خصص ميشال فوكو، قبل وفاته بقليل، لمسألة الأخلاق كتابين[1] توج بهما عمله الفلسفي. لكن كم سنفاجأ عندما نعرف أن هذا الموضوع –موضوع القيم- لم يكن غائبا بالمرة في دراساته الفلسفة-التاريخية. صحيح أنه في كتابه الكلمات والأشياء، وفي صفحات جميلة خصها لمسألة الزوج الكوجيطو واللامفكر يقرر أن الفكر المعاصر ليس في حاجة إلى الأخلاق، فـ"منذ القرن التاسع عشر خرج الفكر من ذاته… ولم يعد بعد نظرية؛ فما أن يفكر [هذا الفكر] حتى يجرح أو يوفق، يقرب أو يبعد، يفصل، يحل، يعقد أو يفك، وبالتالي لا يمكن إلا أن يحرر ويستبعد. فالفكر، حتى قبل أن يفرض أو يرسم أفقا للمستقبل وقبل أن يعلن عما يجب القيام به، وقبل أن ينصح وينذر فقط، فليس هو منذ وجوده، وفي شكله المبكر، وحتى في ذاته، سوى فعل، وفعل خطير"[2]. يتبين من هذا القول أن فوكو وقت كتابته لـ "الكلمات والأشياء"، وأثناء صياغته لفقرات الكوجيطو واللامفكر كان يقيم التعارض بين الفكر والأخلاق، ومرد هذا التعارض هو اعتقاده أن الفكر لم يعد يرسم للناس ماذا يفعلون، وفيما يجب أن يعتقدوا، وما الحقيقة التي عليهم أن يتشبثوا بها، وما هو الخط الفاصل بين الحقيقة والوهم[3]. فكل حديث عن الفكر بهذا المعنى لا يمكن إلى أن يعترف بعدم جدوى الحديث عن الأخلاق، لكونها لا تعكس ما يعيشه الفكر المعاصر، وبالتالي المجتمع المعاصر؛ وما يعيشه الفكر المعاصر هو أنه لم يعد "نظرية" تنتظر من سيقوم بتطبيقها لمعرفة هل تعكس الواقع فعلا، أم أنها منفصلة عنه. فالفكر ليس أداة تسمح لنا بالاختيار لكي نكون في اليمين أو في اليسار، بل هو، أساسا، ممارسة بها نحارب ونقاوم. ليس شيئا محايدا عن مجال الصراع بل هو أداة الصراع نفسها؛ فهناك علاقة وطيدة بين الطريقة التي نفكر بها، والطريقة التي نمارس بها.
المثقف التقني ـ هادي معزوز
قبل بضعة أيام من اليوم التقيت بصديق لي يشتغل أستاذا لمادة الفلسفة، له نصيب واهتمام كبير في المعرفة الفلسفية، خاصة وأنه يعتبر من الجيل الثاني الذي تخرج من جامعة محمد الخامس بمدينة الرباط، مما جعله ينسج علاقات وطيدة مع أغلب المفكرين المغاربة، وبينما كنا نناقش موضوعا من مواضيع الساعة خارج صرامة الفكر الفلسفي، ابتدرته متسائلا عن أحد أصدقائه المفكرين، حيث كان يتميز بغزارة ونوعية ما يكتب، إلا أنه توقف توقفا غريبا، وهو ما جعلني أتحسر على هذا الأمر خاصة وأن صديقه هذا لازالت أمامه عديد السنين للعطاء، عندها أجابني مخاطبي بأن من نتكلم عنه إنما توقف فقط كي يعود بنفس جديد، وأن من بين مميزاته أنه لا ينغمس في مدرسة فلسفية بعينها أو في فيلسوف بعينه ، بقدر ما أنه يأخذ منه ما يهمه ثم يعرج بعدئذ إلى ما يجب الذهاب إليه، حينها صمت برهة ثم أردف قائلا: صديقي هذا مفكر براغماتي وهو ما نفتقده في مفكرينا المغاربة.
