إن المتأمل في السياسة الإصلاحية للمنظومة التعليمية المغربية يستنتج أن الهدف الحقيقي لهذا الإصلاح هو تكريس التفاوت الطبقي في بنية المجتمع المغربي، تفاوت تحافظ بموجبه الطبقات المحظوظة على مصالحها وعلى كل الامتيازات التي راكمتها منذ الاستعمار إلى الآن. وذلك بإعادة توسيع الهوة بين أبناء الشعب الفقراء وأبناء الطبقة الغنية. هذه السياسة إلاصلاحية تصنع من أبنائهم طبقة مؤهلة ومن أبناء الشعب أيادي عاملة تشتغل في ضيعات ومصانع ومعامل الطبقة الغنية المنتشرة على طول ربوع الوطن. أليس هذا ما تريد أن تكرسه مدرسة اليوم وفق التصور الجديد للإصلاح؟
إذا تمعنا في المدرسة المغربية لن نجد هناك مدرسة واحدة، بل ثلاث مدارس هي:
-المدارس الفرنسية؛
-المدرسة الخصوصية؛
-المدرسة العمومية
متى يعلنون وفاة المدرسة العمومية المغربية ؟ ـ حسن طويل
"التعليم ان لم يكن تحويلا اصبح موتا للعقل و السلوك و الابداع " ( هكذا تكلم عبد الله القصيمي ، ع اللطيف الصديقي)
لقد تحولت المدرسة العمومية المغربية عبر مسلسل من " الاصلاحات" الى مؤسسة مسخ تحتوي على جميع العوامل لإنتاج الفشل . فمنذ " الاستقلال " ، اعتمد المغرب لمقاربة قضية التعليم على رؤية ترتكز على تضخيم مفاهيمي بدون قوة مادية له و على تصور ليبرالي متوحش بدأ خجولا ثم تطور حتى اصبح في المرحلة الاخيرة منتفخا ووقحا .اما على مستوى المناهج والبرامج و طرق التدريس فقد تم التأسيس المعرفي والسلوكي لفصام ثقافي ووجودي ،عبر مقولة الاصالة والمعاصرة، و الذي برمج المتعلم المغربي وحوله الى كائن بدماغين ؛ احدهما عميق ذو برنام تقليداني ، والآخر سطحي تابع للأول ذو شكل حداثي. فالتعليم المتخلف "يشوه المتعلمين و يحولهم الى عاهات انسانية و تعبيرية شاملة ضاجة بالقبح و العجز و السخف "( القصيمي، المرجع السابق ).
معلم المقهورين ـ حميد بن خيبش
يحكي الروائي الكولومبي غابرييل غارثيا ماركيز في مذكراته الشخصية أنه سأل جده في الصغر عن معنى كلمة "بحر"،غير أن هذا الأخير لم يعثر على صورة له في قاموسه المهترئ القديم فحاول أن يشرحها له من خلال عبارة تستحق التسجيل،قال " هناك كلمات لا يحتويها القاموس،لأن الناس جميعا تعرف معناها ".ويبدو الأمر كذلك حين نتحدث عن الاضطهاد والتحرر كما ترددا في كتابات المفكر و التربوي البرازيلي باولو فريري (1997-1921)، فللمفردتين معا دلالات خلاقة لا يمكن أن تستشفها من التعريفات المبثوثة في القواميس و المعاجم.وحده باولو فريري من خلال رؤيته الإنسانية والتناقضات التي ضج بها واقعه يمكنه أن يضعك أمام ضراوة القهر المطمور تحت ثقافة الصمت,وآلية تفجيره من الداخل لبلوغ التحرر الفعال.
لم تكن "ريسايف"،مسقط رأس باولو فريري،غير تجل آخر لأحزمة البؤس والقهر المنتشرة في البرازيل مطلع الثلاثينات من القرن الماضي.وأسهمت الأزمة الاقتصادية الشهيرة عام 1929 في تضييق الخناق على أسرة فريري ليختبر بنفسه آلام الجوع و المعاناة,وليعزز مقولاته النظرية فيما بعد بميزة الممارسة العملية والخبرة المستقاة من واقع مجرب.فكان اكتشافه لثقافة الصمت التي يلوذ بها المقهورون مدخلا لتصحيح الوضع التعليمي،لا على صعيد تعليم الكبار فحسب,بل أيضا من خلال إبداع فلسفة تربوية تضع حدا للهيمنة والغزو الثقافي،وتحرض المقهورين على الدخول في حوار ناقد مع العالم،يُسائله تمهيدا لتغييره وتجاوز مقولاته الاستعلائية.
