كتاب من تأليف دانيال غيران (1904 – 1988)، الكاتب والمنظر الأناركي الفرنسي، صدرت طبعته العربية في العام 2015 عن تنوير للنشر والإعلام (ترجمة: عومرية سلطاني). يقع الكتاب في ثلاثة أقسام (القسم الأول: الأفكار الأناركية الرئيسية، القسم الثاني: بحثا عن مجتمع جديد، القسم الثالث: الأناركية في الممارسة الثورية). يقر مؤلف الكتاب بالصعوبة التي تكتنف حصر الأفكار الرئيسية للأناركية، ولعل ذلك يُعزى إلى تنوع اتجاهاتها الفكرية (أناركية فردانية، أناركية اجتماعية...إلخ)، فضلا عن المرونة التي تتصف بها، ذلك أن مشايعيها يرفضون التعاطي معها بحسبانها مذهبا عقائديا جامدا، ومع ذلك في الوسع العثور على مشتركات وتقاطعات تُستَنبط منها الملامح الفكرية العامة للحركة. ومن ناحية أخرى، يشير المؤلف إلى أن ما يميز عمله البحثي هو التركيز على الأفكار والمفاهيم الأساسية للأناركية عوض الإغراق في سرد تفاصيل السير الذاتية لروادها.
الأسس الفكرية للأناركية
تتعدد التسميات التي تُسْبَغ على هذا الاتجاه الفكري (أناركية، ليبرتارية، ليبرتارية شيوعية، جماعاتية...إلخ)، لكنها تتقاطع في دلالتها لترمز إلى المناداة بالتخلي عن السلطة والحكومة، واستبدالها بأشكال أخرى من التنظيم الاجتماعي تكفل الحرية والمساواة، كما تدعو إلى التصدي لشتى ضروب الوصاية الاجتماعية والأفكار والتقاليد التي تصنف في خانة "المقدس" و"المسلمات"، إذ لا تعترف بأي قيود من شأنها أن تحد من حرية الفرد، دون إغفال معاداة النخبوية بجميع أنواعها (سياسية، اقتصادية، فكرية، ثقافية... إلخ)، فالنخب – في اعتقادهم – تجنح لاستعباد الشعب واحتقاره.
على أن المبدأ الأساسي للأناركيين يتمثل في معاداة الدولة من حيث هي مرادف للاستبداد والطغيان ونفي للحرية الفردية في حسبانهم، إذ يعتقدون بقدرة المجتمع على تنظيم نفسه طوعيا. وعطفا على ما سبق، يكن الليبرتاريون العداء للديمقراطية البرجوازية المستندة إلى مبدأ التمثيل، الذي يزيف إرادة الشعب مكرسا بذلك سطوة الأقلية المسيطرة على وسائل الإنتاج. وبرغم أن الأناركية تندرج ضمن تيارات الفكر الاشتراكي، إلا أنها ترفض "الشيوعية السلطوية" حيث تتركز وسائل الإنتاج في يد الدولة، الشيء الذي يفضي إلى عبودية وخضوع العامل للآلة الإنتاجية والسلطوية للدولة بعدما كان يعيش تحت وطأة استغلال الملاك الخواص.