"أصل العمل الفني" (Der Ursprung des Kunstwerkes) هو عنوان محاضرة قدمها مارتن هيدجر، لأول مرة في فرايبورغ خلال نوفمبر 1935، تمت ترجمتها في طبعة ثنائية اللغة، غير تجارية، بواسطة إيمانويل مارتينو، جرت مراجعتها في يناير 1936، بجامعة زيوريخ. يتناسب النص النهائي المنشور في "دروب لا تفضي إلى أي مكان" مع نص ثلاث محاضرات مختلفة ألقيت في 17 و24 نوفمبر و4 ديسمبر 1936 بجامعة فرانكفورت، وترجمه فولفغانغ بروكماير.

هانز جورج غادمير الذي حضر إحداها كشف كيف أحدثت هذه المحاضرة ضجة كبيرة بسبب "المفهومية المذهلة والمدهشة التي تجرأت على التحويم حول هذا الموضوع"، حيث طرح السؤال عن " العالم " وعن "الأرض" في المقابل. كلمات تردد صدى "نبرة أسطورية غنوصية"، من السماء والأرض وأيضا من الصراع بين الاثنين. يصر كريستيان دوبوا بدوره على الخاصية غير المتوقعة والهامة لهذا التحول: لا يوجد شيء في عمله الرئيسي "الوجود والزمن" يشير إلى أن العمل الفني يمكن أن يكون بمثابة موضوع موصل لمسألة معنى الوجود.

ويشير هادريان فرانس-لانور إلى أن هذا النص الذي يصفه بالمبهر "يجب ألا ينفصل عن العمل الجبار الذي قام به هيدجر" خطوة خطوة في حوار مع النصوص الميتافيزيقية العظيمة".

- الفن في جوهره أصل

يعلن هيدجر منذ بداية محاضرته أن "الأصل يعني ها هنا مم وأين كان الشيء، وكيف كان [...] أصل الشيء هو مصدر جوهره”. لكن ما تمت مناقشته في هذه المحاضرة ليس أصل الفن ومصدره، بل حقيقة أن "الفن نفسه في جوهره هو أصل". مصدر ماذا؟ مصدر "شعب تاريخي".

كما توضح فرانسواز داستور، يعتقد هيدجر أن الفن ليس تمثيلا للطبيعة، ولا إنتاجا، بل حدثا أنطولوجيا. بالنسبة إليه، الفن سابق على الطبيعة، هو الذي يمنح للكائنات الطبيعية مرئيتها". "كل شيء هنا معكوس: إنه المعبد في زيه، الذي يعطي لأول مرة للأشياء الوجه الذي بفضله ستصبح مرئية في المستقبل وستبقى كذلك لبعض الوقت”.

- مسألة الفن مسألة تاريخية

ثلاث عبارات هي مقولات الكاردينال دي سوكا ارغب في التعليق الحواري عليها:
دي سوكا كاردينال لاهوتي وفيلسوف القرون الوسطى مقولته الاولى ( الوعي هو نوع من التحرر من الواقع) والثانية هي( الزمن بعد سببي للزمكان ) والثالثة ( الزمن يسبق الوعي الحقيقي).
الوعي حين يعبّر عنه دي سوكا تحررا من الواقع بمعنى ثنائية جمع الوعي بالواقع لم تعد قائمة كون الوعي يستنفد طاقته الوظيفية بالتعريف بالواقع واعطاء وسائل فهمه بلغة التجريد التعبيري عنه في مرجعيته للعقل. اما الزمان بعد سببي للزمكان فهي بديهة منطقية قائمة كمعطى كون الزمان هو ثنائية ملزمة له في وحدته الثنائية مع المكان. الزمن لا يخلق المكان فهو ليس فراغا استيعابيا مجردا عن ملازمته المكان كواقع وصيرورة علاقات ثابتة او متحركة. الزمان دلالة ملازمة معرفة الاشياء لكننا نفتقد ادراكنا ماهو الزمن كموضوع وليس كمفهوم ميتافيزيقي غير مدرك؟
بالنسبة للمقولة الاولى فالوعي ليس نتاج الواقع بل ناتج تفكير عقلي وإلا تساوى الوعي مع انطباعات الحواس الناقلة لاحساساتها الى شبكة منظومة العقل الادراكية عبر الشبكة العصبية. الوعي ناتج عقلي تجريدي يمثل فعل الادراك الحسي حول الواقع. والواقع الذي لا يدركه العقل لا يدركه الوعي ايضا فما هو موضوع للعقل يكون موضوعا للوعي..
أي بمعنى آخر الواقع ليس موضوعا يعيه الوعي باستقلالية ادراكية يحاول الافلات منها الا باشتراط ايعاز من العقل والوصاية العقلية عليه.. الوعي ليس موضوعا للعقل لكنه وسيلة العقل في ادراكه كل شيء كمواضيع. الوعي هو النسخة الكاربونية للعقل في معرفته الواقع وليس ادراكه الواقع فقط. فالادراك الشيئي هو خاصية الحواس قبل خاصية العقل.

