على الجانب الأيسر من اللوحة التي يغطيها السواد .. وقف "حنظلة" ويداه معقوفتان وراء ظهره ينظر إلى الأفق المظلم الممتد أمامه بلا حدود..
سواد كليل لا قمر في سمائه.. أشباح تجوس خلال الحدود تحمل حقائب أتعبها الترحال تضم بؤس المتاع .. حيرة على شواطئ دول تشتهيها الموت..
أوطان بألوان باهتة تمتد على كف عفريت بحدودٍ كأنها الهاوية..
من هذا الذي على رمل الغربة مرَّغ خده الطري ؟
من ذاك الذي بلون الموت.. والهجرة والمنافي والشتات.. يحمل وطنه في قلبه ويسافر ؟
من هؤلاء الذين يحملون الموت على أكتافهم، ويتسربلون بمآسيهم وخيباتهم يُخيطون خرائط العالم حفاة عراة..
من هؤلاء الذين يرتدُون الخوف جلدا ثانيا مسافرين ولم يُعِدّوا حقائبهم، ولم يودِّعوا أحدا ؟
من هؤلاء الذين خرجوا كشقائق النعمان يحملون أحلاما وأمنيات.. وهمًا وغضبا.. وقد ذبل حلمهم الجميل حالما امتدت إليه أنامل قاطفة ؟
من هؤلاء وكم عددهم ؟
ضاع الحساب واختلطت الأعداد.. ونسي الوطن موتاه حين اصبحوا فرجة العالم..
ـ فرجة بلا طعم..
رد حنظلة وقد كزَّ على أسنانه..