يمثل المشروع الفكري الذي وطد أركانه المفكر المغربي عبد الله العروي في مؤلفات عديدة ومتنوعة لحظة متميزة في سياق الثقافة العربية الحديثة. فقد اتسم جهده الفكري بكثير من الغنى النظري والتماسك المنهجي. الأمر الذي أهله للخوض في إشكالات الفكر العربي المعاصر بكثير من الكفاءة والفاعلية. إذ ما فتئ العروي يلفت الانتباه، منذ صدور كتابه المهم ''الإيديولوجيا العربية المعاصرة''، بقدرته الفائقة على تجديد السؤال الفلسفي وتطوير وسائل التحليل المنهجي. لقد دشنت كتابات هذا المفكر عهدا جديدا في الفكر العربي المعاصر لما قدمته من معالم وإرهاصات تؤذن بميلاد مشروع ثقافي مختلف يتأسس على اختيارات فكرية وفلسفية واضحة تتوخى مساعدة المجتمعات العربية على تمثل أسس الحداثة واستيعاب أصول المعاصرة استنادا إلى وعي تاريخي منفتح تتجاوب فيه أسئلة الواقع مع معطيات التاريخ. فما هي أبرز ملامح المشروع الحداثي عند عبد الله العروي؟ وما هي أهم أسسه الفكرية ومنطلقاته التنظيرية؟
مفهوم التراب الوطني المغربي : رؤية تاريخية-عبد الله العروي ـ ت. محمد أبرقي
"إن المغربي،هو،ويشعر بذلك،مختلف بلباسه ،وبلسانه،وبالحدود التي يعترف بها لتراب(إقليم)يعطيه إسمًا،ويقول بأنه هو له".
Les origines sociales et culturelles du nationalisme marocain(1830-1912), 3ème édition, .p.65-66.
يعود النص-الوثيقة التاريخية- أسفله إلى مرحلة ما بعد الاستقلال،والتي تأثرت بتجاذبات و صراع قوى متعددة لم تكن لتنفلت من محيط إقليمي ودولي غذت توتراته قطبية ثنائية متنافسة وباستراتيجيات متعارضة.مرحلة كان للنقاش النظري والسياسي فيها هيمنة شبه كلية وبمرجعيات إيديولوجية مختلفة،غير أن ما يميز هذا النص –كما أراده له صاحبه –هو الاستناد إلى منظور تاريخي يحدد فيه وعبره مفهوم التراب الوطني المغربي في لحظة كانت استثنائية جدا.
النص جاء ضمن المحور الأول (الحقوق التاريخية والقانونية للمغرب) صفحات 55-62، من كتاب للمؤرخ المغربي عبد الله العروي بعنوان "الجزائر والصحراء المغربية"صادر باللغة الفرنسية عن منشورات" سيرار"سنة 1976 . وينبغي التأكيد هنا على أن القصد من محاولة ترجمته-فعل،كما في أية محاولة ترجمة،نقل المصطلح والمفهوم فيه كما يتناوله الأستاذ العروي المولع بصرامة التأصيل للمفاهيم،يظل إمكانية من بين أخرى في الإمساك بالنص الأصلي - وتقديمه هو استجلاء دور المؤرخ ضمن مطارحات تلك المرحلة والاقتراب من بعض قضاياها،ومنها تحديد مفهوم التراب الوطني وتتبع مسارات تشكله كما صاغته تجربة ومنعطفات تاريخ الدولة المغربية،ثم مركزية ذلك التحديد في فهم رهانات ما بعد عهد الحماية واستكمال الوحدة الترابية،مع الأمل في الحفاظ ما أمكن على دلالات النص الأصلي والوفاء لمعانيه:
قراءة في كتاب "من كتب التوراة؟" ل ريتشارد إليوت فريدمان ـ محمد يسري محمد حسن
نبذة عن المؤلف:ريتشارد إليوت فريدمان ، عالم كتاب وأستاذ الدراسات اليهودية في جامعة جورجيا الأمريكية ، حصل على دكتوراة في الثيولوجيا في الكتاب العبري ولغات وحضارات الشرق الأدنى من جامعة هارفارد في 1978م.
