anfasse09076إنّ حديثنا عن هذا الموضوع حديث ذو شجون، ذلك أن الرؤى تتعدّد، والمقاربات تختلف من فاعل وباحث لساني لآخر، كلّ حسب عُدّته النظرية وخلفياته الأيدولوجية وتوجهاته السياسية. من الأكيد أنّ هذه التيمة / الإشكالية من بين التيمات والموضوعات التي طفت على سَطح النقاشات العمومية، ماضيا وحاضرا، ولا يزال النقاش يحتد بشأنها بين الفينة والأخرى حتى بعد دسترة الأمازيغية (في دستور 2011 ) ولا نستبعد أن يحتد النقاش بخصوصها مستقبلا مادام أعداء التعدّد والاختلاف في كل زمان ومكان. موضوع قيل فيه من الكلام الشيء الكثير، وسيل فيه مداد غزير لأقلام باحثين مرموقين مشهود لهم بالكفاءة والأهلية العلمية في اللسانيات والسوسيولسانيات واللسانيات الجغرافية والسياسية. سنحاول أن نبرز في هذه المقالة المختصرة موقفنا من طبيعة العلاقة الكائنة والموجودة بين الأمازيغية والعربية كما نتمثلها ونتصورها كمهتمين بالشأن اللساني.
 

anfasse09072تقديم:
رسخ الزمن و المجال علاقات تجارية بين فاس و مدن و بوادي المغرب ثم علاقاتها مع الأمم الأخرى، و كان للإنتاج الحرفي الدور الأساسي في تنشيطها حيث وفر السلع و البضائع للمبادلات لتلبية حاجيات  الزبناء في كل الأماكن. وشكلت القوافل وسيلة أساسية لتصريفها خارج الحاضرة الادريسية.  وتدين فاس في غناها و عظمتها لنشاطها التجاري، وتلازم نفوذها التجاري بنفوذها الروحي و السياسي داخل المغرب، غير أن هذا الامتداد التجاري سيعرف تغييرات جذرية بدءا من المناطق التقليدية للنفوذ التجاري لفاس: الجزائر طرابلس و مصر ثم بلاد السودان و في إفريقيا الغربية، بفعل التحولات التي عرفتها هذه الأماكن و ماشهدته من الغزو الاستعماري و اكتساح الرأسمالية لها.

 فما هي روابط فاس ببلاد السودان و إفريقيا الغربية؟ و ماهي التحولات الجديدة التي سيعرفها الامتداد التجاري لفاس فيها في مطلع القرن العشرين؟

1     ـ روابط تجار فاس بإفريقيا الغربية:

     لا تسعفنا الوثائق المغربية عن تتبع تاريخ هجرة المغاربة إلى إفريقيا الغربية، و سنستقصي معلوماتنا من كتب الرحالة الأوربيين المستكشفين و ضباط الجيش الفرنسي في حملاتهم العسكرية على بلاد السودان، فـ"ليوبولد  بانل"Leopold Panel   يؤكد أنه أثناء إقامته في سان لويس (السينغال) عام 1850 تعرف على تاجر مغربي من مدينة فاس، كان قد هاجر قبل التاريخ المذكور بسنتين أو ثلاث[1].  و يبدو أن وجودهم ظل محدودا و لم يسترع انتباه الأوربيين المستكشفين للمدينة، أذ لم يشر إلى وجودهم فيدهيرب L. Faidherbeفي الإحصاء الذي تم بالمدينة سنة 1858 حيث بلغ عدد سكانها و أجوازها زهاء 15 ألف نسمة.و اعتبرها من أجمل مدن سواحل إفريقيا الغربية[2]، حيث كانت الإمراض الاستوائية تفتك بهم، و تحد من جرأتهم و من نشاطهم التجاري الذي يتعدى المغرب الى دكارو سابقا إلى القاهرة[3]. .

anfassa01083 تصميم الموضوع
1.الأرشيف التقليدي
أ. تعريف الوثيقة و الأرشيف.
ب.الوثيقة و التاريخ.
ج. الاهتمام الدولي بالأرشيف.
د.تحديات الأرشيف التقليدي.
2.الأرشيف الإلكتروني.
أ. مزايا و ضرورات الأرشيف الإلكتروني.
ب.طرق التحول إلى الأرشيف الإلكتروني.
ج. قضايا التوثيق في الأرشيف الإلكتروني.

