حبيب البغدادي، توفي سنة 245 هجرية، المحبر، تحقيق إيلزه ليحتن شتيتر، دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد الدكن، الهند 1942 ص 111. [8]
محمد بن عمر الواقدي، كتاب المغازي،ج1، ص44 ص 384. [9]
عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، توفي سنة 276 هجرية، المعارف، تحقيق ثروت عكاشة، نشر الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1992[10]
ج 1، ص 158 ص 142.
محمد بن سعد بن منيع، توفي سنة 230 هجري، الطبقات الكبرى، تحقيق محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية ،بيروت، الطبعة الأولى، ج 2، [11]
ص 15.
محمد بن جرير الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج2، ص 124. [12]
محمد بن عبد الله بن العربي المالكي، توفي سنة 543 هجرية، عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي، دار الكتب العلمية ،بيروت ، لبنان، ج 7،[13]
ص173.
علي بن ابراهيم القمي، توفي سنة 329 هجرية ، تفسير القمي، صححه السيد طيب الجزائري، مؤسسة دار الكتاب للطباعة والنشر، قم ايران،[14]
1404 هجرية، ج 1، ص 271.
عبد الملك بن هشام الحميري، السيرة النبوية، ج 3، ص131.[15]
[16] محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، دار الكتب العلمية، ج 2، ص8.
محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني، توفي سنة 386 هجرية، الجامع في السنن والآداب والمغازي والتاريخ، تحقيق محمد أبو الأجفان، عثمان بطيخ، [17]
مؤسسة الرسالة، بيروت، المكتبة العتيقة، تونس، الطبعة الثانية، ص 273.
[18] محمد بن اسماعيل البخاري، توفي سنة 256 هجرية ، التاريخ الأوسط: ويليه الضعفاء الصغير، ضبط يحيى مراد، دار الكتب العلمية ،بيروت،
2004، ص 12.
[19] موسى بن عقبة، توفي سنة 141 هجرية، المغازي، جمع ودراسة وتخريج محمد باقشيش أبو مالك، جامعة ابن زهر، كلية الآداب والعلوم الانسانية [19]
أكادير، المغرب 1994، ص 127.
محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، تقديم إحسان عباس، دار صادر، بيروت، الطبعة الأولى 1968ج 3 ص 534.[20]
[21] محمد بن حبيب البغدادي، المحبر، ص 116.
محمد بن يوسف الصالحي الشامي - سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود، على محمد معوض، دار الكتب العلمية، [22]
بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 1993، ج 6، ص11.
علي بن الحسن بن عساكر الدمشقي، توفي سنة 571 هجرية، تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل أو اجتاز بنواحيها من[23]
وارديها وأهلها، دراسة وتحقيق محب الدين أبو سعيد عمر بن غرامة العمروي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع 1995، ج 1،ص 49.
شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني- فتح الباري شرح صحيح البخاري، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت لبنان، الطبعة الثانية، [24]
ج7، ص 302.
عبد المالك بن هشام الحميري، السيرة النبوية، ج 1 ص 590، ج 2 صص:44- 183- 213- 279- 328- 337- 500 . [25]
محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، دار صادر، ج 3 صص392 - 396/ ج 8 ص81.[26]
[28]قال خليفة بن خياط : نا وكيع قال: نا سفيان عن إسماعيل بن أمية عن عبد الله بن عروة عن عروة عن عائشة قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال، وابتنى بي في شوال. وحدثني علي بن محمد عن أبي زكريا العجلاني عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: ابتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة بعد رجوعه من بدر. (تاريخ خليفة بن خياط ، خليفة بن خياط العصفري ص36). وقال أبو جعفر الطبري: وقيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى بها في شوال يوم الأربعاء في منزل أبى بكر بالسنح. (تاريخ الطبري، الطبري، ج 2، ص 118). وقيل: البناء بها في الثامن والعشرين...وكان البناء يوم الاربعاء ضحى في منزل ابي بكر بالسنح (محمد زكريا بن محمد بن يحيى/الكاندهلوي - الأبواب والتراجم لصحيح البخاري 1-5 ج3، ص516/ تاريخ الخميس ج 1 ص305).
