
أخيرا استطعت أن أنفخ بطنها. لكني لم أنجح في هذه المهمة إلا بعدما صارت رجولتي في الميزان. هذا ما كنت أقرأه باستمرار في عيون جاراتنا (رحمة) و(زهرة) وأخريات. كـنّ يجهلن بأنني خريج معهد الترجمة، وأنني قادر على نقل وشوشاتهن إلى سبع لغات على الأقل. يكفي أن تصدر عنهن غمزة أو إشارة لأفهم منها أنهن يرمينني بالعُـنّة، ومعناها وِفق واحدة من تلك اللغات التي أتقنها أنني "مْـثقف"!
حينما يحاصرنني بنظراتهن ينتابني الشك، فلا أشعر إلا وأنا أتحسس حِجري لأطمئن على سُلالتي، ثم أتساءل: مُـثقفٌ "مْـثقف"؟! يا ذِي الفضيحة! وماذا سيكون مصير هذا الوطن إذا كان مثقفوه مثقفين وأميـوه هم الفحول؟
لكن بقدر ما كانت حركاتهن تضايقني، كنت أنتشي بقدرتي على اقـتحام عوالمهن النسائية.. أحيانا، أترجم همسهن حتى قبل أن أسمعه، وهذا طبيعي، فلمثل هذه الوضعيات يتخصص المرء في الترجمة الفورية.
لكني لن أعمل بعد اليوم ترجمانا، فزوجتي حامل. كلانا في الحقيقة حامل: هي تحمل جنينا، وأنا أحمل هَـمّاً أهدهده بين شوارع المدينة طوال النهار، وفي المساء ينام معي في سرير واحد.. لو كان هـمَّـ (ـةً) على الأقل! لو كان أنثى لهان الأمر!
زوجتي حامل وعليّ أن أكون في مستوى الحدث.. عليّ أن أبحث لها عما تشتهيه. واسمحوا لي، إن لم أخبركم بما يريده وحـمُها، فلذلك سببان: أحدهما أنه يُستحَبّ وفق عادات محلية، ألا يُشهَّـر بالمطلوب قبل العثور عليه، والثاني، وهو الأهم، أن منطق هذه القصة يقتضي أن تصبروا معي قليلا، وما صبركم إلا بالله. لو كان الأمر بيدي لآتيتكم من "قاع الخنشة"، ولكن الله غالب.