أنفاسمقدِّمة: معيار القصة الجيدة:   
كما أنّه ليس ثمّة تعريف متّفق عليه للقصّة القصيرة حيث تتعدّد تعريفاتها بعدد كتّابها البارزين، فإنّه لا يوجد معيار معروف للقصّة القصيرة الجيدة. وعندما عُهِد  إلى القاص الروائي الشاعر الرسّام الناقد الأشهر في أمريكا، جون أبدايك، أن يختار أفضل القصص الأمريكيّة القصيرة في القرن العشرين لتصدر في مجلّد كبير، كتب أبدايك في مقدِّمته للخمس وخمسين قصةً التي اختارها، قائلاً إنّه يدرك تماماً عدم وجود معيار مقبول للقصص التي ينبغي تفضيلها، ولكنّه انتقى تلك القصص التي تترك أثراً في  نفس القارئ لحيويتها وجمالها ، وتقنعه بأنّها وقعت فعلاً أو أنّها يمكن أن تقع، وتعبّر عن واقع المجتمع ببيئته وثقافته وقضاياه وشخوصه و التحوّلات الجارية فيه (1).
بصورة عامّة، هنالك شبه اتّفاق على أنَّ القصّة القصيرة نصٌّ يسرد حدثاً يتعلّق بشخصيّة (عادةً إنسانيّة) وتصف رد فعلها ومشاعرها تجاه هذا الحدث. وهذا يعنى أنّ نواة القصّة القصيرة حكاية، وتتوفّر عادة، وليس دائماً، على عناصر ثلاثة هي:
أولاً، عرضٌ تعريفيّ بالشخصيّة،
ثانياً، نمو الحدث وتطوُّره،
ثالثاً، الصراع الدراميّ الذي يحتدم في مواقف الشخصيّة وسلوكها ومشاعرها.
وتتناول القصّة القصيرة تلك العناصر بصورةٍ مُكثَّفة وتعالج موضوعةً واحدة، بحيث تترك أثراً واحداً في نفس القارئ، يُطلق عليه في مصطلحات هذا الفنِّ " وحدة الأثر".
ولكن حتّى لو استخدم كُتّاب القصّة القصيرة هذه العناصر نفسها في قصصهم، فإنّهم يتباينون على مستوى البناء النصيّ ومكوِّناته المختلفة، ويتفاوتون من حيث مراجع السرد وروافده. فمنذ أن ظهرت القصّة القصيرة الحديثة في أوربا في القرن التاسع عشر على أيدي روادها الكبار تشيخوف الروسي، وموباسان الفرنسي، وأدغار ألن بو الأمريكي، تباينتْ أساليبُ بنائها وتقنياتها ونوعيّة لغتها، بحيث راحت تقترب من هذا الجنس الأدبيّ مرةً ومن ذاك مرّة أخرى، حتّى أننا نستطيع القول إنّ القصّة القصيرة تقع في مربع تتألُّف أضلاعه من : السيرة، والمسرح، والشعر، والمقالة؛ ويتباين موقعها في هذا المربع من كاتب إلى آخر ومن قصة إلى أخرى، بحيث تكون أقرب إلى ضلع من أضلاع ذلك المربّع، وقلّما تكون في وسطه.

أنفاس إهداء إلى رشاد أبو داود..
من أراد الحقيقة رؤية لا رواية، فلابد أن يدفع عينيه ثمناً كثيفاً، لا كفيفاً..