[29] بحسب اعادة استثمار مدد ابن قتيبة انطلاقا من يوم الجمعة لست خلون من ذي الحجة على رأس عشرة أ شهر فان هذا الزواج/ البناء قد انعقد يوم الأربعاء لثمان بقين من شهر رجب العدة المستقيمة على رأس سبعة عشر شهرا من الهجرة، المواطئ بربيع الأول النسي، الموافق 21 يناير 624م.غ (ابن قتيبة ، المعارف، ص 158) فيما توفي عثمان بن مظعون حسب التحقيق في آخر ذي الحجة العدة المستقيمة على رأس اثنين وعشرين شهرا من الهجرة وفيه تزوج الإمام علي بالسيدة فاطمة الزهراء يوم الثلاثاء لست خلون منه، المواطئ بشعبان النسي على رأس (29+1) شهرا من التوطين الفاسد للهجرة والتأريخ العمري في المصادر الروائية.
محمد ابن سعد، الطبقات الكبرى، دار صادر، ج 8، ص 36.[30]
[33] أحمد بن الحسين البيهقي، توفي 458 هجرية، دلائل النبوة ومعرفة أحوال الصحابة، دار الكتب العلمية، بيروت 1988، ج 3، ص 396.
محمد بن عبد الباقي الزرقاني المالكي، شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1996، ج4، ص 154.[34]
محمد بن سعد، الطبقات، دار صادر، ج 3، ص 611.[35]
محمد بن اسماعيل البخاري، صحيح البخاري، الطبعة السلطانية، تصوير محمد زهير الناصر، دار طوق النجاة، بيروت، الطبعة الأولى 1466هجرية،ج 5، ص62.[36]
محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، تحقيق على محمد عمر، نشرمكتبة الخانجي، القاهرة ، مصر، الطبعة الأولى 2001 ج 6، ص 473. [37]
[41] Jean Elsen: "La dislocation du pouvoir royal sassanide sous Khosrow II (590-628). Chronologie des événements," dans Jean Elsen liste 206, novembre-décembre 1999 p. 1-8) www.academia.edu .(
[42] A.-L. d' Harmonville.Dictionnaire des dates, des faits, des lieux et des hommes historiques ou les tables de l'histoire: répertoire alphabétique de chronologie universelle.... France, Schneider et Langrand, 1842.V1, p .506.
بروانة هوشناگ بُرشريعتي، اضمحلال الإمبراطورية الساسانية وسقوطها، ترجمة أنيس عند الخالق محمود، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات [43]
الطبعة الأولى، بيروت، دجنبر 2020، ص 232 .وقد تطرق فيه الكاتب أيضا ابتداء من الصفحة 250 إلى الأزمة الكرنولوجية التي تعتور المصادر العربية للفتوحات الإسلامية وما تعانيه من خلط حتى بعد عقود من اعتماد محرم التأريخ العمري، معتبرا أن الطريقة التي فرضت بها التواريخ الهجرية قد أفرز تناقضات واضحة وحادة وغير قابلة للحل، ولا تشمل تحديد التواريخ فحسب، بل ترتيب الأحداث المركزية في تاريخ التوسع الإسلامي أيضا..
الحسن على بن الحسين بن علي المسعودي، توفي سنة 346 هجرية، التنبيه والإشراف، تصحيح عبدالله اسماعيل الصاوي، دار الصاوي، القاهرة، ج 1، [45]
ص89.
محمد بن عبد الله بن الأزرق المعروف بالأزرقي، توفي سنة 250 هجرية، أخبار مكة وما جاء فيها من الأثار، تحقيق رشدي الصالح ملحس، دار الأندلس للنشر ، [46]
[47] محمد بن حبيب البغدادي، المحبر، ص 156.
