التعريف بالكاتب:
بيونغ تشول هانغ من مواليد 1959، فيلسوف ألماني مولود في كوريا الجنوبية، منظر ثقافي وأستاذ جامعي في جامعة برلين للآداب. تظهر أعماله تأثرا كبيرا بتراث مدرسة فرانكفورت. من أهمها : " طوبولوجيا العنف " و " ماهية السلطة " و"مجتمع الشفافية.".

التعريف بالكتاب:
يعد كتاب " مجتمع الشفافية " من أهم الكتب التي ألفها بيونغ تشول هان ، وهو كتاب صادر سنة 2012 وقد ترجم إلى اللغة العربية من طرف الأستاذ بدر الدين مصطفى أستاذ الفلسفة المعاصرة والجماليات في كلية الآداب بالقهارة، وراجعه الأستاذ جواد رضواني الباحث في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الأول بوجدة ( المغرب ). وقد نشر بمؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث سنة 2019، يقع هذا الكتاب في 104 صفحات ، يتضمن بالإافة للتوطئة والفهرس تسعة محاور معنونة كالآتي :

إذا كان لا بد من وضع خطاطة للتنظيم الغريب الذي تم فرضه علينا منذ منتصف مارس الماضي، وهو التاريخ الذي تقرر فيه الحجر، فيمكننا أن نستعير من لايبنيز خطاطة المونادلوجيا.
ما هي الخصائص النظامية لتكوين المجتمع المحجور؟ لنحاول وصفها منذ البداية .
أولاً، كل شخص معزول في منزله، بدون باب أو نافذة لأنه لم يعد يُسمح له بالخروج إلا من أجل جلب ما يقيم به أوده. نشهد الآن فضأنة الدوغما الليبرالية لتعزيز الفرد وتذرير المجتمع: عدة أنوية مستقلة عن بعضها، ولكن تشكل عالما من وجهة نظرها: على الأقل هي مجموع وجهات النظر التي هي العالم.
- نوافذ متناقضة
إذا كان الأفراد مفصولين وسط أربعة جدران، فإنهم مع ذلك يستمرون في الارتباط الذي أصبح ممكنا بطبيعة الحال بفضل القنوات الإخبارية التي تركز على الخبر وتوزعه، ولكن بشكل أساسي عن طريق الشبكات الاجتماعية، فيسبوك، واتساب، إنستاغرام ، إلخ..

"ينبغي أن يكتب أحدهم كتابا في مديح العزلة، واصفا بُعدا للتعايشالإنساني الذي يعترف بحاجة الناس إلى عدم التواصل"
بيتر سلوتردايك
"إلى عزلتك، يا صديقي، إلى الأعالي حيث تهب رصينات الرياح"
فريديريك نيتشه
تقديم
ربطت مجموعة من الكتابات بين كورونا وسيادة مشاعر الخوف والقلق، بحيث أدخل الفيروس البشرية في حالة "اللايقين" وأضحت فكرة الموت تطارد الأفراد والجماعات. كما أحدث "الحجر الصحي" تحولا فجائيا في حياة الناس، انقطعت بموجبه العلاقات والروابط الإجتماعية، وفرضت "العزلة" نفسها بعدما سارعت السلطات المختصة لتنظيم حركية الناس تجنبا لانتشار الوباء رافعة شعار "إلزم بيتك؟". لكن العملية أثارت ردود فعل مختلفة بين مؤيد للحجر الصحي ورافض له.
ما يهمنا في هذه المقالة، هو البحث في مفهوم "العزلة" ونحن نحيا وسط الجائحة، وإثارة بعض الأسئلة حول إمكانية التعايش مع الوضع مؤقتا، والتفكير في الحياة والموت وضرورة ابتكار أسلوب حياة جديدة؟

إلى الأستاذ: عبد الرحيم اسماعيلي
تقديم
إنه مستقبل يتم إعداده الآن وهنا، ونحن وسط "الجائحة"، مستقبل له روابط بمقدمات تاريخية سكنت ثنايا تاريخ الدولة الحديثة؛ دولة التأديب والإنضباط. ففي خضم التحولات التي شهدتها هذه الدولة ونظامها الرأسمالي الليبرالي انطلاقا من القرن االثامن عشر، تم ابتكار آليات ومؤسسات لإخضاع الجسد والجسم الإجتماعي بأكمله، وسن إجراءات لتقنين سلوك الناس وحصرهم ضمن دائرة الرؤية المستديمة، وإحاطتهم بجهاز كامل من الرقابة. هكذا تطورت فيزياء سلطوية جديدة عملت على نشر إواليات ووظائف انضباطية ورقابية مرنة ومقبولة من المجتمع الجديد (المجتمع الإنضباطي). لكن مع نهاية الحرب العالمية الثانية، سيعيش العالم أزمة هذه المؤسسات الإنضباطية والتأديبية، الشيء الذي سمح بنمو "نزعة إصلاحية" وتشكّل مجتمع جديد اقترح وليام بوروز Williams Buroughs له إسم "مجتمع المراقبة"، والذي اعتبره ميشيل فوكو Michel Foucault "مستقبلنا القريب". إنه المجتمع الذي سيُعوّض الأشكال القديمة للتأديب والمراقبة التي ميّزت زمن "النظام المغلق" بأشكال مطبوعة بالإستمرارية والفورية في "زمن الديمقراطية والحرية !". وقد ساهم كل من جيل دولوز Gilles Deleuze ويوفال نوح هراري Yuval Noah Harariفي تحليل صيرورة "مجتمع الإنضباط والتأديب" وعملية الإنتقال إلى "مجتمع المراقبة" ورصد أهم الخصائص التي تميّزه.