نقدُ مَناهج وبرامج التربية الحديثة ـ حنافي جواد
وقْفةٌ مع المنهاج:
مُصطَلحُ المَناهجِ الحديثة يُحيل إلى البرامج والتوجيهات البيداغوجية والديدكتيكية الحديثة التي تجعل المتعلم في صلب العملية التعليمية التعلمية.
المتعلم في تلك المناهج نواة وقطب رحى تدور حوله كُلُّ العمليات التربوية (من السياسات التعليمية حتى تصميم الطاولات وشكل الحدائق داخل فضاء المؤسسة).
تأتي المناهج الحديثةُ في مقابلةِ الطُّرق والاستراتيجيات القديمة؛ فِي هندسة المواد وترتيب المناهج؛ التي تعتبر المُعلم مِحورا للعمليةِ التعليميةِ التعلمية، والمتعلم مُجرد متلق للمادة.
يعني نحن أمام منهجين: قديمٌ وحديثٌ. وبناء على هذين التَّصورين اختلفت تصاميم وهندسيات المنظومة التربوية.
ومصطلحُ المناهج أوسع من المُقررات (والبرامج) أو الكتب المدرسية، فهي جزء منه. ويتناغم البرنامج المقرر مع توجهات المنهاج، ولا يختلف عنه، ولا يناقضه.
هناكَ فرق بين المقرر والمنهاج - إذن:
المُقرَّرُ يشملُ الدُّروس المبرمجة في الكتاب وبعض الأنشطة التعليمية التعلمية.
المنهاجُ أوسعُ منْ المُقرر، يشمل المحتوى والوسائل والطرائق والأطر المرجعية الناظمة للمفاهيم والمهارات، وضوابط التخطيط والتقويم (...) يَمتدُّ من المُدْخلات مُرُورًا بالعَمَليَاتِ ثُم المُخْرَجَات.
وتَدخل ضمن البرامج والمناهج كل الوثائق المنظمة للمدرسة إن بيداغوجيا أو ديدكتيكيا أو قانونيا (...)
إن المنهاج الدراسي بهذا المعنى (يَقصد هنا المعنى الجديد للمفهوم) مفهوم واسع يشمل عدة بنيات العملية التعليمية التعلمية (الطرق - البيداغوجيا- الأهداف - التقييم - الموارد التعليمية - الكتب - إعداد المدرسين - الأدوات الديدكتيكية... إلخ)[1]
ونقصدُ بالمَناهج - كذلكم - السِّياساتِ التّعليميةَ الحديثةَ، التي جادَ بها القرن العشرون. لأنَّنَا لا نَعزِلُ السياسة عن التربية والتعليم. وهَذا حاصلٌ في كلُّ دول العالم.
المدرسة والمجتمع وأزمة القيم ـ محمد أسيداه
يطرح صاحب هذه المقالة من منظور لا يقصد، ارتهانا لموقف عدمي، إلى تسويد الأفق، بل إلى مساءلة-لا تنكر الحماس-راهن واقع تعليمي ثقيل التكلفة بطيء المردودية هزيل الفائدة، في مجتمع سريع التحول كثير المطالب بالغ التذمر، في سياق دولي غير مسبوق ينذر بالابتلاء والابتلاع؛ يعتمد المنظور مدخل القيم بما هي أساسا ما يجعل أي فعل إنساني ذا معنى؛ لأنها مبدأ لتعليله وشرعيته، ولأنها ما يجعل الحياة قابلة أو جديرة بأن تعاش.
يصدر هذا المقال عن طائفة من الافتراضات نعرضها على سبيل المساءلة والمناظرة، وندعو إلى تمحيص وجاهتها وتـأمل استلزاماتها:
• القيم هي ما يمنح التربية والتكوين معنى ؛
• التربية على القيم هي ما يحقق التعايش ويضمنه ؛
• التكوين الحقيقي هو ما يحقق المشاركة في فرص الحياة وإمكانياتها ؛
• لكي يكون الفعل التربوي التكويني(=المدرسة) ذا معنى؛ لا ينبغي أن يكون متناقضا(تناقض القول مع الواقع، القيم مع الممارسة...) ؛
• لكي تنجح المدرسة يجب أن تتطابق قيمها مع قيم المجتمع، أو أن يتناغم خطابهما بحيث يرى خطاب المجتمع المدرسة ضرورية ويقنع خطاب المجتمع نفسه بأنه مفيد ؛
• خطاب المجتمع خطاب مضاد لخطاب المدرسة ؛
• إصلاح المجتمع رهين بإصلاح المدرسة ؛
الانتهاء بالافتراض الأخير الذي هو خلاصة الافتراضات السابقة يعني أن مصدر التنمية البشرية والتنشئة الاجتماعية يعاني خللا مشخصا بأزمة القيم، من دون أن يعني ذلك البتة رد الأزمة إلى ما هو لامادي فقط؛ فالأسباب المادية ربما كانت أكثر قوة ووجاهة.
