سنعالج في هذا الموضوع ، مشكل التعثر الدراسي ، انطلاقا من بعض الدراسات و المقاربات التي عالجت الموضوع ، حسب نوعية العوامل ، التي تفسر الظاهرة ،من بينها : دراسات تقارب الظاهرة على ضوء العوامل الفردية ، وما يرتبط بها من خصائص ، وصفات تميز المتعلم(ة) ، وقدراته العقلية (كالذكاء ،التذكر ، المقارنة ، التحليل ، الحكم ...)،و الخصائص الوجدانية ، الانفعالية . فقد يتعرض المتعلم(ة) لمصاعب متعددة ، عند مجابهة المواقف التعليمية - التعلمية ، مما يؤذي إلى تأخره ، كما ركزت بعض الدراسات على المعطى الاقتصادي ، و الوضع السوسيوثقافي ، حيث كشفت ، عن علاقته بتعثر ، أو فشل فئة من التلاميذ ،و اهتم بعضها الآخر بتأثير القيم على نتائج التحصيل الدراسي ، أي المعايير القيمية التي تحكم سلوك المتعلم(ة)، وتحدد تصوره عن ذاته وعن الآخرين .
كما انصب اهتمام الباحثين ، حول بحث الدور الذي تلعبه اللغة في الحياة الدراسية للتلميذ (ة) ، واعتبروها متغيرا هاما ، يمكن أن يؤثر سلبا ، و إيجابا على المسار الدراسي لديه . فبتعبير "بير بورديو" و" باسرون" :"إن المدرسة تساهم في تدعيم الأفضلية الاجتماعية الممنوحة لأبناء الفئات المحظوظة، و هذه مسألة يمكن ردها في كون جذور الإرث المدرسي ترجع إلى إرث الأوساط الاجتماعية الراقية ".
فالمدرسة كي تحقق هدفها الوظيفي ، نجدها تفرض معايير ثقافية ، ولسانية، تربطها روابط عضوية بالمقومات الثقافية ، واللغوية السائدة داخل الفئات الاجتماعية الميسورة ، المختلفة و البعيدة كل البعد عن الفئات الاجتماعية المحرومة . كما أن المدرسة أيضا منتجة للتعثر الدراسي ، إذ أن المناخ الاجتماعي داخل الفصل الدراسي يحظى بأهمية كبيرة ، خصوصا في عملية التعليم و التعلم ، وتأثير بعض عناصره في أداء المتعلمين ، و ما يسود بين التلاميذ من علاقات ، و كذا الطابع الهيكلي ، التنظيمي الجامد للمدرسة ، و الذي يميز الحياة المدرسية من قبيل المقررات ، الأوامر ، النواهي ، التوجيهات ...، و كذلك الخاصية الفصولية و التعاقبية ، حيث تبنى المقررات على أساس التعاقب و التتالي ، يضاف إلى ذلك الطابع الجمعي للتدريس حيث يتم تجميع أعداد من التلاميذ في قسم واحد.
كي تكون معلما عظيما ! ـ حميد بن خيبش
على امتداد عشرة فصول من كتابها (طرائق التعليم المفضية إلى التعلم)*،تعرض الكاتبة أدريين ماكريشنر خبرتها التعليمية لأزيد من عقدين،بروح تواقة إلى حفزك لتذوق متعة التعليم وإدارة الصف ،بعيدا عن التفاعل الروتيني مع التوجيهات الرسمية. وذلك عبر استراتيجيات تدريسية تحقق تعلما مستمرا وعالي الجودة،كما تتيح للمعلم دليلا إرشاديا يلبي الطموح إلى تحقيق الفاعلية بجهد أقل !
تنصت المؤلفة إلى عشرات الهواجس و الأسئلة المقلقة التي لا تزال حتى اليوم تكتنف علاقتنا بالبيئة الصفية،فتقدم إجابات ومقترحات،وخلاصة سعي دؤوب لفك شيفرة التعلم التي بدونها يظل القسط الأوفر من جهدنا التعليمي مراوحا مكانه.