محمد بن حبيب البغدادي، المنمق، في أخبار قريش، صححه وعلق عليه خورشيد أحمد فاروق، عالم الكتب، بيروت الطبعة الأولى 1985،ص 228.[48]
محمد بن جرير الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي، دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان ، القاهرة،[49] مصر، الطبعة الأولى 2001، ج 11، ص 454. قال "حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: ﴿إنما النسيء زيادة في الكفر﴾. قال: فرض الله الحج في ذي الحجة. قال: وكان المشركون يسمون الأشهر: ذو الحجة، والمحرم وصفر، وربيع، وربيع، وجمادى، وجمادى، ورجب، وشعبان، ورمضان، وشوال، وذو القعدة، وذو الحجة ، يحجون فيه مرة أخرى ، ثم يسكتون عن المحرم فلا يذكرونه، ثم يعودون فيسمون صفرا صفرا، ثم يسمون رجبا جمادى الآخرة، ثم يسمون شعبان رمضان، [ثم يسمون رمضان شوالا] ، ثم يسمون ذا القعدة شوالا، ثم يسمون ذا الحجة ذا القعدة، ثم يسمون المحرم ذا الحجة، فيحجون فيه، واسمه عندهم ذو الحجة. ثم عادوا بمثل هذه القصة، فكانوا يحجون في كل شهر عامين، حتى وافق حجة أبي بكر، الآخر من العامين في ذى القعدة، ثم حج النبي حجته التي حج، فوافق ذا الحجة، فذلك حين يقول النبي في خطبته: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض". وهذه أفضل رواية في تعريف النسي.
محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، طبعة الخانجي، ج 1، ص 111 وما بعدها.[50]
الحسن بن علي المسعودي، التنبيه والإشراف،ج 1، ص 238.[51]
محمد بن عمر الواقدي، كتاب المغازي، ج1، ص2.[52]
عبد المالك بن هشام الحميري، السيرة النبوية، ج 1، ص 595. [53]
محمد بن يوسف الصالحي الشامي- سبل الهدى والرشاد، ج 6، ص 13. [54]
خليفة بن خياط العصفري، تاريخ خليفة، ص30.[55]
محمد بن حبيب البغدادي، المحبر، ص 112.[56]
محمد بن عمر الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، ص 208.[57]
عبد المالك بن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 101.[58]
خليفة بن خياط العصفري، تاريخ خليفة، ص32.[59]
أحمد بن الحسين البيهقي، دلائل النبوة، ج 3، ص396.[60]
شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج 8، ص 65. [61]
بدر الدين أبو محمد محمود بن أحمد العينى، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، عنيت بنشره وتصحيحه والتعليق عليه: شركة من العلماء بمساعدة ادارة [62]
الطباعة المنيرية، لصاحبها ومديرها محمد منير عبده أغا الدمشقي، بيروت، ج 17، ص 276./ صحيح البخاري، ج 5، ص 146.
علي بن ابراهيم القمي، تفسير القمي، ج1، ص 63.[63]
محمد بن جرير الطبري، تفسير الطبري، ج2، ص618 فما بعدها. [64]
محمد بن عمر الواقدي، كتاب المغازي،ج1، ص14 فما بعدها.[65]
عادل عبد الغفور، عبد الغني، مرويات عروة بن الزبير في السير والمغازي، جمع ودراسة، رسالة لنيل درجة الدكتوراه، قسم الدراسات العليا، شعبة السنة، [66]
كلية الحديث الشريف، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، العربية السعودية، 1413 هجرية، ص 400.
محمد بن جرير الطبري، تفسير الطبري، ج3، ص 659 فما بعدها.[67]
مسلم بن الحجاج النيسابوري توفي 261 هجرية، صحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، القاهرة 1955،ج 2، [68]
ص790.
محمد بن اسماعيل البخاري، صحيح البخاري، ج 5، ص 74.[69]
محمد بن عمر الواقدي، كتاب مغازي الواقدي، ج 1، ص 111. [70]
[71] عبد المالك بن هشام، السيرة النبوية ،ج 2، ص 131 .قال : وَلَيْلَةٍ مِنْ جُمَادَى ذَاتِ أَنْدِيَةٍ ... جَرْبَا جُمَادِيَّةٍ قَدْ بِتُّ أَسْرِيهَا . لايَنْبَحُ الْكَلْبُ فِيهَا غَيْرَ وَاحِدَةٍ ... مِنْ الْقَرِيسِ وَلَا تَسْرَى أَفَاعِيهَا . أَوْقَدْتُ فِيهَا لِذِي الضَّرَّاءِ جَاحِمَةً... كَالْبَرْقِ ذَاكِيَةَ الْأَرْكَانِ أَحْمِيهَا...