تقديم.
         تمثل الوثيقة  ذاكرة الوطن والوطن بدون وثيقة لا تاريخ له، لهذا بادرت الأمم بجمع وحفظ تراثها الوثائقي منذ القدم. فبدأ التوثيق منذ اكتشاف الكتابة في بلاد الرافدين مرورا بمصر القديمة والأرشيف اليوناني والروماني القديم، وتدوين الحديث الشريف، وتأريخ حوادث إنشاء الدولة العربية الإسلامية،ودول العالم المختلفة، فلولا الوثيقة لما اطلعنا على تاريخ الأمم المختلفة ولا حفظنا أحداث التاريخ، و إذا كانت إذن للوثيقة قيمة كبرى في حفظ التراث وفهم الماضي لتعزيز الثقة بالمستقبل، فإن هذا الإنتاج الإنساني يواجه تحديات في عالم اليوم، فكيف يمكن الحفاظ عليه للاستفادة منه؟. 

أولا. الأرشيف التقليدي
1.     تعريف الوثيقة و الأرشيف.
ماهية الوثيقة.
     الوثيقة هي كل ما يعتمد عليه، ويرجع إليه لأحكام أمر، وتثبيته وإعطائه صفة التحقق والتأكد منه وهو كل وديعة فكرية أو تاريخية تساعد في البحث العلمي، أو تكشف عن جوهر واقع ما، أو تصفه ويمكن تحديد عناصر الوثيقة في ما يلي:[i]
أن تكون مصدر للمعرفة: أي أنها تحتوي على معلومات تمكن المستفيد من الاعتماد عليها في إثبات حجة أو الرد على رأي أو الحصول على معلومة جديدة تفيد في البحث العلمي.

anfasse17065ساهمت الحضارة العربية الإسلامية كمختلف الحضارات في وضع لبنة في هرم التقدم البشري، غير أن هذه الحضارة ستعرف أفولا وتقهقرا وتراجعا بمنعرج حاسم في البلاد الإسلامية وهي هزيمة الموحدين في معركة العقاب 609ه/1212م، التي شكلت الفارق وبداية التراجع والانحطاط، غير أن عصبية المرينيين التي تلت الموحدين في أواخر القرن الثالث عشر وبداية الرابع عشر ستعرف استثناء أن احتضنت عالم العمران العلامة ابن خلدون، لكنه عاش غريبا في عصره ولم يدرك معاصروه ما كتبه في مقدمته، وبالتالي عاش في معزل عن قراء عصره ومجتمعه.
عموما ستعيش الحركة الفكرية بالمغرب بعد عصر المرينيين سباتا عميقا وستعرف منعرجا مهما بتحول طبيعة العلوم من جانبها العقلي إلى وضع نقلي جامد وستغلق أبواب الاجتهاد، وهذا التحول ما بين عصر المرينيين /الوطاسيين و السعديين بداية من القرن 16 م ـ الذي يصادف الغزو الأيبيري لسواحل المغربية ـ هو ما عبر عنه محمد عابد الجابري بقوله: "هكذا يكون تاريخ  ابن خلدون قد انتهى مع نهاية تجربة ابن خلدون، لقد انتهى تاريخ وحدة العصبية والدولة ليقوم مكانه تاريخ الزوايا والتكايا، تاريخ الانكماش الذاتي والتدخلات الأجنبية العثمانية والاستعمار"، فهذا الكلام يعكس لنا ببساطة مدى التحول الكبير الذي حدث بين هذين العصرين. لقد تغيرت ملامح الغرب الإسلامي ومنها شروط الظفر بالملك بتحوله نحو مفهوم جديد وهي العصبية القائمة على الشرف، مما يدل على تغير مهم جدا حسب الجابري مما يحولنا أيضا لمتابعة ما حصل للعلوم والعلم والفكر، لقد بدأ عصر الانحطاط من هذه الفترة كما يتحدث محمد عابد الجابري في كتابه " فكر ابن خلدون العصبية والدولة" ص 19:" كان كل شيء خلال القرن الثامن الهجري ـ الرابع عشر الميلادي ـــ يشير إلى أن شمس الحضارة الإسلامية آخذة في الأفول, فلم يكن الناظر أينما توجه ببصره سواء في الحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية، يستطيع أن يستشف أي بريق من نور وبصيص من الأمل، بل انه كان يصطدم في جميع المجالات بحقيقة مرة، تفرض نفسها فرضا، حقيقة التقهقر والتراجع والانحطاط".