الثقافة بين الانغلاق في التراث والانفتاح على العالم ـ د.زهير الخويلدي
" في الثقافة الأخلاقية، لابد من السعي في سن مبكرة إلى تمكين الطفل من تصورات للحسن أو القبيح. وإذا أردنا تأسيس الخلقية ينبغي تجنب العقاب. فالخلقية هي أمر في غاية القداسة والسمو..."1[1]
قد لا تحتاج الثقافة إلى التذكير بشكل مستمر بفائدتها بالنسبة إلى الأفراد والجماعات، فأهميتها في تربية النوع وتطوير المجتمعات وتقدم الدول وتحضر الشعوب لا تزال قائمة في كل مكان ومحل اتفاق وقبول.
لم تكن الثقافة في حركة مد وجزر مع الجانب الطبيعي قصد إدخال الإضافات والتنقيحات التي تصل إلى حد التغييرات المفيدة والإصلاحات النافعة فحسب وإنما فاق مستواها كل ذلك نحو بناء المشاريع وإنتاج المعنى وتفجير الثورات وتأسيس المدنية واختراع التقنيات واكتشاف المجهول واستكمال الوجود البشري.
وإذا كان أولا لكل ثقافة خصوصيتها ومنطلقاتها ومنابتها فإن تجذرها في موروث مادي وارتباطها بتقاليد محمولة من الماضي وانشدادها إلى ذاكرة جماعية قد يؤدي إلى انغلاقها على ذاتها وتحوطها بسور تراثها. وإذا كان ثانية لكل ثقافة محاور كونية ونقاط مضيئة وإبداعات عالمية فإن إشعاعها على الآخرين وإفادتها المتواضعة للكون وخدمتها للإنسانية قد تتحول إلى موطن ضعف وسيتسبب في ذوبانها وضياع في العالم.
الهوية والذاتية والإبداع ـ د.زهير الخويلدي
تحاول الكتلة التاريخية أن تتدارك الفوات الحضاري وأن تعثر على الجواب الشافي للسؤال عن الهوية وأن ترد على تحديات العولمة وأن تجد طريق الخلاص من أزمة خطاب الهوية التي سببها الإقصاء والحرب. لكنها تقع في كماشة تعثر البدائل وفشل المرجعيات وحالة التخبط الإيديولوجي بين القوى المتنافسة وغياب المشروع الحضاري المتكامل وتعبر عن حاجة ماسة إلى رؤية معمقة للواقع وقراءة تشخيصية نقدية للمجتمع وغربلة فكرية للعقل الذي يسكننا.
لا يمكن بناء عمارة الهوية على أساس الدين فحسب ولا يجوز التعويل على الهوية الدينية لمواجهة المخاطر والصمود أمام موجات التفكيك والتقسيم بالرغم من ادعاء هذا الدين العالمية واكتساحه السريع للمعمورة. كما لا يتعلق الأمر بالبحث عن الأصل والتفتيش عن المصير بالنسبة للهوية التي تخصنا للإجابة عن سؤال من نحن؟ وذلك بطرح سؤال من أين أتينا؟ والى أين سنذهب؟ وإنما المطلوب تحديد موقعنا في العالم وقيمة الرصيد الهووي الذي تحوز عليه الجماعة التاريخية الناطقة بلغة الضاد والإجابة على سؤال أين نحن ؟
تفكيكية جاك ديريدا بين الكتابة والكلام ـ عبد النور إدريس
مدخل:
استلهم جاك ديريدا الآلة النيتشوية للكشف عن الفاني من التاريخ، لا البحث عن النفس الخالدة وبذلك أصبحت الميتافيزيقا هدفا للتهجم، لتحطيم أصنامها لمّا تعطلت مقولاتها اللغوية، فالميتافيزيقا تسكن اللغة وتهيمن على العقل البشري بتعالي خطابها على اللغة ذاتها وهي تهيمن بفرض خطابها واعتباره صادرا عنها لا عن البشر، وقد أطلق ديريدا على هذا الطابع ميتافيزيقا الصوت بسيادة الكلام على حساب الكتابة.
