anfasseنبتغي أن نصنع من هذا المدخل النظري نبراسا نهتدي بنوره في مقاربتنا الأسلوبية للنصوص الأدبية، وأن نقدم للطلبة والباحثين وكل قارئ لهذا البحث حصيلة مركَّزة عن المنهج الأسلوبي وكل التيارات والمناهج التي انصهرت معه لتكوين رؤية نقدية، وكذا الإحاطة بالمصطلحات النقدية المستعملة فيه مثل الأسلوبية، البنية، وخصوصا الانزياح   الذي هو جوهر الدراسة الأسلوبية.
انتقل الأسلوب في النقد الحديث من كونه يعني الطريق أو الفن أو المذهب أو الوجه ، ومن كونه عاما مميعا يختص بالموضة والفن والسياسة وتدبير الحياة اليومية ، إلى علم ومنهج نقدي قائم بذاته يتكفل برصد الملامح المميزة للخطاب الأدبي. ويُعرّف الأسلوب في الاصطلاح الأدبي النقدي عادة بأنه: "طريقة يستعملها الكاتب في التعبير عن موقفه، والإبانة عن شخصيته الأدبية المتميزة عن سواها، لا سيما في اختيار المفردات، وصياغة العبارات، والتشابيه والإيقاع" .واتخذ اسما خاصا به هو: "الأسلوبية".
ويرجع الفضل الأول في ظهور الأسلوبية إلى العالم اللغوي السويسري فرديناند دي سوسير (1913-1857)Ferdinand De Saussure الذي أظهر علم اللسانيات حيث يعزى إليه التفريق بين اللغة والكلام من خلال معادلته الشهيرة:"اللسان في نظرنا هو اللغة ناقص الكلام" ، حيث أوضح أن اللسان:"نتاج اجتماعي لملكة اللغة، فهو مجموعة من الأعراف الضرورية التي يستخدمها المجتمع لمزاولة هذه الملكة عند الأفراد" ، وأن اللسان:"ما هو إلا راسب من عمليات عديدة للكلام عبر الزمن، أما الكلام فانه تطبيق أو استعمال للوسائل والأدوات الصوتية، والتركيبية والمعجمية، التي يوفرها اللسان" .
لكن الفضل الأكبر ناله تلميذه شارل بالّي (1947-1865) Charles Bally وهو:"باحث لساني كان مختصا في السنسكريتية واليونانية، ولما استوعب المفاهيم التي جاء بها دي سوسير وتمثلها عكف على دراسة الأسلوب فأرسى قواعد الأسلوبية المعاصرة ابتداء من سنة 1902" .

anfasseإن الحديث عن محمد الخمار الگنوني، هو حديث عن الطائر المغرد والمحلق خارج السرب، والمنخطف للوعة العشق، والمتأمل في ملامح الجمال أينما تجلى، والكاشف لمكامن السحر الذي تعبق به الصورة الفاتنة، والنغمة الشاردة، والحركة الميادة.
إنه حديث عن أحد أهم الشعراء المغاربة الذين استهواهم التأمل الوجداني الخالص، والاحتفاء بما هو جواني عميق، ومن ثم تبدو قصائد محمد الخمار الگنوني وكأنها لوحات تشكيلية لملامح الذات العاشقة لأطياف مكامن الجمال، والسحر الماثل في مظاهر الطبيعة، إنها شحنات من الانفعالات الحادة، ولمسات مفعمة بنفحات رومانسية لم يستطع الشاعر لها ردا، وكيف له أن يفعل وهو المسكون بعشقه الصوفي للذوات المغسولة من صدإ الرياء والعواطف المزيفة، إنه عشق لا إرادي عميق أنهك جسده النحيل، وأذاقه لظى الصدود الذي لم يزده إلا ترنما بعشيقاته، وشدوا بمفاتن الجمال فيهن، ليصبح هذا العشق خاصيته التي ميزته عن باقي أصوات جيله الشعرية، إنه النسغ الذي أينع روائعه التي تغني بها ألمع الملحنين، وأعذب الأصوات الغنائية في المغرب التواق إلى تلمس الشعور بالحرية والانطلاق، والإحساس بالقدرة على التحليق والاختراق.

