1
هذا المساء
 و في المساء الأخير
 نفتح ممرات لدمنا
 فينسل البحر من أصابعنا
يهبنا موجة حزينة
وحبة قمح و منفى
في المساء الأخير
يبحث البحر عن شاطئه سدى
ثم يغور...
 

تخَيَّلتُ أنْ ألقى السُّلوَّ إذا نأتْ
وأعتُقَ جَفنَيها الضحوكَينِ من جَفني
ولكنَّ أعواماً مضتْ وحضورُها
يفوحُ بروقاً من فؤادي الى الكونِ
---------------
عُدْ الى طفولتك ,
إستحضرْ المبهج من تفاصيلها ,
حتى وإن تخلَّلهُ بعضُ العذاب فستصل الى ما يُشبه الرؤيا .
أعذبُ الأشياء تختفي وراء أبسطِها
فأنت هنا أوتارٌ تُصدِر نغماً عذباً ولو لم يلامسها قوس .
قال : نعم

وكلُّ مابينَ الضلوعِ غناءُ
والأحرفُ الأولى
لقصَّةِ عاشقٍ ماتَ احتراقاً
فوقَ أرصفةِ الهوى
ما عادَ تروي شوقهُ الأشياءُ
نونٌ وياءُ
والنومُ في ثغرِ الحبيبِ رجاءُ..!!
في بُعدها
الليلُ يُلغي بعضَ ألواني
فأصيرُ شخصاً ثالثاً
شخصاً يلاحق لعنةً

لا سقف يأوي التعب
والشوارع الخائنة
لا تحنو على الخيبات ،
لا امرأة تنتظرك خلف الباب
لتنفض عنك غبار الوحشة،
لا أصدقاء
غير قابلين للصرف،
أو إخوة لا يلقونك
في البئر
و يقايضونك بندم..

 1
   لو تنحني سحابة الصيف
 قليلا
لأرى وجه أمي
 يهفهفه حنين المساء
لو تنحني قليلا سحابة
الخريف    
 لأرى وجه أبي
وفي العينين ،حزن شفيف
آه لوتنحني سحائب كل
الفصول

(1)
دمي خجلٌ منكَ... منكسرٌّ قمري في السماءِ الوحيدةِ
مُغْرورِقٌ شجري بدموعِ البحارِ البعيدةِ
صمتي يُجلِّلُ حزنكَ.... صوتي غريقٌ هناكَ
فقلْ ما يَجيشُ بخاطرِ عشبِ الشواطئِ
قُلْ ما يجيشُ بأحلامِ شاعركَ الطفلِ
يعدو وراءَ طيوفِ النوارسِ خلفَ حقولِ الغروبْ
وخلفَ التماعِ فراشاتهِ في مطافِ اللهيبْ
 
(2)
آهِ يا قطعةً من نحيبي الخفيِّ وراءَ ضبابِ الحياهْ

وعدتُ ...
وما عدتِ ...
لم تبقَ سوى أشرعة منهوبة
ومسافاتٍ من شمع
في واديكِ
تبارى عرق الذئب
إليها ...
وظل الهودج
الروم على الباب
وأنا أرسم جسداً للمنفى
فوق عباءة أنثايَ المنحورة

كنتُ في حضرةِ الماءِ مخضوضراً بالنجومِ
أُهادنُ قلبَ البنفسجِ
في السرِّ والعلَنِ المُرِّ
أهذي بغيرِ مرايا وأقطفُ زهرَ المسافاتِ
من جنَّةِ الغيبِ
أركضُ خلفَ طيورِ السَمندَلْ
 
كنتُ في حضرةِ الماءِ وحدي
كما شهوةٌ تترجَّلْ
كلَّما مرَّ بي خُلَّبٌ لابتسامتها
في الدروبِ الوحيدةِ

يتعبني . يربكني. يضايقني فيه
يضيق علي الخناق.. حتى
يخنقني فيه
مجنون بي كعادته
مرغوب فيه
ويذبحني أحيانا
بلا سبب
أعرفه
أعرف وطني
سيتركني
لغربته

مَنْ علَّمَ الأشعارَ طبْعَ الحانةِ المِدرارَ ؟
قد أصبحتُ أرشيفَ الدموعِ
وسِرَّ أسرارِ المدينةِ ,
والمدينةُ لا تُبالي
دَعْها فِدى أوهامِها
أو هَبْ أنْ إهتَزَّتْ حنيناً مثلَ فاكهةٍ
فهل يقوى الهواءُ على المَسيرِ بِبُرتُقالِ !؟
او هل تَرى يَدُكَ المُقَدَّسةُ الذي فعَلتْ بباخرتي ؟
فقد رفَعَتْ رئاتي العشرَ ألويةً الى شَطِّ الفراتِ
فيا فراتُ إذنْ غَزَوتُكَ
وانتصَرْتُ بلا قِتالِ

