( 1 )sisyphus-abstract-lenore-senior
وقف سيزيف منهك القوى ، و العرق  يغسل جسده ، و خلف  المنصة  يجلس  كبار  الآلهة ،  يشربون الكولا  .
خاطبه كبير الآلهة بابتسامته السماوية : سيزيف  أيها  البشري  المغتر  بقوته ، ألم  تتعب ؟.
هل أعجبتك الصخرة ؟ .
-  تعبت ، تشققت يداي ، أحرقني حرّ  الصيف ، و جمدني  ثلج  الشتاء ، ولكن لن أركع … عندي  بقية من الأمل  .
- أي  أمل  يا  سيزيف ! .
- أن يتحرر الإنسان من قيود الآلهة  ، قد  ينقضي  زماني  دون  ذلك ، ولكن لا بد  من زمن   يلد رجالاَ ، يطهرون الأرض ، هذا  الزمن  قادم  لا  محالة  ، لا  أدري  بعد  مائة عام أو مائتين  أو  أكثر ، ولكنه  قادم  بلا ريب .

87موقعك وسط حلقة الجبال الهرمة أعطى للمشهد بلاغة الإبداع ،  إيقاع يهتز له بؤبؤ العين إنبهارا ،
الجبل للجبل , تذكرني حلقتهم  بطقس رقصة " أحيدوس"  ألأمازيغي الدائري ، المرأة للرجل ، و الرجل للمرأة،
" للبندير " نغم  به الدائرة تدور كما الشكل الدائري له  ،                                                                  
للبندير دائرته ،

للحيدوس دائرته ،          
للشمس دائرتها ،  
للأرض دائرتها ،     
لجلسة الأكل دائرتها         
و لتيغزى  دائرتها ،

noyadeسقط الرجل في النهر .اُدخل جسدُه في طيات موجة . احتضنته وراحت تتدحرج  به ، مثل كرة بيد طفل يلعب بها . عابرة به الى الضفة الاخرى , وهناك تم القاء القبض عليه .  اقتادوه  إلى التحقيق , وكان تناهى إلى سمعه  منذ زمن بعيد , مقدار العنف الذي يصاحب التحقيق الذي تمارسه السلطات في تلك الضفة .
يسملون العيون ، يخنقون الحناجر يكممون الأفواه , يشوون الأرجل ،  ويحرقون الجلود .
كان يرتعد خوفا , ليس من العقاب بعينه رغم عنفه بل من مداه الذي سوف يستمر الى الابد . إلى ما لا نهاية . وراح يفكر في هذه الكلمات الاخيرة التي تشبه الرياضيات , حين قاطعه المحقق قائلا له :
- لماذا ألقيت بنفسك في النهر ، فانتحرت ؟

3aida_rrebi3i

إِلى روح الشَّاعِر الشَّهِيد
-  رَعد مطَشر-
نَضْحَك

نَمْضِي
نَنْدَفِع
إِلى ذِراعي العَوْدَة الأَبَدِيَّة لِنحْتشد في أَرْوِقَة الشَّهادَة، نَشِيد
وَيَبْقَى لِكُل نَشِيد زَمان، وَلِكُل أَمْر تَحْت السَّماء وَقْت،
لِلْفَرَح وَقْت، لِلْنَّوْح وَقْت ،لِلْحُب وَقْت
وَلِلْمَوْت وَقْت.
 )  

kandinsky1التقى زهير صبري امرأة تشبه زهرة حمراء على غصن أخضر، فخبّرته بصوت مرتعش أنها تحبّه ولن تستطيع أن تحبّ غيره. فقال لها إنه لا يهتم إلاّ بمستقبله، فبوغت بصفعة مؤلمة تنهال على رقبته، فتلفت حوله، ولم ير الصافع.
وصُفع ثانية عندما قال لأحد الأثرياء إنه أعظم رجل أنجبته البلاد، ولم يرَ الصافع.
وصُفع مرة ثالثة عندما قبَّل بخشوع يد رجل ذي لحية طويلة مشعثة، ورجاه أن يدعو له، ولم يرَ الصافع.

