jadalيرتبط الجدل عادة بالتصورات الذهنية المتضاربة والمختلفة للأشياءوالعالم والوجود، وبالإنتاج الفكري للإنسان والمنطق والمناظرات  والمقارعات الفكرية والحجاجية، والسجال الفلسفي والكلامي والديني والمذهبي والسياسي والثقافي وو..، فترى كل فريق أو طائفة تجادل الأخرى/ الخصم، لتثبت شيئا في نفسها تظنه صوابا وحقيقة، فتلتمس له كل الوسائل - بما فيها الاستدلالية واللغوية والبلاغية والأسلوبية- والحجج الفكرية والدينية والفلسفية لتدحض ما تعتقده خطأ لدى الطرف الآخر المجادل، وتلزمه عليه .
يفيد الجدل في مدلوله اللغوي الفتل والإحكام، فنقول: جدله يجدُلُه ويجدِلُه أي أحكم فتله[1]، و" جدل الحبل: فتله، وزمام مجدول وهو الجديل"[2] والجدل: محرّكة: اللّدد في الخصومة، والقدرة عليها[3]. وقد يفيد الجدل كذلك المنازعة والخصومة كما في قوله تعالى:"وكان الإنسان أكثر شيء جدلا"[4]، "أي: مجادلة ومنازعة فيه"[5]، و بمعنى أيضا" أكثر الأشياء التي يتأتى منها الجدل إن فصلتها واحدا بعد واحد خصومة ومماراة بالباطل"[6]، وقد يعني المخاطبة كما في قوله تعالى:" قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها"[7]، "أي تخاطبكما فيما بينكما"[8].وقد يكون الجدل كذلك مرادفا للخطابة، كما نجد لدى أرسطو في قوله:" إن الخطابة هي النظير المقابل للجدل"[9]، وقد يعني في الفلسفة بحث الفيلسوف عن الحقيقة بالمواجهة التي تكون بالحوار.[10]

anfasseأ-حكاية حقيقية
يروى في إحدى قرى المغرب العميق أن شخصا ذا جاه ومال، وعراقة وشرف،   كان يعيش في قريته آمنا مطمئنا يحظى بمكانة عالية بين أهل القرية، يأتيه أهل القرية في كل شئ ويأخذون بمشورته ويتحدثون عن نبله وكرمه، وحينما توغل المخزن إلى تلك القرية الهادئة ازدادت شهرة صاحبنا حيث أصبح قبلة للمخزن وأعوانه يكرمهم ويعد لهم الولائم والسهرات... وبمرور الأيام تبددت ثروته، ومن حسن حظه أن سياسة الاقتراض قد امتد صداها وفتحت ذراعيها لذوي الاحتياجات، وأنقذت ماء وجه صاحبنا الكريم. نسي بسرعة ليالي ضيق ذات اليد ورجع مثل حاتم الطائي إلى عادة كرمه ينحر فرسه للمخزن وأعوانه إلى أن أفلس بالمرة ولم يجد درهما واحدا يسدد به ما اقترضه. تم الحجر عليه وصودرت أعراضه وممتلكاته واقتحم المخزن بيته وطارده في القرية. هكذا تبخست قيمة الكرم وانخدشت صورة الرجل وتعفنت سيرته وأصبح رمزا للخزي والمذلة، وعزا أهل القرية حاله إلى المخزن تارة والى سياسة الاقتراض تارة أخرى، أو إليهما معا. منذ ذلك الحين اقترنت لدى أهل القرية سياسة المخزن بسياسة الاقتراض وما يسببانه من إدانة وإهانة وصار يثير حديثهما التوجس والاشمئزاز، والضحك والسخرية... وعند الضرورة وأثناء نزول فترات القحط يتسلل أهل القرية خلسة وعلى مضض، خوفا من الفضيحة ومن سطوة المخزن، إلى مخادع الاقتراض أملا في الحصول على مبلغ من المال قد يحميهم ويشبع رغباتهم التي ما فتئت تتزايد يوما بعد يوم ويمدد لحظات انقراضهم.