تمهيد: صوت اللغة تعبير خارجي وصمت الفكر رؤية لغوية داخلية لا صوت لها. وصمت الفكر وصوت اللغة نسختان تحملان نفس الابجدية المنطوقة خارجيا والصامتة داخليا في ادراك الاشياء من حيث حقيقة التفكير هو لغة. نسختان لابجدية تصويرية واحدة في التعبير عن المدركات المادية خارجيا والخيالية داخليا، فهما يمثلان تطابقا بالدلالة واختلافا بالمفهوم ماجعل فلسفة اللغة المعاصرة ونظرية العقل والمعنى تدور في حلقة دائرية مغلقة مرتكزها اللغة بما هي ضوابط نحوية تراوغ في التعبير عن المعنى. يكتنفها عدم وضوح التفريق في التعبير عن حقيقة واحدة هي ان اللغة ابجدية صوتية تجريدية تطابقها لغة تجريدية تحمل نفس الرؤية الخيالية هي الفكر الصامت في تعبيرهما عن تجريد اللغة للمادة او الموضوع المستمد من مصنع الخيال الذاكراتي حيث يصبح الفكر واللغة دلالة لمعنى محدد لفهم الواقع او موضوعات الخيال.

ميزات لغة الانسان

اكتسب اختراع اللغة تعريفه الفلسفي المعاصر عند الانسان من صفة اللغة انها(صوت) يحمل معنى ودلالة مصدره ما تطلقه حنجرة الانسان المتطورة فسلجيا عبر الاف السنين في ملازمتها اللسان التدريب على اطلاق صوت ذي معنى لا صوت حيواني لا معنى له، وباختلاف تدني قدرة وعي الحيوان تطوير اصواته الى نوع من لغة تواصلية لعدم ادراكه ان الصوت يمكن تطوره الى ابعد من اشباع حاجتي رغبة الجماع وحاجة تحذير نوعه من الخطر الذي يتهدد بقائه من استهداف الكائنات الاخرى للاضعف في الطبيعة...

من ميزات تطور لغة الانسان وتحولها من اصوات حيوانية بلا معنى يقلد الانسان بها غيره من الحيوانات مقارنة باختلافها عن اصوات بقية الكائنات الحية :

لغة الانسان عقلية صوتية تشير لمعنى اي تصدر عن شبكة اعصاب ترتبط بقشرة الدماغ. لها رموز وقواعد واحكام تضبطها منها الابجدية او المقاطع الرمزية المكتوبة في تعبيرات الدلالة التواصلية فهم مشتركات الطبيعة مع الانسان ومدركاته لموجودات عالمه المادي والخيالي.

لغة الانسان الصوتية والمكتوبة تحمل دلالة ومعنى لشيء محدد معين. لا توجد لغة صوتية ولا لغة كتابية رمزية لا تحمل التعبير عن معنى قصدي.

أثار كتاب “دروب لا تفضى إلى أي مكان” أو "الهولتزفيغي"، باعتباره واحدا من الكتب الأساسية في فلسفة هيدجر بصفة خاصة وفي تارخ الفلسفة بصفة عامة، الكثير من الجدل. فيه تكلم هيدجر عن طرق تتواجد في الغابة وكل واحد منا يتبع طريقه الخاص، ومع ذلك يعرف الحطابون ورجال الغابات بدقة دروبهم في ذلك الزحام. ولذلك، اهتم الكتاب بمفهومي الوجود والحقيقة، وكيف يؤثران على حياتنا اليومية.
نحن أمام كتاب له مكانته في مجال الفلسفة. عند صدوره، عرف انتشارا سريعا عبر سائر سائر أرجااء العالم، ولا يزال يحتفظ بأهميته إلى يومنا هذا.
يندرج هذا الكتاب في اللحظة الفلسفية الألمانية ويتحدث بلغتها ويهتدي بمنهجها. ومن خلال عنوانه ندرك أنه يتحدث عن الدروب التي لا تفضي إلى أي مكان وكيف يمكن للفرد اكتساب الحرية في اختيار طريقه الخاص في الحياة والوجود وإيجاد معنيهما.
من الناحية العملية، يهتم الكتاب بمفاهيم فلسفية هامة تمكن القارى من تحقيق أهدافه وأحلامه إذا وجد إلى تطبيقها في حياته اليومية سبيلا. ولعل ما يجعل ذلك ممكنا هو أن الكتاب يوضح فلسفة هيدجر الشهيرة التي تؤمن بضرورة ممارسة الحياة بصورة متناغمة مع العالم والطبيعة والعقل.