إن فشل استراتيجية تعليمية أو نجاحها رهين اليوم بإدراك ما يجري داخل هذا البناء المذهل الذي يمثله الدماغ البشري. فكلما اكتشفنا كيفية تعلم الدماغ إلا وصارت عملية التعليم و التعلم أكثر نجاحا،يقول دافيد سوسا، لكن المؤسف في الأمر أن المعلمين لا يتسنى لهم الحصول على مستجدات البحث العلمي حول علاقة التدريس بالدماغ في الوقت المناسب، مما يفضي إلى هدر كثير من الوقت و الجهد في اعتماد استراتيجيات لا تتناسب مع ميول واحتياجات المتعلمين.لذا ارتأت المؤلفة تصدير مستهل كتابها بتقديم حقائق علمية تصحح الأداء التعليمي داخل الفصل،ومن أهمها :
في بيداغوجيا المدنيّة ـ عبدالله عطيّة
Quand on commence à penser que toutes les opinions ont la même valeur , il n’ya plus d’erreur ni de vérité.
Octavio Paz
في المفهوم:
التّربية المدنيّة مادّة قيم بدرجة أولى، التّسمية في حدّ ذاتها تُغني عن كلّ تشكيك في ماهيّتها من ناحية، وتؤكّد هذه الحقيقة البيّنة من ناحية ثانية. ولعلّ الانتقال في مستوى التّسمية من "التربية الوطنيّة" إلى "التربية المدنيّة" له أكثر من دلالة، هي استجابة طبيعيّة مجتمعيًّا لمرور الدّولة من طور البناء إلى طور ما بعد البناء ،أو لِنَقُل من طور بقاء الكيان السياسيّ إلى طور حسن البقاء التنشيئيّ لهذا الكيان .أعني كيف يستشعر النّشء معنى الوطنيّة حين يمارسها أفقيّا وعموديّا، الممارسة العموديّة تأخذ شكل "التعرّف على: - الهياكل الإداريّة التي يتعامل معها وتراتيب عملها / ودور المؤسّسات العموميّة وكيفيّة تنظيمها/ والعلاقات القائمة بين المؤسّسات الوطنيّة والمؤسّسات العالميّة.." ثمّ "المشاركة في نشاط المؤسّسات والمنظّمات الجهويّة والوطنيّة / والاقتناع بضرورة صيانة المكاسب الوطنيّة والإنسانيّة (1)"..هي أهداف عامّة بطبيعة الحال ضَبَطَها المقرّر الدراسيّ للمادّة وتحكمها فلسفة سياسيّة جوهرها "أنّه في كلّ بلدان العالم يُدرَّسُ الأطفالُ أنّ بلادهم هي الأحسن"(2)..أمّا الممارسة الأفقيّة فهي ذات أهميّة قصوى، هي ممارسة تنبع أوّلاً من وعْي حادّ ودقيق بالتلازم بين الحقّ والواجب...ذلك أنّ ثنائيّة الحقّ والواجب تختزل تقريبا مُجمل مضامين مدارات المادّة في مختلف المستويات التعليميّة. فطالما أنّ "المدنيّة هي مجموع الصّفات الوديعة والرّقيقة التي يحملها الإنسان أثناء تصرّفه وفي علاقاته بالآخرين" (3) فليس بالإمكان الحديث عن ممارسة أفقيّة سليمة وإيجابيّة حين لا يكون الفرد "مواطنا"...ولا يكون الفرد مواطنا في دولته إن لم يكن "واعيا بحقوقه وقائما بواجباته".
"الدرس الفلسفي" بالتعليم الثانوي التأهيلي بالمغرب : رؤية نقدية ـ اسماعيل فائز
يطرح "تدريس الفلسفة" مجموعة من الإشكالات التي تبتدئ – ربما – بالتساؤل عن إمكانية تدريس التفلسف ( كاختيار بيداغوجي رسمي) أو "تدريس ما لا يمكن تدريسه" بعبارة جاك دريدا. وتمر بمساءلة الشروط المؤسساتية والبيداغوجية والديداكيتية لهذا التدريس، كي يكون مثمرا ومجديا، ولا تنتهي مع إثارة قضايا السياق السياسي والسوسيو- ثقافي الذي يتم في إطاره هذا التدريس.
وإذا كان مدرس الفلسفة يروم مساعدة المتعلم على "تعلم التفلسف" (أي التفكير الفلسفي العقلاني والنقدي المتشبع بقيم الحرية والاختلاف...) فإنه من باب أولى أن يضع ممارسته الفصلية على محك النقد. لتبين أهم العوائق/ الأعطاب التي تعترض هذه السيرورة، ويقترح البدائل/الحلول الممكنة، مستحضرا الجدلية القائمة بين الجانب النظري والشق التطبيقي من الممارسة الفصلية.