محمد بن جرير الطبري، تفسير الطبري، ج 19، ص 27. [72]
محمد بن عمر الواقدي، كتاب المغازي، ج1، ص54.[73]
قال البغدادي في المحبر لليال مضين ص: 110. وقال علي بن محمد في تاريخ خليفة خرج يوم الاثنين، ص30. وقال أحمد بن فارس القزويني بكسر من عشرة[74]
أيام، ص22.
قال ابن قتيبة وأحمد بن فارس في مددهما إن بين الأبواء وبواط شهر وثلاثة أيام فأرخا للنصف، فيما قال علي بن محمد خرج يوم الثلاثاء لثلاث خلون ورجع [75]
لعشر فكانت الغيبة على ذلك عشر ليال، وقال البغدادي خرج يوم الاثنين لثلاث خلون ثم رجع الاثنين لعشر بقين فخالف المدائني بتأريخ مصحف صوابه خرج يوم الخميس لليلتين خلتا ورجع الاثنين لعشر خلت.
ذكر البغدادي تاريخا مصحفا لغزوة العشيرة وبدر الأولى صوابه خرج يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى ورجع لثمان خلون من جمادى [76]
الآخرة، وخرج يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة بقيت منه، ( المحبر، ص 110) وقال علي بن محمد خرج لمستهل جمادى ورجع لخمس بقين (تاريخ خليفة، ص 30)
فدل ذلك على أن الغيبة 25 ليلة. وقيل غاب شهرا.
موسى بن عقبة، المغازي، جمع ودراسة وتخريج محمد باقشيش أبو مالك، ص 118. [77]
محمد بن يوسف الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد، ج3، ص 373.[78]
يوسف بن عبد البر النمري، الدرر في اختصار المغازي والسير، تحقيق شوقي ضيف، دار المعارف، القاهرة، الطبعة الثانية 1403، ص 98. وقال: "وكان [79]
رسول الله بعث في حين خروجه لطلب كرز بن جابر، سعد بن أبي وقاص في ثمانية رهط...، فبلغ الخرار...، وقيل إنما بعثه في طلب كرز بن جابر."
نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، تحقيق حسام الدين القدسي، مكتبة القدسي، القاهرة 1994،ج 6، ص 66. [80]
أحمد بن أبي يعقوب المعروف باليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، دار صادر، بيروت، ج2، ص 69. [81]
[82] قال ابن جرير الطبري في تفسره: وقال آخرون بما حدثنا عمرو بن علي، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عثمان بن سعد الكاتب، قال: حدثنا أنس بن مالك، قال: صرف نبي الله نحو بيت المقدس تسعة أشهر أو عشرة أشهر، فبينما هو قائم يصلى الظهر بالمدينة، وقد صلى ركعتين نحو بيت المقدس، انصرف، بوجهه إلى الكعبة، فقال السفهاء: ﴿ ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ﴾ ج 2، ص 621.
تقي الدين أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد المقريزي، إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع، تحقيق وتعليق محمد عبد الحميد ،[83]
النمسي، منشورات محمد علي بيضون، الطبعة الأولى 1999، ج 1، ص 79.
محمد بن حبيب البغدادي، المحبر، ص116، وقال:" وعقد لعبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي في العشر الأواخر من رجب إلى نخلة". [84]
ذكر البغدادي بعد غزوة بدر الأولى في طلب كرز بن جابر، غزوة ينبع، فقال: ثم ينبع خرج صلى الله عليه يوم الخميس لليلتين خلتا من شعبان حتى بلغ ينبع [85]
ثم خرج يوم الثلاثاء لأربع عشرة خلت من شعبان حتى بلغ سفوان. ( المحبر، ص 111)
ذكر علي بن محمد المدائني بعد غزوة بدر الأولى غزوة ناحية جهينة يوم الثلاثاء للنصف من شعبان. (تاريخ خليفة، ص31).[86]
[87] قال عبد الله بن أبي زيد القيرواني في جامعه " وفيها خرج النبي عليه الصلاة والسلام في طلب اللقاح في شعبان حتى بلغ ينبع، فرجع باللقاح ومن فيها" ص 272.