على مقربة من عش الأرض،
 عند ساعة الاستيقاظ
للبحر، يحفر شعاع الشمس ثقبـاً.

تكف المشهدَ ورقة مبللة بالفجر
ساذجة كعين الوجه النسية.

 و نهار الآن الآخذ بالنائمين،
 يرمي  في الليل ظلالهم النائمة.
شعر: بول إلوار
ترجمة: صلاح انياكي أيوب

يفترش الأرض
يكور أعضاءه
يمسك بركبتيه
يبحث عن دفئ المكان
الى جانب الصور
المعطر ببول المارين
    *    *     *    *
عسكري بلباس أخضر
يركل الجسم الصغير
يستنهضه ...
" قم يا ابن العاهرة"

مرة أولى:
أخاطبك وأقول:
إن سعادتك تعاستي
وحينما يحالفني الحظ
تغدو الكلبية لصيقة بك
هكذا فقمة سعادتك
حينما تبرز قوة ضعفك
أما قوتك الفعلية
فلا يعرفها إلا تلك التي ولدتك

إني لأراك كمن يرى

هَبَّتْ سِهامُ الموتِ تطلبُ قلبي
من كلِّ حَدبٍ في هواكِ وصوبِ

مُتوهِّماتٍ أنَّهنَّ وَجَدْنَهُ
حَيَّاً ولكنْ ما صدقنَ ورَبّي !

أنا نصفَ مَيْتٍِ صرتُ لمّا لُحتِ لي
يوماً فكيف بقُبلةٍ في الدربِ !؟

هيَ قُبلةٌ أعطيتِنيها خِفْيةً
لكنْ صداها رَنَّ حتى صَحْبي !

انسيابُكِ في الأشياء يملأني مثل ساعة سائبة :
شعريةُ الخريف وهو يُجوّف كينونةَ الطبيعة.
شمعدانُ القلب جنوبَ ضحكتك الزرقاء.
الموقدُ الحجري حيث مَكَنَةُ الُحبّ المعطلة.
سِحليةُ الوقت تفْركُ حبّات الضوء.
غيابُك إذ يتدلى من السقف مثل جثة مزهرة.

وماذا بَعْدُ ..؟
دقاتُ ساعة السماء في قُدّاس بيتهوفن.
الحديقةُ حيث ترقُدُ الأبديّة.
اسطرلاب القديسة تيريزا يومىء جهةَ المقبرة.

الغبار على المرآة
ينتظر بدون ملل ملامح
فتاة شقراء
وتفاصيل يوم مزدحم بالذكريات
ليمارس عادته في كنف الخيال
أو يمارس نسيانه في زحمة العمر
حتى يراوده السبات.
ثمة حلم خلف المرآة يصيح
وثمة قميصك المفتوح المرتحل
إلى أفق الهوى دونك
يغطي المرآة مزهوا بالعشق

ريح مرت..
وأنا أساور حزنا
كي يأتي بالغبار
هو الخريف عند الباب
يتساقط أوراقا
ليبتلى بالبكاء
دموعه تربكني
ومن وهجها أخبو
وأستحيل دمعة
تتمرغ في التراب
سأجفف هذا الدمع

قواريرُ تتكسرُ في الحانةْ.
وأخرى تتشققُ
وكؤوسٌ منَ الذهبِ الخالصِ
تمضي إلى الصالةْ .
وأخرى تبعثُ منْ مقبرةِ الجهلِ
تملأُ بماءِ الموتِ الأخيرِ
زمنَ العروبةْ .
قواريرُ تقرعُ أخرى
وتتهجى آيةَ الغبارِ
وتسقطُ ثملةً
ثمٌ يحضرُ الساقي المغلوبُ المكسورُ

لمّا غوانا جحيم الرّحيل..
حرقنا بجنون بطاقة الهوية..
كي نصير مثل الرّياح ..
لا بلاد لها !!

كان الطّموح
جوادا نيزكيّ الجنوح والجموح..
وكان الحلم كونا فسيحا
مستفاض الخيال..
والمدى عوسج للأمنيات
التي طارت

لا وقت
نوافذ العمر مقفلة
وحتى من مروا في ظلمة
هذا الليل لم يتركوا فوانيسهم
ليتناسل منها
الضوء.

