أصبحت وسائل الإعلام مصدراً مركزياً تماماً عندما يريد الدنماركيون التعامل مع القضايا الدينية بأوسع معانيها. فيما يقتصر حضور الكنيسة وقراءة الكتاب المقدس على أقلية متواضعة من الشعب الدنمركي، بينما يستخدم الجزء الأكبر من السكان محطات التليفزيون والروايات والأفلام وشبكة الإنترنت والراديو لإشباع الاهتمامات والروحية والدينية، خارج رعاية الكنيسة الوطنية.
لم يعد الدنمركيون يحصلون على القصص العظيمة عن معركة الخير ضد الشر من الكتاب المقدس أو الكتب الدينية الأخرى، بل من الأفلام والتلفزيون والروايات وألعاب الحاسوب.
لا تقوم وسائل الإعلام بنقل نصوص حول الموضوعات الدينية فحسب، بل تنتج أيضاً مجموعة متنوعة من المواد ذات المحتوى الديني بنسب متفاوتة، والتي تتميز بالتالي بتدخل وسائل الإعلام. حيث تخضع المعلومات الواقعية ومناقشة الدين لمعايير الأخبار الصحفية، ولا يتم إنتاج الروايات الغيبية ونشرها من قبل رجال الدين، بل من قبل الإعلاميين المحترفين مثل المخرجين، وكتاب السيناريو، ومدراء الفنون، وغيرهم.
تهيمن على وسائل الإعلام الدنمركية أنواع وموضوعات الثقافة الشعبية، ونتيجة لذلك تصبح وسائل الإعلام بوتقة تنصهر فيها جميع أنواع الموضوعات الغيبية والخيالية والروحية والدينية.
صحيح أن وسائل الإعلام لديها ولع كبير بالديانات الموجودة مثل المسيحية والإسلام والبوذية وما إلى ذلك، ولهذا السبب غالباً ما تعيد المسلسلات التلفزيونية والروايات والأفلام وألعاب الحاسوب إنشاء وتفسير الزخارف الكتابية، أو استخدام الرموز والآثار من الديانات المختلفة.
لكن وسائل الإعلام لا تهتم بالتبشير بالدين، بل تريد في المقام الأول أن تستهلك الأديان لأغراضها الخاصة. بالنسبة لوسائل الإعلام، تُعد الروايات والأيقونات والطقوس الدينية للأديان المنظمة مستودعاً واسعاً للدعائم التي يمكنهم استخدامها لإخبار قصصهم الخاصة عن الأحداث الخيالية والروحية والدينية.
إن أفلام "إنديانا جونز" Indiana Jones والمسلسلات التليفزيونية مثل LOST وقصص هاري بوتر Harry Potter لـ"جيه كيه رولينج" J. K. Rowling ونجاحات ألعاب الحاسوب مثل World of Warcraft هي إنتاجات تستخدم العناصر الدينية بصورة كثيفة، والتي تختلط وتتحول إلى روايات أسطورية جديدة.

عرف المشهد السياسي اليساري المغربي عدة تحولات وانشقاقات حالت دون التركيز على الاستجابة للمطالب الشّعبية، واكتفى بتركيز اهتمامه على الأفكار العريضة والإيديولوجيات وطرح المزيد من الأسباب لانشقاقات أدت إلى فقدانه لدوره الاجتماعي المتمثل في الاصطفاف إلى جانب الفئات الشعبية والدفاع عن مصالح العمال والطبقات المعدمة. وكشفت جل التنظيمات اليسارية والنقابية والحقوقية عن عجزها في أن يكون لها صدى لدى القواعد الشعبية وأصبحت تقاتل فقط من اجل البقاء.
تضيع معالم الإنسان المناضل الداعي إلى التحرر من العبودية والإستغلال، ففي دوامة هذه الصراعات الفوقية لا نكاد نعثر على التجاوب الصادق والبعد المحدد للرؤيا الواضحة إلا عند قلة ممن أتيحت لهم ثقافة واسعة واتصال حقيقي بأرض الواقع. و يخطئ مناضلونا حين يظنون أنهم حتى لو لم تنضج أفكارهم أو لم تكتمل لهم الأداة للممارسة الميدانية أو لم يتوفر لهم صدق المعاناة، فإن قرارهم بالوقوف إلى جانب الفئات المهمّشة و تناولهم لموضوعات حية تلامس ما في نفوسهم من مآسي و آلام، سيغفر لهم كل العيوب و سيحول عنهم نظر النقد، و هم في هذا ينسون أن عرض القضايا - لكي تكون لها قيمة و يكون لها التأثير المنشود - يتطلب من المناضل معرفة بالميدان المنتمي إليه و قدرة على التصور البنّاء، كما يتطلب منه تجاوبا صادقا مع الجوانب الحية و اتخاذ موقف منها، من شأن ملامح الصدق و القوة فيه أن تجعل القواعد الشعبية تنسجم معه و تتجاوب، فيتحول الصدق و التجاوب بذلك من إطارهما الشخصي إلى الإطار العام.

