
و قد جاء هذا التجريب في مرحلة انتقال عاشتها الثقافة العربية، و هي مرحلة بالغة التعقيد في ظل صراعات وطنية لا زالت مستمرة من جهة، و في ظل علاقة هذا الانتقال بالنموذج الذي قدمه الأدب و الفن الغربيين من جهة أخرى.
و من هنا، كانت المرحلة الشعرية في طرحها الأساسي- كما يذهب إلى ذلك " إلياس خوري: " جوابا أو محاولة جواب على تقنين الشعر وقوليته، لكنها، منذ البداية، لم تكن موحدة على المستوى الإيديولوجي. ففي منبريها الرئيسيين: "الآداب" و "شعر" ثم في منابرها المتعددة - بعد ذلك- كان واضحا مدى الاستقطاب الإيديولوجي و السياسي الذي تتعرض له. فالمنبر/المجلة، هو جواب داخل ظرف محدد. إنه موقف، وهو مسيس بالضرورة. لذلك كانت المعركة الرئيسية بين "الآداب" و "شعر" تعبيرا عن خيارات سياسية محددة و انتماءات ثقافية بدت مختلفة ".(1)
هكذا دخل الشعر العربي افق تجربته عبر معاناة طويلة و معقدة، و قد مر هذا الانتقال الشعري بمراحل تبدو في الواقع و كأنها محاولة سريعة أو متسرعة لاستعادة تاريخ الشعر الغربي وحرق مراحله انطلاقا من حركة الإحياء ثم الحركة المجهرية التي أنتجت اللغة الجبرانية وصولا إلى "الديوان" و "رومانتكية أبوللو" و "رمزية أديب مظهر" وغيره.