- فهل استكنه ج. ديريدا سلطة الصوت لوضعه قائما بين الوعي والحضور؟
- هل كان لجينيالوجيا الكلام عنده امتدادات همّت المساءلة المتجذرة للحداثة الغربية؟
- هل كشف البحث في اللوغوس عن الطابع الاصطناعي القاصر للمفاهيم؟
- هل فكك تاريخ الميتافيزيقا بما هو خطاب مهيمن يفكك شجرة المعنى ويحتقر الكتابة عبر كبت النص بمحو سواده؟
- كيف يمكن لبياض نص اللوغوس من تقديم نفسه في تاريخ الفلسفة؟
- ما هي دلالة الكتابة عند جاك ديريدا بما هي حركية لتجلي الجسد الديريدي عبر الإنصات إلى كلام الذات؟
العرب والإسلام والمواطنة ـ هادي معزوز
لقد حان الوقت اليوم لإعلاء مفهوم المواطنة على حساب مفهوم الدين، وذلك بناءً على مجمل التحولات التي بات يعرفها العالم الإسلامي من سياسية وفكرية وذهنية واجتماعية، والحال أنه انطلاقا من هذا الشأن فقد باتت مشكلتنا الكبرى الراهنة تكمن في كيفية تمثل الدين وفي نظرتنا إليه، حيث أصبحت الطقوس الدينية حكرا على ممارسة نفعية بدل أن تكون نشاطا يسمو بالروح ويهذب النفس، لهذا ولكي نخوض في الأمر أكثر فأكثر فإننا سنعمل في هكذا قول على الوقوف بداية عند نتائج سوء فهمنا للدين، كي نقف تثنية عند استيهاماتنا الدينية وكيف تحول الإسلام من منير إلى ظلام، أو بالأحرى كيف انتقلنا من خطاب منظم إلى خطاب مدمر.
ظهر الإسلام في بلاد العرب وتحديدا بشبه الجزيرة العربية، وكتب القرآن باللغة العربية وليس بلغة أخرى، كما يعتبر نبي الإسلام عربيا ناهيك عن مجمل صحابته وتابعيه وتابعي تابعيه، من ثمة فإن الإسلام وبناءً على ما تقدم لا يمكن له أن يتأثر ببنية الذهنية العربية... تقول الدراسات الأنثروبولوجية والتاريخية أن العرب ينحدرون أولا من سلالة نوح التي استوطنت شبه جنوب شبه الجزيرة العربية، وليس من بابل كما يعتقد البعض بما أن بابل كانوا يسكنون مجالا خصبا وأنهم أهل مدينة وأهل حضارة، عكس العرب الذين غلبت عليهم البداوة فكانوا ميالين لشظف العيش حسب ابن خلدون وهو ما يبرز في قساوة لغتهم وميلها للتشديد والعنف بدل التخفيف، لكن وبفضل التقلبات المناخية الكبرى التي عرفها العالم قبل أزيد من عشرة آلاف سنة، أي خلال العصر الجليدي والذي نجمت عنه ظاهرة التصحر وارتفاع درجة الحرارة، عمل العرب على الهجرة نحو الشمال حيث استوطنوا مناطق عدة من قبيل العراق القديم ومصر وبلاد الشام وفلسطين...
إشكاليات مصطلح "الله" في الثيولوجيا الليبرالية ـ مناف الحمد
تقوم دعوى منظري التفنيد على أساس أن القضية غير القابلة للتفنيد ليست ذات معنى، وقد شفعوا هذه الدعوى بالمتطلّبات التي اشترطها برتراند راسل لكي يكون للعبارة أو المصطلح معنى.هذا المعنى المشار إليه آنفاً في نظرية راسل الوصفية هو وصف للشروط الضرورية والكافية للعبارة لكي تحدد مرجعيتها الموضوعية.
ولمزيد من التوضيح:
تقوم نظرية راسل الوصفية على البحث عن الكيفية التي تشير بها الأسماء إلى أشياء في العالم، ووفقاً لها تشير الأسماء إلى أشياء محددة بقدر ما تمثّل وصفاً محدداً أو أكثر يصف شيئاً مرجعياً.