الغنائية الطبيعية:
إن تجربة محمد الخمار الگنوني الشعرية كما تتبدي في ديوانه "رماد هسبريس"(1) يحكمها الانعتاق من ضغط  الواقع المحموم، والتحرر من هموم اللحظات الشمطاء للارتقاء بالعملية الشعرية إلى معانقة المدهش العميق والارتواء من حياض البهاء الأنيق. وهذا ما منح قصائده دلالات تعبيرية رومانسية حالمة. ومن ثم يبدو أن الدخول إلى عالمه الشعري يجب أن يستند على سيكولوجية المبدع المنحازة لغنائية طبيعية تستمد روحها من النزعة الوجدانية التي تطفح بها نصوصه الشعرية. ولعل هذا هو ما أكسبها الصفاء الذهني والانسجام الكلي، والنفس الشعري؛ إن لحظة ولوجه لعتبة الإشراق الشعري هي عبارة عن تماهي روحي ـ قل نظيره في المتن الشعري الستيني ـ ذلك أن قارئ شعر الگنوني يحس منذ الوهلة الأولى بمدى احتفائه بروح النص الإبداعي، لأن له تصورا واضحا للرسالة الشعرية التي يجب أن تنبثق من التأمل الوجداني الخالص، وسبر أغوار النفس الإنسانية.

anfasseتفتش دائما عن الكلمة الجميلة لتؤثث قصائدها الشعرية، وتنشر أريجها هنا وهناك بابتسامتها الرقيقة ونصوصها الدافئة، وحتى لا تضيع الفرصة كان لابد من توريط المبدعة الجميلة في الحوار التالي....
من هي حبيبة العلوي؟
حبيبة العلوي كاتبة من الجزائر من مواليد العاصمة سنة 1979، خريجة قسم اللغة والأدب العربي (جامعة الجزائر)، ناقشت سنة 2007 مذكرة ماجستير بعنوان "الفضاء الروائي؛ دراسة بنيوية في رواية سيّدة المقام لواسيني الأعرج"، اشتغلت بالصحافة الثقافيّة، وتشغل حاليّا منصب باحثة بمركز البحث العلمي والتقني لتطوير اللغة العربيّة بالجزائر، وعدا هذه الرسميّات حبيبة انتمت لعالم الكتابة منذ صغرها ، تكتب الشعر والسرد وتحضّر لإصدار أولّ مجموعة شعريّة لها.
كيف تورطت في عالم الكتابة؟
الكتابة هي صنيعة الوحدة وأنا قد تورطّت بهذا العالم (الوحدة) منذ نعومة الأظفار، استفقت على عالم لا أنيس لي فيه غير الورقة: المكتوبة أو البيضاء؛ فكنت قارئة أوّلا، كاتبة ثانيا... والكتابة بالنسبة لي حالة مزمنة ولذيذة من الفضفضة عندما تنقطع عنّي  أصيب بضيق في التنفّس وعسر في الحياة. 
كيف تقيمين وضعية المرأة في الجزائر؟
سؤال صعب ومثير، المرأة الجزائريّة!

anfasseمدخل:
يشكل مجال النقد في الدراسات الأدبية، مجالا واسعا إلى أن أصبح الضرورة التي لا غنى عنها لتنمية وتغذية "النص الأدبي" بمختلف تلاوينه. واعتبر النقد الأدبي إلى عهد قريب أداة منهجية لقراءة وإعادة قراءة النصوص الأدبية. إلا أنه ونظرا لتنامي نظريات نقدية جديدة، كان لزاما على الدراسات الأدبية بين الحين والآخر مراجعة الطرق والمناهج المتبعة لفتح المجال لمناهج جديدة ولاعادة بناء النص وتأطيره بمنظورات أخرى مغايرة.
سنقف في هذا العرض على مفهوم "النقد الثقافي" في حقل الدراسات الثقافية العربية، كأداة جديدة ساهمت في إغناء الثقافة العربية الحديثة والمعاصرة، مع الاطلالة على أصول هذا "النمط الجديد"، وعلى ينبوعه الأول. ذلك أنه في عقد التسعينيات من القرن الماضي عرفت الدرسات الثقافية ازدهارا ملحوظا. وتركيزنا على الدراسات الثقافية العربية، أملته الحاجة إلى النظر في هذا المنهج الجديد الذي حضي باهتمام متزايد، من أجل الكشف عن الجدة فيه، وعن مكامن الخلل التي يمكن أن يصيبه. كما أملته الحاجة إلى الاطلاع على ما استجد في حقل الدراسات الثقافية، ذلك أن الاهتمام بالتراث الثقافي كيفما كان نوعه لا يمكن أن يتم إلا بالإلمام بنظريات ومناهج قراءة النص التراثي عموما (وليس الأدبي تحديدا)، على الرغم من أن هذا العرض لا يعالج إلا النوع الأدبي، لأن ازدهاره وظهوره الأول ارتبط بمجال الدراسات الأدبية.
تعتبر محاولة عبد الله الغذامي لإرساء أسس منهج جديد، ومشروع نقدي جديد، من أهم المحاولات التي حضيت باهتمام النقاد العرب اليوم، إلا أنها محاولة لا تنفك هي بدورها من التأثير "الغربي"، ذلك أن النقد الثقافي ظهر وأرسى أسسه الأولى في أوربا إبان القرن الثامن عشر، ولقي في العقد التاسع من القرن الماضي إقبالا في أمريكا نتيجة دعوة الباحث الأمريكي "فنسنت ليتش V.leitch إلى ضرورة نقد ثقافي ما بعد بنيوي، يسعى إلى الخروج عن القواعد المؤسساتية التي تقيد النقد عادة والاهتمام بالانتاج الأدبي غير الرسمي أو غير المعترف به رسميا، أي أدب المهمشين. ويعتبر ليتش أهم مصادر الغذامي، كما سنرى.

