يمنح رون. إف .سميث، الأستاذ بجامعة سنترال بفلوريدا، أهمية وضرورة ملحة لقراءة كتابه (أخلاقيات الصحافة)، بناء على أربعة أسباب:
أولها، أن يعيد الصحفي التفكير في ماهية دوره، فهو الذي يمنح مجتمعه فرصة أن يرى نفسه، ويسلط الضوء على مشكلاته.
وثانيها: أن المجتمع في الآونة الأخيرة غير راض عن الصحفي بسبب أخلاقياته.
والثالث: أن جانبا من سلوك الصحفيين يفتقر بالفعل للأخلاقيات: من تلفيق للأخبار، والاستشهاد بمصادر لا وجود لها، وتضارب مصالح.
والأخير: أن ضغط المستثمرين والمالكين لوسائل الإعلام لزيادة الأرباح، يؤدي في الغالب إلى خفض العمالة، ومن ثَم التقليل من جودة الصحافة. وبالتالي عليك كصحفي أن تزاول مهنتك في بيئة مليئة بالعراقيل.

ظلت العيون متطلعة، والأعناق مشرئبة تنتظر معالم المشروع التنموي الجديد بعد سلسلة مشاورات ماراطونية مع الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين والثقافيين الأفراد منهم والمؤسسات. وأخيرا نشر تقرير عام عن هذا النموذج تحت عنوان يبدو أنه يلخص كل شيء (النموذج التنموي الجديد تحرير الطاقات واستعادة الثقة لتسريع وثيرة التقدم وتحقيق الرفاه للجميع) في 152 صفحة.
وبما أن كل مشروع يرتكز في الغالب على أربعة جوانب أساسية هي الاقتصادي، السياسي الاجتماعي، والثقافي، ونظرا لصعوبة الوقوف عند تفاصيل كل هذه الجوانب في هذا المشروع سنقتصر في إطلالة سريعة على الجانب الثقافي في المشروع ...
مقاربة معجمية أولية تبين أن كلمة ثقافي وثقافة كانت أقل حضورا من كلمات المجالات الأخرى فقد حضر في المشروع لفظ "اقتصاد/اقتصادي" 320 مرة، وكلمة الاجتماعي 260، وكلمة سياسة/ سياسي 168 مرة، فيما لم يتردد لفظ ثقافة/ثقافي إلا 55 مرة مع غياب لفظ "مثقف" نهائيا في المشروع، كما يغيب مصطلح الثقافة في الديباجة وفي الفهرسة، ويبدو غريبا غيابه عن عناوين المحاور الاستراتيجية للتحول الأربعة وهي

إن هذا الكتاب من تأليف المؤرخ الأمريكي الراحل "كرين برينتن" (1898-1968)، ويعد مؤلفه هذا من أبرز الأدبيات التي عنيت بتفكيك الثورات وسبر أغوارها. وبمنأى عن التعريفات المتضاربة لمفهوم الثورة، يحيل هذا الأخير إلى حدوث تحول أو تغيير جذري على الصعيد السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي...، ومن ثم فإن حدوث ثورة لا يتطلب بالضرورة إطاحة بحكومة قائمة من جراء انتفاضة شعبية بالنظر إلى إمكانية انبثاقها من صلب المنظومة الحاكمة نفسها كثورة الميجي باليابان خلال النصف الثاني من القرن 19. غير أن المؤلف ركز دراسته في كتابه القيم هذا على المفهوم الضيق للثورات الذي يشير إلى "الإستبدال العنيف والمفاجئ لطبقة حاكمة بطبقة حاكمة أخرى" بالإستناد إلى أربع نماذج رئيسة: الثورة الإنجليزية (1640)، الثورة الأمريكية (1775)، الثورة الفرنسية (1789)، الثورة الروسية (1917).

تعبيرُ المجتمع عن هُويته الوجودية وشخصيته المركزية وسُلطته الاعتبارية وخصائصه الروحية والمادية ، يُمثِّل تجسيدًا واقعيًا لشرعية وجود المجتمع باعتباره كِيانًا مُتجانسًا، وكُتلةً مُتماسكة، وتاريخًا مُتجذِّرًا في الزمان، وجُغرافيا راسخةً في المكان . وإذا تكرَّست الشَّرعيةُ الاجتماعية في أنساق الحياة اليومية ، تكرَّست مشروعيةُ الأحلام الفردية والجماعية ، لأن الأحلام لا تقوم إلا على قاعدة اجتماعية صُلبة ، وكُل بِنية اجتماعية بدون شرعيةٍ ومشروعيةٍ هي مُجرَّد ورقة في مَهَب الريح ، ولَيست شجرةً ذات جذور ضاربة في الأعماق . وهذا يُفَسِّر سبب قُدرة بعض المجتمعات على الصمود في مواجهة الأزمات وعلاجها ، وانهيار مجتمعات أُخرى أمام الأزمات ، وعدم القُدرة على التعامل معها .

وإذا سعى الإنسانُ إلى تحقيق أحلامه الجامعة بين المنفعة الخاصَّة والمصلحة العامَّة ، فإنَّ تحوَّلات جذرية ستطرأ على علاقة الإنسان بنَفْسِه ، وعلاقته بمُجتمعه ، وهذه التحولات تتمثَّل في تحوُّل شرعية الوجود الاجتماعي إلى مشروعية النهضة والتنمية ، وتحوُّل المشاعر الإنسانية الهُلامية إلى أفكار إبداعية منضبطة بقواعد المنهج العِلمي .