يعد الفقر ظاهرة معقدة ومتعددة الجوانب، تختلف باختلاف المجتمعات والمجالات والأزمنة، وبذلك فالتصور التقليدي للظاهرة يختلف تماما عن التصور الحديث. لقد تميزت فترة ما قبل القرن التاسع باعتبار الفقر قيمة إنسانية عليا، وذلك لأسباب دينية وأخلاقية، حيث كانت تسود نظرة دينية قدرية، تدعو للزهد في المعيشة وتحث على تقبل الحرمان والتعايش معه، إذ كان الاعتقاد السائد يعتبر الفقر تحريرا للإنسان من الهموم الدنيوية ويضمن له تأشيرة الخلاص، وهكذا اعتبر الفقر مسألة عادية جدا، مرتبطة بالوجود الإنساني.
لقد طبع هذا التصور المختزل للفقر، نظرة رواد المدرسة الاقتصادية الكلاسيكية خلال النصف الثاني من القرن 18 والنصف الأول من القرن 19، الذين اعتبروا الفقر حالة محفزة على العمل الذي يخلق الثروة، وفي هذا السياق "أكد "David Ricardo" على ضرورة إبقاء الأجور في مستوى الكفاف، من أجل بقاء الطبقة العاملة عند الحد الأدنى لمستويات المعيشة، رافضا بذلك فكرة وضع قوانين لصالح الفقراء التي تبنتها السياسات العمومية في إنجلترا خلال مطلع القرن التاسع عشر. وكإجابة عن هذا الاتجاه الرأسمالي وما خلفه من بؤس وفقر، برز التيار الاشتراكي كمدافع عن الطبقة العمالية، حيث اعتبر "Karl Marx" أن تراكم الثروة في جانب هو إذن وفي نفس الوقت تراكم البؤس والمعاناة في الجانب المقابل.
انطلاقا من تسعينيات القرن الماضي طرح مفهوم جديد للفقر، رافق صعود نماذج التنمية التي أطلقها البنك الدولي، هكذا أصبحت للفقر دلالة مزدوجة، الأولى ترتبط بالواقع الاجتماعي والتمثل الشعبي للظاهرة باعتبارها مشكلة حرمان ولامساواة مختلفة في الزمان والمكان. أما الثانية، فتركز على المقاربات الأكثر جدوى لدراسة الفقر والطرق الأكثر دقة لقياسه وتحديد الفقراء. تعبر هذه الدلالة المزدوجة عن تعقد ظاهرة الفقر وتداخل أبعاده، رغم حصول تطرف اقتصادي أحيانا واجتماعي أحيانا أخرى، في دراسته وقياسه وتحديد الفقراء.

نملك تصورات خاطئة تتسم بالنمطية حيال حرية المثقف والثقافة، تجعلنا نظن أن المثقف حر. هو كذلك من حيث قدرته على التفكير خارج دائرة القيادة التي تسعى إلى احتجازه داخل سجن ايديولوجيا معينة أو تأسره في وهم مصالح ذاتية ضيقة، وكلما تقلصت هذه القدرة على مقاومة مراكز القرار إلا وتراجع هامش الحرية لدى المثقف وغدت الثقافة طقسا احتفاليا يستغل أبشع استغلال بوعي أو بدونه. لكن ما الذي يجعل المثقف أسيرا، فاقدا شرط وجوده ؟
لقد اختار الكثير من مثقفينا اليوم العزلة. والنأي بأنفسهم عن كل صراع نحو التحرر من قيود السلطة مهما كان مصدرها، ولا ندري ما إذا كان اختيارهم هذا سعيا إلى التأمل في ذواتهم ومحاولة الهروب من طواحين الهواء التي تفوق قدرتهم على لعب دور البطولة، أم أن عزلتهم تهدف إلى تحقيق مسافة تمكنهم من تغيير رؤاهم تجاه الواقع دون الدخول في استنزاف طاقاتهم وبهذا تكون عزلتهم اختيار واعي يبحث عن الأمان لتحقيق النضج والتمكن من أدوات جديدة لتحقيق وجودهم الفعلي.