Philosophieإنّ التفلسف حقيقة واقعة رغم انكارنا لها، و هروبنا منها، أو مجافاتنا لها، و معارضتها. وهذه العملية الطبيعية القابعة في أعماق البشر، و مازالت تحرك الأفراد و الشعوب، على سبيل الرغبة حينا، أو قصد بلوغ الأهداف أحيانا أخرى.
إنّ التفلسف يأخذ معناه من جمع أجزاء مختلفة تتراس لتعطي قالبا ضخما تصهر فيه من كل ايديولوجيا مبدأ متميزا عن الآخر، و منه للتبسيط فالتفلسف هو عملية سد فراغ التفكير، و رأب صدع العمليات الذهنية، لبلورة نتائج تبدوا صالحة إلى حد ما، فيصدقها القلب، و يقبلها الضمير الإنساني.
و هنا و بناء على ما تقدم نجد السؤال التالي:
ما أهمية التفلسف بالنسبة لنا نحن أبناء آدم؟
تكمن أهمية التفلسف في تعدد الحقائق، و اختلافها باختلاف مستقبليها، و استقبالهم لها، كما تدخل في مجالها أيضا مدى الرغبة و الحاجة اليها، مستعينين بالمناهج و الطرائق المتنوعة.

abst111قصة الخليقة
سجل المعلم على اللوح الأسود بالطبشور الأبيض، بعد مؤشر الزمن والتاريخ، عنوانا عريضا: الفلسفة والعلم أية علاقة؟ 
تردد في احد أركان الفصل صوت مألوف: الفلسفة أم العلوم يا أستاذ! استحسن المعلم الرد بحركة رأسه المعتادة، وتذكر فجأة أن جل الوصايا والتعاليم التربوية التي لقنها وتشربها تستحثه على عدم الركون لهذه المعلومة المستهلكة وان عليه أن يستفز افهام ناشئته ويشحذها ويدفعها للتفكير والمساءلة وينمي قدراتهم ومهاراتهم على التفكير السليم بدل من شحنهم وتسمينهم بالمعلومات والأفكار إلى حد الترهل.
لكي يخترق حجب الصمت ويخلف ثقوبا في فضاء الفصل أطلق عنان حنجرته:  جميل إذن العلوم من صلب الفلسفة أو بلغتنا اليومية هم أبناؤها، فمن يكون الأب؟ هل  يعقل أن تلد الأم (الفلسفة) العلوم بدون أب؟ ولماذا  الاعتراف بالأم وحدها وبالمقابل تم نكران وطمس للأبوة؟  ألا يشكل ذلك استبطان للنزوع الاوديبي كرغبة في قتل الأب واستئصاله؟

anf12312يعتبر الفيلسوف الالماني اكسيل هونيث من  ابرز  الفلاسفة المعاصرين . كما انه يشغل مدير معهد فرانكفورت الشهير برفع لواء النظرية النقدية.
في البداية , حدثنا عن وضعية المعهد؟ وما هو تشخيصكم لحالته؟ وهل النظرية النقدية في وضعية مريحة؟

المعهد يمكنه ان يمر باحسن اللحظات . فما يلاحظ للوهلة الاولى ان النظرية النقدية اتخدت عدة اشكال وليست شكلا واحدا كما كانت عليه في بداية القرن العشرين. فاليوم ما يسمى بنقد المجتمع اتخذ اشكالا مختلفة. هناك مقاربات نقدية جديدة يمثلها ميكاييل واشتر او شارلز طايلور ومقاربات اخرى اكثر راديكالية تمثلها التيارات ما بعد البنيوية خصوصا في فرنسا.
فالمقاربات النقدية هي كثيرة جدا والنظرية النقدية ما تمثل الا النزر اليسير . في  وضعيتنا اليوم حيث تعيش الراسمالية ازمة عميقة علينا ان نكون في المستوىفالشباب لاتهمه النظرية النقدية بقدر ما يهمه مقاربة جديدة لنقد المجتمع الراسمالي. فالنظرية النقدية فقدت تاثرها القوي على مستوى الطلبة وخاصة الشباب البعيد عن الاجواء الجامعية.هذا حاصل بسبب عدم تسييس الشباب وخاصة في المانيا . بالاضافة الى ان النظرية النقدية غاب تاثيرها كذلك على الفضاء العمومي.

