اشتدت غزارة المطر ، فأخذت السماء تنقر زجاج السيارة نقرات متواصلة وسريعة ، محدثة صوت خشخشة أشبه بصوت قضم الخبز المقرمش .. المسّاحات تجاهد كي تتيح لعيوننا الرؤية عبر الزجاج المبلول ، وبخار صدورنا المبثوث عبر أنوفنا وأفواهنا يتكاثف على زجاج النوافذ كالغبار ، ليحاصر نظراتنا ، وهيهات لها من النفاذ إلى الأفق في هذا الضباب الثقيل المنثور .
كنت اجلس خلف السائق ، امسح بكفي البخار وأترك نظراتي تتسلل وتلهوا بين حبات المطر القريبة ، تلاحقها أفكاري الصغيرة الهاربة بين زحام الأسئلة .. أسندت ظهري ، ونظرت إلى امرأة في ريعان الصبا ، كانت تجلس بجوار السائق ، وفي حجرها كافولة من قماش أبيض ناصع ، لا يعكر صفو بياضه سوى بقعة واحدة صفراء ، قد تكون مخاطا سقط سهوا إثر عطسة قوية ومباغتة .
داخل الكافولة نتفة لحم حية وبضة ، بلغت شهرها الثالث ، لها رأس أملس وصغير بحجم برتقالة ، وقد نبت به زغب ناعم ، بالكاد خرج من فروته الطرية ، وفم ضيق لا يتسع لحبة عنب ، فقد رأيته مفتوحا على آخره حين وأوأ : وأ .. وأ .. وأ ... لقد وأوأ بإصرار وعناد ، كأنه قصد الإزعاج .. شعرت أنه يعاندني و يناكفني .
- أسكتي هذا الرضيع !
- إنه جائع ! لا أستطيع إسكاته .
كنت اجلس خلف السائق ، امسح بكفي البخار وأترك نظراتي تتسلل وتلهوا بين حبات المطر القريبة ، تلاحقها أفكاري الصغيرة الهاربة بين زحام الأسئلة .. أسندت ظهري ، ونظرت إلى امرأة في ريعان الصبا ، كانت تجلس بجوار السائق ، وفي حجرها كافولة من قماش أبيض ناصع ، لا يعكر صفو بياضه سوى بقعة واحدة صفراء ، قد تكون مخاطا سقط سهوا إثر عطسة قوية ومباغتة .
داخل الكافولة نتفة لحم حية وبضة ، بلغت شهرها الثالث ، لها رأس أملس وصغير بحجم برتقالة ، وقد نبت به زغب ناعم ، بالكاد خرج من فروته الطرية ، وفم ضيق لا يتسع لحبة عنب ، فقد رأيته مفتوحا على آخره حين وأوأ : وأ .. وأ .. وأ ... لقد وأوأ بإصرار وعناد ، كأنه قصد الإزعاج .. شعرت أنه يعاندني و يناكفني .
- أسكتي هذا الرضيع !
- إنه جائع ! لا أستطيع إسكاته .