تمضي الحياة
تغرد كالنهر
في فم الآن البعيد
تسطع كنور الليل
عنقودا
يعلق في أفق السديم
هناك .. غير بعيد عن هنا ..
بعض من أهداب الليل
تفتش عن سكينة
في مدن السهر البتول
تسمع جلجلة الصمت الرهيب

يدي مبدّدة في الضوء
لا تحمل من سلة الفراغ
غير فكرة زرقاء
وقلبي
مثل حبّة نافطالين
يسقط
في جبّة العدم.

حذاءُ الحرب
أهملته منذ حب قديم
داخل خزانة الموتى

ناشدتُكِ اللهَ أنْ تُصغي لأحداقي
كي تَسمعي قِصةً عن جيلِ عُشّاقِ

وعن سماءٍ إذا ما أظلمَتْ حِقَباً
هَلَّتْ أهِلَّتُها من وحي أوراقي

وهَدْهَدَتْ رئتي من لهفةٍ سُحُباً
فهل رأيتِ عُلُوَّاً رهنَ أعماقِ ؟

كيف التقينا لساعاتٍ وفَرَّقَنا
داعي الوداعِ ولاقانا كسَبّاقِ !؟

الغازٌ
******
أيها الحُبُّ أيا لؤلؤةً
ظلتْ بها الأمواجُ تستهدي
ويستهدي بها غيمٌ مُفَرَّقْ
 أيها الصبحُ النسيميُّ المُنَمَّقْ
لغتي أعرفُها من كلِّ وجهٍ
ما عدا في الحُبِّ ,
لا أعرفُ عن أحرُفِ حُبَّي
كيف تُنْطَقْ !
-----------

يَسْكُنني وهمُ الهبوب حين انشطاري
ويشطرني حين يهب ألف ألف رقعة
عليها ألف قطعة من لحن أشعاري
نبهتُ أربعَها أني في الوِجْهات مجرد ريح
تصد الريح عن أسواري
وأوهمتها أني طائر روحه ممزوجة بقذى أعفاري
ومضيتُ أضرب الريح بالريح
وأبث في الحاضرين بعض أشعاري
و....
جنحت أقصى أقصى خوفي
وتسللت خلسة

مازال ظل الموت يتبعني
طويلاً ....
وما أزال أحمل عدة الوطن الأخيرة
خمرٌ ..
وموسيقى ..
ملونة حزينة
تضرب جبهة الثوارِ
أصواتُ الحروفِ المبهمة
تساؤلاتُ أيامِ الطفولة والغياب
يُساقط في مهيل الرمل
أشباحاً من البارود

بالحكمةِ المُثلى لقدِّيسٍ
من اللاشيءِ أستلُّ القصيدةَ
بالأصابعِ والنداءِ لذلكَ المجهولِ
أحفنُ ما تبقَّى من نُثارِ الضوءِ
في اللغةِ الأخيرةِ
مثلَ صيَّادٍ جميلِ الصبرِ
أنتظرُ الذي يأتي ولا يأتي
بقلبٍ مُوجعٍ كصراخكِ الأعمى
بهاويةِ السماءِ يمُرُّ كالمسحورِ والمبتلِّ
بالرؤيا وبالأزهارِ
قلبٍ مُفْعمٍَ بنداكِ فوقَ العُشبِ

سلاما
لغيمة على حافة البئر
نسيت ضفيرتها
ثم استكانت لغزال شريد
سلاما
لفراشة  تتوسد  قمرا
و تنصت لهديل اليمام
سدى
سلاما
لقبرة نشوى
من شقوق المكان

«ها زمن الغجر المرتحلين منذ أمد بعيد، قد ولّى بغير ذاكرة و بغير كتابة».
الشاعرة الغجرية Bronislawa Wajs

مصطبةُ الأسماك. أصوات المخمورين. رائحة المطر
الممزوج بأكياس التبن. رؤوس اللفت المرمي بإهمال.
نساء الساعات الأولى من الفجر. طست الخمر و غبار الحزن
يجول رماديا في الحانة /
أدخل مأخوذا بدخان السمك المقلي، و بخـَدْشِ امرأة
في عنق النادل من أثار هراش شبقي (أتخيل ملتذا
ما دار على الفـُرْشِ !)