1082-photo-RERدراسة المعنى هو فك البناء اللغوي من حيث هو أصوات ومفردات وتراكيب "من أجل إعادة بنائه دلاليا."1 ودراسة المعنى انطلاقا من بحث المثيرات اللغوية الدالة في أي نص من النصوص (المستويات اللغوية) يعني تحديد العناصر المراد تحليلها، وبيان دورها ومحاولة كشف العلاقات القائمة بينها، وتتبع التدرج التعبيري ومدى توافق العناصر المكونة أو تعارضها أو تمايزها أو توازنها...
والمتعامل مع النص ينبغي أن يراعي جملة من الأمور منها:
أن يكون النص رسالة لغوية تحقق الهدفين: التعبير والتبليغ
أن يحدد مجال النص المدروس، فالنصوص اللغوية تختلف من حيث طبيعتها وجنسها ونوعها وغايتها.
أن يبتعد الدارس قدر الإمكان عند كل ما من شأنه أن يوجه الدراسة مسبقا نحو هدف أو غاية، أو دعم موقف أو مذهب أو نحو ذلك كما يحدث عند كثير من أصحاب المذاهب والفلسفات المختلفة.
أما المناهج المتبعة في تحليل النصوص وكشف معاينتها ودلالاتها فكثيرة و مختلفة، سواء على مستوى الوسائل والأدوات المستعملة أم على مستوى النتائج والغايات المرجوة.2

covهذه المجموعة القصصية عبارة عن مشاهد ولقطات من حياة إنسان يعاني حالة التفرد والوحدة، ويبدأ الحكي بـ (أشعلت المصباح ....) في قصة : "خطأ تمارسنا هذه الحياة"، مما يدل على أن البطل كان يمشي في العتمة؛ ليس في الأمر سر لأن صُحبته امرأة، وفي مثل هذه المواقف غالبا ما يلاحق الإنسان بالعيون وبنظرات منها الازدراء، منها الاستغراب ومنها الغبطة.. كل حسب مستواه وخلفياته الثقافية والإيديولوجية.

كان أول ما أثار عيني الزائرة بيت كُتب على الجدران. السارد أعطى للمرأة تسمية يمنحها إياها المجتمع إلا أن هذه العاهرة تختلف عن الأخريات، على الأقل أثار انتباهها ما كتب، وبهذا يستحضر بعدها الإنساني للأشياء، حيث تتساءل عن سر البيت الشعري الذي رسم على الجدران، وهو في ذات الوقت مرسوم في قلب ووجدان هذا الشاعر الشاب، الذي يتحدث عن أقرانه وعن طيشهم وعن طريقة تعاملهم مع الأشياء، في حين يعيش قهرا.. فلا نديم  ولا سكن ولا وطن؛ إنها الغربة الكسيحة التي تستولي على الكيان فتدمره، وفي غضون الحاجة والفقر يرى أن شاعريته لا جدوى منها ولا خير يرجى من ورائها. كانت النتيجة التي خرج بها السارد استحضار جمهورية أفلاطون وعالمه الطوباوي الذي  أخرج منه الشعراء، أخرج أفلاطون الشعراء لأنهم لا يستقرون على حال، ولأن معظم أشعارهم تتغنى بذواتهم الخاصة. في غضون الحاجة يصبح الحلم مستحيلا، ويشيخ الإنسان قبل الأوان تماما كما حدث لهذا الشاب الذي لا يستمتع بأجمل مرحلة من عمره... يتوحد السارد والكاتب في ضمير الحكي (أنا)، ونكون بصدد رؤية من الخلف، فالسارد ملم بكل الأحداث بل يخوض فيها بشكل تلقائي وهو العارف المتمكن.

anfasseالمقدمة
تبدو كلمة الحداثة لكثرة استعمالها بين المثقفين وغيرهم لا معنى لها ، فهي تعني كل شيء أحيانا ولا شيء أحيانا أخرى ، إذ يستسهل بعض الناس استخدامها  وتداولها ـ بحكم بريقها ـ ويتم بها توصيف مفكرين وسياسيين ومبدعين ، ويزداد الأمر غموضا إذا رافقتها كلمات مصاحبة دالة كالحداثوية والحداثانية ، الأمر الذي يجعل دراستها علميا أمرا ملحا .
والحداثة ليست كتلة مصمتة أو كيانا معلقا في فراغ ، ولكنها ـ دون شك ـ لبنة في منظومة اشمل ، وظاهرة بالغة التعقيد ، لا تعرف الاستقرار والثبات ، بمعنى أنها ليست مطلقة بحسب مفاهيم فكرية وافدة ، وإنما هي نبت تاريخي متغير تتحدد في ضوء السياقات التاريخية والاجتماعية ، فهي لا تولد فجأة ، دون إرهاصات سابقة تمهد  لها ،وتساعد على نشأتها وتطورها ، الأمر الذي يدفع إلى  دراسة التصورات والمفاهيم التي سبقت الحداثة ومهدت لها ، وان كانت على نحو خلافي .
ويعنى هذا البحث بدراسة :
1 ـ محاكاة الخارج .
2 ـ معاناة الداخل .
3 ـ تأسيس الحداثة .
ويكشف المحوران الأول والثاني عن أبرز وأهم التصورات الإحيائية والرومانسية التي أسهمت بشكل أو بآخر في التمهيد لتأصيل الحداثة ، أما المبحث الثالث فتتركز العناية فيه بتأصيل مفهوم الحداثة في ضوء التصورات والتجليات المختلفة التي تعرض له الحداثيون العرب .