مراجعة الكتاب
يتكون الكتاب من أربعة عشر فصلاً يحاول فيهم المؤلف ان يتحصل على إجابة لسؤاله الذي جعل منه عنواناً للكتاب، ألا وهو (من كتب التوراة؟ )
في البداية يحاول المؤلف ان يعرف التوراة ، فيقول انها كلمة عبرية تعني (التعاليم)
وهي تتكون من الأسفار الخمسة الأولى في الكتاب المقدس، وهي أسفار: -
• التكوين
• الخروج
• اللاويين
• العدد
• التثنية
وتعرف تلك الاسفار باليونانية باسم Pentateuch وتعني الوثائق الخمس.
ويوجد اعتقاد عند اليهود والمسيحيين ان النبي (موسى) هو كاتب الأسفار الخمسة، وذلك بالرغم انه لا توجد أي إشارة في تلك الأسفار بشخصية كاتبها.
ويتطرق المؤلف بعد ذلك الى مراحل التشكك في شخصية كاتب تلك الأسفار، فيقسم مراحل البحث في شخصية مؤلف الأسفار الى ثلاثة مراحل :
معركة العقاب 609ه/1212م ما وراء أسباب الهزيمة ـ حمزة بوحدايد
لا يخفى عن متابع التاريخ، أن معركة العقاب سنة 609ه/1212م، شكلت منعطفا لتراجع المسلمين في الأندلس، لكن ما يذهل أن هذه المعركة تفصل عن معركة الأرك سوى سبعة عشر عاما والتي حقق فيها الموحدون انتصارا كبيرا، هذا يجعلنا نطرح عدة تساؤلات حول هذا التغير الكبير بين القوتين الأيبيرية والموحدية في مدة قليلة، وبالتالي الأيبيريون حققوا انتصارا كان له الأثر الكبير في تتابع سقوط بلاد الأندلس وتراجع الهيمنة المغربية في رقعة العالم المتوسطي.
إن انهزام الموحدين في معركة العقاب أسس لمرحلة جديدة ستتسم ببداية الانحطاط الحضاري للعالم الإسلامي، فكانت العقاب مؤشرا لأفول تطور حركة الفكر، حيث ستنتقل شعلة التفوق لضفة الشمالية للمتوسط من جديد. إذن:
_هزيمة العقاب هو بداية تراجع المد الإسلامي في أوروبا الغربية وبداية انقلاب الموازين(استثناء حالة الأتراك). مما يجعلنا نطرح مجموعة من الأسئلة:
ـ أين تتجلى شروط التغير في نمط الإنتاج الفيودالي كشرط حضاري لتحقيق الانتصار على الموحدين؟
ـ ما هي أسباب الجمود الحضاري عند المسلمين كشرط حضاري لهزيمة الموحدين؟
ـ ماهي محددات مسار المعركة كأسباب كانت لهزيمة الموحدين؟
إذن نرى بأن حركة المجتمع الأوروبي خلال القرنين 12/13م، دشنت لتفوق الأوربيين في مجال الحرب وأسلوبها، فيما نلاحظ استمرارا للبنية القديمة داخل حركة المجتمع الموحدي، حيث ظل أسلوب الحرب على حاله مما نتجت عنه أخطاء كثيرة سنتطرق لها في جوابنا على الإشكال الثالث
المؤثرات الأندلسية في الفن المعماري المغربي ـ د. محمد مزيان
مقدمة.