لا وقت
ولا شيء من خطواتك في المدينة
أكنت تمشين بلا أثر
فالممشى موجع وعنيد

لا تريحيني
يا امرأة سميتها
ثم فقدتها
على شجر هناك...
لا تريحيني
ففي عينيك بحر
صار يرفضني بشدة
ليت لي سرا في الظلام
لعلقته مشنقة للنهار
قبل أن أوزعه
على القبور والنجوم.

أيَا أمّاً يثورُ بخصرِها جُرحٌ
كأنَّ الهمَّ إكليلٌ
وَيا لَهْفي
على أرضٍ وقد أبْكَتْ حرائِرَها
وأمواج من الآهاتِ كَبَّتْ في شَراييني
فقد رَضِعتْ شِفاهي دمعَ زيتوني
وما زالتْ ثِيابي تذكُرُ التينةْ
ولم تنشفْ مناديلي
فهل أنْسَى زُقاقاً كنُتُ سامِرَهُ
وأشجاراً تُذبُّ الريحَ عن جُرحي
وعند تَراكُمِ الحزنِ

دَعُوني أُهَدْهِدْ جُفوني
أَحِنُّ الْتِياعاً إلى النومِ بين الجداولْ
أَذوقُ الْتِحافَ الحُقولِ السَّنابِلْ
بلا رَهْبَةٍ من نُيُوبِ المناجلْ

دَعُوني أُذَلّلْ رِياحي
 نَلُمُّ الْبساتينَ في حضنِ أُمّي
ولونَ النّدَى في الوُرودِ
فَلا أَمْنعُ النّحلَ منْ أٌقْحُواني
وَلا نقْرَ جائِلْ

من الشبَّاكِ غَنَّى بالقصائدِ وارْتِعاشاتٍ يُواريها
عن الأشجارِ والأطيارِ والأمواهِ والشهداءِ والهمساتِ
والطرقاتِ والأسمارِ والأسلاكِ والأمطارِ والعبراتِ
واللوزاتِ والأمواجِ في جفنِ المساجينِ
يُداري لَونَ غِنْوَتِهِ عن الريحِ
وسَجّانٍ يُسَبِّحُ بالمفاتيحِ الَّتي حكَمتْ
وسِلسلةٍ وقد نُزِعتْ من العظمِ
من الشباك ينعَى نجمةً سُرِقتْ
يُدنْدِنُ لحْنَ مكلومٍ على بلَدٍ
ينادي للمناديلِ الّتي تَهْفو
إلى حِبٍّ ينامُ على قَصائِدِهِ

دائما
وأنت تتسللين إلى الحلم
بفستانك الأسود
ترسمين هواجس تنال مني
وتنسين ماء قلبي
يرتجف في صمت
الريح تعوي لتأخذ
من نومي راحته
وأنت تبعثرين تراب عشقي
لتغتالني الأرض
فتتلذذين هذا الانتصار

في خيالي
قيثارةُ ربةِ الشعرِ
لا تكفُّ عن العزفِ
أغنِّي ...
في البدء
كانت حبيبتي
وروحُ اللهِ يرفُّ فوقَ الماءِ ...
 
حبيبتي
سمكةٌ إلهيِّةٌ
خرافيةُ الألوانِ

الغرفة موصدة الباب
وأنين الليل يختمرُ
وحدي أناجي حرقتي
ودموع تنهمر وتنهمرُ
والليل وشاح من ندم
فنور المصباح يحتضرُ
الساعة مثقلة بعقاربها
وصورة حبي عن عيني تندثرُ
ولليل نواح لا يدمى
وصياح غراب في الآفاق ينتصرُ
وطقطقة الماء على الأرض تذوبني

بين الصفحة
 الأولى
و الأوراق المتبقية،
الرجال يحتفلون بالمؤخرة،
و النسوة استقلن.

الربيع الذي كان
لك يعد رمز طفولتنا
و لا الأرض
 ارتوت من دمنا،
و لا الحصاد

في سواد المقاهي
حيث الأصدقاء الشرسون
يمزقون قلبي
ليتقاسموه أو يكنزوه
في قبور سرية
يتهيأ الليل ليشردني بلا عناء.
وفي الليل وفي كل ليل..
يمسكني القمر
كخفاش حزين
لكن روحي المتعبة لا يضيئها شيء.
أيها الأصدقاء