اذن انطلاقا من هذا التقليد النقدي واستلهاما لاعمال هابرماس طورتم نظريتكم المسماة نظرية الصراع من اجل الاعتراف . هل هي من المقاربات النقدية الجديدة التي تحدثم عنها؟

نعم فهي من المقاربات النقدية الجديدة .فانا نطلق من فكرة الاهتمام بمبررات النقد العملي واسبابه.حيث وجدتها في الشعور بالظلم والاهانة وعدم الاعتراف. هذه هي نقطة الانطلاق لايجب ان نفكر في الاحتجاج او في النقد العملي باعتبارها اسبابا نفعية او مادية بل بالرجوع الى مصطلح الاعتراف و انعدام الاحترام.
بعد تمكني من ذلك رجعت الى هيغل الذي الهمني في صياغة اطروحتي. فهذه طريقة من الطرق للانخراط في التقليد النقدي مادام هيغل لعب دورا كبيرا فيه. لكن رجعت الى هيغل الشاب حيث وجدت فكرة جيدة لديه مفادها ان المجتمعات تحافظ على استقرارها  عن طريق صراعات مجموعاتها من اجل الاعتراف. فهذه الفكرة هي التي انطلقت منها لاطور اطروحتي حول الاعتراف  فجميع المجتمعات تتمحور حول دوائر الاعتراف التي بموجبها تسمح لافرادها بالدخول في اعتراف متبادل.
هذا لايعني ا ن هذا الاعتراف هو متماثل او متساو. على سبيل المثال في مجتمعات العبودية ليس هناك  اعتراف متماثل لكن الية ادخال الافراد تبقى في  دائرة الاعتراف .
اما في مجتمعاتنا الحديثة فيمكن الحديث عن تلاث دوائر : اولاها دائرة الحب  حديثة لانجدها في المجتمعات القديمة  لانها ممرتبطة  بعدةا كراهات. اما الثانية تتمحور حول السوق حيث تتحرك اليةالاعتراف المتبادل. ساتحدث عن دائرة الاحترام القانوني حيث لايشكل السوقسوى  جزئه الصغير. فهذه الدائرة تتمحور حل القانون الحديث الذي اعطى للافراد حقوقا متساوية ومنح لهم الاستقلالية فهذه الدائرة محط نزاع دائم بين من يملك تلك الحقوق ومن هو محروم منها . اما الدائرة التالثة فهي مختلفة عن الدوائر الاخرى حيث تتمحور حول الاعتراف المتبادل بين الافراد بالنظر الى قدراتهم المحترمة. من هنا فان اغلب النزاعات هي من طبيعة طلب الاعتراف .

/  اشرتم سابقا الى عودتكم الى هيغل والنظرية النقدية  لكن بطريقة كلاسيكية , فانتم تستعملون الفلسفة بالاضافة الى العلوم الاجتماعية متاثرين بعالم الاجتماع هربرت ميد  من اجل تطوير نظريتكم حول الاعتراف . كيف يمكن ان تشر ح لنا هذا؟