Abstrait_poissonاحترقت الغمامة والموسيقى، والورد ودمى الأطفال، فلم أجد مكانًا أختبئ فيه سوى نهر كثير المياه، وهناك عشت طوال سنوات وحيدًا مستسلمًا لطمأنينة غامضة، حتى جاء في أحد الأيام صياد هرم، فانتشلني بسنارته من قاع النهر، وحدق إلي باستغراب وأسف، وقال: (ظننت أنك سمكة).
فقلت له متصنعًا المرح: (لا تخطئ، فالإنسان أفضل وأروع من السمكة).
فنظر إلى الشمس الآفلة بعينين مجهدتين، وقال: (مساكين أولادي، سينامون الليلة دون أن يأكلوا).
فأحنيت رأسي بخجل، ثم قلت له: (كيف صدقت ما قلته لك؟ كنت أمزح فأنا سمكة).
قال الصياد: (ولكن الأسماك لا تتكلم).

2336793585_small_1تيّمني هواه وشجاني من وجْد ما شجاني، فمن ذا يُبشرني بلقائه كي أحيا وأرقى بالروح ليعلو مَقامي؟!.. دندنت شفاه القلب حُبّك فهيّجت حروف القصيد والمعاني،فعشْ بالحُبّ مُزهراً مزداناً وقلْ ضُحاي كي تبعث في الروح الوحي والإلهام، قد ثار الوجد توّاقاً إليك، فتفتحت الخدود لقبلة تروي عُروشاً والثغر تبسّم صامتاً بأشجى نغمة ذواقة الهوى مُضنية التنهّدات...

إسمع صوتي الذي يهواك نبياً لبّى نداء فردوس قلب هائم والنفس ريّانة نشوى لمُهجة أطويها طي الرمال للكثبان...

حبيبي... كُن لكل مدنف صبّ به حرقة نورساً يلامس القلوب بأنّات، فمتى رغبت برؤيتي!.. أشعل ذاك الماضي وتذوّق نشوة مستقبل يحاكي نهج قلب تمنّى رضاك،  وابتعد عن أطلال لسنا فيها إلاّ نقشاً سرمدياً غنّى تاريخ العشاق...

aveugle-tradجئت للدنيا أعمى، هكذا شاء القدر. أحببت منذ ولعي الأول بالمدرسة "ابرايل " ثم أبا العلاء فيما بعد، فهما صنواي. عين القلب عندهما ترى مالا يراه ذو الاثنتين الجاحظتين. أراد القضاء أن أكون كفيفا، لا معرفة لي مطلقا بالنور وألوانه. الأشكال والمسافات هانت أمام مراس الحواس المستميت. أول أبجدية مرنتني هي ذبذبة الأصوات، وهي تنطلق من عقال الحلوق. لكل صوت بصمة خاصة على مسمعي. نمت تجربتي بأصوات العالم ودقائق طبائعها، ومع مرور الوقت غدوت خزانا لتفاصيلها. حواسي الأخرى كلها تشكلت بعد الأصوات. اليد كالعين حركتها لا تهدأ؛ ترى أشياء العالم الخشنة والناعمة. لما أقول ترى؛ أعني أن الاكتشاف يكون أدق من البصر، لأن العين ليست دقيقة... التذوقات كانت هي الأخيرة والأصعب،  فقد طال تعلمها. الحامض على عدة  تلوينات ذوقية،  والمر بآلاف المذاقات، والمالح بدرجات متفاوتة جدا. أما الحلو فكان قليلا، لأنه لا يخرج عن سكر الصباح والمساء بدار الخيرية. بالنسبة للروائح، كنت معدم الشم. فالوسط الذي ترعرعت فيه هناك؛  روائحه الملوثة دائما عطلت ذاكرة الشم، فأضحت مشلولة منذ زمن طويل.