في هذا السياق تأتي هذه الورقة/المساهمة – المتواضعة – لا لتقدم حلولا ناجزة، بل بشكل أساس لتفتح الباب مشرعا على جملة من الأسئلة والهموم التي تؤرق بال كل غيور على "الدرس الفلسفي بالمغرب" (خاصة بالثانوي التأهيلي).
وبغية تسليط الضوء على هذا الأمر سنتطرق لمحاور ثلاثة:
أولا: عوائق "تدريس التفلسف" بالثانوي التأهيلي
ثانيا: ملامح من التجربة الفصلية
ثالثا: نحو اجتراح بدائل/حلول ممكنة.
المدخل إلى إدارة تربوية حديثة ـ حميد بن خيبش
في عالم متغير و شديد التعقيد كالذي نعيشه،تواجه الإدارة التربوية مواقف ومتطلبات تستدعي الاهتمام بالمجهود العلمي و النظريات المحددة لممارسة إدارية فعالة.كما تفرض إلمام الإداري بمهارات القيادة التربوية، وتنويع الأساليب القيادية تبعا للمواقف التي يواجهها.
تبني نظرية أو نمط إداري، واكتساب مهارات متجددة ركنان أساسيان للتصور الذي يعتمده الدكتور فتحي أبو ناصر في كتابه ( مدخل إلى الإدارة التربوية)* للتجاوب بشكل مستمر مع المتغيرات التي تؤثر على سير العمل داخل المؤسسة،وتملك أسلوب علمي يضبط المواقف الإدارية.
لا يقترح المؤلف نموذجا فعالا بقدر ما يوسع دائرة الاختيار يعرض نماذج لنظريات وأنماط الإدارة التربوية ومهارات القيادة.ذلك لأن الهاجس الذي يشغله في المقام الأول هو ترسيخ القناعة بجدوى النظرية كإطار مرجعي يوجه الممارسة الإدارة، ويفك الارتباط مع الصورة النمطية و الرديئة لجهاز خدماتي منساق خلف التعليمات الواجب اتباعها،بغض النظر عن ملاءمتها للإطار الاجتماعي الذي يعمل به.
يعرض المؤلف للسياق التاريخي الذي تبلور ضمنه الاهتمام بالنظرية في الإدارة التربوية،كما بسرد أهم المحطات التي شهدت ميلاد فكر جديد في هذا المجال،وفي مقدمتها :
اللغة العربية في منظومة التربية والتكوين : تدريس المؤلفات ـ محمد شودان
الرهانات والإشكالات
مدخل
اليوم و قد تجاوزنا عتبات القرن الحادي والعشرين، مع ما شهده من تحولات على مختلف المستويات ،قد دخلنا كأمة و كحضارة معتركا جديدا في الحياة العامة تتطلب من الإنسان أفرادا و جماعات التسلح بمناعة قوية و امتلاك الوسائل والآليات التي تجعله قادرا على الصمود و الفعل والتفاعل مع محيطه القريب والبعيد ،والحق أنه لم يعد شيء بعيد، مع ما استجد في عالم الاتصال والتواصل. ومعلوم أن المدرسة بكل أسلاكها هي الوسيلة التي اصطنعها المجتمع لنقل الحضارة ونشر الثقافة وتوجيه الأبناء الوجهة الاجتماعية الصحيحة كي يكتسبوا من العادات الفكرية والعاطفية والاجتماعية ما يؤهلهم للاندماج الإيجابي في المجتمع وإذن فلنا أن نتساءل اليوم: هل منظومتنا التربوية قادرة على تخريج هذا المواطن وتكوينه بالمواصفات المطلوبة على المستويات الوطنية والقومية والكونية في شموليتها؟ هل حققت التجديدات التي عرفها النظام التربوي المغربي على المستويات البيداغوجية و الديداكتيكية غاياتها؟ ما هي مخرجات المدرسة؟ وهل تمكننا من تكوين المواطن المرغوب فيه؟
لمحاولة الإجابة عن هذه الأسئلة سنحاول استقراء مجموعة من مدخلات و مخرجات العملية التربوية التعليمية و هنا سأقتصر في هذه الورقة /الوريقة على مكون هام من مكونات مادة اللغة العربية ألا وهو مكون المؤلفات .و سأبدأ من أهداف وخلفيات إقرار هذا المكون لننتهي إن شاء الله بعد محاولة تشخيص الإشكالات المطروحة و التحديات التي تواجهنا (المعلمين والمتعلمين) إلى اقتراح وصفة نراها شافية إن وجدت الدوافع و تكاملت الرغبات مع الطموحات الكبرى للمنظومة بحول الله مع قوته.