أصبحت الهجرة جزءًا من حقيقة الحياة اليومية للأوروبيين في دول الاتحاد الأوروبي. يوجد اليوم ما يقرب من 37 مليون شخص في أوروبا ولدوا خارج الاتحاد الأوروبي ويشكلون حوالي 8٪ من مجموع السكان. سواءً داخل دول الاتحاد الأوروبي، أو بين الاتحاد الأوروبي وبقية العالم، ازداد عدد السكان المهجرون، سواءً كانت الهجرة بسبب العمل، أو الأسرة، أو بسبب الفرار من الاضطهاد والحروب، ستظل سمة رئيسية للمجتمعات الأوروبية خلال العقود القادمة.
تُعتبر سياسات الاندماج والتكامل أمر بالغ الأهمية في الدول التي يتواجد فيها المهاجرون. حيث أصبحت الهجرة قضية شائكة سياسياً، ويعتبر ما نسبته 25٪ من مواطني الاتحاد الأوروبي أنها من بين أهم ثلاث قضايا تواجههم، بزيادة 5% عن الدراسة السابقة التي أُجريت عام 2017.
لمواجهة تحديات الهجرة والاندماج والتخفيف من مخاوف مواطني الاتحاد الأوروبي بشأن قدرة البلدان إدارة هذه التحديات، اتخذ الاتحاد الأوروبي خطوات لدعم الدول الأعضاء في سياسات التكامل الخاصة بها. في حين قد تختلف احتياجات المهاجرين حسب أسباب قدومهم، فإن الدول الأوروبية تتلقى الدعم التشغيلي والمالي من الاتحاد الأوروبي.
من أجل فهم أفضل لكيفية عمل مؤسسات الاتحاد الأوروبي مع الدول الأعضاء والجهات الفاعلة الأخرى لمواجهة تحديات التكامل، من الضروري أن يكون لديهم فهم أوضح للرأي العام حول هذه القضية. بالإضافة إلى ذلك، من المهم فهم كيف تختلف وجهات النظر بين الدول الأعضاء، وكذلك بين المواطنين الأوروبيين عبر المجموعات الاجتماعية والديموغرافية، واعتماداً على التفاعلات والروابط القائمة مع المهاجرين.

غالبًا ما تُظهر وسائل الإعلام صورة مبسطة وثابتة للأفراد والجماعات. إنها عملية تؤثر على تصور الناس لكيفية النظر والتصرف تجاه الآخرين، ومن سوء الحظ أن كثير من الأفراد يؤمنون على نحو شبه أعمى بما يرون أو يسمعون.

وسائل الإعلام لا تُكسبنا المزيد من المعرفة فقط، بل إنها تؤثر أيضاً على الطريقة التي نعتقد أننا يجب أن نكون بها كأشخاص - كيف يجب أن ننظر للأشياء، وكيف يجب أن نلبس، وكيف يجب أن نتصرف تجاه الآخرين.

لذلك تتحمل وسائل الإعلام مسؤولية كبيرة فيما يتعلق بنقل المعرفة عن المجتمع بطريقة موضوعية. ومع ذلك، تساعد وسائل الإعلام أحياناً في إنشاء قوالب نمطية وتعميمات حول مجموعات مختلفة من السكان.

الصور النمطية لوسائل الإعلام

غالباً ما تحدث الصورة النمطية عندما نقوم بعمل وصف مبسط لمجموعة من الأشخاص دون مراعاة الفروق الفردية. في ضوء ذلك تستخدم وسائل الإعلام الصور النمطية لمنح القراء أو المشاهدين ملخصاً سريعاً وعاماً لشخص أو مجموعة من الأشخاص. يمكن أن يكون هذا على سبيل المثال، فيما يتعلق بعرقهم أو جنسهم أو مجموعتهم الاجتماعية. الأمر الخطير في القوالب النمطية هو أنه يجري تعميمها، ولا يعود الأشخاص الموصوفون أفرادًا بخصائص مختلفة، ولكن بدلاً من ذلك يصبحون مجرد جزء من مجموعة أكبر.

