انفاستخضع كل قصيدة شعرية لبناء معين يضمن لها تماسكها . هذا البناء يخضع في أغلب الأحيان للمستوى الدلالي ، الذي نستطيع بواسطته تقسيم القصيدة إلى وحدات شعرية مختلفة المضمون ، متآلفة الإيقاع والوزن ، إلا أن اختلاف المضمون والدلالة لا يعني استقلالية كل وحدة ، بل إن هذه الوحدات متماسكة ومنسجمة فيما بينها على مستوى البنية العميقة للدلالة والرؤية الشعريتين .
ولعل بناء القصيدة الشعرية الجاهلية قد اتخذ شكلين متباينين : بناء فخم ، تمتاز فيه القصيدة بالطول ، وتضم عدة وحدات أولاها وحدة الطلل أو النسيب ، ثم وحدة ذكر رحيل الأحبة ، ثم وحدة وصف الفرس أو الناقة ، فوحدة المدح أو الهجاء ‎أو الفخر ، وأخيرا وحدة الموعظة أو الحكمة ... إلى غير ذلك من الوحدات التي تدخل ضمن هذا البناء كوحدة الليل ووصف الذئب أو الوادي ...
أما البناء الثاني الذي نجده في القصيدة الجاهلية ، فهو ذلك البناء العادي والبسيط الذي يتناول فيه الشاعر - وبطريقة مباشرة - موضوعه الرئيس الذي يعبر من خلاله عن أحاسيسه ومشاعره اتجاه الحياة والكون . إنـه نمط بسيط في شكله لا في جوهره ومحتواه . إن بساطته ليست سذاجة ، بل شكلا من أشكال تصنيف وتنضيد القصيدة الشعرية.
وإذا كان هذا البناء النمطي البسيط شائعا في القصيدة الشعرية الجاهلية ، فهو أقل شهرة من نظيره الفخم الذي عرفت به المعلقات والقصائد المشهورة التي اهتم بها النقاد العرب القدامى والمحدثون .
إن البناء البسيط للعمل الشعري يشكل تجليا من تجليات حضور الواقع بشكل مكثف بعيدا عن كل فنية . إنه تعبير عفوي مباشر عن أفكار الشاعر وأحاسيسه وعواطفه؛ هذه الأفكار وهذه العواطف غالبا ما تمتاز بالتأزم الشديد ، والرغبة في الكشف عن المجهول واستشراف آفاق المستقبل ، وتحقيق ما هو أفضل .

انفاستحضرني مقولة الجاحظ المشهورة: " المعاني مطروحة في الطريق" التي تكرس الجانب التعبيري وتغليب "الصياغة اللفظية عند الأديب، ولعل ما أملى عليه مضمون مقولته هذه، طبيعة الرؤية كما تجلت في ديوان الشعر العربي والمتمحورة حول مسألة الأغراض الشعرية، وهذا ما أفرز في عصور لاحقة ثنائية: شعر الطبع- الذي استمر طيلة خمسة قرون ونيف – وشعر الصنعة الذي رفع لواءه الشاعر المتأمل أبو تمام ليفتح للشعر العربي جبهة جديدة حينما قلب المعادلة وغلب جانب المعنى على جانب اللفظ. وهو ما خلف حينها رجة ترددت أصداؤها في كتب البلغاء والنقاد والأدباء على حد سواء، غير أن هذه المعادلة لم تتحرر منها القصيدة العربية طوال مسيرتها ـ بعد ذلك ـ والتي عرفت مدا وجزرا بفعل الصراع الذي ظلت تتوقد شرارته من عصر إلى عصر بين تيارين أساسيين:
تيار الثقافة الأصولية التي كانت تحن إلى النموذج الأرقى المحافظ للقصيدة العربية الاتباعية.
تيار الثقافة المحدثة والمتفتحة على نماذج فن القول في الثقافات الأجنبية.
إلى أن حسمت اللسانيات الحديثة هذا الجدل الذي عمر طويلا في النقد العربي، وفصلت في الأمر حين اعتبرت أن اللفظ والمعنى في كل الاحتمالات هما وجهان لعملة واحدة.