الحديث عن أزمة التربية والتكوين(=المدرسة اختصارا من الآن فصاعدا)هو حديث لا ينقطع في كل الأمم وعلى مر التاريخ. ومن البدهي أن هذه الأزمة تتلون بوعي المجتمعات وانتظاراتها؛ فأزمة المدرسة في كندا هي غير أزمتها في فرنسا أو في المغرب، ومن ثم تتنوع الحلول تبعا لتصور الأزمة ونوعيتها.
علاقة الاختيار في التوجيه بالشخصية (نموذجية هولاند) ـ المختار شعالي
عرف التوجيه، كمجال معرفي قائم بذاته، تطورا مطردا منذ بداية القرن العشرين، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث وضع الباحثون في هذه البلاد الأسس والمفاهيم التي تأسست عليها أدبيات التوجيه والتي سعت إلى تفسير الاختيار واتخاذ القرار في التوجيه. وقد تحقق هذا التطور تحث تأثير تطور العلوم المرتبطة بالتوجيه وتطور المجتمع، وشمل هذا التطور كل الجوانب سواء على مستوى المنظور أو على مستوى المفاهيم أو على مستوى الممارسة، وذلك للاستجابة إلى الحاجات المتجددة والملحة لمجتمع يعرف ثورة صناعية ومعرفية واجتماعية.
إن الأسئلة الجوهرية التي تطرحها قضايا التوجيه تتعلق ب: كيف تتشكل الميول والاهتمامات والقيم والهوية؟ وهل هي قابلة للنمو والتربية والإعداد والنضج والإدراك والتقييم؟ وما علاقاتها بالاختيار واتخاذ القرار في التوجيه؟ أي كيف يمكن تفسير الاختيارات التي يتخذها الأفراد في مساراتهم الدراسية والمهنية والحياتية؟ وكيف يمكن تحديد وتفسير العوامل والمحددات والبواعث التي تقبع وراء هذه الاختيارات؟ وما علاقة الاختيار والتوجيه الملائمين بمردودية الأفراد وبالرفع من حافزيتهم للتجاوب والانخراط في تنمية ذواتهم ومحيطهمهم؟ في ما يتباين أشخاص يتفوقون بدرجات مختلفة عن آخرين يفشلون تماما عند ممارسة نفس الشغل؟ وما هي الكفايات التي ينبغي تملكها ليتمكن الفرد من التحكم في اختياراته؟ وما هي المنهجيات والمقاربات التربوية التي ينبغي اعتمادها في المدرسة لتنمية هذه الكفايات؟
المناولة الأفقية أو الميكروسكوبية لتجاوز التمثلات في مادة الفلسفة (3) ـ محمد متوكيل
لعل الهاجس الذي يسيطر علينا و نحن نتناول تمثلات المتعلمين باعتبارها ذات أهمية في بناء المفاهيم الفلسفية، و كذلك الطرق الكفيلة بالكشف عنها و معالجتها و تجاوزها نحو تأسيس تمثلات عالمة، سواء على مستوى بناء المفاهيم كنواة أساسية داخل الدرس الفلسفي، أو تعلق الأمر بتحقيق إقبال على الدرس الفلسفي في مرتبة متوسطة، و التمكن من تحصيل دعم للفكر الفلسفي عامة ومادة الفلسفة خاصة، هو هاجس ضمان رغبة المتعلمين في التفلسف، هذه الرغبة التي إذا ما تحصلت يكون رهاننا الذي نراهن عليه- و الذي قررناه آنفا- قد تحقق، لأن تلك الرغبة من شأنها تكسير المقاومة الشرسة التي يتحلى بها كل متعلم يلج درس الفلسفة وجعله ينخرط انخراطا فعالا في بناء المفاهيم و منها إلى بناء الدرس الفلسفي.