يمكن التأكيد على أن فكرة كتاب فيلسوف الغابة ترتكز على انعدام المسارات والطرق الثابتة في الأدغال، مما يجعل الشخص الذي يسلك هذه الدروب يحتاج إلى اعتماد حواسه وذكائه في اتخاذ القرارات الصحيحة لتجاوز الصعوبات التي قد تواجهه أثناء السير. ويعتبر هذا النهج في صلب الفلسفة الحديثة ويشتمل على نواحي العلم والروحانية والفن.
كما يتحدث الكتاب عن مفهوم الحرية والتحرر من القيود والتجاهل للتقاليد المفروضة علينا، راسما أيضا الأهداف والأحلام التي يجب أن يسعى إليها الفرد من أجل تحقيق هذا التحرر وهذه الحرية الشخصية بشكل مستقل. 1

دروب لا تفضي إلى أي مكان" (Holzwege) كتاب فلسفي من تأليف مارتن هيدجر. يتعلق الأمر بمجموعة من الدراسات، وهي: "كلام أناكسيمندر"، "تصوراتنا للعالم"، "أصول العمل الفني"، "هيجل وتصوره للتجربة"، "لماذا الشعراء؟" و"عبارة نيتشه".

ورغم أن هذه الدراسات تبدو متفرقة من خلال عناوينها، إلا أنها تشترك في كون "هيدجر يضع فيها خلاصات فكره، ويحدد علاقة كل مفهوم أو تصور مما يبحث، بالعنصرين الأساسيين اللذين شغلا همومه وفكره على الدوام: "الكينونة والزمن."1

بعد "الكينونة والزمن" (1927) و"كانط ومشكلة الميتافيزيقا" (1929)، لم ينشر هيدجر، لأسباب لا تتحمل الفلسفة بأي حال مسؤوليتها، أي كتاب. اكتفى فيلسوف الكينونة خلال هذه المرحلة بكتابة عدد من البورتريهات القصيرة وبإلقاء المحاضرات في جامعة فرايبورغ. إلا أنه تمكن من كسر حاجز الصمت في سنة 1947 بنشر كتاب حول النزعة الإنسانية، وفي سنة 1950 بنشر هذه الكتاب الذي جمع فيه ستة نصوص كتبت بين 1934 و1946 تتعمق في مجال الفكر غير المستكشف.

طلبا للاختصار، سوف نكتفي بالحديث عن أحد هذه النصوص، وهي "كلام أناكسيمندر".

كلام أناكسيماندر" عبارة عن تعليق مكون من 60 صفحة كتبه مارتن هايدجر حوالي عام 1946، ويركز فيه على شذرة قصيرة واحدة منسوبة إلى مفكر من اليونان القديمة، يُقال إنه من فلاسفة ما قبل سقراط، وهو أناكسيماندر الملطي (610 ق. م - 546 ق. م).