أثارت انتباهي مقولة الجاحظ وأنا أتصفح ديوان الشاعر الرقيق محمد الشنتوفي: "الغابة الأولى"(1)، لأكتشف بعد ذلك مدى الجهد الذي بذله صاحبه في البحث عن المعاني التي أهلته لينغمس في طقوس الكتابة والتوغل في التأمل الرصين الذي حرضه على ولوج عتبة الإشراق الشعري.
يختزل عنوان الديوان حمولة دلالية تستفز القارئ منذ الوهلة الأولى، إذ يحيل على مدى احتفاء الشاعر بجلال المعنى المغيب، "فالغابة الأولى" كناية يمكن أن تنسحب على كل ما ترسب في الذاكرة ـ تحت سبق إصرار الشاعر ـ فهي ملجأه الذي يحتمي به، هي مجاله الذي يستقي منه ما يزخر به من رؤى، إنها العالم المجازي الذي يترصد فيه طرائد الشعر العصية في عملية بوحه الشعري، إنها في النهاية زاده الذي استوحى منه قصائده المبثوثة في هذا الديوان.

انفاسإن الوضع الوجودي للإنسان، هو في العمق تعبير عن عجزه  أمام الموت الذي يعصف به، و يغير كل شيء،  لذلك أدرك الشاعر منذ البداية أن المنية أمر محتوم، لا مفر منه ، يقول طرفة :
               لعمري إن الموت ما أخطا الفتى  **  لكالطول المرخى و ثنياه باليد     
و تمنى الشاعر تميم بن مقبل لو أن الفتى حجر، إن رؤية الشاعر تبرز أن الحياة هشة، سريعة الانكسار1. فنظرة الشاعر الجاهلي للموت في الأعم هي نظرة تحكمها علاقته بالطبيعة ، لأنها مجال بحثه و تجاربه ، فالسيف و الفرس و البطولة و الخمرة و المرأة هي سلاحه لمقاومة الموت في انفتاح الطبيعة أمامه    «... فالشاعر يعيش في جدل مع الطبيعة المتموجة كالرمل و مع الدهر القاهر ».2 أما الشاعر العربي المعاصر في ظل التجربة التي يعيشها ، تجربة الهزائم و الإخفاقات  المتوالية ، من الخليج إلى المحيط ، هذه الإخفاقات ولدت لديه هذا اليأس و الاغتراب و ال حزن الذي ميز الشعر العربي المعاصر، هذه  المعاناة أثمرت  « تجربة الموت و من هذه المعاناة بدأت تتولد في أعماقه معاني الولادة و التجدد و البعث » 3  و بالعودة إلى المنجز الشعري المعاصر سندرك كيف شكل الموت هاجسا شعريا في تجربة الشعراء وهو عندهم لا يعني الاستسلام و الانهزام بل تحمل مسؤولية  الحياة 4 فالصورة التي يقدمها لا تتسم بالسقوط و الفناء، إنه الموت حين يتجدد و يبعث على الحياة كما الحال في قصائد الشعراء الرواد مثل ادونيس و خليل حاوي و السياب و نازك الملائكة و أمل دنقل.. وإن اختلفت الرؤية الفنية فإن الموت لا يخرج عن معاني التجدد و البعث و الانتصار و الحياة .
