جمّع الحاج أيوب شجاعته وشحذها كلها في ساقيه حين راح بشبشبه يحف درجات السلم، ببطء ، وتسلل في وهن صاعدا إلى الطابق العلوي من البيت.. يسبقه لهاثه المتقطع وهو يتكئ بإحدى يديه على عصا، وبشقيقتها اعتمد على جدار خشن غير مدهون.. و إلى جواره في صحبته كانت إحدى حفيداته التي لصغرها لا تستطيع مساعدته على المشي.
توقف الحاج أيوب للحظات يلتقط فيها نفسه الذي تهدج، فراح يتنفس هواء ثقيلا فيه برودة معطنة لها لسعة الثلج في الأنف، وشم بلا رغبة منه رائحة الدم والموت، رائحة عبقت المكان بشدة، وبشدة كانت تنبث من بين الركام وبقوة تفوح. ثم تسمر الحاج أيوب قرب جثث ابنه وزوجته وأحفاده الصغار، الذين مزقت أجسادهم وقطعتها عصر أمس قذيفة طائرة صهيونية، اخترقت الحائط بعنف وحولتهم إلى أشلاء تطايرت، وتناثرت في البيت ورصعت فتافيتها الجدران، وبعض الفتات تناثر في الشارع عبر النوافذ التي كانت مقفولة بإحكام كبير، فكسرها الانفجار لقوته وطيّرها إلى بعيد.. ومكث الحاج أيوب ساعة أو أكثر وهو يجمع بيدين راجفتين الأشلاء شلوا بعد شلو، وشقفة وراء شقفة، وكانت تساعده زوجته التي ما زالت عيناها إلى الآن تبقبقان بالدموع. ولم يستطع مع زوجته رغم الجهد المضني الذي بذلاه في تنظيف البلاط من الدماء، لانقطاع الماء منذ الساعة الأولى لبدء الحرب.. فبقي الدم على البلاط وتحت حطام الأثاث حتى جف بعد وقت وتجمد، كأنما تحول إلى رمز ثمين كي تدخره الذاكرة مع ما تحفظه من دماء قديمة، وتجلله القلوب.. أو ربما لينقلب إلى غصة تشتد وطأة لعناتها وتتعاظم مع الزمن في النفوس.
توقف الحاج أيوب للحظات يلتقط فيها نفسه الذي تهدج، فراح يتنفس هواء ثقيلا فيه برودة معطنة لها لسعة الثلج في الأنف، وشم بلا رغبة منه رائحة الدم والموت، رائحة عبقت المكان بشدة، وبشدة كانت تنبث من بين الركام وبقوة تفوح. ثم تسمر الحاج أيوب قرب جثث ابنه وزوجته وأحفاده الصغار، الذين مزقت أجسادهم وقطعتها عصر أمس قذيفة طائرة صهيونية، اخترقت الحائط بعنف وحولتهم إلى أشلاء تطايرت، وتناثرت في البيت ورصعت فتافيتها الجدران، وبعض الفتات تناثر في الشارع عبر النوافذ التي كانت مقفولة بإحكام كبير، فكسرها الانفجار لقوته وطيّرها إلى بعيد.. ومكث الحاج أيوب ساعة أو أكثر وهو يجمع بيدين راجفتين الأشلاء شلوا بعد شلو، وشقفة وراء شقفة، وكانت تساعده زوجته التي ما زالت عيناها إلى الآن تبقبقان بالدموع. ولم يستطع مع زوجته رغم الجهد المضني الذي بذلاه في تنظيف البلاط من الدماء، لانقطاع الماء منذ الساعة الأولى لبدء الحرب.. فبقي الدم على البلاط وتحت حطام الأثاث حتى جف بعد وقت وتجمد، كأنما تحول إلى رمز ثمين كي تدخره الذاكرة مع ما تحفظه من دماء قديمة، وتجلله القلوب.. أو ربما لينقلب إلى غصة تشتد وطأة لعناتها وتتعاظم مع الزمن في النفوس.