6719668-m-talلقد شهد الحجاج في العصر الحديث انبعاثه من خلال  مؤلّفين صدرا في السّنة نفسها,مؤلّف حاييم برلمان و لوسي أولبرتيتكاه " مصنّف في الحجاج -الخطابة الجديدة" Traité de l’argumentation :la nouvelle rhétoriqueومؤلّف ستيفان تولمان " استعمالات الحجاج" Les usages de l’argumentation [1]
و قد عدَّ المصنّفان عمادَ تصور جديد ما فتىء و أن تتطوّر ليقود الحجاج إلى تصوّر لسانيّ محض تزعّمه بصفة خاصّة ديكروO. Ducrot وأوسكمبر J.C.Anscombre في كتابهما المشترك" الحجاج في اللّغة".] 2] والطّريف في هذه التّصوّرات الجديدة النزوع إلى جعل الحجاج مستقلاّ   في الجمل و الخطابة بريئا من تهمة الدّعاية والمغالطة[3] مرتبطا بمفاهيم جديدة انتظمتها اتجاهات ردّت في الغالب إلى أعلامها المنشئين فكيف تمّ تصوّر الحجاج عندهم؟ 
الحجاج عند برلمان و تيتيكاه : [4]

abstrait_2يرتكز الخطاب الحجاجي على عناصر أوّلها المقدّمات des prémisses ، تؤخذ عل أنّها مسلّمات يقبلها الجمهور ومنها الوقائع والحقائق والافتّراضات والقّيم، والمواضع les lieux  وسنفصّل القولّ في كلّ منها.
1.1 – الوقائع : les événements
تمثّل ما هو مشترك بين عدّة أشخاص أو بين جميع النّاس، إنّ الوقائع لا تكون عرضة للدّحض أو الشّك وهي تشكّل نقطة انطلاق ممّكنة للحجاج، و تنقسم الوقائع إلى وقائع مشاهدة معاينة من ناحية ووقائع مفترضة  والتّسليم بالواقعة من قبل الفرد ليس إلاّ تجاوبا منه مع ما يفرض نفسه على جميع الخلق إذ الواقع يقتضي إجماعا كونيّا() وبهذا نرى أنّ الوقائع تعتبر من ركائز الحجاج الهامّة، التّي يستغّلها المحاجّ  للإقناع والتّأثير في متلقي.
2.1 الحقائــــق:
هي أنظمة أكثر تعقيدا من الوقائع، وتقوم على الرّبط بين الوقائع والحقائق وقد يعمد الخطيب إلى الرّبط بين الوقائع والحقائق من حيث هي موضوعات متّفق عليها لتحدث موافقة الجمهور على واقعة معيّنة غير معلومة والمثال الذي ضربه أرسطو من كتاب (الخطابة المقالة1 الفصل 2) الواقعة (أ) (واقعة جزئيّة) وهي أنّ بايستراتوس وقبله ثياجنيس الميغارى كانا قد طلبا حرسّا خاصّا وحين حصلا على ذلك تحوّلا إلى طاغيتّين. القضيّة(ب) وهو الرّأي الّذي يريد الخطيب حمل السّامعين على التّصديق به وديونوسيوس طاغية لأنّه يطلب حرسا خاصا، فقد تضافرت على تأييد القضية(ب) الواقعة (أ) فالنّظرية (س)() فالحقائق إذا ما زكّيت بوقائع كانت أكثر إقناعا.

tableau-abstrait-0102يتميز الخطاب الشفوي بفرص ليست متاحة للخطاب المكتوب.
فالشفوي فيه حضور متحدثين ويمكن أن يستعان فيه بالحركات والاشارات ويمكن تبادل الأدوار بين المتكلم ومستمع فضلا عن أنه يمكن التحقق من آثار الخطاب وتصحيحها فورا إن وجب التصحيح.
بينما تعترض القارئ جملة من الصعوبات نحاول أن نتبينها لاحقا.
إن الموضوع نظرية القراءة وآليات التلقي يجعلنا ننصرف مباشرة إلى الخطاب الأدبي بسبب ما يميز الإنتاج الأدبي من خصوصية بلغت درجة من التعقيد تستدعي البحث والمساءلة وقد ذهب "فيني جيرار"إلى أن العلاقة بين المنشئ والمتلقي هي العلاقة مبنية على عدم اليقين، بحيث إن الكاتب وهو ليس متأكد من نوايا القارئ، كما أن القارئ وهو يقرأ ليس متيقنا من مقاصد الكاتب، فالعلاقة بين الطرفين تقوم على الشك والاحتمال أصلا وهذا يعود إلى طبيعة الخطاب الأدبي من جهة ثانية إلى عملية التلقي.
إن الخطاب الأدبي من طبيعته، بل من شروط أدبيته ان يجعل الأشياء المألوفة تبدو وكأنها غير مألوفة، وهذا الفعل الذي يتجه نحو خرق المألوف هو ما يخلق الغرابة وما يغلف العمل الأدبي بهالة من السر قد تستعصي على التفسير ولعل هذه الظاهرة هي التي جعلت قدماء اليونان ينسبون الشعر إلى ألهةالأولمب وقدماء العرب ينسبونه إلى شياطين واد عبقر.

