جواري اتخذت مقعدها
كوعاء الورد في اطمئنانها
وكتاب ضارع في يدها
يحصد الفضلة من إيمانها
يثب الفنجان من لهفته
في يدي ، شوقا إلى فنجانها
آه من قبعة الشمس التي
يلهث الصيف على خيطانها
جولة الضوء على ركبتها
زلزلت روحي من أركانها
هي من فنجانها شاربة

هذا هو التاريخ, يا صديقتي
من غير ما تعليق
وكل ما قرأت عن سيرتنا العطرة
من كرم..
ونجدة..
و نخوة..
و العفو عند المقدرة..
ليس سوى تلفيق..
وكل ما سمعته من قصص الشهامة
وعن سجايا حاتم
وعن حكايا عنترة..

أقدم اعتذاري
لوجهك الحزين مثل شمس آخر النهارِ
عن الكتابات التي كتبتها
عن الحماقات التي ارتكبتها
هن كل ماأحدثته
في جسمك النقي من دمارِ
وكل ماأثرته حولك من غبارِ

أقدم اعتذاري
عن كل ماكتبت من قصائد شريرة
في لحظة انهياري

-1-
أحاولُ منذ الطُفولةِ رسْمَ بلادٍ
تُسمّى - مجازا - بلادَ العَرَبْ
تُسامحُني إن كسرتُ زُجاجَ القمرْ...
وتشكرُني إن كتبتُ قصيدةَ حبٍ
وتسمحُ لي أن أمارسَ فعْلَ الهوى
ككلّ العصافير فوق الشجرْ...
أحاول رسم بلادٍ
تُعلّمني أن أكونَ على مستوى العشْقِ دوما
فأفرشَ تحتكِ ، صيفا ، عباءةَ حبي
وأعصرَ ثوبكِ عند هُطول المطرْ...

لا يمكنني أن أبقى طول حياتي
مسمارا مدقوقا في جسد الوطن ..
و في جسد اللغة
أو في جسد حبيبتي
إنني أنتمي إلى طبقة من الشعراء
يستحيل تصنيفهم
و إلى نوع من الخيول العربية
ليس لها مالك ..
و إلى نوع من الطيور الجارحة
يستحيل تدجينها
و إلى نوع من الأشجار

مِنْ لثْغَةِ الشحرورِ
منْ بَحَّة نايٍ مُحْزِنَهْ
مِنْ رجفة المُوّال
مِنْ تنهُّداتِ المئذنهْ
مِن غَيمةٍ تحبكُها
عند الغروب المدخنهْ
و جُرْح قرميدِ القرى
المنثورةِ ... المزينهْ
مِنْ وشْوَشَات ِ نجمةٍ
في شرقنا ... مستوطنهْ
مِنْ قصّةٍ تدورُ بين

أحبائي :
إذا جئنا لنحضر حفلة للزار ..
منها يضجر الضجر
إذا كانت طبول الشعر ، يا سادة
تفرقنا .. وتجمعنا
وتعطينا حبوب النوم في فمنا
وتسطلنا .. وتكسرنا.
كما الأوراق في تشرين تنكسر
فإني سوف أعتذر ..
2 -
أحبائي :

من قتل الإمام ؟
المخبرون يملأون غرفتي
من قتل الإمام ؟
أحذية الجنود فوق رقبتي
من قتل الإمام ؟
من طعن الدرويش صاحب الطريقة
و مزق الجبة .. و الكشكول .. و المسبحة الأنيقة
يا سادتي :
لا تقلعوا أظافري .. بحثا عن الحقيقة
في جثة القتيل .. دوما .. تسكن الحقيقة
ـ 2 ـ

أرفضكم جميعكم
وأختم الحوار
لم تبق عندي لغة
أضرمت في معاجمي
وفي ثيابي النار..
هربت من عمرو بن كلثوم..
ومن رائية الفرزدق الطويلة
هاجرت من صوتي ومن كتابتي
هاجرت من ولادتي
هاجرت من مدائن الملح
ومن قصائد الفخار

أنا الذي أحرق ألف ليلة وليلة..
وأخلص النساء ..
من مخالب الأعراب..
أنا الذي حميت وردة الأنوثة
من هجمة الطاعون ...
والذباب..
أنا الذي جعلت من حبيبتي
مليكة تسير في ركابها..
الأشجار..
والنجوم ..
والسحاب..

من أين يأتينا الفرح ؟
و لوننا المفضل السواد
نفوسنا سواد
عقولنا سواد
داخلنا سواد
حتى البياض عندنا
يميل إلى السواد ...

ـ 2 ـ

من أين يأتينا الفرح ؟

أيتها المثقفة إلى درجة التجلد
الأكاديمية إلى درجة القشعريرة
أيتها المحاصرة
بين جدران الكلمات المأثورة
وتعاليم حكماء الهند
ولزوميات مالايلزم
أنتِ مأخوذة بأبي العتاهية
وأنا مأخوذ بالشعراء الصعاليك
أنتِ مهتمة بالمعتزلة
وأنا مهتم بأبي نواس
أنتِ معجبة برقص الباليه

أنا الذي أحرق ألف ليلة وليلة..
وأخلص النساء ..
من مخالب الأعراب..
أنا الذي حميت وردة الأنوثة
من هجمة الطاعون ...
والذباب..
أنا الذي جعلت من حبيبتي
مليكة تسير في ركابها..
الأشجار..
والنجوم ..
والسحاب..

يا تونس الخضراء جئتك عاشقا
وعلى جبيني وردة وكتاب
إني الدمشقي الذي احترف الهوى
فاخضوضرت لغنائه الأعشابُ
أحرقت من خلفي جميع مراكبي
إن الهوى أن لا يكون إياب
أنا فوق أجفان النساء مكسر
قطعا فعمري الموج والأخشاب
لم أنس أسماء النساء وإنما
للحسن أسباب ولي أسباب
يا ساكنات البحر في قرطاجة

عندما يولدُ في الشرق القمرْ..
فالسطوحُ البيضُ تغفو
تحت أكداس الزَهَرْ..
يترك الناسُ الحوانيت و يمضون زُمَرْ
لملاقاةِ القَمَرْ..
يحملون الخبزَ.. و الحاكي..إلى رأس الجبالْ
و معدات الخدَرْ..
و يبيعونَ..و يشرونَ..خيالْ
و صُوَرْ..
و يموتونَ إذا عاش القمر..
ما الذي يفعلهُ قرصُ ضياءْ؟

يا سيدي العزيز
هذا خطاب امرأة حمقاء
هل كتبت إليك قبلي امرأة حمقاء؟
اسمي انا ؟ دعنا من الأسماء
رانية أم زينب
أم هند أم هيفاء
اسخف ما نحمله ـ يا سيدي ـ الأسماء
يا سيدي
أخاف أن أقول مالدي من أشياء
أخاف ـ لو فعلت ـ أن تحترق السماء
فشرقكم يا سيدي العزيز