نعن انا استفيد من مختلف التوجهات والمقاربات النقدية. فهربرت ميد من ابرز المفكرين الامريكيين وله فكرة جيدة مفادها لايمكن ان ان نطور وعي الذات بدون الاعتراف بالاخر.هذا يعني ان في مراة الاخر يمكن ان نطور وعينا ونحقق هويتنا. فالتقدم الانساني مرتبط اشد الارتباط باشكال الاعتراف المتبادل. فهربرت ميد تحدث عن مختلف الدوائر في مجتمعه الخاص الشيئ الذي جعله يميز بين تقدير الذات واحترامها وهذا مهم بالنسبة لي. فالخلفية لتي تحكم هذه الفكرة هي ان بدون  هذه ا شكال الاعتراف بالذات لن يتمكن احد من الاسهام بطريقة حرة وفعالة في التكوين السياسي للمجتمع. من المهم تحقيق بعض الشروط وتحقيق اشكال الاعتراف المتبادل حتى يتمكن الناس من المساهمة في الفضاء العام بدون اكراه  وبدون خوف. هذه جوهر الاطروحة التي ادافع عنها. وهي قريبة من فكرة ادورنو حيث يعتبر ان الحريةهي ان تحقق وجودك  بدون قلق اما الجمهور.
انطلاقا من هذه الفكرة احاول ان اطور اطروحتي بالاعتماد على النظرية النقدية ومقاربات نقدية اخرى.تاركا النموذج الهاربماسي الذي اقتصر نموذجه على شكل واحد من العلاقة : مستوى احترام الذات الذي يمكنه ان ينتج اشكالا من التواصل. في حين انني اعتبر ان هناك شكال اخرى من الاعتراف حيث يمكن ان يشعر الافراد  بحريتهم  امام الجمهور. فهابرماس اقصى الاشكال الاخرى للاعتراف..

/ اذن هونيث هل المرجعية الماركسية حاضرة بقوة في اعمالكم؟

سؤال مهم دائما يطرح علي. فالامرالذي يجب ان يطرح عن اي ماركس نتحدث؟ عند ماركس الشاب نجد الكثير من الامور التي تذهب في اطار نظرية الاعتراف . فماركس قبل ان يطور نقده للاقتصاد السياسي . فنجد عنده فكرة مهمة مفادها ان الشكل الوحيد الانتاج الصحيح في المجتمعات الانسانسة سيكون نوع من التعاون في اطاره نكون نعترف للاخر بمختلف تمظهراته بمعنى اخر ناخده في الحسيان باعتباره مستهلكا ومتعاونا.في كتاباته الاولة نجد مصطلح الاعتراف حاضر بقوة وكيف ان حدسه حول الاعتراف المتبادل لعب دورا كبيرا في نقده للاقتصاد السياسي . هذا يلعب دورا مهما لكنه غير واضح. فالفكرة المحورية لديه تقول بان اشكال التنظيم الاقتصادي السياسي هي التي تمنع من ظهور اشكال الاعتراف  المتبادل.. فهذا النقد جاء متاخرا. من هنا فماركس حاضر بشكل من الاشكال في اطروحتي.سبب اخر هو حدسه حول ان الراسمالية بدون ضوابط ستكبح جماح ظهور اشكال الاعتراف المتبادل. في هذا السياق هناك علاقة وان لم تكن قوية بالمرجعية الماركسية في كتاباتي.

/ هناك الكثير من الانتقادات الموجهة اليكم منها ان عملكم مرتبط في العمق  بصعود سياسة الهوية وانكم تتناسون مسالة اعادة التوزيع. وهذا هو ما ادخلكم في نقاش وسجال مع الفيلسوفة الامريكية نانسي فرايزر؟