ABSTRAIT111الكتابة الأدبية الراهنة: 
إن المتأمل في الكتابة الأدبية الراهنة وما يواكبها من حركة نقدية تتيح للمنجز
النصي إمكانيات جديدة للتأويل والتحليل والتنظير والاستنطاق المختلِف لعالمالنص يَلفى أن إعفاء النقد من آلياته الكلاسيكية و"المطلقة" ، والانفتاح علىالمناهج الأدبية والدراسات النقدية المعاصرة بات ضرورة ثقافية وأدبية تفرضهاالمثاقفة الإبداعية العالمية لخلقِ أفقٍ جديد للتحليل والتأويل، وحوارٍ تناصيّ مع النصوص، وانفتاحِ النص الأدبي على آليات نقدية جديدة وقراءات جديدة ممكنة، ( ولهذا لا مناص من الانفتاح على المناهج الحديثة، وما مِنْ مناصٍ من خلخلة نظرة التقليدانيّين للأدب بشكل عام وآليات تلقّيه، ولنا في التاريخ أُسوة حسنة في الانفتاح، لعل خير مثال لذلك في تراثنا: انفتاح المعتزلة الذين استفادوا من التحليل اليوناني للدرس البلاغي والنقدي والشعري ثم أقاموا صرح البلاغة والنقد المتميز عن ذلكم التحليل) وهذا لا يعني  - أثناء انفتاحنا - أن نُبعد النص عن خصوصياته الثقافية والاجتماعية التي تميزه عن غيره/ الفرنسي والانجليزي والألماني والروسي وو.. ونُخضع النص قسراً كفأر تجارب لمختبرات ستراوس وفوكو وبارت ولاكان وألتوسير وبروب وسوسير وآليات التحليل النفسي أو البنيوية أو التفكيكية أو السيميائيات العامة أو الشكلانية أو الواقعية ..إلخ، فَنُقَوِّل بعض النصوص ما لم تقل، وإنما أقول ما قال إمبرتو إيكو:"النص كونٌ مفتوح (open-end)"[1]، قابل للمساءلة والتأويل والنقد والتداول والانحراط في إعادة تشكيله وصياغته، على اعتبار أن النقد إبداع مُوَازٍ لإبداع الكاتب أو الشاعر.

بعد أربعين متفرقات ما بين السياسة والتاريخ والاجتماع، تقابلك "خصوصيات" الجزء الرابع من الشوقيات. هذه "الخصوصيات" تضم ستة وسبعين قصيدة، خصّ منها "أحمد شوقي" الحيوان والطير، وغيرهما، بثلاثة وخمسين "حكاية شعرية". حكايات ـ تستوحي نمط قصص كليلة ودمنة، وقصص "لافونتين" ـ نظمها "شوقي" بأسلوب تستشف منه جوانب "الحكمة، والخبرة، والتوظيف الرمزي للتأديب والتهذيب". كما يكتسي ـ أحياناًـ بمسحة "طريفة، سّاخرة، ضاحكة".
لقد حظي "الثعلب" (بنصيب الأسد)، فكان أكثر الحيوان ذكراً في قصصه (9 قصائد). ذلك أن أمير الشعراء "شوقي" (1868-1932م) يراه (وأمثاله ممن ينتهجون نهجه من البشر) رمزاً للخبث والمكر والخديعة. تلي الثعلب "الحمار" (6 قصائد)، ثم "الأسد، والكلب، والشاة" (5 حكايات لكل). ومن الطير كان للديك/ الدجاج، في "حكايات "شوقي" (3 عناوين)، أما "الغراب، والحمام، والعصافير" (قصيدتان لكل)، بينما ذُكرت "النملة" في ثلاثة حكايات (أحمد شوقي: الشوقيات، الجزء الرابع، المكتبة التجارية الكبرى بمصر، 1983م). ومُبيناً الغاية من وراء هذه القصص يقول "شوقي" في مقدمة قصيدة "الصياد والعصفورة":
حكــاية الصيـــاد والعصفوره صـارت لبعض الزاهدين صوره
مـــا هَزءُوا فيهــــا بمستحقَّ ولا أرادوا أوليــــاء الحَـــــــــق