ما الذي يجعل من أفراد، لا تربطك بهم أية صلة من قرابة أو ثقافة أو لغة أو عرق أو لون أو دم أو دين أو عقيدة أو تاريخ مشترك، يحملون همَّ قضيتك، ينصفونك على من تربطهم معهم صلات القرابة والثقافة واللغة والعرق واللون والدين والعقيدة والتاريخ؟ هل يمكن للإنسان أن يهرب بعينيه من سلطة كل هذه الأشياء، ليتيح لها أن ترى ما لا تراه هذه الأشياء، أو أن يرى ما يناقض رؤيتها؟
لمدة ثمانين دقيقة، كنت مأخوذة على صهوة وجم كثيفة. لم تغادر عيني اضطرابها إلا نحو دهشتها، ولم تغادر شفتي رعشتها إلا نحو اختناقها. اختنقت بالسؤال. بدا وكأنه يتفتق فيَّ للمرة الأولى. الدقائق الثمانون هي مدة عرض فيلم «راشيل كوري ضمير أميركي»، للمخرج الفلسطيني يحيى بركات، عُرض ضمن مهرجان أفلام حقوق الإنسان الذي نظمته «جمعية الحريات العامة» مطلع مايو الماضي. تضمن الفيلم من الرصد والمتابعة والتقنية، ما أهله إلى حصد جوائز عالمية وإشادات إعلامية واسعة.
وكي لا أذهب بصهوتي بعيداً، فلدي مصارحة هنا، أن الفيلم لم يكن يقدم مشاهد جديدة، من تلك التي تيبَّست قلوبنا لكثرة ما شهدتها، وكررتها وسائل إعلامنا، حتى ما عادت تنجز فينا، في أحسن حالات ضمائرنا، أكثر من نكسة رأس. الفيلم، أخذني فوق ذلك نحو تلفت آخر. فقد كان يوثق المسار التاريخي لـ «حركة التضامن الدولية مع الشعب الفلسطيني»، منذ بداية انطلاق الثورة الفلسطينية وحتى استشهاد الناشطة الأميركية «راشيل» العام .2003 التضامن هي حركة دولية، نشأت في الغرب، ينتمي أفرادها إلى بلدان وأعراق شتى، وإلى اتجاهات سياسية ودينية مختلفة تماماً. هم أفراد مختلفون في كل شيء. في اللغة والعرق واللون والدين والعقيدة والتاريخ. لكنهم يتوحدون في تضامنهم مع حق الشعب الفلسطيني المنتهك، وفي ما يحملون، من هم إيصال حقيقة ما يجري في فلسطين إلى كل العالم، بما فيها بلدانهم المنحازة لإسرائيل، أو المدافعة عنها.
في جماعات صغيرة، وغير محمية، ينزح هؤلاء إلى قلب مدينتي غزة والضفة الغربية، يلتحمون بشعب أعزل إلا من حجارة. يشاركونهم بيوتهم وطعامهم وحياتهم، كما يشاركونهم خوفهم ورعبهم وتهديد آلة الموت لحياتهم.

أنفاسولد (محمد صلاح الدين عبد الصبور يوسف الحواتكى) الشهير بـ (صلاح عبد الصبور) فى الثالث من مايو عام 1931 فى أسرة متوسطة الحال بمدينة الزقازيق بمصر، وتلقى بها تعليمه حتى المرحلة الثانوية، ثم التحق بقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة عام 1947، وتخرج فيه عام 1951 ليعمل بعض الوقت مدرساً للغة العربية فى أحد المعاهد الثانوية، لكنه يضيق بالتدريس، فيتركه ويتجه إلى الصحافة ليعمل صحفياً فى روزاليوسف ، ثم يتدرج فى المناصب حتى يشغل قبيل وفاته منصب رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب.
خاض صلاح عبد الصبور معارك عديدة دفاعاً عن قضية الشعر الحر التى انحاز لها منذ مطلع حياته الأدبية، وكان أول وأهم هذه المعارك معركته مع (العقاد) والتى دارت رحاها على صفحات جريدة الأهرام المصرية فى بداية الستينيات من القرن الماضى.
حصل صلاح عبد الصبور على العديد من الجوائز أهمها: جائزة الدولة التشجيعية عن مسرحيته الشعرية (مأساة الحلاج) عام 1966، كما حصل بعد وفاته على جائزة الدولة التقديرية عام 1982، وكذلك على الدكتوراه الفخرية فى الآداب من جامعة المنيا فى نفس العام. وتوفى فى الثالث عشر من أغسطس عام 1981.
ترك صلاح عبد الصبور العديد من الدواوين والمسرحيات الشعرية وهى:
1-    ديوان الناس فى بلادى عام 1957.
2-    ديوان أقول لكم عام 1961.
3-    ديوان أحلام الفارس القديم عام 1964.
4-    مسرحية مأساة الحلاج عام 1964.
5-    ديوان تأملات فى زمن جريح عام 1969.
6-    مسرحية ليلى والمجنون عام 1969.