سؤال مهم. سيكون كارثيا اذا تجاهل النقد الاجتماعي  مسالة الموارد المادة وعدم التكافؤ في التوزريع الخيرات المادية.هذا هو الوجه القبيح لمجتمعاتناالحديثة وتتفاقم الامور اكثر. في المانيا مثلا فالهوة تتزايد بين الاغنياء والفقراء كما ان الوضعية التي تعيشها الطبقات الشهعبية متدهورة عما كانت عليه منذ عقدين.فلابد من اخد الامر بجدية في كل نظرية نقدية. فطريقتي في مقارية هذا الامر تختلف عن المقاربات الاخرى التي تتمحور حول اعادة التوزيع. فاحاول ان افهم  ما ذا يعني اعادة التوزيع. يعني بان لنا معايير شرعية تسمح باعادة التوزيع. بمعنى اخر اخد الاموال من الاعنياء ودفعها للفقراء والى الطبقات المتوسطة. فالمشكلة لا تكمن هنا بل في ما هي المبادئ  التي يمكن ان نرجع اليها في اقتراح ادوات ؟ او وسائل؟اعادة التوزيع وهنا ايضا هذا يندرج في بعض مبادئ الاعتراف الموجودة في المجتمعات الحديثة. فالطريقة التي يكن ان ندافع بها عن اعادة التوزيع تمر بمرجعية دائرة الاحترام القانوني قائلين  من اجل الحصول على حقوق لابد من رصد  بعض موارد مالية.
هذه هي الاستراتيجية للدفاع عن الحقوق الاجتماعية  هي اساس مجتمعات الرفاهية التي نعيشها في فرنسا والمانيا وانجلتراوبدرجة اقل بامريكا . لكن نحن في اوروبا لنا حققوا اجتماعية قوية لكن هذه الحقوق لاتشكل الا عنصرا من عناصر دائرة الاعتراف القانوني.فهذا حاصل التوسع الاعتراف القانوني لتضمينه مظهرا ماديا وفي هذالمعنى  جعل الاعتراف القانوني اكثر قانونية . المظهر الاخر للدفاع عن فكرة اعادة التوزيع سيكون بان بعض القدرات او بعض الانجازاتالحاضرة في نمط انتاجنا عير مقدرة من طرف الاديولوجيات الفاعلة في مجتمعاتنا على سبيل المثال هناك بعض الاشغال غير المحترمة بالرغم من اهميتها الانتاجية وهناك مظهر اخر لاعادة التوزيع تتمثل في الاعتراف الكامل بالافراد والمجموعات الاجتماعية.في هذا السياق فاعادة التوزيع ليست الا الواجهة لمبادئ معيارية اخرى متجذرة في مبادئ الاعتراف في هذا المعنى انا ضد من يفرق بين الاعتراف واعادة التوزيع.فهما وجهان لعملة واحدة.

/تحدثنا عن النقد الموجه اليكم بسبب اعادة التوزيع . , لكن هناك نقد اخر موجه اليكم حول عملكم خاصة حول الفكرة التي تعطونها اهمية للاعتراف او الى الاحترام المؤدي الى رغبة الافراد في تمثل دور الضحايا  حيث ما نلاحظه احيانا ان  هناك تنافس حقيقي بين الضحايا .كيف تردون على هذا النقد؟

هذه مسالة معقدة. لايمكنها ان تكون مرتبطة مباشرة  بنظرية الاعتراف. هذا مرتبط قليلا بصراعات الاهداف الشرعية للاعتراف.فالسؤال  هو كالتالي: هل فقط  مجرد انت تكون ضحية فانت هدف شرعي لشكل خاص من الاعتراف؟ اعرف ان هذه التساؤلات هي اهداف لصراعات  لايمكننا ان نتفاداها لكن لايمكن ان نعطيها اهمية كبيرة.فهذه ثقافة جديدة تنتشر ويجب علي كسوسيولوجي ان احاول تفسيرها . فممكن لافراد ان يتقمصوا دور الضحية للحصول على اعتراف او احترام اجتماعي هذا ما يبدو لي اكثر في مجتمع عجز عن تقديم اشكال مختلفة للاعتراف . فهذه اعراض مرض المجتمعات الحديثة. فان يحاول الناس الظهور في الاعلام كضحايا فهذا على سبيل المثال دليل على مرض المجتمع الذي همش الكثير من الافراد والمجموعات الاجتماعية .لقد فقدنا الكثير من اشكال الاعتراف بالافرد. فمحاولة تمثيل دور الضحية هو شكل من اشكال التوازن والتعويض : بقدر ما تكون ضحية نعترف بك. فهذه اشارة على تغير مجتمعاتنا وثقافتنا