عن الـقـراءة في سؤالـين: لـماذا؟ ومـاذا؟ ـ أنس الأهدل
القراءة بين الغائية والأداتية:
لماذا؟ هو سؤال الغائية والدافعية الذي لطالما حيّر الإنسان ونال أكثر اهتمامه، وحُقّ له ذلك، إذ بالإجابة عنه تتفتح كل الأبواب، وتتبين كل السبل، وهو سؤال مرافق لجميع الشؤون والأشياء، فما من شيء إلا واستبطن سؤال(لماذا؟) فلماذا نقرأ؟
وما الغاية التي تقودنا إلى القراءة، وتقودنا القراءة إليها؟
ثمّة غايات عديدة وكثيرة في سلّم غايات القراءة، فهناك من يقرأ استعدادًا لامتحان ما، وهناك من يقرأ لتنمية مهارة ما، وهناك من يقرأ لتحصيل المال، وهناك من يقرأ للمعرفة عمومًا... إلى آخر هذه الغايات النسبية. يجب علينا القول أولًا بأن القراءة أداة كأية أداة تساعدنا على تحصّل المادة الخام، والجدير بالذكر هو أن المعرفة ليست هي تلك المادة الخام، فالمعرفة أداة لا تختلف في أدائها عن القراءة، إلا أنها أرفع منزلة في سلّم الغايات. إذن ما الغاية المثلى للقراءة؟ وهل من الممكن ضمّ هذه الغايات إلى غاية واحدة شاملة؟
اتفق كل من وقفت عليهم من الفلاسفة والمفكرين والأصدقاء على أن الغاية المثلى من القراءة هي العمل، إلا أن العمل بإطلاق اللفظ يحتمل القارئ وغير القارئ، ففضّلت الإضافة عليه بالقول: (العمل الحكيم). واتفقوا على أن جلّ القيمة من المعرفة، التي هي الغاية النسبية من القراءة، تكمن في آثارها العملية وفاعليتها على أرض الواقع. وفي هذا يقول برتراند رسل Bertrand Russell) 1872 - 1970) في كتابه (أثر العلم في المجتمع) بأننا "معجبون بالعلم لأنه يعطينا قوة السيطرة على الطبيعة، ولكن جلّ القوة يكمن في التقنية." وفي ذات السياق-رغم خلاف المنهج بينهما- يقول ماركس (Karl Marx 1818-1883) في كتابه (أطروحات حول فيورباخ) بأن "معرفة ما إذا كان التفكير الإنساني له حقيقة واقعية ليست مطلقًا قضيّة نظرية، إنما هي قضية عملية. ففي النشاط العملي يجب على الإنسان أن يثبت الحقيقة، أي واقعيّة وقوة تفكيره وتواجد هذا التفكير في عالمنا هذا. والنقاش حول واقعيّة أو عدم واقعية التفكير المنعزل عن النشاط العملي ما هو إلا قضية كلامية بحتة." ويتساءل رسل فيقول: "ما الذي نريد معرفته عن الكهرباء، غير كيفية إفادتها لنا وعملها لأجلنا؟". والفكرة التي تقول: أقرأ لذات القراءة، وأعرف لذات المعرفة هي فكرة عبثية تخيلية، لا تمت للواقع بصلة، إن حُملت على المعنى الحرفيّ لها.
دروس بيزا (PISA) 2015 التي لا تنسى : سنغافورة تتصدر قائمة الترتيب ضمن هذه المسابقة ـ عبد الرحمان شهبون
أفرجت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE) بتاريخ 06 دجنبر 2016 عن النتائج الأولية لمسابقة بيزا (PISA) 2015 (البرنامج الدولي لتقييم المتعلمين) ضمن تقرير مؤلف من 5 أجزاء :
*الجزء الأول : خصص لتناول قضايا التميز والإنصاف/المساواة في التربية.
*الجزء الثاني : والذي سيصدر قريبا يتناول مفاتيح نجاح السياسات والممارسات المعتمدة في المؤسسات المتميزة.