 يقول السياب :
               أود لو غرقت في دمي إلى القرار
              لأحمل العبء مع البشر
               و ابعث الحياة ، إن موتي انتصار     5  أنشودة المطر

انفاستقديم
إن التطور المهم الذي  شهدته الدراسات النقدية المعاصرة ،  أفضى إلى  ظهور مفاهيم  و مصطلحات     جديدة،  هذه  المفاهيم أعادت  الاعتبار إلى  جوانب أساسية  في النص الإبداعي ،  حيث  طل التعامـل    معها هامشيا إلى  وقت  قريب،   ومن أهم هذه المصطلحات :  النص الملحق أو الموازي paratexte .النص الموازي أو الملحق - أو المصاحب - 1 هو ما أصطلح عليه  في أغلب الدارسات النقدية العربية     بالعتبات – أو عتبات الكتابة -   و يقصد  بذلك ،  جميع العناصر المرتبطة بالنص أو الأثر الأدبي و التي    تشكل  مدخلا لقراءة  النص فهذه العتبات هي التي ستقود القارئ ، الناقد إلى مركز الانفعالات ، و حركية   الحياة في مسالك النص 2 ،   بمعنى آخر تشكل هذه العتبات قنطرة أساسية  للعبور إلى النص ، و النص   بدون هذه العتبات أو المداخل  سيكون عالما مغلقا يصعب اقتحامه.  و يعتبر الناقد الفرنسي  جيرار جينيت g.  genette    من أهم المنشغلين  بالنقد  في هذا المجال ، خصوصا عند  صدور كتابه الهام  – عتبات -  - seuils -  الذي صدر سنة 1987 .  وقد  تحدث جينيت عن ما أسماه المتعاليات النصية ،  ومن أبرز هذه  المتعاليات :  pratexte  أو المناص و يعتبره  كل ما يدور في  فلك النص  من  بعيد أو قريب و قد قسـمـه  إلى النص الملحق المباشر peritexte-  - مثل العنوان  و التمهيد و الإهداء و النص الملحق غير المباشر  Epitexte  مثل الاستجوابات و المراسلات... 3
 هكذا  تصبح هذه العتبات عبارة عن  مداخل للنص ،  تشرع أمام المتلقي الطريق لاقتحام هذا النص ،  و من  خلالها يبني أفق إنتظاراته  و توقعاته ،  وهذه العتبات  لها وظائف متعددة ،  و تتخذ أشكال  مختلفة  «... لها سياقات  توظيفية  تاريخية  و نصية  و وظائف تأليفية  تختزل جانبا من منطق الكتابة. »4   فهذه العتبات إذن مثل  اسم  المؤلف ، العنوان ، العنوان  الفرعي ، الإهداء ، التقديم ، الغلاف ، الصور ، الألوان ، الطباعة  شكل  الحروف... كل هذه العتبات  تحمل  في  جوهرها دلالات  مباشرة، أو غير مباشرة  لها صلات  و وثيقة بحمولة النص ،  بالإضافة إلى  دلالاتها الرمزية  و الإيحائية و التي  تشكل عنصر إثارة  تدفع القارئ إلى التعامل  مع النص انطلاقا من  تمثله  و تأويله لهذه المداخل .  وهذه العتبات  يتحمل كل  من  الكاتب و الناشر دورا أساسيا  في  تحديد  معالمها ،  ذلك أن المبدع أثناء  كتابته  للنص ،  و اختياره  للعنوان ،  و الإهداء... يظل المتلقي  حاضرا في  ذهنه ،  فهو يسعى إلى  إثارة انتباه القارئ  بل إلى استفزازه  أحيانا ،  ثم يأتي دور الناشر – الطبعة –   من  خلال  طريقة  إخراجه  للعمل و اختاره  لشكل الغلاف  ،  نوع الورق ،  الخط ، الألوان ، التصدير ، الحواشي ... وقد  يتم  ذلك  دون استشارة  الكاتب .  لكن  ما يهمنا  في  هذه المداخلة هوالتركيز على عتبة  واحدة  من هذه العتبات : الإهداء ،  مع محاولة إبراز نماذج من هذه الاهداءات المتصدرة للدواوين الشعرية المغربية المعاصرة .

انفاسأفرزت التحولات الثقافية والفكرية التي شهدتها أوربا في العقود الأخيرة من القرن العشرين جوا نقديا خاصا اتسم بانتحائه نحوا مباينا للتوجهات السياقية التي طبعت التعامل مع النص الأدبي والروائي بوجه خاص لتنعطف إلى أبنية النصوص والعلاقات التي تنتظمها، والصيغ التي تتجلى فيها والدلالات التي تسكنها، و أنفق الباحثون في المدرسة الفرنسية تحديدا جهدا كبيرا في هذا المجال المعرفي، وقدموا نظريات ومناهج ومقاربات استرعت أنظار الباحثين في العالم.