/ اظن ان انشغالكم الحالي يتركز حول التحولات التي اصابت الراسمالية؟لقد عرضتم هذا المشروع  على معهد فرانكفورت التي تديرونه . بماذا يتعلق اساسا؟

نعم هذا هو المشروع الجديد الذي اقترحته  على معهد فرانكفورت. بايجاز نحن في مرحلة جديدة من الراسمالية . فالمنعطف النيو لليبرالي الذي حول  الراسمالية نفسها  مثلا فكرة الحرية وتقدير الذات . لكن هذه الافكار تتطور بطريقة ما لتفرغها من محتواها. فعوض تحرير الناس بالسماح لهم لتحقيق ذواتهم  تم خلق مبرارات جديدة لكبح جماح الذات  باشكال جديدة من مرونة العمل.
هناك تناقض كبير تعيشه الراسمالية في طورها الجديد. كل التعاريف المعيارية للحرية واحترام تحقيق الدات تم طرحها بطريقة شبه اديولوديجة من طرف النظام الراسمالي نفسه لكنها اليات  تساعد على الرفع من القوات الانتاجية ليتم رفعها كشعارات للطور الجديد من الراسمالية..  نقترب اكثر من تحليلات لوك بولانتسكي  الذي لايشتغل بمفهوم الاديولوجية لكن نتقاسم  نفس الفكرة حيث ان المفاهيم المعيارية تنتج في الواقع نقيضاتها او تفرغها من محتواها.

 

//www.fabriquedesens.net/Theorie-de-la-reconnaissance

" plato_1_lgالأفضل للإنسان ان يحكمه مبدأ الهي عادل ويجب أن يكون ذلك المبدأ في داخله ان أمكن."[1]
يُعتقد أن افلاطون هو مؤسس المثالية وأن نظريته السياسية تدرج في خانة اليوتوبيا وأفكاره هي تصورات مطلقة وغايات غير قابلة للتحقيق وبعيدة كل البعد عن عالم التجربة ولا يمكن تجسيمها في الواقع. غير أن ربط الفلسفة الأفلاطونية بالسياق الفكري والاجتماعي الذي ظهرت فيه يفند مثل هذا الاعتقاد ويعطي تأويلا آخر لها يقربها من المدينة الاغريقية ويربطها بطموحات الطبقة الصاعدة في أثينا وأسبرطة أنذاك.
وآيتنا في ذلك هو أن نظرية المثل عند افلاطون تقول بجملة من القيم والمعايير والحقائق الواقعية وتنفي أن تكون من صنع الخيال او الوهم، زد على ذلك أن أفلاطون نفسه يؤمن بالجدل الصاعد الذي يساعد العقل على بلوغ هذه المثل وبالجدل النازل الذي يدفع الناس الى معايشة هذه المعايير وتجسيمها في العالم.
هذا علاوة على نظرية المشاركة التي ترى بأن الحقائق العقلية تسكن في العالم المحسوس وأن الحقائق الحسية تدور في فلك وحدة الوجود وبالتالي هناك حركة من الواحد الى الكثرة ومن الكثرة الى الواحد.