*بينما ستصدر الأجزاء الثلاثة المتبقية خلال سنة 2017 (الجزء الثالث : يصف المهارات والأنماط التعلمية لدى التلاميذ – الجزء الرابع : كفايات المتعلمين في الثقافة المالية – الجزء الخامس : الحلول التشاركية للمشاكل، تحليل قدرة التلاميذ على العمل الثنائي أو العمل في مجموعات من أجل حل مشكل ما).
فقد ساهم قرابة 540 ألف تلميذ في إنجاز ا اختبارات مسابقة بيزا (PISA) 2015 (من أصل 29 مليون تلميذ عند نفس الفئة العمرية في البلدان المشاركة في هذه المسابقة) تتحد عتبتهم العمرية عند 15 – 16 سنة والمتابعين لمسار دراستهم، ينتمون ل 72 بلد. منها 35 بلدا عضوا في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE)، و37 بلدا آخرا من شركاء هذه المنظمة، (وللأسف الشديد لم يشارك المغرب ضمن هذه المسابقة في الوقت الذي شاركت فيه 5 دول عربية وهي قطر ولبنان والأردن وتونس والجزائر)، وقد شملت محتويات مسابقة بيزا (PISA) 2015 اختبارات العلوم كمادة رئيسة ومركزية، وفهم النصوص الكتابية، والرياضيات، وحل المشكلات، وهي المسابقة التي تنظمها وتشرف عليها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ((OCDE. ومن التجديدات التي حملتها مسابقة 2015 هو التحول من الاختبارات الورقية إلى الاختبارات الرقمية (épreuves informatisées)...
هوية مدرس الفلسفة بين الفلسفة والمؤسسة ـ أحمد ركني
عندما نتحدث عن تدريس الفلسفة بالمغرب وما يحيط به من مناخ ثقافي، وعن هوية مدرس الفلسفة فإننا بالضبط نتحدث عن هوية الفلسفة، يتماثل بالنسبة لي الموضوع بين هوية المدرس وهوية الفلسفة ، فعندما تصطدم الفلسفة بالمؤسسة تتلون الهوية بألوان أخرى وتتخذ أشكال متعددة، خصوصا في لحظة انتقالها من الساحة العمومية مع محنة سقراط إلى تنميطها داخل المؤسسة مع أفلاطون. من الأغورا أو ما نسميه بالفضاء العمومي إلى جدران المؤسسة في تجربة الأكاديمية، وبعد أرسطو ستصبح الفلسفة مسألة بيداغوجية. وهذا ما ينتج عنه مفارقة المؤسسي مع الفضاء العمومي وما تتيحه من تنميط لا يسمح فيه بتحويل الفصل إلى أغورا، فتجعل مدرس الفلسفة كمروض يجب أن يروض نفسه والترويض هنا هو شحذ الذهن والجرأة على استخدام العقل بصورة حرة وشخصية حتى يتمكن من معرفة الكلمة وتعليمها. فليس من نافلة القول أن نذكر بأن من لم يكن قادرا على التفلسف لا يسمى معلم الفلسفة ولن يتمكن من تدريس الفلسفة بشكل لائق. بمعنى آخر لأن المدرس مرب، وليس المربي مجرد مدرس، بل لا يمكن لمدرس ما أن يكون مدرسا حقيقيا ما لم يكن مربيا، أي يغذي وينشئ أولئك الذين عهد إليه بهم.
التّقييم التّكوينيّ في خدمة التعلّم ـ عبدالله عطيّة
"لا يمكن إصلاح ما لم يقع تقييمه"، فالتّقييم سابق لعمليّة كلّ إصلاح ،والأسبق من كليهما هو التكوين، فالمدرّس يكوّن ويقوّم ويُصلح...هي عمليّات بيداغوجيّة مترابطة ومتداخلة في نفس الوقت. ويظلّ التقويم بأنواعه المتعدّدة إجراءً يحتاجه المتعلّم والمدرسة والمنظومة بل والمدرّس. فالكلّ مَعْنِيٌّ به ومُستفيد منه...