anfasse17064تقديم:
تبدو جوانب التأثير والتأثر الحضاري بين شعوب المعمورة أكثر وضوحا منذ العصر الوسيط، مرورا بالعصر الحديث، ثم وصولا إلى التاريخ المعاصر، بحيث يمكن رصد مجال ظهور هذا الإنتاج الحضاري أو ذاك، وكشف وسائل وطرق انتشاره، والمجموعات البشرية المنتجة له، إلى أن نصل-في العصر الراهن-إلى تحديد أكثر دقة لمصادر انبثاق الكثير من عناصر الحضارة، ونسبها إلى أشخاص ذاتيين أو اعتباريين محددين بالأسماء، وتحديد براءة اختراع المنتج الحضاري لأشخاص أو شركات. وإذا كان الأمر بهذا القدر من الوضوح بالنسبة للعصر الراهن، فإن البحث في إشكالية أصل الإنتاجات الحضارية والمجموعات الإثنية - وإن كان ذلك مشروعا من الناحية العلمية- فإنه بالنسبة للتاريخ القديم قد يطرح عدة إشكاليات كما سنبين ذلك في هذا الحيز.
التحديد المفاهيمي:
سنوظف في هذا المقال عدة مفاهيم لمقاربة إشكالية الأصل في بحوث التاريخ القديم، يمكن عرضها كما يلي:
- الأصل: إن مفهوم الأصل يَفْتَرِضُ-بوجه عام- وجود مصدر وحيد أصيل ومحدد بدقة لكل الإنتاجات الحضارية المعروفة خلال التاريخ القديم، بحيث يمكن الحديث- نظريا- عن أصل مطلق يمكن تحديده على مستويي مجال الإنتاج والمجموعات البشرية المنتجة.
- الإنتاج الحضاري: يحيل هذا المفهوم إلى كل ما توصل إليه الإنسان خلال مسار تفاعله مع الطبيعة من حوله، منذ ما قبل التاريخ وما قبيل التاريخ، وصولا إلى الفترة التاريخية من إنتاجات مادية وغير مادية.

anfasse10069يسمح تتبع مسار تطور الحضارة عبر التاريخ بملاحظة تنوع اتجاهاتها، وتعدد العناصر البشرية الفاعلة فيها، ورصد التحولات الجوهرية التي اعتملت في العالم القديم، وأدت إلى شطب الكثير من الحضارات المزدهرة من على الأرض، واختفاء شعوب صنعت تاريخ الإنسانية وتسيّدت إمبراطورياتها ثم توارت. فمن حضارات الشرق الأقصى، مرورا بحضارات الشرق القديم، انتقلت موازين الفعل الحضاري من منطقة لأخرى لتستقر الغلبة في عصرنا الراهن في ذلك الجزء من كوكب الأرض الذي لم يكن معروفا أصلا عند القدماء، ونعني بذلك الجزء الشمالي للقارة الأمريكية.
فكيف حصلت هذه المتغيرات الحضارية في العصر القديم؟ وكيف يمكن تصور مدى هذه التحولات في المستقبل؟ وهل ثمة قوانين تفسر سيرورات التاريخ؟
أسئلة وأخرى سنحاول مقاربتها في هذا الحيز من زاوية فكرية صرفة.
صنعوا إحدى أهم عناصر الحضارة إشراقا في التاريخ القديم، وهي ابتكار أولى إرهاصات الكتابة، وشكلوا إحدى أعظم الإمبراطوريات في العالم القديم. هم الآن مجرد عشيرة وأقلية قليلة عددا وعديدا وتأثيرا ونفوذا وانتشارا في العراق الحالي، بعدد لا يتجاوز بعض آلاف: إنهم الآشوريون بناة الحضارة الآشورية وصناع الكتابة المسمارية. كذلك الأمر بالنسبة للكلدانيين الذين أنشؤوا إحدى أعظم الإمبراطوريات الشرقية في العراق القديم. يستقر الأشوريون-الذين يدينون بالمسيحية اليوم-في الموصل ونينوى بشمال العراق، ولا يتعدى تمثيلهم في البرلمان العراقي ثلاثة مقاعد، لازالوا يستعملون لهجة تعود إلى اللغة الآرامية تسمى اليوم الآرامية الشرقية. وينطبق نفس الشيء على الكلدانيين والسريانيين الذين يعيشون كأقليات في العراق الحالي.