هذا الأساس للنظرية الوصفية يتضمن افتراضين فرعيين:
- معنى الموضوع و هو مجموع الشروط الوصفية الضرورية والكافية التي تجعل الموضوع يشير إلى الشيء.
- معنى المحمول و هو مجموع الشروط الوصفية الضرورية والكافية التي تجعل المحمول صحيحاً بالنسبة لموضوعه.
فوكو: بعد الشذوذ الجنسي وتجربة الاختراق ـ مصطفى أعراب
حينما توقف نبض الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو، تلميذ نيتشه وهيدغر، في يونيو 1984 كانت وفاته مفاجئة جدا لأنه مات بسبب مرض لم يكن آنذاك معروفا: مرض السيدا. مات بعد أن وضع بصماته على جبين الحقل الفلسفي الفرنسي وغير الفرنسي من خلال تدخلاته في مجالات ظلت عذراء إلى تلك الحدود: الجنون، الإجرام، الجنس، السلطة، وفاة الإنسان والتاريخ، تفتت الذات لصالح الخطاب…الخ. بعد كتاب تاريخ الجنون أصبح اسم ميشال فوكو مع الكلمات والأشياء (1966) متداولا بشكل كبير في فرنسا وغير فرنسا بعد أن كانت كل الكلمة للوجودية الفينومينولوجية الفرنسية التي هيمنت باسم هوسرل وتعززت بسارتر وميرلو بونتي ما يقرب عن ثلاثين سنة. عرف فوكو الشاب بعشق اختراق الحدود وسبر أغوار الجوانب المظلمة للمتاهات المرتبطة والملتصقة بالإنسان باعتباره كائنا في العالم بتعبير هيدغر أو كائنا من أجل الموت بتعبير سارتر. لكن، فوكو لم يكن يرغب في أن يشتهر اسمه ولا أن تردد الخطابات الفلسفية اسمه باعتباره منتجا لخطاب فلسفي متميز. كان يود أن يغادر فضاء الذات المنتجة أو على الأقل وهم الذات المنتجة حتى ينتصر لموقفه الرافض لفكرة أو مبدأ المؤلف Auteur.
النظرية التربوية الكانطية والتأسيس البيداغوجي ـ د.زهير الخويلدي
استهلال:
"إن مشروع نظرية في التربية لهو مثل أعلى سام لا يملك أن يكون ضارا ولو أننا غير قادرين على تحقيقه"1[1]
لا ندري إن كان عمونيال كانط قد ترك لنا فلسفة متكاملة في التربية أم لا، فهو قد ناضل في عصر التنوير من أجل ترك الاجترار وعزف عن الموروث والتقاليد وتشجع على استعمال العقل والتوجه نحو التفكير والنقد والحرية. لكن ما نعلمه أنه ألف عام1803 حول هذا الموضوع كتيب معنون "مقالة في البيداغوجيا" ولقد تضمن جملة من التأملات حول التربية والتدريس وبالتالي افترض وجود نظرية تعلمية عقلانية.
لقد قدم الكتيب في شكل محاضرة في جامعة königsberg وحاول فيه معالجة الأسئلة البيداغوجية التي طرحت في الأوساط التعليمية وأثبت فيه فيلسوف التنوير القدرة على التدخل النقدي في مختلف المجالات المعرفية ولكن بعض الشرّاح وبالخصوص ألكسيس فليلونكو قد أعادوا الاعتبار إلى هذه المحاضرة وقاموا بربط "مقالة عن البيداغوجيا" بفكرته عن التاريخ الكوني وتوقه إلى السلم الدائم وبحثه عن قيام "الأنثربولوجيا من وجهة نظر براغماتية" وعنايته بالعلاقة المعقدة بين الغائية الطبيعية والغائية الأخلاقية.
