رحلة قنص – قصة : محمد بروحو
الربوة التي يفترشون حشاشها، منذ الصباح الباكر. تطل بشموخ على السهول المحاذية للوادي. ترتفع رؤوس سنابلها، تنظر في اشتهاء إلى رقصة الربيع، على الربوع المرصعة بأشجار الصنوبر والعرعار. وناي الرّعاة يشدو خلف التلال.
الثلاثة، يجلسون في احتماء صخرة، تنتصب حدا فاصلا لمعبر النهر. تكلّله زهور القرنفل، وشقائق النعمان، تتمايل راقصة على نسيم الصباح. وطائر المستوون يغرّد بصوته الجميل. الكوخ الوحيد القابع هناك، على مسافة قريبة من مكان جلوسهم. هو ما يتّخذونه مسكنا لهم. منذ أن حلّوا بهذه القرية النّائية والقابعة في جوف جبال الريف. يندس بين أشجار باسقة، ويطل على خلجان مائية، تجري دون توقف.
كل الأكواخ الأخرى، توجد وراء التّلال. وحده كوخهم، أقيم هنا في هذا المكان. يضم تحت سقفه أجسادهم الثلاثة. ويحتمون فيه من لسع البرد، وقيض الحرّ.
شخشخة البنادق، تنطلق، تصل أسماعهم متقطّعة. فبدوا ينظرون في وجوه بعضهم البعض. وكانت أول طلقة دوت، تعلن عن بدء رحلة القنص. وبها سيكون اليوم، هو أول يوم يفتتح فيه موسم الصّيد. إن هذا الصّباح سيكون مخصصا لاقتناص الخنزير البري. والذي سيفقد الكثير منه مرقده في هذه الغابة. بطلقة واحدة وبتصويب دقيق، سيصبح وليمة لعشاق أنواع هذه اللّحوم.