anfasseوليْ في رياض الشامِ تذكارُ مَدمعٍ
وصَحْبٍ كما الأطيافِ في غفلةٍ غابوا
فآهٍ على روحي العليلةِ وادياً
أتحنيهِ أنسامٌ وتَلويهِ أعشابُ !؟
--------------
سقطتْ تفاحةٌ على رأس نيوتن فاكتشفَ قانون الجاذبية الذي يُعَدُّ مِن أهم ركائز العلوم الحديثة , تُرى كم من أطنان الطابوق والحجر سقطتْ على رؤوسنا في هذه الدنيا ولم نكتشف قانوناً إلاّ اللهُمَّ قانون الرجم والتكفير  .....!!! ؟
علَّقَ ضاحكاً بائعُ الدخان الذي ابتاع منه المغترِب علبة سيجائر محلية الصنع : كلامك هذا لذيذٌ بل له نكهة المُدام الخَنْدَريس !
وأضاف : ويقولون : إنك لا تعبر النهر مرتين .
ولكنهم لم يفكروا فيما إذا كنّا نجيد العَوم أصلاً !
ومع ذلك ففي الماضي شبه القريب لم يترك الملعون جمال باشا السفاح عالِماً أو مفكراً حرّاً إلاَ وشنقه وتحديداً  في ساحة المَرجة هذه ! ولكن هذا السفاح مَهما قيل عنه يظل أجنبياً ...
فردَّ المغترِب : هذه أحاديث لا بد لك أن تبثَّها أحياناً حتى ولو لأشباح الطرقات كي تستريح قليلاً رغم معرفتك بأن أيسر ما تجلبه لك هذه الأحاديثُ من أمراض هو تقصُّف الشَّعر ووقوفُهُ ! ولكن يا حبيبي وطنك العربي هذا من أقصاه الى أقصاه ظل يبارك هذه التقنية ويزيد عليها !
فدكتاتورنا السابق مثلاً ومن أجل المزيد من تطوير طرقِ التعذيب كان قد اشترى أحدثَ فَرّامات اللَّحم البشريِّ وتحديداً من المانيا الشرقية سابقاً !
وكم من العقول والكفاءات الكبيرة وُضِعت لحومُ أجسادها المفرومة في أكياسٍ فصارت طعاماً للأسماك !
كانت الموسيقى العربية مختلطةً مع الأذان ! ومع أصوات الباعة المتجولين وعرباتهم
وجلساتٍ عائلية تحت أشجار الصفصاف ووشوشاتِ عشاقٍ قريبة مع أنها بعيدة !
كل هذه كانت تشكِّلُ منمنمةً بألوانٍ فَرِحةٍ استفزت ماضياً جَموحاً يهبُّ من الدم بقوة ثم لا يلبث أن يتحول الى زوارق ورقية تتهادى فيه :