أزمة الفكر العربي الحديث أنه ظل فكراُ نخبوياً طلائعياً تؤمن به -نسبياً- العقول المثقفة المعزولة عن الناس، هذا يشمل كافة التيارات والأفكار الاشتراكية اليسارية والليبرالية والقومية وتلك الاتجاهات التي تعبر الإسلام السياسي. بالرغم من المحاولات التي أظهرتها النخبة العربية في مواجهة أسئلة التحدي الحضاري الغربي، إلا أنها أجرت مقاربات خاطئة أفضت إلى نتائج كارثية على المستوى الفكري والسياسي والاجتماعي، حيث اعتمدت النخبة -بمعظمها- فلسفة تؤمن بأن الإنجازات الحضارية الغربية العلمية والفكرية يعود سببها إلى الحضارة العربية الإسلامية القديمة فقط، وغاب عنها أن إعادة إحياء هذه الأفكار في الحاضنة العربية في مجتمعات ما زالت ذات صبغة عشائرية وقبلية سوف تولّد تطوراً مبتوراً وحداثة مشوهة. لقد انتكست الأفكار الماركسية بالرغم من إرثها المضيء نظرياً، ولم يستطيع "النعيم" الشيوعي النفاذ عبر أنظمة عربية متسلطة بتوجهات قبلية، يدعمها تحالف المصالح بين التجار ورأس المال وشيوخ القبائل والبيروقراطية الفاسدة، ويحميها الغرب الاستعماري، وانتهى الحال بالرفاق إما في المعتقلات أو مطاردين أمنياً، وبقيت الثروة بين أيدي قلة نخبوية التهمت كل شيء سياسي واقتصادي وثقافي، بل ابتلعت الحياة ذاتها.
وحظوظ الفكر القومي لم تكن أفضل، فوحدة الأرض واللغة والتاريخ، لم تشفع لشعارات الوحدة القومية التي أصبحت مفهوما يثير إشكالية معرفية بعد هزيمة جزيران العام 1967.
والأفكار الليبرالية ظلت نخبوية بعيدة عن الجماهير، بسبب انشغال الليبراليين بموضوع الحريات السياسية وإغفالهم المطالب الاجتماعية التي تمس الشرائح الشعبية من الناس. وكذلك الفكر الديني الذي يعاني من الركود وغياب الاجتهاد الفقهي منذ أكثر من قرن، ناهيك عن قيام الجماعات السياسية الإسلامية بتأويل النصوص الدينية لخدمة مشروعها، وفشلها في بلورة البديل المختلف القادر على إجراء مقاربات مغايرة لما هو قائم.

أظهرت بعض الأبحاث السابقة أن الناس في الدول الغربية عادة ما يبالغون في تقدير حجم الأقليات العرقية الأخرى. [دراسات صادرة عن جامعة هامبورغ، جامعة جورج واشنطن،  وجامعة جورج تاون، وجامعة هارفارد، وجامعة ييل].

تتنبأ نظريات التهديد بين المجموعات بأن الأغلبية من السكان، يعتبرون أن الأقليات هم الأقل تفضيلاً. يبالغ الغربيون والأمريكيون في تقدير النسبة المئوية للسكان المولودين في الخارج أو الذين يعيشون في الولايات المتحدة وأوروبا بصورة غير شرعية.

في سبع تجارب استقصائية منفصلة بعدد من الدول، على مدى أحد عشر عاماً، وجد الباحثون أن المعلومات الدقيقة لا تؤثر كثيراً على مواقف السكان الأصليين تجاه الهجرة. تستدعي هذه النتائج التساؤل عن آلية معرفية محتملة يمكنها تفسير نظرية التهديد بين المجموعات. قد تكون المفاهيم الخاطئة عن حجم مجموعات الأقليات العرقية هي نتيجة وليست سبباً، للمواقف تجاه تلك المجموعات.

كيف يشكل الناس مواقف حول القضايا ذات التأثير العرقي؟ حسب نظريات القوة أو التهديد بين المجموعات، فإن العنصر الرئيسي هو انتشار الجماعات العرقية والإثنية في البيئة الأوسع، بما في ذلك مفهوم الأمة. يزداد الشعور بالتهديد بين المجموعات الأخرى. في المقابل، يمكن لهذا التهديد المتزايد تقليل الدعم للسياسات التي تفيد هذه المجموعات، واستفزاز الإجراءات التي تهدف إلى الحد منها من قبل السلطة السياسية.