أنفاس" من يكب حكايته يرث أرض الكلام ويملك المعنى تماما "
 محمود درويش[1]
كتب الناقد توفيق بكار عن الشاعر الفلسطيني محمود درويش الذي رحل يوم 09-08-2008 عن سن تناهز السبع والستين ما يلي:"اسمان في الشعر مترادفان درويش وفلسطين وصورتان توأمان من حقيقة واحدة ان حدثك عن نفسه فعن أرضه يحكي وان قصها لك فقصته يروي أولها العشق وللعشق كان في التيه الموت والفداء ومع كل شهيد تنبعث الحياة من الدماء ويتجدد الهوى"[2].
ولم يترك لنا هول الفاجعة وحجم المصيبة الوقت الكافي والتركيز الضروري لتقييم سيرة ذاتية مليئة بالكفاح والتحزب والتمرد والهجرة والانشداد إلى الأصول والتعلق بأرض المولد والحافلة بالشعر والسياسة والنقد والمداهمة بالمؤامرات والمكائد والتراجعات والاستقالات مثل سيرة ابن مدينة عكا  شاعر فلسطين الأبرز وحامل هم القضية لأكثر من أربعين سنة بين دفاتر أشعاره ولكن حبنا الكبير له واحترامنا وتقديرنا لما أثثه من جدل داخل الفضاءات الثقافية العربية ولما حفزه من همم وسواعد يجعلنا نقبل على التعزية والتعبير عن الحزن والأسى لفقدان العرب هذا الهرم الشعري دون تردد.
ارتبط اسم درويش بأسماء شعراء فلسطينيين كبار مثل معين بسيسو وسميح القاسم وأحمد مطر وبالمطرب اللبناني الملتزم مارسيل خليفة الذي حول جزء كبير من قصائده إلى ألحان وأغاني رائعة وتمركزت تجربته الشعرية حول مجلة الكرمل التي تخصصت في شعر المقاومة والأدب الملتزم ولعل
أول ما نتذكر من درويش عروبته وآخر ما يتكلم فيه قبل أن يسلم نفسه إلى المنام هي عروبته وآيتنا في ذلك نصه بطاقة هوية الذي سجل فيه سجيته ودون بواسطته ثورته:
سجل أنا عربي

أنفاس"كفُّوا عن سؤالي عن برنامجي: أن أتنفس. أليس برنامجاً كافياً؟" إميل سيوران [1]
ذات جماعة، سُئلت وأنا على وشك مغادرتها: "أخبرينا عن مشروعك الفكري الخاص الذي صرت تتبنينه، ما هو؟". كان ذلك، على نحو يقصد إِحراج خروجي، أو تسذيج هروبي.
اليوم، وأنا هاربة بغير ذات جماعة، أُسال كثيراً: ماذا بعد؟ ما جديدك؟ ما مشروعك المقبل؟ ما برنامجك؟ ما هدفك؟ ما رسالتك؟ إلى أين تسيرين؟ يأتي كل ذلك، على نحو يُخشى عليّ فيه من جديدي، أو يشفق عليّ مني، أو، أو...
تختلف الأنحاء (جمع نحو). والنحو هو الطريق الذي تسلكه. الجميع يريدك أن تنحو ما يتمثلّه هو، أو أن تتمثل ما يرتضيه نحوه، حيث نحوَّه هو البرنامج الأمثل، والمشروع الأكمل، والهدف الأسمى، والغاية الأبعد، والهروب الأخير، والخلاص الأول. الكل يخشى عليك (كما على غيرك)، أن تتنفس خارج أجواء نحوه، يخشى مغادرتك نحوَّه إلى نحوٍ آخر، يشفق عليك غربتك في الأنحاء الأخرى، أن يشتتك هواها، أن يخنقك هواءها الغريب، فتموت فيها ولا تحيا. وربما يخشى على نفسه، أن تذره بشيء من هوائها الغريب، فتفسد عليه نقاوة عِرق هوائه، وتلوث قداسة نحوِه، بلوثِ غير.
(النحو) ليس مشكلة اللغة فقط. بل مشكلة الإنسان أيضاً. ذلك الإنسان الذي لا يستطيع أن يتحرك على نحوٍ حر. والمبدعون (الذين يشقُّون نحواً آخر)، يؤرقهم دوماً النحو. ذات يوم قال حمزاتوف "أريد أن أكتب كتاباً لا تخضع فيه اللغة للنحو، بل النحو للغة" [2]. واللغة هي متنفس الإنسان الأكبر، ومتى كبّلها النحو، صارت خنَّاق الإنسان الأكبر. اللغة المختنقة لا تفقد قدرتها على التنفس وحدها، بل تخنق معها حضارتها ودينها وسياقاتها التاريخية وثقافتها. تفقد هذه كلّها سعة تنفسها. ربما يكون الدين، هو أشفٌّ الأشياء في إظهار اختناق الحضارة واللغة. فمتى فقدت حضارته قدرتها على التنفس، يفقد الدين أيضاً، قدرته على أن يكون نحواً يسع اختلاف أنفاس الإنسان.

