" سيدي رئيس الوزراء
ليس فيما أبثه بين ثنايا هذه السطور تظلم أواستعطاف ,لأني آليت على نفسي ألا تكون الشكوى لغيرالله,عملا بالحديث الشريف " أدوا ما عليكم وسلوا الله الذي لكم ",وبالمثل الشعبي البسيط "الشكوى لغير الله مذلة". لكني ارتأيت في هذه الفسحة التي تفضل علي بها اللهاث خلف لقمة العيش أن أتصرف في الأفعال والأسماء ,وأسترد حظي من التكريم الذي شرف به أبي لما أسجد الله الملائكة حوله !
سيدي الرئيس المحترم
في وطننا العامر الذي توزعت فيه الحقوق والواجبات بحسب ما يقتضيه دستورنا الوارف ,آمنت فئة من أبناء البلد أن الحق والواجب صنوان لا يفترقان,وأن شرف الانتماء يعلي من سقف التضحية أحيانا ليتحقق الواجب ولو على حساب الحق.هذه الفئة ,سيدي الرئيس,هي من منظور وزير خزينتكم مجرد أرقام استدلالية وأجور منهكة تصرف آخر كل شهر.وهي عند وزير تعليمكم صداع مزمن لا يخف إلا بالوعود المهدئة. لكنكم لو أنعمتم النظر فسيتململ حتما ضميركم الذي استتر, ويتبين لكم أن في شعف الجبال كائنات حية أرغمها العمل الوظيفي على دفن زهرة شبابها .
لقمة عيش وزوادة ـ قصة : مأمون أحمد مصطفى
- صباح الخير يا (أبو إبراهيم)، الدنيا الصبح، الفجر شقشق، امسح وجهك بالرحمن، اطرد إبليس واذكر الله!!
- لا اله إلا الله محمد رسول الله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
رفع نفسه من الفراش بتثاقل ملحوظ، استوى في فراشه ووضع رأسه بين كفيه وغاب فيما يشبه السبات، وما هي إلا لحظات حتى ارتفع صوت شخيره ليصل مسامع زوجته في المطبخ. بدأت التبسم وهي تغادر المطبخ متجهة نحوه، وحين وصلته هزته برفق شديد وهي تضع يدها الثانية فوق رأسه.
- أبو إبراهيم وحد الله، عيون الدنيا بدأت تتفتح، وأنت بدلا من فتح عينيك وقلبك معها تحاول اغماضهما. النور قادم. والشمس ستضرب بقوتها غلالات الظلام لتفتح من خلالها شقوقا تتسع لقوتها القادمة لتندفع من قلب العتمة والغيب المتواصل. توكل على الكريم وسلم أمرك كله له، الشاي جاهز، يجب أن تغمر ذاتك بالنشاط لتلحق بصلاة الفجر قبل أن تندفع أشعة الشمس في الأفق الساكن ببقايا ليل بدا رحلة الانسحاب.
بقايا أحلام غير مكتملة ـ نص : محسن العافي
عجب من عالمه الغريب الذي لا يقبل كل أشيائه وأغراضه، حاول جاهدا أن يقنع نفسه، ليعود لعالمه الذي أحبه، ولبث فيه سنين.....
كان مغتاظا متذمرا، استسلم لمّا يئس من محاولاته الفاشلة، ترجل قليلا ،أحس بعطش شديد ، النهرالجاري على مرأى من المكان الذي كان يقف متسمرا فيه، أوى إلى الضفة ، مدَّ يده ، شرب وارتوى ، طأطا رأسه مفكرا في العودة بعدما أحس بالضياع والشرود ، حاول جادا الخروج من مأزقه الذي لم يكن إلا قدرا جرده من كل شيء.....، ورماه في هذا الخلاء الموحش .
سمع طرقات متتالية ، فزع من مكانه ،وخاف على نفسه ، ثم قام تاركا سريره .
العثور على بنجامين ـ قصة : عبد الفتاح المطلبي
عندما التقيت بالسيد أورويل مصادفةً في مقهى (حسن عجمي)* تَلبَّسني السرور والإنفعال فبدوت مرتجفا وأنا أصافحه ، لم يكن معتاداً على كل هذه الحرارة في لندن مدينة الضباب الباردة خاصةً وإنه لا زال يعيش أجواءها التي تخيلها في روايته (1984) تأفف وقال:
-ماهذه الحرارة؟ كيف تطيقون هذا الجحيم؟
-تعودنا على ذلك فنحن أبناء (تموزي) لكننا أيضا نشعر بوطأتها هذه الأيام إذ بالغت الشمس في اقترابها!
