مساء خادع
يحملني إلى غبطة الوحدة.
والتي تشكلت في خيالي
تمسح عن جسمها قبلاتي
لترصع خياناتي الفادحة.
حرقتي
لم تبددها المساءات
ولم تتركها الشوارع كي ترتاح
فأية دمعة تتسع لندمي
 والقلب الهارب يعوي
كلما اشتدت حلكة هذا المساء.

(1)
كسيرةٌ أنتِ كشقَّيْ هلالٍ
كوجهِ السماءِ المائيِّ
كسهمٍ رمليٍّ
كسيفٍ فاطميٍّ
جميلةٌ أنتِ كأسطورةٍ
وشفافةٌ كماري أنطوانيتْ
ومُرتعشٌ ومخلوعٌ أنا كلويس السادسِ عَشرْ
كالحُريَّةِ... كطفولةِ القصائدْ..

(2)

أبقى
أطارد أولى الصباحات
التي علمتني
معنى أن أحتج
على وجع الفصول
وعلمتني
معنى أن أقول لعينيك
كل شيئ
 دون أن أقول

شعر : عبد المالك شكري

أصابُ بالضبابْ
وغضارُ الكلمات ِ الباكية
فوق حناء يدي
العابرتين صوبكْ
يبتكرني وأنا أتنفسْ
وشمٌ سخيف
يزهو فوق فم العرش
المخضب بحبات طلع ٍ هانئة
هل من السهولة ِ تصورُ
رحيل ِ الأشياء
نحو نهر الكلمات العجاف؟

اسدل راحتي المرتجفة ،
على آخر تغريبات الثلج ،،
و أستنهض جمرا مكويّا بالبرد ،
حتى أحاصرني في موتي ،،،
السّماء حبلى بالفراغ ،،
و خيوط المطر القديم
تنحت في الغيوم نداء الجدب ،،
انْ لا تستفيقي يا أرض ،،،
انْ لا تلدي رغيفا يحجب عنّي ،،،
انْ لا تطعمي طيرا يغرّد لغيري ،،،
و أنا المرصوص بحب الحبق و الدفلى ،،

تقول لي:
لو كنتَ ليلاً، يا حبيبُ،
ما صحوتُ منكَ.. فيكَ..
ليلتيْ.. إلى الأَبَدْ !
فقلتُ:
عُدِّيْنِيْ كشَعْرِكِ الطَّوِيْلِ،
يا أميرةَ الظِّباءِ،
ليلةً طويلةً طويلةً..
تنامُنيْ سَمَاوَتَاكِ،
واجذُبي الحُلْمَ وسادةَ النَّدَى
مِنْ نَهْرِ رُوْحِيْ واختِلاجَةِ الجَسَدْ !

يجب أن تسكروا على الدوام، الكل هناك،
 إنها المسألة الوحيدة لأجل ألا تحسوا ثقل الزمن الفظيع
 الذي يكسر أكتافكم و يحنيكم في اتجاه الأرض.
 عليكم أن تسكروا بلا مهادنة.

لكن بماذا؟ بالخمر، بالشعر، أو بالفضيلة كما ترغبون، لكن اسكروا!
و إذا استفقتم أحياناً، على درجات قصر،على عشب خندق أخضر،
 و السكر قد تراجع آنفاً أو اختفى،

حدث هذا، في الربيع الأخير
قرابة العام و نيف،
في صالة المعبد القديم بلندن،
المليء بأثاث طاعن في القدم.
كانت النوافذ تطل
خلف منازل متداعية،
و إلى مسافةبعيدة:
في العشب، اللمعان الرمادي للنهر.
كان كل شيء رمادياً و متعباً
كألوان لؤلؤة عليلة.
كان هناك شيوخ و عجائز

مشينا الأمسَ في اليومِ
وعينٌ ترشُفُ الدَّمعةْ
تنادي نَسْمةً بعُدتْ
وأرضاً تشهَقُ اللّوعةْ
بأحلامٍ لها غُصّـةْ
وأمٌّ ترقُبُ النورسْ
وميناءً على وعدٍ
لبحرٍ ماؤهُ بُقعةْ
على الجدرانِ مَرْقدُها
مفاتيحٌ على أملٍ
وطفلٌ حاملٌ همَّـهْ