لايعتبر الحديث عن الفن المعماري المغربي ترفا فكريا، وليس استهلاكيا، ولكن ضرورة بحثية نظرا لأن مثل هذه المواضيع هي تأكيد على الهوية الوطنية وعلى تجذر الأمة المغربية في التاريخ وعلى عمق الشخصية المغربية وتعدد روافدها الثقافية. فإذا كانت الدراسات التاريخية قد تناولت دور المغرب في نشر الحضارة بحوض المتوسط ودوره في العلاقات الدولية والديبلوماسية وأفسحت المجال لدراسة أعلام الفكر والدين، فإن ميادين الحضارة المادية المتمثلة في الآثار والفنون والصناعات، التي تعكس الجانب الفكري والثقافي والعقائدي، وتشرح المستوى الاجتماعي والاقتصادي لم تتح لها دراسات خاصة مستفيضة تلم شتات تلك المفاخر[1]. هذا وقد شكل المجال المعماري سمة بارزة في التطور الحضاري المغربي مستفيدا من موقعه الجغرافي بكونه مجالا للتفاعل الحضاري ولمرور العديد من التيارات الثقافية على مر العصور، ومن ذلك الحضارة الأندلسية، فالمغرب قد تأثر بعمق ومازال بهذه الحضارة، ومازالت فنون هذه المدن تعيش في تراث ذلك الفن الاسباني المغربي منذ عصور المرابطين والمرينيين[2]. حتى صار اسم الحضارة الأندلسية يذكر مقرونا بالحضارة المغربية، لأن الاشكال المطروح هو ضرورة وضع تأثير الاندلس في المغرب في موقعه الصحيح، وتجنب كل أشكال الغلو والمبالغة في تقديره.
حلف أيت يفلمان : التاريخ والمجال ـ عدي الراضي
إن البحث في هذا الموضوع ليس بهدف إثارة النعرة القبلية أو إيقاظ الضغائن والأحقاد والتشجيع على إحياء القبلية أو التحريض على التفرقة وليس جانبا من الشوفينية كما يعتقد البعض . و الدافع الأساسي الكامن وراء هذه المحاولة هو الرغبة الملحة في البحث والتنقيب في الماضي البعيد لمنطقة الجنوب الشرقي عامة وللتحالفات القبلية التي تشكلت بالمنطقة عبر تاريخها الطويل لان النظم العرفية والقانونية والأعراف الاجتماعية والاقتصادية والأنساق الفكرية والذهنية المؤطرة والمحددة لجميع التكتلات المذكورة في التاريخ بإسهاب كبير تشكل أرضية خصبة ومادة أساسية لايمكن الاستغناء عنها في الدراسات الإنسانية بمختلف فروعها لكونها قواعد خاصة ناتجة ونابعة من الانشغالات والمثبطات والعراقيل اليومية والمستجدات الطارئة التي تهم الأنشطة اليومية للإنسان الأمازيغي محليا. لهذا فان البحث في مجال وتاريخ أيت يفلمان في الماضي يساعدنا للوقوف على اللبنات الأولى لكل التجليات البارزة على سطح قشرة البنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بالجهة والتي تختفي في عمقها ألباب عبارة عن حقائق علمية وتاريخيو وسوسيولوجية وانتربولوجية ؛ تمكن الباحثين في الميادين المختلفة لبلورة تصور عام يهم ويلامس البنيات العامة للنسيج الاجتماعي والفكري للمجتمعات بالجهة.
وثيقة 11 يناير بين الذاكرة الملزمة والمتلاعب بها... ــ محمد أبرقي
ألا يجب علينا أن نتساءل فيما يخص كتابة التاريخ إن كانت الكتابة علاجا أو سُما؟
إن تاريخ الزمن المعاصر والزمن الحاضر يشكل مرصدا مميزا كي نقيس مدى الصعوبات التي تنشأ بين التأويل وبين مطلب الحقيقة .
P.Ricœur في التاريخ .
************
في عددها الأخير، وضمن الحيز الخاص ب"تاريخنا القرن20م" نشرت المجلة المغربية المتخصصة في موضوعات التاريخ "زمان" في نسختها الصادرة باللغة الفرنسية مقالا تحت عنوان:بخصوص وثيقة الاستقلال للباحث محمد المنصور . وتعميما للإطلاع نقدم له هذه الترجمة المتواضعة على صفحات أنفاس الإلكترونية :
وثيقة(بيان)الاستقلال ليوم 11يناير 1944 توجد في مكان عال بالنسبة لذاكرتنا الوطنية .
