
في الحديث عن تجربة شعرية كبرى كتجربة محمود درويش نجد من الضرورة الإشارة إلى مراحلها المتعدّدة. والتي حملت كل واحدة منها سمات فنية و»قضايا» شعرية ميّزتها. وكان الطابع الأهم في كل تلك المراحل التطور العاصف الذي أخذته التجربة صعودا. وبالذات منذ خروجه من فلسطين. ووقوفه على أرض الشتات بكل ما عناه ذلك الوقوف من ارتطام بواقع الحياة العربية. وبالأخص إشكالية الوجود الفلسطيني في غابة متشابكة من القوانين و»العادات» العربية. وهو ارتطام قفز بقصيدة الشاعر من فردية عزفها على ناي القضية الواحدة وشبه الوحيدة. أي مواجهة الإحتلال المباشر. إلى جدلية التناقضات الحادّة والبالغة العصف لحياة عربية كانت ولا تزال فلسطين تشكل لها عنوانا يتجاوز الإحتلال إلى عناوين أخرى كثيرة هي في المآل النهائي قضايا الحرية والمساواة وحقوق الإنسان والتنمية. والتي تجعل من فلسطين أكبر من مساحتها الجغرافية. بل تجعلها وسيلة إيضاح للمأزق العربي برمته.