في سياق الجدل الدائر حول القوانين المكبلة لحرية التعبير و التفكير أيضا بهذا البلد أو ذلك من البلدان العربية، نحن في أمس الحاجة للنبش في التراث الفلسفي لاستعادته بغية تلمس الطريق أولا لفهم ظاهرة تكميم الأفواه و ثانيا للتحريض ضدها، و لم نجد بُدا في هذا الصدد من العودة إلى الفيسلوف الهولندي باروخ اسبينوزا و بالضبط إلى كتابه الشهير أو بالأحرى رسالته "رسالة في اللاهوت و السياسة" لكن لماذا اسبينوزا؟ يقول هيجل جوابا على هذا السؤال: "إن من يريد أن يكون فيلسوفا، عليه أن يقرأ اسبينوا أولا" طبعا أنا لست فيلسفوفا و لا أريد أن أكون كذلك، أنا مجرد عاشق للحكمة/الفلسفة. و أضيف أن ظروف التضييق على حرية التفكير و التعبير لربما متشابهة مع الظروف التي عاشها اسبينوزا في القرن 17م و دفعته لكتابة رسالته، التي انطلق فيها من مسألتين رئيسيتين و هما:
ـ حرية الفرد لا تشكل خطرا على الإيمان، و أن أساس الإيمان هو العقل.
ـ حرية الفكر لا تمثل خطرا على سلطة الدولة.

استهلال:
" الطبيعة ، وهي الفن الذي يمارسه الله لصنع العالم وإدارته ، تم تقليدها بالفن الإنساني ، الذي يستطيع هنا ، كما في العديد من المجالات الأخرى ، أن يصنع حيوانًا اصطناعيًا"1[1]
ولد هوبز عام 1588 في ويستبورت في إنجلترا. وهو طفل بكر وابن نائب برلماني ، أتقن اللاتينية واليونانية من السنة 6. كما درس في جامعة أكسفورد ، حيث أخذ على وجه الخصوص قراءة المؤلفين اللاتين الكبار (يوربيدس ، ثوسيديدس ...). لكنه بمجرد حصوله على شهادته، أصبح مدرسًا في اللغة الإنجليزية للأعضاء الشباب من طبقة النبلاء. لقد سمحت له هذه المهنة السفر الى دول أوروببة معهم: على غرار فرنسا وإيطاليا وألمانيا . كما تفتح ذهنه بالسفر وتدرب فكريا. في عام 1630 ، أكرم نفسه بقراءة إقليدس ، وأصبح متحمسًا للهندسة.

تقديم

    أثار انتباهي وأنا أتناول في مقالات سابقة موضوع "شجاعة قول الحقيقة" عند الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو⃰ ، تطور معارضة تاريخية  ل"القول الحق، الصريح  والصادق والحر " تزعّمها خصوم لهم علاقة فريدة مع "الحقيقة"، ومتميّزة مع "الآخر"، وأخصّ بالذكر سقراطSocrate  والفلاسفة السنيكيين les Cyniques. ذلك أن شخصيات مثل الخطيب/البلاغي والحكيم والنبي تمتلك تقنيات وطرائق في الكلام لها مفعول كبير على سلوكات وقناعات واعتقادات الأفراد والجماعات، بل ستنافس حكم ورسائل وخطابات الفلاسفة في مجتمعات كثيرة، بل وسنتصر على الرغبة في التفلسف وعيش حياة فسلفية.

ولد أرسطو طاليس في عام 384 ق.م. وعاش حتى 322 ق.م. في ستاجرا. وهي مستعمرة يونانية وميناء على ساحل تراقيا. و كان أبوه نيقوماخوس طبيب بلاط الملك امينتاس المقدوني ومن هنا جاء ارتباط أرسطو الشديد ببلاط مقدونيا، الذي أثر إلى حد كبير في حياته ومصيره فكان مربي الإسكندر. لقد دخل أكاديمية أفلاطون للدراسة فيها وبقي فيها عشرين عاما. ولم يتركها الا بعد وفاة أفلاطون. كان من أعظم فلاسفة عصره وأكثرهم علما ومعرفة ويقدر ما أصدر من كتابات بـ 400 مؤلف ما بين كتاب وفصول صغيرة. عرف بالعلمية والواقعية.