"anfasseإن الفلسفة لا ينكر فائدتها إلا جاهل أو معاند أو كلاهما، إلا أنك إذا أردت أن تفهمها حق الفهم، فلا بد من معرفة آراء الأقدمين، إذ الفلسفة كالمرء يكون طفلا ... ثم يصير كهلا و هو شخص واحد، كالسلسلة كل حلقة منها ارتبطت بالأخرى.
فمن لم يقف على أقوال القدماء لا يتمكن من استنباط آراء المعاصرين.".
دافيد سانتلانا
"المذاهب الفلسفية اليونانية في العالم الإسلامي"
تحقيق وتقديم _ جلال شرف

الفلسفة، كلمة واحدة ذات معاني عديدة، أحيانا تكون نوعا من التفكير، و أحيانا تكون نوعا من البحث، و أحيانا أخرى تكون علم بالمبادئ و غيرها من التعريفات التي اختلفت باختلاف الفلاسفة و المؤرخين.
هذا الاختلاف بدا واضحا خلال تطور الإنسان، و منذ تفلسفه لأول مرة، لكن ما نلمسه من خلال تطور الفلسفة هو ذلك الاختلاف الذي امتد ليشمل جميع ما يحيط بها، و أحيانا كان يضربها في الصميم.

" الانسان هو خاتم التراكيب وأخص أنواع الحيوان. وهو أبعد الإسناد عن حضرة الوحدة في الصورة وأقربها اليها في المعنى. وهو مركز العالم والعالم يخرج منه."[1]
يكد الانسان طول حياته من أجل اثبات ذاته ويعيش حالة المحو والجحود ويجد من أجل طلب الصحو والشهود والحال التي يعيشها هي منتقلة بين نهاية الماضي وبداية المستقبل حيث يرد المعنى من دون تصنع ولا اكتساب وآنيته هي تحقق وجوده العيني من حيث مرتبته الذاتية وحريته هي خروج عن رق الكائنات والقطع مع جميع العلائق والأغيار وحضور مطلق لدى الذات.
الذات هو منقول عن مؤنث "ذو" وتعني الماهية والحقيقة والصاحب والنفس والشيء والعين ، وتفيد في اللغة ما يصلح أن يعلم ويخبر عنه، وتطلق في الاصطلاح على ما يقوم بنفسه. ولفظ الذات يطلق على المشار اليه من حيث جوهره لا أعراضه وتدل على الأمر الذي تستند اليه الأسماء والصفات في عينها لا في وجودها. ولكن الذات على التمام هي العلة الأولى والوجود المطلق والمفهوم الحق. وتطلق الذات على الله وعلى الانسان وعلى الأشياء ولكن وفق مراتب ودرجات ومقامات.
ان أصل لفظ انسان هو افعلان من النسيان لأنه عهد اليه فنسى وتركيبه يدخل فيه كل ما في الكون بأسره ولذك سمي بالمختصر الشريف

" abstrait7777ليس للإنسان لباسا أشرف من العقل ان انكسر صححه وان وقع أقامه وان ذل أعزه وان سقط في هوة جذبه واستنقذه منها وان افتقر أغناه. وأول شيء يحتاج البليغ اليه العلم الممزوج بالعقل"[1]
استهلال:
تمر في الأشهر القادمة تسعة قرون كاملة على وفاة أبي حامد الغزالي ( 18 ديسمبر 1111) حجة الاسلام وكاتب احياء علوم الدين وتهافت الفلاسفة والمستصفى والمنقذ من الضلال وآداب الصحبة والمعاشرة وغيره من الرسائل والردود والمؤلفات. واذا كان التفكير النقدي منصبا في مقام آخر على الجانب العقائدي ونبه الى قيمة قانون التأويل الوجودي لديه وحاول احياء العقل في مدونته المعرفية وأشاد بأهمية اسهاماته التربوية والتعليمية وأثني على مفهوم الصداقة لديه باعتباره أهم المعاول العملية التي تقتلع العداوة بين الناس من جذورها فإنه هاهنا يحاول أن يتقصى آراؤه الايديولوجية وينقد مفهومه للسياسة بغية تخليصه من الارث السلطاني والبحث عن وظيفة جديدة للدين في السياسة غير سلطوية ويعرج على الدور الذي يضطلع به الاسلام في ترسيخ قيم التقدم والتحضر بالنسبة الى المدنية.
هناك صعوبة تعترضه وهي أن الغزالي مفكر لا يمتلك أفكار سياسية وعاش في عزلة عن مشاكل عصره وفضل اجتناب الساسة والابتعاد عن قصورهم وعزف عن مجالسهم. وآيته في ذلك قوله: لا تخالط الأمراء والسلاطين ولا تراهم لأن رؤيتهم ومجالسهم ومخالطتهم آفة عظيمة...لا تقبل شيئا من عطاء الأمراء وهداياهم وان علمت أنها من الحلال لأن الطمع منهم يفسد الدين لأنه يتولد منه المداهنة ومراعاة جانبهم والموافقة على ظلمهم، وهذا كله فساد في الدين."[2]