اِرمي بعيداً
كلَّ أقنعةِ الوضوحْ
وتلحّفي مثلي..بشيءٍ من دوارْ
وتسرّبي في داخلي..بحثاً عليَّ
يا شهرزادْ
إنِّي فقدتُ هويتي
وفمُ الحقيقةِ جائعٌ
هذا لساني
مثلَ أضرحةِ الفجورِ
حينَ يلبسها الغبارْ !!
يا شهرزادْ

(1)
كسيرةٌ أنتِ كشقَّيْ هلالٍ
كوجهِ السماءِ المائيِّ
كسهمٍ رمليٍّ
كسيفٍ فاطميٍّ
جميلةٌ أنتِ كأسطورةٍ
وشفافةٌ كماري أنطوانيتْ
ومُرتعشٌ ومخلوعٌ أنا كلويس السادسِ عَشرْ
كالحُريَّةِ... كطفولةِ القصائدْ..
 
(2)

 في منفاه ،
و في ركن من الجريدة  ،
كان يبحث عن عقرب برجه
فتأتيه القصيدة مثل شهر آذار ،
و كان الوطن المحاصر
خلف جدار
يبكيه  ،
على نقا الرمل
خط شكل الروح
وقت احتضار ،
و الشفق كأنه نار

أعرفك
فدمعتك التي سالت
هي الآن سحابة حزينة
أتعبها الرحيل..

أعرفك
إذ صلبوك في منتصف الحلم
وأودعوا بين ذراعيك المفتوحتين
شيئا من السخط
والكلمات المشبوهة..

حنين ناداني إليك
فلملمت وسامة قبحي
ولمعت حذائي البالي
وقلت: حتما سيكون لقاء
الطريق
الذي يحضنني بدا فارغا
لا وجه يتعقبني
ولا  عصفور يداعب خطواتي
مرة أخرى، راقبت حذائي
نفضت سترتي من أحزان تتوجني
وقلت: سيكون لقاء

شوكة تدميك وتدمنها
أنت المجروح المدمى
ما زلت تحضنها
طالما يطوقك الليل
بما يطفو حولك
من رموز حلكته الشرسة!
شوكة ملتبسة
تأبى إلا أن ترديك
صريع وردتها المشتهاة!
شوكة تصر أن ترتديك
منذ أزحت الحجاب الثقيل

نواعيرُ تغرفُ دمعاً جرى ,
قيلَ : عيدُ

نواعيرُ أسبُقُها لابِنِ فرناسَ
ألقطُ جُنحيهِ
نحو فضاءٍ ,
وبرقاً كبازٍ أصيدُ

نواعيرُ تندى بألفٍ من القُبُلاتِ
وكان البليلَ البعيدُ !

إلى نلسون مانديلا
أنفاسُهُ في الريحِ أغنيةٌ مسافرةٌ
ربيعٌ صمتُهُ المختالُ بينَ أظافرِ الجلاَّدِ..
نهرٌ صوتهُ يمشي على قدمينِ عاريتينِ من عاجٍ وفولاذٍ
يقومُ كما تقومُ طفولتي الأنثى من الأطلالِ
غُصَّتهُ غصونٌ وارفاتُ الصيفِ..

من ذا جاءَ من خلَلِ الضبابِ
كأنَّهُ ما تخلعُ الأحلامُ من أسمالها
وكأنَّهُ برقٌ يُروِّضُ بالشموسِ
حديدَ هذا السجنِ والصلصالَ...

نسمة الحرية مرت من هاهنا...
أعطتني أغنية و بسمه
ثم مضتْ...
سارت نسمة الحرية في الدياجي ،
باركت الشموع ، كفكفت الدموع..
ثم انقضتْ.
عبرة من المقلة نزلتْ
وأخرى لفراق النسمة قاومتْ ،
ثم هوتْ
دمعة من السماء على قلوبنا انبرتْ
رعشة المظلوم أجهشتْ ،

الضوءُ يشحّ في البار
والقواريرُ خلف المشرب
ينضين أثوابهن
وأسماءهن
ويغمن
عند الفالس الأخير.

غافلني المساءُ
كحال السّاهم
في طيف طفا
في الكأس ثم غاب