تقديم
    قطع تصور "الإهتمام بالنفس" مسارا طويلا شمل الفلسفة اليونانية والهلنستية والرومانية وكذلك الروحانية المسيحية. بحيث شهدت الفترة الممتدة من القرن الرابع قبل الميلاد إلى غاية القرن الرابع والخامس بعد الميلاد، نوعا من "العصر الذهبي" فيما يخص مسألة "الإهتمام بالنفس". لكن مع دخول العصر الحديث، سيتم تفضيل وإعطاء قيمة أكبر لمبدإ "معرفة النفس"، وترك جانبا، وفي الظل على الأقل، التصور الخاص ب"الإهتمام بالنفس". وستكون "اللحظة الديكارتية" لحظة مقررة في تاريخ ونمط وجود الذات الحديثة؛ بحيث أصبح مبدأ "اعرف نفسك" المدخل الأساسي للحقيقة، لكنها ساهمت في التقليل من تصور "الإهتمام بالنفس" بل وإبعاده وإقصائه من التفكير الفلسفي الحديث(1). كما تزامن مطلع العصر الحديث مع إعطاء الاولوية للعقل وإصلاح الفهم (القرن 17م)، وميلاد فلسفة الأنوار والنزعة الإنسانية (القرن 18م)، وتزايد ظاهرة الإستغلال والنزوع نحو الهيمنة (القرن 19). رافقت هذه التحولات ميلاد العلوم الإنسانية وتطور فروع علمية مختلفة، وابتكار تكنولوجيا سياسية للجسد، جعلت فوكو يربط بين الجنسانية وبروز استراتيجية سلطوية حديثة وضعت الفرد والجماعة عند ملتقى السلطة الحيوية(2).

"لا يمكنك التغلب على الطبيعة إلا بطاعتها"[1].
ولد فرانسيس بيكون في لندن عام 1561. أصبح محاميًا بالتدريب ، حارسًا لأختام الملك جيمس الأول ، لكن تمت إزاحته من منصبه في عام 1621 بسبب الفساد. ثم تحول إلى البحث العلمي وتوفي عام 1626.
الغريب هو كيفية تمكن فرانسيس بيكون من تجسيم وعده الذي أعلن فيه بأن الطريق التي تسير عليها العلوم لازالت عقيمة ولا يبدو الوعد له قيمة ما لم يدر ظهره للفلسفة الماضية بشكل كلي لكن إذا كان الأمر بهذه الكيفية قد يجد المرء صعوبة في ضمان إمكانية المعرفة وبيكون نفسه قد يسقط في الريبية ويجب إعادة تأويل طموحه نحو التجديد وإعلان القطيعة مع فلاسفة الماضي القدامى والوسيطيين على حد سواء.

استهلال
" إنه في الخيال أنني أحاول أن أبذل قصارى جهدي وأن أقيس قدر استطاعتي"[1]
يعتبر الخيال من الطرائق الجديدة في المعرفة التي اتبعها الفلاسفة ويُعَدُّ بول ريكور واحدا منهم إلى جانب أفلاطون وأرسطو وأبيكتات وديكارت وسبينوزا وكانط وجان بول سارتر وكارل يونغ وغاستون باشلار وجلبير دوران وكاستورياديس الذين اهتموا بأدوار التمثل والتصور والترميز والتخيل اجتماعيا.
لقد منح بول ريكور الخيال أدوار مهمة ليس فقط في المجال الاستيطيقي والانشائي وانما أيضا في المجال الألسني والدلالي وسدده وفق قصدية فنومينولوجية وأدرجه في التأسيس الأنطولوجي. لقد ظل هذا المفهوم الاجرائي حاضرا بقوة في كل النصوص الريكورية منذ البدايات الى حد الخواتيم وتجول به من حقول الارادة والرمزية والتاريخ والتأويل الى حقول اللغة والاستعارة والسردية والسياسة والإيتيقا والذاكرة والاعتراف والمجتمع والاقتدار والحرية والحياة والفعل واعتبره ليس مجرد وسيلة لإعادة تشكيل الواقع بخلاف ماهو عليه بل أداة للتدخل فيه وتطويره. لقد ساعد التعويل على الخيال والمخيال بول ريكور في تمثله للواقع بصورة مختلفة وإحداث المنعطف الافتراضي للفكر الفلسفي بالتفكير في الممكن والاحتمالي وإدخال مفهوم المخيال في المباحث الاجتماعية والعلوم السياسية والأدب والرسم والسينما والمنتجات السمعية البصرية.