وبعد إن تناول استكان الشاي الحار قال:
-الآن اكتشفت الحكمة في تناول الشاي الحار في هذا اللهيب التموزي
-كيف؟ قلت فردّ قائلاً
-الشعور بحرارة الشاي اللاذعة يجعل الجسم يتقبل ما دونها ، أرى أنها طريقة ذكية في التعايش مع هذا اللهيب. قلت (الذي يرى الموت يرضى بالسخونة) قهقه طويلاً وطلب استكانَ شايٍ آخر....
أرواح مسكونة ـ قصة : داريـن بـوغـالـم
كاد الباب أن يُخلع من الدقات المتتالية على خشبه .
الجرس يصرخ.. هل يوجد أحد في البيت ؟... رنين الهاتف يساعد الجميع علي الصراخ ورقمها أصبح على لوحة هواتفهم أشبه بلوحة البيانو في يدى عازف ماهر. لكن لا مجيب..
كانت هي قد لبست ثوبها الابيض تسلحت بزينة.. وعطرها يفوح غضباً من القدر.. تجلس علي كرسي خشبيي تتوسط البيت ..الستأئر تحجب ضوء النهار..
تتحدث لبضعِ ثوانِ في نفسها التائهه..
الشمس أسدلت - منذ رحيله -ستائر قلبي وطعم الحياة..
من مقبرة الهجرة... إلى مقبرة العودة ـ قصة : مأمون أحمد مصطفى
- أنت لا تأكل، ترافق الجوع، لون وجهك، جسدك الممصوص الناحل، له حق عليك، أنت لا تملك الحق في تدمير جسدك أو ذاتك، عليك أن تأكل، طعاماً جيداً، نافعاً، حتى تستقيم أمورك، وحتى يذهب لونك الشاحب، وحتى يستوي جسدك ويعود لوضعه السابق الطبيعي.
- أنا آكل ما يكفيني للحياة، لكني لا أشبع، بل أبقي إحساس الجوع ملازما لمعدتي ودماغي.
- عليك أن تشرب، الماء سر الحياة، سر الوجود، سر الخلق. الأعشاب جيدة ومفيدة، مغليها رائع، ينبه الإحساس، وينهض بالصحة، جسدك فيه جفاف شديد، وجهك ناشف كحبة خروع سقطت عن غصنها.
- أنا اشرب من الماء ما يبقيني حيا، ما يحافظ على بقاء روحي في الجسد، لكني لا ارتوي، ولا أود أن أشعر بالارتواء.
- ولماذا؟ ما الذي يدفعك لمثل هذا الأمر؟
قصصت شعري... ـ قصة : ياسين المرزوكي
وأخيرا عدت الى الدوار،، عدت مرغمة لانني أنهيت عامي الدراسي
و قبل أن أتي.
عند المساء التقيت صديقا حميما لي تقاسمنا كأس فودكا في حانة ''اللبناني'' ذلك المكان الصغير المحبب عندي، أزوره كل ما زارني الحزن فجأة، لا أعرف مايحل بي هكذا أجدني ضجرة من كل شيئ. أستطيع ان أفهم الان كلمات ''رشيد'' وهو يغادر غاضبا في كل مرة قائلا:
لا أستطيع أن أفهمك يا حياة-
ها انا الان أجالسه، انه أمامي على مرمى نظر، يتقاسم معي طاولة حمراء صغيرة، يصعد النادل السلم الصغير الملتوي، يعدل غطاء الطاولة ويسأل :
بم تبدأن؟
رشيد يجيبه :
- كأسي فودكا من فضلك وأخفض الانارة رجاء
حياتي التي سوف تبدأ... ـ نص : آسيا رحاحليه
في حياتي القادمة سأكون شجرة ..
وارفة ، خضراء .. مثمرة .
جذوري تدغدغ رئة الأرض و أغصاني أراجيحٌ للعصافير ..
لن أعبأ بجذعي المحبوس في التربة ..
سأكون مكشوفة الشعر و العينين للريح الطيبة و المطر الكريم..
مكشوفة القلب و الروح لليل و القمر و الشمس .
سأظل أرتفع ، في كل يوم قليلا ، إلى أن أبلغَ الحقيقة .