كم هو عدد الذين وقعوا على الوثيقة؟ ماذا بالنسبة ل"وثائق" أخرى طالبت هي أيضا باستقلال المملكة؟
يمكننا اعتبار وثيقة الاستقلال بمثابة واحدة من الأحداث الوطنية الكبرى خلال القرن العشرين،لأنها شكلت منعطفا حاسما بين مغرب مُستعمَرٍ ومغرب مستقل. غير أنه، وبالنظر لأهميتها الرمزية، سرعان ما صارت وسط معركة من نوع مختلف، هي معركة تَملُّكِ التاريخ لجعله سند مشروعية .
ظل الحزب الواحد:
مع استقلال المغرب سنة 1956،كان حزب الاستقلال، ومن غير جدال حركة سياسية، والتي بفضل شعبيتها وكاريزمية زعيمها علال الفاسي، من دون منافس .الحزب الديمقراطي من أجل الاستقلال(إضافة من عندنا لاحقا الشورى والاستقلال) بقيادة بلحسن الوزاني لم يكن له ثقل كبير أمام حزب الاستقلال، وبسرعة تم استبعاده من "اللعبة" بما فيه عبر إجراءات عنيفة . بعد 1956 أصبح الصراع من أجل السلطة قائما بين القوتين الأساسيتين بالفعل، وهما الملكية من جهة وحزب الاستقلال بكل مكوناته من جيش التحرير الوطني واليسار الإشتراكي في الحزب من جهة أخرى. الأولوية لدى الملكية وحزب الاستقلال ستكون سياسية ولكن أيضا إيديولوجية،ومن اللحظة فإن تاريخ الأمة سينطبع وتتشكل معالمه من طرف القوى الموجودة في السلطة لفائدة تلك الموجودة سلفا فيها.
"يهود المغرب وحديث الذاكرة " ـ عمر بوم – ترجمة خالد بن الصغير ـ تقديم محمد أبرقي
أثارت مسألة الأقليات في التاريخ المغربي المعاصر اهتمام عدد من الباحثين المغاربة خاصة المؤرخين والأنتروبولوجيين، وتطرح دراسة الأقليات إشكالات نظرية ومنهجية ومعرفية فضلا عن إكراهات البحث الوثائقي والأرشيف.وإذا كان الفضل لمؤرخي المرحلة المعاصرة في فتح ثغرة الكشف عن واقع وتجربة الأقليات العرقية والدينية فإن الكتاب بين أيدينا"يهود المغرب وحديث الذاكرة " قد منح الموضوع بعدا آخر من خلال جرأة مساءلة الذاكرة والتاريخ الشفهي – مع ما يرافق ذلك من صعوبات- والسفر بنا في رحلة، تعددت مسالكها،وعمل فيها الباحث الأنتروبولوجي والمؤرخ المغربي عمر بوم على تجميع قطع متناثرة وممتدة، وتشظيات متباعدة عبر أجيال مختلفة لبناء صورة اليهودي كما شكلتها أزمنة تاريخية متعددة ولحظات مجتمعية متباينة،وكما صاغتها تجربة العيش المشترك لليهود في المجال المغربي .
اختار الباحث في دراسته- استغرقت10سنوات من البحث الإثنوغرافي والوثائقي- توظيف خطابات السرد الشخصية وبنياتها اللغوية – كما هو الأمر عند طريقة المؤرخين اللغويين- للكشف عن العلاقة بين أنماط اللغة وتبادلاتها والسيرورات ثم التحولات الاجتماعية مستخدما ما أسماه"النموذج الطولي"(كما اقترحه لابوف) لمعالجة الذكريات الاجتماعية لدى المسلمين المغاربة عن اليهود،تلك الذاكرة التي يمتزج فيها الذاتي والشخصي،العفوي والموجه،القصصي والمحكي والتاريخي والتي تميزت بالتغير عبر الأجيال و"أفواج الأتراب"،مع الانتباه المعرفي للسياقات الاجتماعية والثقافية والسياسية(محليا-جهويا-عالميا..)التي تتداخل لتوليد تلك المواقف وتأسيس الذاكرة،فضلا عن أبعاد التنشئة الاجتماعية والخلفية السياسية والاختيارات الإيديولوجية ل"حاملي الذاكرة"وأثر ثورة وسائل الإعلام.