يعتبر انجلز قوانين الطبيعة تعمل بشكل جدلي.
كما يعتبر هيجل طبيعة العقل البيولوجية جدلية بالفطرة الموروثة. ما يترتب عليه ان يكون كل شيء يدركه العقل محكوما بطبيعة العقل الجدلية. وليس بطبيعة جدل الواقع.
أعتقد خطأ هاتين المقولتين تحتاجان توضيحا:
ا.الطبيعة بقوانينها العامة الثابتة تعمل باستقلالية عن رغبات الانسان والمؤثرات الخارجية التي تحاول كسر آلية انتظام عمل هذه القوانين العلمية الثابتة. وتمت تجربة مثل هذه المحاولات في كسر القوانين الطبيعية ممثلة بخوارق معجزات لاهوت الاديان في القرون الوسطى. ولم يعد العلم يؤمن بتلك المعجزات الخارقة لقوانين الطبيعة واعتبرها تضليلا مقصودا تقف خلفه مصالح رجال الدين..
من المسائل العلمية الثابتة ان الطبيعة في موجوداتها وقوانينها الطبيعية العامة التي تحكمها هي معطى ازلي سواء اكانت عبر الاف السنين نتاج تطور بيولوجي - فيزيائي حدث بصدفة الانفجار العظيم. ام ان قوانين الطبيعة المعجزة لادراك العقل البشري هي نتاج تخليق قدرة الهية عظمى عليا غير محدودة ولا مدركة قادرة على خلق كل شيء في لمحة بصر كما تبشر به الاديان.
القوانين العامة التي تحكم الطبيعة من ضمنها الانسان بعضها لعبت الصدف في اكتشافها وكانت شغّالة فاعلة حتى قبل وبعد وجود الانسان على الارض وتقدم العلوم. والبعض الاخر توصل لها علماء الفيزياء والفضاء والكيمياء والرياضيات في لعب دور العالم المخترع لها وغيرها. وما يجب التنبيه له ثانية ان قوانين الطبيعة كانت موجودة ولا زالت وستبقى تحكم الطبيعة قبل وبعد اكتشاف او اختراع الانسان لما له علاقة بها.

مذهب وحدة الوجود لا تنحصر مداولته فلسفيا فقط غير بعيدعن الاديان حيث لا يخلو دين من الاديان في العالم قديما وحديثا من مذهب وحدة الوجود والفرق الصوفية التي تدين به. ومذهب وحدة الوجود مبحثا إشكاليا على صعيدي الاديان والفلسفة على السواء. وتختلف معالجته في تداخله بين الدين والفلسفة، ونتطرق بهذه المقالة الى مفهوم وحدة الوجود في فلسفتي اسبينوزا المثالية وهيجل ألتأملية المادية.
مذهب وحدة الوجود عند اسبينوزا يشبه الى حد كبير وحدة الوجود عند هيجل. وأكثر مما يشبه وحدة الوجود عند الهنود ألمايا)، ويقرّ هيجل على أن اسبينوزا كان محّقا الى حد ما عندما تصّور المطلق جوهرا واحدا، لكن المطلق بالفهم الفلسفي الهيجلي أبعد ما يكون عن فهمه أنه جوهر. لذا نجد وجوب معاملة الجوهر "ذاتا" وليس هناك شيء بالمطلق لا يكون عقليا، من الممكن معرفته وتصوره عقليا(. 1" ..
توضيح مبدئي
وحدة الوجود عند اسبينوزا حين يلتقي مع فهم هيجل ، فهذا مؤشر على وجود إختلاف جوهري كبير بينهما يصل مرحلة التضاد. أهمها بداية أن أسبينوزا يفهم وحدة الوجود فلسفيا بمرجعية علاقة لاهوت الإيمان الديني بالخالق خارج الإيمان بالمعجزات، في حين يعمد هيجل فهم وحدة الوجود من منطلق فلسفي مادي على صعيد الفكر لا ديني يقوم على وحدة الادراك الكليّة العقلية للوجود في نزعة واقعية مثالية لا ميتافيزيقية..
اسبينوزا يرى بالمطلق الأزلي الشامل الإلهي جوهرا لا يمكن إدراكه خالق غير مخلوق، بدلالته ندرك الجواهر الاخرى في الطبيعة والاشياء. بينما نجد النزعة العقلية لدى هيجل تذهب خلاف اسبينوزا أن الله والطبيعة والانسان والميتافيزيقا تقوم على فكرة مطلقة واحدة عقلية لا دينية تجد أنه لا يوجد شيء حتى الروح لا يطالها الإدراك العقلي. فكرة المطلق الهيجلية تجدها تمّثل مدركات موجودات الواقع والطبيعة والوجود في كل شيء يدركه العقل ماديا او موضوعا.