    

ما إن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، حتى برزت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، كقوتين عظميين متنافستين على الساحة الدولية؛ أسهمتا في تقويض الاحتلال الأوروبي للقارة الإفريقية، ففي خضم الحرب الباردة، وما صاحبها من استقطابات، ولدت حركات تحررية من رحم العبودية والمعاناة.
وكان لا بد لهذه الحركات الثورية من أن تلجأ إلى كل الوسائل لتحرير أرضها من مخالب المحتل، فاتخذ النضال مختلف الأشكال، فكان سلميا تارة وعنيفا طورا آخر. وانتشرت هذه الثورات كسريان النار في الهشيم، لتعمّ جلّ البلاد الأفريقية، خصوصا أواخر الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.
ويحاول هذا التقرير تقديم رصد سريع لظاهرة أدب المقاومة الأفريقي، في الدول الناطقة بالبرتغالية، من خلال رسم ملاحم شخصية الأديب الثائر أميلكار كابرال الذي قاد الحركة القومية لغينيا بيساو وجزر الرأس الأخضر، محاولا مقارنته بنماذج أدبية من المغرب، ناضلت ونافحت عن حياض الوطن بالقلم والكلم، من أجل بثّ الحماسة في نفوس الثوار ضد المحتل الأوروبي.

يعد هذا الكتاب آخر عمل صدر للكاتب والروائي اللبناني المقيم في فرنسا "أمين معلوف" الذي ذاع صيته في الساحة الفكرية إثر صدور كتابه القيم "الهويات القاتلة" في أواخر التسعينات والذي أطلق فيه صرخة في وجه التصورات الضيقة والمنغلقة لمفهوم الهوية. في مؤلفه الجديد الموسوم ب"غرق الحضارات"، يتأمل معلوف وقد بلغ خريف عمره أحوال الحضارة البشرية من منظور المؤرخ والمفكر المتبصر وبقدر كبير من الحسرة والألم حين يشبه حال كوكبنا بتلك السفينة التي تبدو سطحيا وهاجة وساطعة، واثقة من نفسها، وهي لا تعلم بأنها تمضي بثبات نحو غرقها.
من رحم العالم العربي ولدت التراجيديا العالمية

في كتابك "العقل الإسلامي.. عوائق التحرر وتحديات الانبعاث" قلت إن "تيارات الإسلام السياسي هي الكارثة الصامتة التي هزّت وعي الفرد في العالم العربي"، ودعوت إلى فحص آثارها على الواقع العربي.. في ظل ما آلت إليه الأوضاع العربية جراء تصدر تلك التيارات.. هل يمكن القول بأن ثمة وعيًا مُدرِكا لإشكالات تلك التيارات قد نما في العالم العربي بما يؤذن بتجاوز أطروحاتها ومجافاتها؟

يعود ارتهان التصورات الدينية لدى العرب، في الحقبة المعاصرة، لباراديغم الإسلام السياسي، إلى وهن الطروحات النقدية في الفكر الديني. وسيظلّ هذا الارتهان ما ظلّ الفكر النقدي والتفكير العقلاني واهنين في الساحة الثقافية العربية. والحال أنّ الاختزال الأيديولوجي للإسلام قد مثّل ضربة قاصمة لرحابة الدين الحنيف. ولذلك يبقى الإسلام الحضاري بأبعاده الشاملة هو الردّ الواعي على محاولات الاختزال. فمعضلتنا الدينية الكبرى في البلاد العربية أن الإسلام السياسي الذي يناهز حضوره في أوساط المجتمعات القرن قد جرّب كل تجارب التغيير (الانتفاضات، الانقلابات، الاغتيالات، اغتنام السلطة واحتكار تسييرها، صناديق الاقتراع، التحالفات، الوفاقات) إلا تجربة الرهان على التغيير الفكري والروحي البعيد الغور. وحين نقول الفكري والروحي نقصد التعويل على مرجعية تراهن على الطروحات المعرفية القادرة على إحداث نقلة نوعية في عمق المجتمعات بعيدا عن التجييش والتحشيد الخاويين.

يتناول أستاذ العلوم السياسية بجامعة ستانفورد والكاتب فرانسيس فوكوياما صعوبة إصلاح النظام السياسي الأميركي بسبب عدد من العوامل؛ العامل الأول هو هيمنة نخبة راسخة على المشهد السياسي تنتفع من صلاحيات النظام الانتخابي بشكله الحالي وتَحُول دون إصلاحه، أما العامل الثاني فهو تشظي المجتمع الأميركي حتى داخل الأحزاب نفسها على حدود العِرق والنوع الاجتماعي والإثنية مما يُولِّد صراعات بينية تَحُول دون التوفيق بين الجماعات المتناحرة.
بالكتابة في مجلة "فورين أفّيرز" عام 2014، عبّرت عن أسفي إزاء الانحطاط السياسي المستفحل في الولايات المتحدة، حيث أخذت المؤسسات الحاكمة تختل بازدياد، وكتبت قائلا: "إن مزيجا من الجمود الفكري وقوة الفاعلين السياسيين الراسخين يَحُول دون إصلاح تلك المؤسسات، وما من ضامن أن الوضع سيتغير كثيرا ما لم يتلقَّ النظام السياسي صدمة كبرى".