يقف أمام المرآة، يهتم بترتيب
هندامه وتمشيط شعره، قبل أن يقذفه الهم نحو رحلة مملوءة بالتعب والمعاناة...هذا يومه الخامس منذ عودته من " دبـي "...لم ينم جيدا سوى ساعتين فقط..ليودع بذلك أيام الراحة والهدوء...بل آذاه انقطاع الكهرباء وأصوات الرصاص ...أشعلت القذائف سماء بغداد... لتشتعل في داخله نيران الأرق...يبتلعه الظلام الدامس ...يدثره السواد...ويزيد خوفه وحشة المكان.
لم يهمل المرآة كعادته، بل شده الغبار العالق على حوافها، ثم أمعن النظر إلى وجه المصاب بالذبول...تعجب من بروز صلعته وهو لا يزال على أعتاب الثلاثين..لم تدع له قسوة الظروف سوى شعيرات قليلة حتى توقظ أوجاعه الدفينة وتطرق أبوابه المغلقة، أكتشف إن أشياء كثيرة انسحبت من وجهه....أراد الهروب من مصارحة نفسه...لكنه أدار وجهه عن المرآة بسرعة...انتعل حذائه المهترأ....يتثاقل في المشي...ويستصعب الخروج من البيت...بغداد لم تعد آمنة في نظره...إذا لماذا قرر الرجوع، تتساءل نفسه: أهو الحنين إلى بغداد التي ترعرع في حواريها العتيقة ومدارسها التاريخية، أم هو الشوق إلى مقامات أوليائها ومراقد أئمتها.
لم يهمل المرآة كعادته، بل شده الغبار العالق على حوافها، ثم أمعن النظر إلى وجه المصاب بالذبول...تعجب من بروز صلعته وهو لا يزال على أعتاب الثلاثين..لم تدع له قسوة الظروف سوى شعيرات قليلة حتى توقظ أوجاعه الدفينة وتطرق أبوابه المغلقة، أكتشف إن أشياء كثيرة انسحبت من وجهه....أراد الهروب من مصارحة نفسه...لكنه أدار وجهه عن المرآة بسرعة...انتعل حذائه المهترأ....يتثاقل في المشي...ويستصعب الخروج من البيت...بغداد لم تعد آمنة في نظره...إذا لماذا قرر الرجوع، تتساءل نفسه: أهو الحنين إلى بغداد التي ترعرع في حواريها العتيقة ومدارسها التاريخية، أم هو الشوق إلى مقامات أوليائها ومراقد أئمتها.