anfasse27057      عندما تعرفنا ، كعرب ، على الغرب ، قدم لنا هذا الأخير ثقافته  بشكل فج ، عن طريق تغلغله " في نسيجنا الثقافي ، على أنها تمثيل نموذجي عالمي في التدبير الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي و الثقافي و العلمي ..
       حدث ذلك بطرق مختلفة زاوجت ما بين الترغيب المتجلي في التبشير بقيم حداثية عالمية كالحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية، و بين الترهيب المتجلي في التدخل العسكري و استعمال القوة المفرطة المؤدية إلى عنف و عنف مضاد .
       و عندما أحرزنا على استقلالنا السياسي ، أردنا أن نسلك النهج الذي يقود إلى معاصرة لا تقلل من قيمة ما هو متجذر و متأصل فينا ، فجربنا الخوض مع الخائضين في تجارب عدة : ليبرالية ،  اشتراكية ، قومية ... ، وتبنينا نماذج دولاتية قطرية، و لم نكن، و الحقيقة تقال ، في وضعية حقيقية للاختيار بين النموذج الأنسب لنا ، بل كانت تتقاذفنا رياح اليمين و اليسار طيلة سنوات الحرب الباردة.
      و عندما بشر فوكوياما بنهاية التاريخ ، نهاية الإيديولوجيات ، و بتحرر الأسواق و تعولم العالم ، كانت الأحادية القطبية لنا بالمرصاد تتعقب كل تحرر جدي يروم تقدمنا المنشود .. لحظتها علمنا أنه لم يحدث أي تثاقف حقيقي بين عالمنا و عالم الغرب ، فازداد نسيجنا الثقافي تمزيقا، و أصبحنا في  وضعية جبرية لا تسمح بحرية الاختيار بين نموذجه الليبرالي و بين نموذجنا الأصيل. فساد التوتر و التباعد  بيننا و بينه.                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                               

anfasse08056لقد  كان  جبل العياشي حاضرا  بقوة على مسرح الكثير من  الأحداث التي عرفها المغرب وساهم بشكل فعال في  تكوين والتأثير على أهم مسارات تاريخ المغرب خلال جميع الحقب والعصور ويظهر ذلك جليا من  القرى التي تحتضنها سفوحه الشمالية والجنوبية والمتناثرة فوق الربا  بين شعابه باحتوائها لمآثر تاريخية ومعالم طبونيمية .ولعل قرية تاعرعارت خير شاهد على هذا الحضور المتميز  والقوي لوجودها في قلب الجبل وقربها من الفجاج والمسالك  المؤدية إلى تافيلالت وقصور اوطاط وأعالي ملوية.وفي هذا البحث المتواضع سنحاول قدر المستطاع العمل لإنارة زوايا مظلمة من تاريخ هذه القرية المنسية بين الشعاب رغم تاريخها المجيد والمتجذر في أعماق التاريخ..
لقد اقتصرت الدراسات التاريخية الحديثة على دراسة حياة السلاطين و الأعلام التاريخية.وتناول الجوانب الاجتماعية والاقتصادية لمجالات شاسعة خلال حقب طويلة .وانصبت على دراسة المدن وأحوازها وتم اهما ل  المناطق النائية من المغرب العميق  رغم أنها سجلت حضورا قويا في جل الأحداث والوقائع التي عرفها المغرب خلال العصر الوسيط والحديث . وإجابة على هذه المعضلة المنهجية في تاريخ المغرب ولتجاوز العقبات القائمة في وجه المؤرخين ظهر البحث المجهري التاريخي(micro-histoir).في شكل دراسات منوغرافية .في اطار منحى جديد في البحث التاريخي المحلي للوحدات الإقليمية(.1)بقناعة مفادها ان كتابة تاريخ شمولي ينطلق  من تناول تاريخ الوحدات المحلية .وبعبارة أوضح ضرورة الانطلاق من الجزء الى الكل.وقد دشن هذا المنهج في الدراسات التاريخية منذ مطلع الستينات من القرن الماضي من قبل أحد أعلام الفكر المغربي المعاصر المؤرخ والعالم المغربي محمد المختار السوسي في كتابه "سوس العالمة "وايليغ" وغيرها من المؤلفات النفيسة التي خلفها رحمه الله.