ـ في الحَقل الدّلالي لفِعْل التّقييم:
بيداغوجيًّا نتحدّث عن ممارسة تقييميّة بمجرّد أن تتكوّن لدى المدرّس فكرة قد تكون عامّة أو دقيقة حول كفايات المتعلّمين أو تحصيلهم المعرفي. ففي الوضعيّة البيداغوجيّة يتعيّن أن تكون إجرائيات التقييم موضوعيّة وعلميّة بعيدة كلّ البعد عن الذاتيّة والحدْسيّة... لذلك يكون من المتأكّد أن يستند التقييم إلى أدوات تقنيّة ومعايير موضوعيّة مستقلّة – قدر الإمكان- عن ذات المقيّم ،وفي هذا السياق تظلّ الممارسة التقييميّة ذات وظيفة تعديليّة وعلاجيّة وتكوينيّة ،فالتقييم يبدو بَحثا عن مواضع التّمَفْصُل بين خصائص المتعلّمين المعنيين بالتقييم من ناحية وبين خصائص نظام التقييم المعتمَد من ناحية أخرى...ففي إطار التقييم التشخيصيّ يكون الاشتغال على ما يتوفّر لدى المتعلّمين من رصيد معرفيّ ومهاري يلائم الخطّة التقييميّة المحكومة بانتظارات أنساق التعلّم والتعليم...مثلما يَنصَبّ فِعْلُ التقييم في بُعْدِهِ الجزائيّ والإشهاديّ على التحقّق من مدى تماثل خصائص المقوَّمين مع ضوابط التقييم خاصّة أثناء القبول أو الارتقاء أو الرّسوب أو الرّفت...أمّا ما يخصّ التقويم التّكوينيّ – مدار اشتغالنا- فإنّ التعديل المصاحب له يهدف بدرجة أولى إلى التحقّق من مدى مطابقة شروط التنظيم البيداغوجيّ لنظام التكوين لخصوصيّات المتعلّمين ولاحتياجاتهم الذّاتيّة... وبصورة أدقّ إنّ هدف التقييم التكوينيّ لا يتمثّل فقط في الوقوف على مطابقة تحصيل المتعلّمين لمقتضيات النظام التقييميّ، وإنّما التأكّد أيضا من أنّ ميكانيزمات النّظام التقييمي ذاته وكيفيّة انتظامه وتوظيفه تستجيب هي بدورها للفروقات بين المقوَّمين ولاختلاف كفاياتهم وتنوّعها.
الجذور الفلسفية لبيداغوجيا المشكل ـ توفيق أكياس
إن الانتشار الكبير في المجال التربوي للسوسيو-بنائية كنظرية تدعو إلى تمكين الفرد من بناء معارفه ذاتيا والقطع مع الممارسات التربوية التقليدية القائمة على النقل والشحن المعرفي، إضافة إلى التطور الذي عرفه التفكير في التعليم وفي التَّعَلُّمْ، المتمركز حول المتعلمين. هذا التطور الذي طبعته علامات بارزة تتجلى في التركيز على الطرق النشيطة والنقاش حول أولوية التحفيز وحول علاقة المعرفة بالطريقة، والقائم على الربط بين أهداف المعرفة ومعرفة-الفعل، مع إعطاء الأولوية أحيانا لمعرفة الفعل. دفع إلى البحث عن نموذج بيداغوجي يعطي معنى للتعلمات، ويدخل المتعلمين في خطوات تمكنهم من بناء تعلماتهم الخاصة وتوفر لهم فرصة الاكتساب الجيد للمعارف والمهارات المتداولة.
في هذا السياق "أغرقت فكرة المشكل المدرسة والتكوين اليوم"1. لأن "رغبة تقديم المشكل بالمدرسة وتقديم المتعلمين في وضعيات تسمح لهم بتشغيل تفكيرهم وترسيخ وعيهم بكون تطورهم رهين بمواجهتهم للمشاكل. أصبحت طموحا عاديا للمدرسة وللمدرس، نظرا لإسهام الإرث التربوي في الاستئناس بالفكرة"2 ، خاصة في ديداكتيك العلوم والرياضيات
في محاولة للإحاطة بضبابية فكرة المشكلة سنقدم أهم ما أورده ميشيل فابرMichel Fabre في مقال له حول حضور المفهوم في الفلسفة المعاصرة ناقش فيه أفكار أربعة من فلاسفة المشكل Bachelard, Dewey, Deleuze, Mayer مستقصيا مراحل الظهور الابستمولوجي لبراديكم المشكل، وانعكاساته على الحقل التربوي والبيداغوجي.3