إذن، مرة أخرى، نعود و نؤكد على أن تمثلات المتعلمين لها أهمية لا يستهان بها في تناول أي درس فلسفي. لكن السؤال الذي نجد أنفسنا مضطرين لطرحه في هذه النقطة، هو كيف يمكن للمناولة الأفقية أن تمكننا من الكشف عن التمثلات المعيقة، و تجاوزها نحو التمثلات الارتكازية حسب تعبير ميشيل طوزي؟
المناولة العمودية لتجاوز التمثلات في مادة الفلسفة (2) ـ محمد متوكيل
طبعا، المناولة تشير هنا إلى الأستاذ (أستاذ الفلسفة)، الشيء الذي جعلنا نشير أولا و قبل كل شيء إلى أن طريقة المناولة تتطلب وعيا من لدن المدرس لما لهذه التمثلات (تمثلات المتعلمين) من أهمية في الدرس الفلسفي و ذلك لأن "عدم أخذها بعين الاعتبار و رفض إنشاءات التلاميذ الشفوية أو الكتابية بصددها داخل الفصل، بحجة أنها لن تزيد فكرهم إلا غموضا، و اللجوء في مقابل ذلك إلى جعلهم متصلين عنوة بالمعرفة الفلسفية الأصلية، من شأنه أن يؤدي في أسوأ الحالات إلى : الدفع بالتلميذ إلى إبداع مواقف عدائية، قد تكون أحيانا رافضة لتدريس الفلسفة. و في أحسن الأحوال إلى إضفاء صبغة شبه علمية على تلك التمثلات "( ). يتبين إذن أن وعي المدرس أو عدم الوعي هو الذي يحدد طريقة مناولته لتلك التمثلات، إذ أن عدم الوعي، و كما يتبين من خلال القول، يؤول بالمدرس إلى مناولة التمثلات مناولة عمودية، تصدم المتعلم و بدون سابق إنذار بغزارة معرفية وإسقاطها عليه عنوة، حيث تصادر منه كل الحقوق الفكرية و التعبيرية، هذه الطريقة التي لا محالة تكون لها ردود أفعال من طرف المتعلم، تتجسد في رفض متطرف، و في أحسن الأحوال إظهار تطرف أقل حدة، بإظهار تمثلاته في حلة شبه علمية،" صبغة تتحلل و تنهار بمجرد ما أن تتاح لها الفرصة فاسحة المجال للتمثلات السابقة بشكل أقوى أحيانا مما كانت عليه من قبل، أو قد تمتزج بها لتشكل خليطا عجيبا"( ).إن هذا الجهل من طرف المدرس بما للتمثلات من أهمية، يشكل مركز المناولة العمودية إذ عليه تبنى ومنه تنهل خصائصها، و من بين خصائص المناولة العمودية للتمثلات:
أي استراتيجية لتجاوز الأحكام المسبقة حول مادة الفلسفة (1) ـ محمد متوكيل
يصطلح على الأحكام المسبقة داخل الأدبيات التربوية بالتمثلات، هذه الأخيرة التي هي حسب "اندريه جيوردان" " عبارة عن مجموعة من الصور و النماذج الذهنية عند المتعلم قبل أي نشاط تعليمي، و تكون نشيطة خلال عملية التعلم "([1]). ومما هو معلوم أن المتعلم و هو آت إلى الدرس أيّ درس، و الدرس الفلسفي خصوصا، لا يأتي فارغ الذهن و كل ما يتطلبه هو الشحن، إنما يأتي محملا بمجموعة من التمثلات التي اكتسبها أثناء مساره التنموي و الثقافي... هذه التمثلات التي غالبا ما تكون حاجزا أمام تعلم و استدماج المعارف المدرسية، و الفلسفية على وجه الخصوص، نظرا لمجموعة من الأسباب منها ما هو مرتبط بالمادة (الفلسفة)، باعتبار مادة "مغضوب" عليها مجتمعيا- إن صح التعبير-، هذا من جهة، و كذلك نظرا لما تتميز به من تجريد يتطلب من التلميذ بذل الجهد الفكري لاستيعاب أفكارها، و كذلك لكون هذه المادة لا يلتقي بها التلميذ إلا مع ولوج المرحلة الثانوية، مما يطرح مجموعة من الأسئلة لدى المتعلم، حول سبب هذا التأخر في تدريس هذه المادة، الشيء الذي يُكون ويقوي التخوف و يعزز تلك التمثلات المجتمعية التي غالبا ما تكون ضد هذه المادة، إن لم نقل معادية لها. لكن تبقى مادة الفلسفة، كمادة مدرسية مقررة، لا مفر منها، هذه النتيجة الأخيرة تفرض علينا أن نتساءل حول كيفية الاشتغال على تلك التمثلات التي يأتي بها المتعلم للدرس الفلسفي، و خصوصا إذا ما استحضرنا أنها قد تحول بينه و بين انخراطه الفعال في هذه المادة، إن لم نقل محاربتها و رفضها بالباث و المطلق.