ميثولوجيا الواقع ـ أراق سعيد
إن موضوع الفلسفة كما كان يراه هيغل، هو الواقع في شموليته. وقد تبدو هذه الفكرة، لأول وهلة، موغلة في التبسيط والبساطة. لكن الأمر يبدو على غير ما هو عليه ظاهريا، حالما نطرح مسألة تحديد المقصود بالواقع. فبقدر ما يظهر هذا المفهوم طافحا بوضوح وبداهة دلالته ومعناه، بقدر ما ينطوي في نفس الوقت، على حصته من غموضه الآسر وكثافته الدلالية والمفهومية المتحجبة بالضبابية والالتباس. لذلك شكل الخوض في تحديد مفهوم الواقع، انشغالا فلسفيا لدى العديد من الفلاسفة والمفكرين، الذين لم يتوقفوا عند حدود التعامل مع الواقع من حيث كونه إحالة على الوجود العيني المباشر فحسب، بل باعتباره مفهوما إشكاليا منفتحا على مستويات قرائية واستقرائية وتأويلية واسعة. وبصرف النظر عن التباين المحتمل في اقتراح تعريف إجرائي مقبول للواقع، يمكن القول إنه يحيل على مجموع الأشياء الواقعة موضوعا عينيا مباشرا لفعل الوجود والكينونة. فالواقع هو« الموجود ثمة أصلا» بتعبير جاك لاكان. ومن هذه الزاوية، يبدو مفهوم الواقع إحالة على التحقق الملموس للأشياء والظواهر التي تستجليها الذات الواعية من خلال عملية الاحتكاك الواقعي والملموس بالمواضيع والمظاهر والظواهر في أبعادها وتحققاتها وتمفصلاتها القابلة للترسب في الوعي والإدراك. وذلك بالنظر إلى أن «الإدراك هو تمثل حقيقة المُدْرَك1» و«الإدراك أيضا إحاطة الشيء بكماله وهو حصول الصورة عند النفس الناطقة2».
الفضــاء العمومــي عند يورغـن هابرمـاس ـ د. مولاي حيســون
مفهوم الفضاء العمومي:
أخذ يورغن هابرماس Jürgen Habermas ( 1929-...) مفهوم الفضاء العمومي (espace public) عن كانط E.Kant الذي قال به و تم استعماله بكثرة في مجال التحليل السياسي منذ سبعينيات القرن الماضي، فهو الفضاء الوسطي الذي تكوّن تاريخيا في زمن الأنوار بين المجتمع المدني و الدولة [i] ، إنه أيضا المكان المتاح مبدئيا لجميع المواطنين حيث بإمكانهم الاجتماع لتكوين رأي عام.
لم يشرع الفكر النقدي في الفلسفة في تناول موضوع الفضاء العمومي كمبحث إلا في القرن التاسع عشر، جاء ذلك في خضم الاتجاهات التي ظهرت و تهم تحليل الهيمنة التي مارستها المؤسسات الرسمية في سعيها لبسط نفوذها عبر القول بمركزية سلطتها و شد الفرد إليها لأجل احتوائه.
كتاب " الفضاء العمومي: حفرية العمومية (publicité) كبعد مكون للمجتمع البورجوازي " هو موضوع أطروحة هابرماس في السوسيولوجيا بجامعة ماربورغ بألمانيا في 1961 [ii] ، عبارة عن دراسة لبنية و وظيفة النموذج الليبرالي للفضاء العمومي البورجوازي في أوروبا، يحلل فيه ظهور هذا النموذج و تحولاته التاريخية منذ العصر الهليني مرورا بالعصر الروماني حتى العصر الحديث، و يُبعد من الدراسة ما يسمى الفضاء العمومي العامي ""Plébéien [iii] الذي بقي مستترا مع مرور الزمن، وتفحص الدراسة أيضا المظاهر العامة للعناصر الليبرالية المكونة للرأي العام البورجوازي والتحولات التي خضع لها في إطار الدولة الاجتماعية بأوروبا [iv] وهو مزيج من "فينومينولوجيا الروح" لهيجل F.Hegel والنقد الإيديولوجي الذي قام به ماركس K.Marx ، أبرز هابرماس من خلاله اغتراب الوعي الجماعي (هيجل) داخل الدعاية و التفكك البنيوي للسلطة (ماركس) [v].