أنفاستعـود قراءتي لرواية " السـّّد " للأستاذ محمود المسعدي إلى  أواخر السبعيــنيات  من خلال سلسلة دار " عيون المعاصرة " الصادرة فــى تونـس ، وأود قــبل الولـوج في قراءة جديدة  لهذا العمل الإبداعي الجميل  الذى قال عنه  الأستاذ " توفيق بكار "المسؤول عن السلسلة ، لا يزال السّد إلى اليوم يتيم دهره ، نصًا وحيدًا غريـباً كأول عهده، أن أنوه الى نــقطة هــامة  ذات علاقــة بـهذا العمل الفريد فــى الأدب العربـي المعاصر تقنية ولغة ، بأنه عنذ إقتنائي نسخة من طبعتها الجديدة ، الصادرة عن نفس الدار عام 1992 بعد ضــياع نسختى القديــمة في حلي وترحالي ، لفــت نــظري أن أستاذنا  توفيق بكار  قد حذف  التقديم لهذه الرواية لعميد الأدب العربي "طه حسين " كان قد دبج بها الطــبعة الأولى ، ولا نـدري ســبباً لذلك الحذف ، خاصة وان الأسـتاذ بكـار يدرك أن مقدمة طه حســين لعــمل الأسـتاذ المسعدي لها بعُد  آخر يتمــثل فــى الظاهرة التعبيرية " للمحاكاة "  كإبداعات ملحقة  لجوهر العمل الأصلي ، الذى أراه من وجــهة نظري الاندماج الاختياري  للروح العربــية بطابع مشــترك  لشخصيـتين تتعانقان في تاريخ الأدب العربي المعاصر ، لتكونا المعنى المقصود مـن النـثر الفـني بوجهــيه  العام والخاص ، فاستاذنا توفيــق بكار  الذى يتمــتع  بحس مرهــف ، ولغة راقــية عنذ تــقديمه للعــديد من الأعمال ذات الطــابع الفلسفي ، يرمي إلى  الاجتــهاد والإبانة وتأدية الجــهد فى صــيغة فنية ، وهوما أعــتبره بحذفه لهذه المــقدمة بمــثابة الفصل التعـسفي بيــن مضمون إبــداعي  راق لعمل واحد يلــتقي في الشرق العربــي بمغربه، في بُعد مكــمل لبعضه ، وما أملنا إلا أن نـرى في طبعاته القادمة ، وقد وجد الأستاذ  بكار هذين العنصرين المهمـين في إبداعهما، باعتــبار أن مقدمة طه حســين جزء مكمل  لهذا العمل الإبداعي .
أقول بعد هذه المقدمة الضرورية إن من خلال قراءتي لنص الأستاذ المسعـدي  السّد قد اضناني ذلك الصراع  بين المأساة والزمن ، ليكونا صدمة حضارية مشبعة بـذلك الهم الإنساني المتجدر  في شخوص الرواية الحاملة لأسماء جاهلية  ميمونة ، غيلان
مياري ليخترق المفهوم المسيحي ، الذى يلتــئم ضمن التتابع للفاجعة  العــبرية التــى نسجت من خلال  التوراة ليحاصرها في بعدها المسيحي مــن خلال المسيح ، ليعانـق في النهاية ملامح المأساة اليونانية .