    وعلى الرغم مما تنفرد به الساحة النقدية الجزائرية من خصوصيات تميزها عن مثيلاتها العربية  بالنظر إلى اختلاف المعطيات التاريخية التي أنتجت وضعا يحفه كثير من التداخل واللبس، فإن الباحث الجزائري، وإن تأخر عن مواكبة هذا المنجز الغربي في أوانه – كما هو الشأن بالنسبة للباحثين التونسيين والمغاربة- أبدى منذ بداية الثمانينات رغبة وقدرة على التعاطي مع هذا المعرفة ، إذ سعى إلى التعريف بها وإشاعتها بهدف تعميم امتلاكها وإجرائها على النصوص العربية، السردي منها والشعري، الحديث منها والتراثي.         
       ونحن نتقصى أنحاء النظر في المدونة النقدية الجزائرية المنضوية تحت مظلة هذا الضرب من التعامل، ألفينا أن أكثر الأسماء تداولا في مسألتي الريادة والاشتغال اثنان هما :عبد المالك مرتاض وعبد الحميد بورايو، ووقعنا على كم هائل من الأعمال التي لا يتسع المقام لبسط القول فيما  حوته جميعا
فآثرنا أن نشتغل على إشكالية هامة بدت لنا جماع الأمر في التلقي، وهي المصطلح، ولأن للمصطلح السردي في أعمالهما غلبة وسلطان، فقد رأينا أن نبحث عند عبد الملك مرتاض  في حضور المصطلح الموصول بما طرحته السرديات بوصفها نظرية للمحكي سعت إلى البحث في شعريته من خلال تحليل بنياته، و الكشف عن علاقاته، والتمحض لصيغه، و استنطاق دلالاته، بإجراء جملة من الآليات التي  من شأنها أن تسعف الباحث إلى إدراك تلك الأهداف.

انفاسيقول الأشعري في الغلاف الخلفي لديوانه: "سيرة المطر"
" سيج الحلم في قفص من الكلام
ما العمل؟
لو يعود الفتى للزمان المشقق
مازال في الوقت متسع لاختمار الرماد" (1)
استوقفني في هذا التعبير أمران إثنان:
الأول: اعتراف الشاعر بأن حلمه أصبح سجين شعره دون أن يدري ما السبيل إلى تحرره من هذا العقال.
الثاني: ارتباط صوته الشعري بنثر الرماد الذي يصر صاحبه على مزيد من الوقت لاختماره.
وهذا ما أملى علي عنوان هذه الدراسة التي سأحاول فيها قراءة تجربته في ديوان "سيرة المطر" هذه التجربة الإبداعية التي أراد لها ألا تتوقد وتشتعل- كما هو واضح في الاستشهاد وتحت سبق إصراره لتركب أهوال المواجهة وصياغة رؤى تبـشر بمـا كان ـ وما زال ـ يضطرم في أحلام الساعين من المخلصين إلى التخطي والتجاوز، بل هي تجربة يعترف صاحبها مسبقا بأنها لن تقو إلا على  اجترار الأسى والألم والكمد ونثر الرماد في عيون القراء والمتلقين.
إن المتأمل في تجربة محمد الأشعري الشعرية، والمتتبع للمسار الذي انخرطت في غماره، يدرك بسهولة كم هو البون الشاسع، بين توقد طموح البداية، وانطفاء وميض النهاية. وهذا لعمري ما يطرح أكثر من سؤال.

أنفاس في الطريق إلى دمشق:
قلبي يسابق السيارة التي تقلني من عمّان إلى دمشق بعد أن تأجلت زيارتي مرات بسبب الطقس، بدأ الشتاء متأخرا، أمضيت أسبوعا و نظري معلق في السماء وأذني تتابع النشرات الجوية، فقد استجاب الله لصلوات الاستسقاء، ورحم عباده أخيرا، بعد يأس وخوف من نقص المياه وجفاف مبكر.
السيارة تطوي المسافات، وأنا أطوي صفحات من رواية، وأسلّي نفسي لأبعد شبح الترقب والقلق الذي لازم أيامي الأخيرة في انتظار الموعد المنشود.
خطر ببالي جمع عناوين وأسماء كتب رافقت سنوات عمري، واحتلت ركنا من ذاكرتي لا ينسى، لأستعيد بعض الهدوء النفسي والخوف الذي لازمني وكأنني تلميذة تخوض امتحانا لأول مرة..!