anfasseإن الاقتراب من نص نسمة الحرية لعمر الأزمي يتطلب استحضار العتاد النقدي و المعرفي ، لكون النص الحديث  ينطوي على مكونات ثقافية كثيرة ، منها ما هو ظاهر ، و منها ما هو مستتر ، تشكل في العمق الرؤية الشعرية  و تشكل اللغة عند عمر الأزمي عنصرا أساسيا ، و حجر الزاوية في تشكل هذه الرؤية ، لأن اللغة لديه تتيح له  البوح بمعاناة الذات و الآخر في تماهي عميق يصعب من خلاله الفصل بين الذات و الآخر ، لذلك أعتقد أن النص  لديه يشكل بنية من خلالها يمكن الكشف عن مكامن الإبداع ، و عناصر التأثير فيها ثم المعنى العميق الذي يعتمل في نفس المبدع .
و يشكل عنوان النص  في قصيدة– نسمة الحرية - الثقل الدلالي لما يقدمه من مفاتيح لقراءة النص وما يبوح به من دلالات تختزل مسافات المتن ، و تمنح المتلقي تصورات لأفق انتظارا ته ، هذا الأفق قد يكون نقيض ما تصوره المتلقي . و بالعودة إلى – العنوان – نسمة الحرية نجده يتكون من مركب إضافي من قبيل الإضافة المعنوية و التي تفيد التعريف .

الكلمة الأولى – نسمة جاءت مفردة تنتمي إلى المجال الطبيعي تحيل على الرقة و الليونة  و الجمال و العطر  عكس الريح ... و الكلمة المضاف إليه – الحرية - كلمة فلسفية لكن في معناها البسيط تحيل على الانطلاق و التحرر و الأعالي و السفر... هل هذا المعنى يشكل  الدلالة المحورية للنص عند عمر الأزمي ؟  هل نحن أمام نص ينفتح على الحياة و الأمل ؟

منذ البداية نصطدم برؤية مأساوية حزينة ، تبرز معاناة الذات في واقع تغيب فيه الحرية  و يحضر الظلم ، و يغيب الحلم المستقبل ... و تشكل الأفعال الماضية الدالة على الانقضاء  دلالة أساسية ( مرت ، مضت ، انقضت ، هوت ..) و هي أفعال تشترك في معنى واحد  وهو الغياب ، ثم يتضاعف هذا الجو الجنائزي الحزين يجعل عنوان النص عنوانا زائفا – ليس بالمعنى السلبي للكلمة -  لنتأمل هذه الأفعال (  كفكفت ، أجهشت ، بكت ، أنبرت ...) أفعال  ذات معنى واحد و هذا التنوع هو تجنب للتكرار الذي قد يفقد النص شاعريته ، أما الأسماء لا تختلف في سياقها الدلالي المباشر و الرمزي عن الأفعال (  دمعة  ، عبرة  ، رعشة  ، المظلوم ، الدياجي .. ) .

هكذا و منذ البداية نجد أنفسنا أمام انهزامية الذات و التي تعبر بعمق عن الرؤية للوجود  هذه الانهزامية تعبير عن أزمة واقع بكل تجلياته ، أزمة غياب الحرية تشترك فيها الذات  و الواقع معا :    يقول  :