 ميشيل فوكو (1926-1984) هو مؤلف أهم الأعمال وأكثرها أصالة في القرن العشرين. اشتهر في جميع أنحاء العالم، حيث أدخل أشياء جديدة إلى الفلسفة (الجنون، السجن، الحياة الجنسية) وجدد بالتالي التفكير الفلسفي وأغناه. كما دعم معظم نضالات الأقليات التي ظهرت بعد ماي 1968.
- فيلسوف وعالم نفس
كابن طبيب جراح، تابع ميشيل فوكو دراسات رائعة. بعد قبوله في المدرسة العليا للأساتذة سنة 1946، اختار أن يتلقى تكوينا فلسفيا ونال شهادة التخرج سنة 1951.
بموازاة مع ذلك، نشأ وتطور لديه اهتمام بعلم النفس، وفي سنة 1952 حصل على شهادة في علم النفس المرضي من معهد علم النفس بباريس.
تميزت أعماله الأولى بهذا التخصص. ومن ثم تعلقت بمسائل المرض العقلي (المرض العقلي والشخصية، 1954)، والأحلام (في عام 1954 كتب مقدمة لكتاب "الحلم والوجود" للطبيب النفسي السويسري لودفيج بينسوانجر ) والجنون، الذي كرس له أطروحته ( تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي، 1961).
في هذا الكتاب الأخير، حلل على وجه الخصوص كيف تم تصنيف الجنون على التوالي على أنه عيب أخلاقي في العصور الوسطى، ثم على أنه فشل للعقل في العصر الكلاسيكي، ثم على أنه مرض عقلي في نهاية القرن الثامن عشر . "إذا كانت الشخصية الطبية قادرة على التعرف على الجنون، فهذا ليس لأنها تعرفه، بل لأنها تأخذ بناصيته. »
- المرحلة البنيوية
جلب كتاب "تاريخ الجنون.." شهرة كبيرة لفوكو في الأوساط الفكرية. ولكن مع "الكلمات والأشياء" الصادر سنة 1966، اكتسب شهرة واسعة. نجاح هذا الكتاب، وإن كان من الصعوبة بمكان، إلا أنه كبير. في هذا العمل، يتمثل مشروع فوكو، كما يشير العنوان الفرعي، في القيام ب"أركيولوجيا للعلوم الإنسانية"، وفهم، على وجه الخصوص، ظهور البنيوية، التيار الفكري السائد في المجال الفكري خلال الستينيات، والذي ارتبطت به أسماء وازنة، مثل عالم الأنثروبولوجيا كلود ليفي ستروس أو المحلل النفسي جاك لاكان .
من هنا يُنظر إلى فوكو على أنه أحد أهم فلاسفة جيله. وهنا تم دفعه إلى أبواب كوليج دو فرانس، حيث تم انتخابه عام 1969، بفضل دعم مؤرخ الأديان جورج دوميزيل؛ مارس هنا التدريس حتى وفاته (توفي بسبب الإيدز عام 1984).
في 1971 وتحت عنوان "نظام الخطاب"، نشرت محاضرته الافتتاحية، التي ألقاها عام 1970. في هذا الكتيب يحلل فوكو إجراءات ضبط وتقييد العبارات التي تحدد ما يمكن التفكير فيه وما يمكن قوله في المجتمعات المعاصرة.