أنفاسلمّا مات جميل بن معمر وبلغَ بثينةَ نعيهُ , أنشدتْ هذين البيتين كعهدِ وفاء :
وإنَّ سلوُّي عن جميلٍ لِساعةٍ   
من الدهر ما حانت ولا حان حينُها
سواءٌ علينا يا جميل بن معمرٍ
اذا متَّ بأساءُ الحياة ولينُها

------
البيتان هنا يفيضان عذوبةً وشجا وموسيقية ألفاظٍ وأتذكر أنني حفظتهما بعد قراءتي الأولى او الثانية لهما !
كم جميل أن يحبَّ المرء بصدقٍ وأن يستمر هذا الحب حتى الموت !
حب الحبيب , حب الأرض , حب الناس , حب المصير , كلها تجليات لمعنى واحد فالحب لا يتجزأ .
ولكن ما أشقى مَن يدَّعي الحب .
بل ويسلكُ سلوكَ المُتفضِّل على مَن يدَّعي حُبَّهُ !
تتحدث مع البعض عن حقوق المرأة العربية مثلاً او مساواتها او حريتها فيجيبك كالمتفضل : لقد كتبتُ كذا عدد من المقالات حول هذا الموضوع او شاركتُ في هذه الندوة او تلك الخ ...
او تسأله عن هذا النزيف العجيب الذي إسمه الوطن فتسمع نفس الإجابة في حين أنك تطمح فعلاً الى سماع ذلك اللحن الحزين المجروح الذي ينطلق من الروح , روح المتحدث وهو يتحدث عن حال المرأة عندنا او حال الوطن بالأمس واليوم حتى بات السؤال عن هذه الحقائق الملحة مثاليةً ما بعدها مثالية .

أنفاسفي المدة ما بين يونيو/حزيران 2005 وحتى يوليو/تموز 2007 كتبت سلمى صلاح القصص التالية: حتى الوسادة، حكيم وكنز وأشياء أخرى، السيارة التي بدأت الأمر والأخرى التي أنهته، بلل، 45 درجة في الظل، ثعلب، فتاة المنضاد، عندما تختارين جحيم عدن، حُليها، سد، عيد للعب، دوائر خفية، انتصار، خروج. ثم كونت هذه القصص المجموعة القصصية الأولى لها باسم "خروج" وصدرت عن دار ملامح في القاهرة ورسم غلافها عمر مصطفى، وفوتوغرافيا عادل واسيلى.
تحاول سلمى جاهدة خلال هذه المجموعة أن تقدم ملامح عالمها القصصي والفني مستخدمه في هذا تنوع وثراء فضاءات قصصها من رصد واقع الحياة المعاش العادي، فتحدد ملامحه وتجعل العلاقة مع الأشياء التافهة والهامشية هي المكون الأساسي لتفاصيل الحياة وتكون مؤشر التعاسة والسعادة بها.
هذا العالم سوف يكون أكثر نضجا واكتمالا في السنوات القادمة، وخاصة أن العمل الأول منفتحا على العالم وعلى الأشياء الإنسانية والتفاصيل الحياتية، كما أنها مازالت محلقة في أحلامها البريئة والطازجة حتى أن أزماتها الكبيرة تحدث مع أشياء صغيرة مثل فقد وسادة.
لغة الخطاب في القصص تأخذ شكل الأنا الذكورية في أغلب المجموعة، وليست الأنثوية مما يجعل سلطة الذكوره مازالت مسيطرة، مما يشي أن صوتها لم يتحرر بشكل كامل بعد من هذه السلطة حيث على مدار القصص التي احتلت بداية الكتاب تتكلم عن عالم الرجال أكثر من الحديث عن عالم الإناث.
ربما لم تصل الكاتبة إلى الآن، إلى القوه التي تسمح لها بالحديث عن نفسها هي أكثر من الحديث عن الآخرين، وخاصة أنه مازال مسيطرا عليها ذكورية العالم. هذه الذكورية التي تمنع التنوع الثقافي والتعدد الفني والفكري، إلا أنها في الجزء الثاني من صفحات المجموعة القصصية تخلصت من كل هذا محاولة الفكاك من الثابت من أجل الحصول على الحرية محاولة البحث عن رائحة الذات والجسد الخاصة وتميزها عن الآخريين.