إسهاما في النقاش الدائر حول إصلاح الجانب الإسلامي في التعليم المدرسي ـ الزبير مهداد
أثارت الدعوة الملكية الشجاعة إلى إصلاح الجانب الإسلامي في التعليم نقاشا كثيرا، ما بين مرحب ومتوجس ومتحفظ، وصل النقاش إلى حد تحريف الدعوة الملكية، وتسمية الأمور بغير مسمياتها، فكلمة التربية الإسلامية أصبحت لدى بعض الناس التربية الدينية، وتقاذف الخائضون الاتهامات وتراجموا بالتكفير وتبادلوا التخوين، حتى قبل أن تبدو معالم هذا الإصلاح وإجراءاته ومضامينه، فالدعوة الإصلاحية أخرجت كثيرا من الأصوات من قمقمها لتخوض بالقول في موضوع شائك، على الرغم مما قد يبدو عليه من بساطة. فالتسطيح يؤدي إلى تناول خاطئ لكثير من قضايانا المصيرية.
وهذا المقال ليس ردا على جهة، أو توضيحا لقرار، وإنما محاولة مني لاستحضار أمرين اثنين يجب ألا نغيبهما عن النقاش.
الأمر الأول هو أن الدعوة إلى إصلاح الجانب الإسلامي في التعليم ليست وليدة اليوم، بل هي مطلب قديم عبر عنه كثير من العلماء الأعلام في التاريخ الإسلامي، المجال لا يتسع لذكرهم كلهم، لكن يمكننا استحضار مثالين اثنين من بلاد الغرب الإسلامي، الأول هو ابن العربي المعافري، الذي يعد رائدا للتربية المقارنة، انتقد طريقة تعليم الدين بعد رحلته للمشرق ومقارناته بين نظامي التعليم المغربي والمشرقي، وأورد آراء على جانب كبير من الأهمية، هذه الخطوة ستكون دليلا لغيره من العلماء الذين جاؤوا بعده، ولعل أهمهم ابن خلدون.
المراهق وصناعة المستقبل ـ بوعزة بوبكر
"لا يمكن أن يصبح مربيا من لا يستطيع أن يحس بحياة الطفولة تسري بداخله." سيجموند فرويد.
"الإنسان لا يصبح إنسانا إلا بالتربية" إمانويل كانط.
"إن الإنسان الذي ينتقل من صورة الوجود بالقوة إلى صورة الوجود بالفعل، أمر مرهون بالفعل التربوي" هنري بييرنو.
تعد المراهقة من أهم المراحل العمرية وأخطرها على الإطلاق. إنها مرحلة عمرية يمر بها الإنسان في حياته خصوصا عندما يتجاوز مرحلة الطفولة، وتستمر حتى مرحلة النضج. رغم أن البعض يرفض جعل المراهقة مجرد مرحلة عمرية محددة،و يؤكد أنها سيرورة مستمرة مع الفرد في كل فترات عمره.
إن ما جعل ويجعل جل الباحثين يركزون فترة المراهقة كمرحلة وسطى بين الطفولة والرشد، هو ما يحدث للطفل من تغيرات جذرية على جميع المستويات الجسمية والعقلية والانفعالية الوجدانية التي يعيشها المراهق في هذه السن، لهذا وجبت معاملته بأساليب وطرائق تربوية لما لهذه المرحلة من خصوصية ومن حساسية. و كل تعامل مع المراهق دون مراعاة لحساسية هذه الفترة العمرية يقود مباشرة إلى اضطرابات سلوكية وخلل في التوازن النفسي لشخصية المراهق، تجنح به في متاهات الرذيلة والممارسات المشبوهة والتعاطي للمخدرات والخمور، بل أكثر من ذلك قد تجنح به إلى عالم الإجرام والدعارة والفساد...، لهذا تحتاج أسرنا ومؤسساتنا التعليمية وكل القائمين على الشأن التربوي إلى فهم حقيقي لشخصية المراهق، وإلماما جيدا بنظريات علم النفسي التربوي والاجتماعي، حتى تتمكن هذه الشريحة الاجتماعية من توجيه المراهق توجيها صائبا يخدم المجتمع ويجعل منه قوة فاعلة وأساسية في تنمية المجتمع والدفع بعجلته إلى التقدم.