 الترجمة
مقدمة
بطبيعة الحال، هناك العديد من المناقشات حول النقد الاجتماعي، وخاصة بين علماء الاجتماع. ونركز هنا اهتمامنا على جدل تعود أصوله إلى الخلاف بين الفلسفة التعاقدية الليبرالية والفلسفة المجتمعية، والذي أعيدت صياغته فيما بعد في إطار الفلسفة الاجتماعية التي تدافع عنها النظرية النقدية. نقترح في هذه المقالة إعادة بناء مصطلحات النقاش الحالي حول النماذج المختلفة للنقد الاجتماعي، والتي تتعلق قضيتها المنهجية بالأسس المعيارية للنقد الاجتماعي. هدفنا هو التعرف من خلال هذا النقاش على نقاط الالتقاء والاختلاف بين نموذجين من نماذج النقد الاجتماعي: النقد المعياري المحايث، والنقد الجينيالوجي. وفي هذا السياق، سنسعى إلى الدفاع عن الفرضية التالية: إذا كان النقد الجينالوجي بالفعل من نوع النقد الجوهري، فإنه يظل مع ذلك نقدًا اجتماعيًا فريدًا من حيث أن أصالته لا تتكون، مثل النقد الجوهري، من الاعتماد على النقد الجوهري. الأعراف الاجتماعية لتؤسس نقدها، ولكن لإشكالية موضوع المعايير التي يبدو أن النقد الجوهري يفترضها مسبقًا حتى يتمكن من إيجادها. في هذا المقال، نرغب في إعادة بناء مصطلحات الجدل بين نموذجين للنقد الاجتماعي: “النقد الجوهري” الذي يقع، في أعقاب هيجل وماركس، في قلب النظرية النقدية في فرانكفورت (م. هوركهايمر، ت. أدورنو). بنيامين، ج. هابرماس، أ. هونيث، إلخ) و"النقد الأنسابي"، من أصل نيتشوي، والذي يغذي العديد من الأعمال في الفلسفة والعلوم الاجتماعية (م. فوكو، ج. أجامبين، ر. إسبوزيتو، ج. بتلر، ب. داردوت وسي. لافال، د. فاسين، وما إلى ذلك). إن هذه المناقشة هي بالفعل ذات أهمية مزدوجة للتفكير في المعايير والعمليات المعيارية. من ناحية، لأن هذا النقاش، إذا اتبعنا تشخيص هونيث، ينشأ في سياق عام من "إضفاء الطابع المعياري" على العلوم الاجتماعية، أي في لحظة لم تعد فيها المعايير الاجتماعية والأخلاقية تتدخل بشكل مباشر في طرق تفسير العمليات الاجتماعية، أو فقط على الهوامش كقيم ذاتية بحتة. ومن ناحية أخرى، لأنه له تأثير في إعادة إطلاق النطاق النقدي للفلسفة والعلوم الاجتماعية من خلال التساؤل عن الطريقة الملاءمة لتبني منظور نقدي ذي صلة بالمجتمع الحالي. وبتعبير أدق، فهو يركز على شرعية النقد الاجتماعي: من أين تتحدث النظرية التي تدعي انتقاد المجتمع؟ كيف يعمل "الارتباط" بين النظرية والواقع الاجتماعي؟ هل من الممكن انتقاد الأعراف الاجتماعية دون افتراض نهج قائم في حد ذاته على الأعراف؟

لا غرابة ان نجد جورج ادوارد مور فيلسوف الوضعية المنطقية التحليلية الانجليزية ينحى منحى عداء النزعة الفلسفية المثالية التي اعرض بعضها بهذا المقال. فهو يرى ان ماهو مفهوم واضحا لغويا ادراكيا لا يحتاج الى تعريف. ويضيف ان الكون  – يقصد عالمنا الذي نعيشه -  روحي في صميمه. بمعنى والكلام له انه يختلف كليا مع  ما يبدو لنا فهو ينطوي على عدد كبير من الكيفيات او الصفات التي يبدو انه لا يتمتع بها . كلام مورهذا منسوب للمثالية ورد على لسانه. 1

جورج مور فيلسوف معروف بنزعته الشعبية التبسيطية للفلسفة ان تكون مفهومة واضحة تتحدث بلغة الناس العاديين حالها حال لغة الاجناس الادبية والثقافية والسرديات النثرية البعيدة عن لغة التعقيد الابهامي والاستعصاء المتبادل بين المتلقي والنص الذي تنفرد به الفلسفة دون سائر الاجناس الثقافية عامة.

جورج مور كان له دورا اساسيا في الانشقاق عن الوضعية المنطقية التحليلية الانجليزية في شخص رائدها بيرتراند رسل متماهيا مع افكار فنجشتين المتأخر الذي إنقلب على تصحيح افكاره الخاطئة عن اللغة في اطروحة الدكتوراه التي تحصّل عليها تحت اشراف بيرتراند رسل. كما كان كارناب عضو الوضعية المنطقية حلقة فيّنا سابقا متضامنا مع جورج مور في التمرد على النهج الذي وضعه بيرتراند رسل في الوضعية التحليلية الانجليزية حلقة اكسفورد ومحاولته الفاشلة ربط اللغة بالمنطق والرياضيات عملا بتوصية الفيلسوف السويسري جاتلوب فريجة.

جورج مور على لسان الفلاسفة المثاليين اعتبر الكون يقصد الطبيعة والانسان  هو في صميمه روحيا انما ينزع نحو مثالية تستبطن ماهو روحاني ديني ميتافيزيقي حين يقر بعبارات غامضة ان هذا العالم يحتوي كيفيات او صفات يبدو ان الكون لا يتمتع بها على حد تعبيره.