anfasse1-  مصافحة أولى:
صدرت للقاص المغربي الأستاذ محمد كروم الطبعة الأولى من مجموعته القصصية التي تحمل عنوان" شجرة القهر"عن مطبعة Must بتارودانت.وقد صمم لوحة غلافها الفنان أمين ناهيري، وفيها تتداخل أشلاء متناثرة مع وجوه مذعورة خلف أسلاك شائكة.. ويتصدر المجموعة تقديم دال ومختصر لشيخ القصة القصيرة المغربية الأستاذ أحمد بوزفور ، ركز فيه على وجوه التميز في هذه المجموعة ، وهي الفضاء بمظهريه الحضري والبدوي ، واللغة المنسجمة مع هذا الفضاء ، والبناء القصصي المتماسك والمرصوص..وتقع هذه المجموعة في55 صفحة من القطع المتوسط ، تشمل القصص التالية: النجاة..النجاة/حدث ذات صباح/ عام الكلاب /شامة والباشا/ القهر/ الصراصير / الصعود إلى الهاوية / القانون الجديد/ سقط القناع /موزع الخبز/ معلمة بالقوة /الدائرة/ رأس السنة / الحذاء المؤجل / أحلام كبش / القصة الجديدة / البحث عن السروال / فجأة / حاطب ليل.
2-  دلالة العنوان: " شجرة القهر".
يتكون العنوان من مركب إضافي ، يحيل طرفه الأول على دلالات التجذر والتفرع والسموق والهيمنة والإظلال والإثمار..ويحيل طرفه الثاني على دلالات التركيع والحرمان والبؤس والاضطهاد ومصادرة الحقوق والأماني والأحلام..والعلاقة بين الطرفين لا يمكن القبض عليها إلا من خلال ما يحمله المتن العام للنصوص القصصية المشكلة للمجموعة..فالعنوان باعتباره ثريا معلقة فوق المتن ، إذا استعرنا عبارة جاك دريدا ، يستمد دلالاته من هذا المتن ، ويعطيه ، في الوقت ذاته ، إضاءات وتنويرات..لذلك فإن العنوان أعلاه ، بما يفتحه من أفق انتظار أمام المتلقي ، يجعل القهر هو الثيمة الأساسية في المجموعة ، ويصبح بذلك هو القاسم المشترك بين القصص ، والخيط الناظم لها.كل الشخوص التي تتحرك في فضاءات هذه المجموعة القصصية مقهورون ، على اختلاف في أشكال هذا القهر السياسي والاقتصادي والاجتماعي والنفسي والجنسي حتى..بل إن هذا القهر لا يقف عند حد ، فهو آخذ في التنامي باستمرار: "صار الشئ الوحيد الذي يشدك إلى هذا العالم يكبر في الليل والنهار كما يكبر القهر في بلادي"(فجأة..ص.50).
لقد جرت العادة أن يختار القصاصون عناوين مجاميعهم من بين عناوين القصص التي تؤلف تلك المجاميع..ويكون العنوان المختار ، في الغالب ، للقصة المفضلة لدى المؤلف ، أو لأكثرها قوة وتأثيرا على القراء..لكننا هنا أمام خرق لهذه العادة..فكأن العنوان هنا هو العنوان الرئيس ، وعناوين القصص مجرد عناوين فرعية ، تفرعت عن الأصل واستظلت بظله..وكأن كل قصة من هذه القصص ثمرة من ثمرات تلك الشجرة التي تقطر قهرا وتسيل مرارة..

anfasse.orgلقد ارتبطت مسألة استلهام الشعراء المعاصرين للتراث والأسطورة والرمز بقضية الحداثة الشعرية، وقد كان للشاعر "ت ـ س ـ اليوت" أثر بالغ على كثير من الشعراء الرواد، ذلك أن مجموعة كبيرة قد التفتت إلى الرموز والأساطير اليونانية والرومانية إضافة إلى الأساطير الفينيقية القديمة، معتبرة أن الانتماء إلى التراث العالمي هو واجب من واجبات الشاعر.
ومن بين هذه المجموعة من الشعراء برزت أسماء: السياب وأدونيس وأنسي الحاج والصايغ ويوسف الخال... وغيرهم ممن تركوا بصماتهم على أجيال كاملة من الشعراء على امتداد الوطن العربي. وبذلك يكونوا قد طرحوا إشكالية مرتبطة أساسا بنظرتهم إلى ينابيع التراث الشعري ورموزه وأساطيره، وهي إشكالية طرحت العديد من المصاعب للأجيال اللاحقة من الشعراء العرب، وتتمثل في كيفية التوفيق بين صياغات مختلفة حول مفهوم التراث الثقافي للشعراء العرب المعاصرين.
ذلك أن مفهوم التراث يتصل بالإنجاز الثقافي العام للحضارة العربية التي تشكلت من حضارات متعددة بالغة الثراء والخصوبة والتنوع والخطورة، إنها تمتد من المحيط إلى الخليج لتشمل الحضارات: السومرية والفينيقية والفرعونية والعربية، ولتتضمن كذلك الديانات الوثنية واليهودية والمسيحية والإسلامية.
وقد ارتدى الحوار مع هذا التراث الزاخر بالتعدد والاختلاف طابعا إقليميا على يد مجموعة من الشعراء: كأدونيس ويوسف الخال وأنسي الحاج، حيث اقتصر حوارهم الثقافي والتراثي على الأساطير والرموز الفينيقية، مثل: الفنيق وعشتار وتموز... إلخ، إلى جانب الرموز المسيحية المتصلة بالمسيح والصلب والبعث والقربان ومريم...، بالإضافة إلى توظيف الرموز والأساطير اليونانية والرومانية مثل: سيزيف وأوديب وأوليس... وغيرها. هذا في الوقت الذي ارتأى غيرهم من الشعراء ـ وخاصة المصريين منهم ـ بعث الرموز والأساطير الفرعونية ك: إيزيس واوزيريس.. وغيرها من الرموز.