خرجت حافية القدمين من "(الـ)مستنقع" الطين، صعدت "فوق الجبل وتحت الثلج "نحو" المرفأ البعيد"، وخيوط من "الشمس في يوم غائم" في طقس متقلب، فلا أدري إن كان "الربيع أوالخريف". تمنيت لو كنت "حمامة زرقاء في السحب" لتحط فوق أغصان شجرة في شارع "المصابيح الزرق"، وتبحث في لحظة "الرحيل عند الغروب" عن "بقايا صور"، وتنقب في الماضي عن أسباب "مأساة ديمتريو"، و تنير بـ.."ولاعة " دربها الطويل، تحدث نفسها "كيف حملتُ القلم".
هل سأتقن كتابة "حكاية بحار" غاب كأوديسيوس، وأبحر دوني، وقضى ليالي العشق بين "الشراع والعاصفة"، ترى سيعود غانما مزودا بـ"القطاف"، و يسكنني عش الحب الدافىء و يحرسني، فأنا أخاف" الثلج "الذي" يأتي من النافذة"، ويمسح بيده جراح "عاهرة ونصف مجنون"؟
***   
حنا مينه يقارع الزمن الأعور:
فجأة تبخرت الأفكار، توارت الحروف، ووجدتني أقرع الباب بقلبي الراجف قبل يدي المرتعشة وأخطو عتبة بيت "رجل شجاع "، شغل عقول الأدباء وسلب قلوب القراء لعقود طويلة.. لم أكن أحمل أقلاما، أوراقا، وآلة تسجيل.. كل ما أحمله ذكريات لقاءات مهنية سابقة، مرت عليها سنوات، وأبقت الود بيني وبين الروائي السوري الكبير "حنا مينه".

أنفاستقديم :
تحتوي أضمومة تقاسيم الصرير، للشاعر مصطفى فرحات على اثنين وثلاثين قصيدة، كتبت ما بين 1988 و 2004، مع تقديم حول سؤال الشعر من تأليف نفس الشاعر.
الصفحة الأولى من الغلاف تضم صورة لباب خشبي عتيق، وعنوان الأضمومة، في حين تضمنت الصفحة الأخيرة، صورة فتوغرافية، مع بطاقة تعريف خاصة به، المجموعة صدرت عن دار وليلي للطباعة والنشر بمراكش في طبعتها الأولى سنة 2006.ولعل المساحة الزمنية الطويلة 14 سنة تنم عن تراكم التجربة وتجدرها بشكل كبير.
تعبق المجموعة بأنفاس أبزو* التاريخية والأسطورية وتشكلت من مواضيع متعددة تتضمن العديد من القضايا. ولعل ما يستفرد به هذا المنجز، ويجعل منه قيمة أدبية مضافة بامتياز للمشهد الشعري المغربي والعربي على السواء، هو توظيفه لنفس حكائي، تقاطع مع أجناس أدبية أخرى، و هو ما منح الأضمومة نكهة خاصة وسحرا عجيبا، كما هو الأمر في كل من نصي "حكاية الفارس الكاذب" ص78، وحكاية خرافة ص 25، بالإضافة إلى لوحة ساخرة ، متميزة تجلت في قصيدة "برج العرب" ص82، وسوف نحاول مقاربة هذه المواضيع، بالإضافة إلى أخرى ، تناولت بعض التيمات البارزة  ، والتي يمكن تحديد بعضها في: صورة أبزو، الأنفاس الحكائية، سؤال الشعر، القضية الفلسطينة، مفهوم الوطن، والسخرية ...
1. صورة أبزو
في قصيدة "حكاية خرافة .. يا أهل أبزو" ص25، تتحدد معالم المنطقة المختلفة لحظة بعشق، وأخرى بحسرة في أسلوب شعري حكائي شيق، فمعشوقة الشاعر ، اتخذت ملامح الطفولة لحظة :" بزو وجنتا طفلة/تزهر في قامتها/ألوان العطور/ظفائر من زيتون/ تعالق صدر الجبال"، وهي صورة مستوحاة من الذاكرة، ومرحلة الطفولة، ومن متون شعراء آخرين كالمختار السوسي* الذي قال عنها :

مفضلات الشهر من القصص القصيرة