من السهل على اي قاريء متلق ان ينكر على مور ان الكيفيات او الصفات في عالمنا هي واقعية لمادة وظواهر طبيعية مدركة وليست روحانية لا يتمتع بها الكون والا لما كنا استطعنا نسبتها ادراكيا او حدسيا او حتى خياليا لعالم روحي في صميمه غير مدرك حسب مور ولا لعالم مادي يفرض نفسه حضوريا وهو امر مشكوك به.

هذه الدراسة أعدها جون هوسبرز (1918/‏‏2011) الذي كان أستاذاً فخرياً للفلسفة بجامعة جنوب كاليفورنيا، لوس أنجلوس، وله العديد من المؤلفات، منها «مقدمة في التحليل الفلسفي»، و«قراءات تمهيدية في الجماليات»، و«فهم الفنون» وغيرها الكثير. “فلسفة الفن”، دراسة لطبيعة الفن، بما في ذلك مفاهيم، مثل التأويل والتمثيل والتعبير والشكل، ويرتبط هذا الموضوع ارتباطاً وثيقاً بعلم الجمال، والدراسة الفلسفية للجمال والذوق.
الدراسة: (تتمة)
المبادئ الشكلانية في الفن
ما هي إذن الصفات المحددة في الأعمال الفنية التي يبحث عنها الشكلانيون؟ لقد رأى معظم الشكلانيين أنه يمكن تقديم وصف جزئي لهذه الصفات، ولكن في النهاية، يجب الشعور بوجود الصفات بشكل حدسي ولا يمكن وصفها. تعود حسابات الصفات الشكلانية في الأعمال الفنية إلى كتاب "الشعر" لأرسطو، المكتوب في القرن الرابع قبل الميلاد، وعادة ما تتضمن (على الرغم من أنها تصاغ في بعض الأحيان بمصطلحات مختلفة) ما يلي كمكونات رئيسية:
الوحدة العضوية
يجب أن يكون للعمل الفني ما أسماه أرسطو "بداية، وسط، ونهاية"؛ يجب أن يكون موحدا، ويجب أن "يتماسك معا" ككيان واحد. كل شيء، بالطبع، لديه درجة معينة من الوحدة أو غيرها. حتى مجموعة الأشياء، مثل كومة الحطب، لديها بعض الوحدة بقدر ما يمكن تسميتها شيئا واحدا بشكل صحيح: إنها مجموعة، ولكنها مجموعة واحدة. لكن الوحدة المرغوبة في الأعمال الفنية أعظم بكثير من هذا: إنها أشبه بوحدة الكائنات العليا التي لا يعمل فيها كل جزء بشكل مستقل عن الأجزاء الأخرى، بل بشكل مترابط معها، وهذا الاعتماد المتبادل بين الأجزاء هو الذي يشكل الوحدة العضوية. إذا أزلنا جزء واحدا، فستفشل الأجزاء المتبقية في العمل كما كان من قبل. وهذا ينطبق فقط تقريبا على الكائنات الحية: فبدون قلب أو دماغ لا يمكن للشخص أن يستمر في الوجود (وسيتوقف نشاط الأعضاء الأخرى)، ولكن من المؤكد أن الشخص الذي ليس له أذن أو أصبع قدم سيفعل ذلك. لقد لاحظ فلاسفة الفن في كثير من الأحيان أن أنقى الأمثلة على الوحدة العضوية في الكون ليست الكائنات الحية، بل الأعمال الفنية: وهنا يحقق الترابط بين الأجزاء حالة من الكمال لدرجة أنه يمكن في كثير من الأحيان أن يقال، عن لحن أو سونيتة، أنه إذا لم تكن هذه النغمة (أو الكلمة) موجودة، في المكان الذي توجد فيه، فإن التأثير على بقية اللحن أو القصيدة سيكون كارثيا.
التعقيد، أو التنوع
وهذا المبدأ هو المرافقة الطبيعية للمبدأ الأول. الجدار الفارغ له وحدة ولكن ليس فيه تنوع ولا يستحق التفكير فيه لفترة طويلة. وليس هناك أي انتصار في تحقيق الوحدة بمثل هذا الثمن الزهيد. يجب أن يعلق العمل الفني (إذا جاز التعبير) تنوعا كبيرا من العناصر ويوحدها - كلما زاد التعقيد المدمج في الوحدة، زاد الإنجاز. هذه الحقيقة معترف بها عالميا لدرجة أنه غالبا ما يتم ذكر المعيارين على أنهما واحد، الوحدة في التنوع، أو التنوع في الوحدة.