لو كان لنا أن نلخص الفلسفة الهيجيلية كلها في عدة عبارات، لكان في وسعنا أن نقول إن الحقيقة عند هيجل هي الكل، والفلسفة في رأيه لا أن تتمثل على شكل نسق علمي، والحقيقة الكلية أن الوجود الواقعي "صيرورة"، وليست الصيرورة هنا سوى عملية التناقض مع ما يقترن بها من سلب، والروح نفسها "تاريخ" والمطلق "ذات" لا مجرد "موضوع".
إن هيجل ينظر إلى الفلسفة كأنها الدين، جاءت من تمزق العالم، وفحواها كفحوى الدين هدفها التغلب على هذا التمزق، فهو بكل طيب خاطر يقارن عصره بالعصر الذي ولدت فيه المسيحية، ويتخذ مهمته كالمهمة التي اتخذها الدين المسيحي . إن ما يميز عصرا كهذا هو "وجود قطيعة في العالم الواقعي"، وكنتيجة ملازمة،انشطار الإنسان وتفككه، أي وجود قطيعة في وجوده الداخلي ووجوده الخارجي، حيث الروح لم يعد راضيا مرتاحا للحاضر المباشر .