heid-anfasseحينما نبحث, حسب هيدغر , في ماهية الشعر , فسيكون بحثنا بحثا خارجيا , وذلك من أجل المقارنة لكي نبين ما هو عام في الشعر . ويتحدث العام في كل ما هو جوهري في الشعر , لكن ما نبحث عنه , يمكن أن نجده في القصيدة , فيكون البحث عن ماهية الشعر بحثا داخليا , وليس بحثا خارجيا , يرصد الخصائص الخارجية والمشتركة بين القصائد . فيمكن أن نجد ما يميز القصيدة , لكن ليس من خارج القصيدة , بل من داخلها . وهو ما يعني أن نتوقف عند قصيدة بعينها , وليس أن تستدعي قصائد الشعر العالمي . وهذا يعني كذلك أن تكون تلك القصيدة تتكلم عن الشعر وعن القصيدة . وقد يبدو هذا الأمر غريبا , بل سيكون أشد غرابة أن تتكلم القصيدة عن القصيدة , وسيكون الشاعر الذي ينظم تلك القصيدة شاعرا غريبا , ومثل هذه القصيدة , ومثل هذا الشاعر يوجدان , وسيكون هذا الشاعر هو هولدرلين , فكيف تتكلم قصيدته عن الشعر؟ وكيف تتحدد ماهية الشعر في قصائد هولدرلين؟
تمثل قصيدة هولدرلين رغبة في الحديث بطريقة شعرية عن ماهية الشعر . وهنا يرغب الفكر الشعري في أن يعالج ماهية الشعر . وتمثل شخصيته شخصية تكون في وضع العارف اليقظ أمام ما يميز قصيدته . يقول هولدرلين :

cito-anfasseنقصد بالفلسفة عموما ذلك الجهد المجدي الذي يبذله الإنسان بمطلق الحرية على مستوى الفكر من أجل فهم الذات والعالم ونبض التاريخ. وبهذا الاعتبار تشكل الفلسفة معرفة لأنها تنتج المعنى؛ وإستراتيجية للتفكير في وقت واحد. وهنا تحديدا مكمن  قوتها وفرادتها فضلا عن عظمتها عبر التاريخ؛ بحسبان استطاعتها بناء الإشكاليات الحيوية، والوجيهة، ولإقدارها على النظر في المفاهيم إلى جانب إخصاب الاستفهامات اللاهبة التي يحركها قلق اللحظة الحضارية الباعث على التساؤل والسؤال، والإنكار والانفصال وهذه، بلا غرو، عمليات ذهنية تعكس، في جزء هام منها، إحدى نزوعات الحكمة بما هي نشاط فكري فعال، يطمح إلى خلق المفارقات، والانقلاب على التقليد بكل أشكاله وتمظهراته؛ وتأزيم المؤسسة بتعرية ما استقر من معتقدات وضروب السلطة الثاوية خلفها؛ وصنوف الأصنام التي تروج لها.
بهذا المعنى تكون الفلسفة بحق روح عصرها؛ وبذات المعنى، وبسواه أيضا، تضحى الفلسفة إنصاتا واعيا لنداءات عصرها، ومواكبة متمعنة لما تزخر به تلك النداءات من دلالات عميقة ومختلفة نصنعها نحن في تفاعلنا معه مادمنا نقطن في عملية الفهم.