modernismeيستدعي التّأّثير والإقناع في التّخاطب "آليّات فاعلة لتحقيقه ولذا نجد الحجاج ميزة من مميّزات هذا التّخاطب بمواقفه المتعددّة وأشكاله المتنوّعة بين الشّفويّة والكتابيّة،لذا  يعدّ ركيزة  النّصوص الموجهّة المتضمّنة للمقصديّة والنّقاش والنّقد والتّي منها النّصوص القرآنيّة والفلسفيّة والفقهيّة والأدبيّة ..." ()
تعود دراسة النّص الحجاجي إلى أزمنة بعيدة ابتداء من مؤلّفات أرسطو في الخطابة وانتهاء إلى أعمال كبار المفكرين ”كبير لمان " و " مايير" و ديكرو التّي أحاطت بكلّ ما يمكن  أن يطرأ على هذا النّص من خلال عدّة نظريّات
والحجاج الذّي نتناوله بالدّراسة يتمثّل في معرفة ما "تشمل عليه اللّغات البشريّة عامة واللّغة العربيّة خاصة من وسائل لغويّة ومن إمكانيّات صرفيّة ومعجميّة وتركيبّة ودلاليّة يوظّفها المتكلّم لتحقيق أهدافه وغايته الحجاجيّة والاقناعيّة " ()

الحجـــاج:
أ- الحجاج لغة:تجمع المعاجم اللّغوية الأساسيّة في تعريفها للحجاج على ما جاء في لسان العرب لـ "ابن منظور" "يقال حاججّته أحاجّه حجاجّا حتىّ حاججته أي غلبّته بالحجج التّي أدليت بها [....] و الحجّة البرهان و قيل الحجّة  ما دافع به الخصم  وقال الأزهري الحجّة و الوجه الذّي يكون به الظّفر عند الخصومة وهو رجل محجّاج أي جدل، وحجّه يحجّه حجّا: غلبه على حجّته، وفي الحديث فحجّ أدم موسى أي غلبه بالحجّة»()

abstrait_3_bandesقد لا يلتفت كثير من الدارسين إلى طبيعة المصطلح الذي يتعاملون معه حين المعالجة النظرية أو التطبيقية للأدب تحليلا وتفسيرا وتأويلا..  وكأنهم ألفوا المصطلحات التي يستعملونها وخبروا دلالتها ، وعلموا أنهم يريدون منها ما تحمله أصالة في كلماتها، سواء عدنا بها إلى المعجم تأثيلا، أو بحثنا في أمرها استعملا واصطلاحا. غير أن المطب الأكبر في مثل هذه الاستنامة لما نألفه من معان درجت بيننا وكأنها تامة الدلالة بيِّنة الحد، واضحة المقاصد. ومن ثم يغدو استعمالها مثار التوجس والتخوف وعدم الفهم والخلط. بل إن كثير منها حين يُقلب في وجوه استعماله يكشف عن حقائق خطيرة يجب التنبيه عليها، لكونها تتصل بمستقبل هذا الفن أو ذاك، أو هي ترسم في تلونها جملة التحولات التي اعتورته في تاريخه الخاص والعام.
إننا حين نراجع مصطلحي: "البطل" و"الشخصية" في الرواية والقصة والمسرحية والسينما، تنتابنا الدهشة حيال الاستعمال أولا، وحيال المعاني التي يراد تمريرها من خلال كل مصطلح على حدة. والناظر اليوم إلى كافة الدراسات النقدية يجد هذين المصطلحين يتبادلان المواقع من غير تحقيق ولا تدقيق. وكأن الشخصية هي البطل، وأن البطل هو الشخصية في الوقت ذاته. صحيح أن البطل شخصية من شخصيات القصة والرواية والفيلم والمسرحية.. بل قد تتسع الشخصية لتشمل الحيوان والجماد في بعض الأعمال، ولكن "البطل" "مهمة" وليس "دورا" لذلك يصح لنا الآن أن نعتبر الشخصية مصطلح يغطي "الأدوار" التي تكون في القصة والفيلم والمسرحية. سواء اتجه الدور اتجاها إيجابيا فوافق الأعراف والقيم، أو سلبيا فخالفها وانتهك حرمتها. وليس للبطل في الدور إلا أن يتجه الوجهة التي ترتضيها القيم ويحتفل بها العرف وتزكيها الأخلاق.

MAJMOUعلى شـاكلة الـبداية:
"فوق دارنا بومة" عـنوانُ مجموعةٍ قصصيةٍ للكاتب القاص ادريس خـالي، تضم بين دفّــتَـيْـهـا اثني عـشر نـصّـاً، من بين عناويـنها اخـتار الكاتبُ مـا به عنوانـاً تُــتَـداولُ في الـسوق الثقـافية وما إليه تنتسبُ.
اختيار عـنوان "فوق دارنا بومة" له الـعـديد من الدِّلالات، أساسُها مـا يوحي به من أمـريْــنِ / بُـعـديْـنِ:
- بُـعـدُ الـمـكان: إشـارة إلى الـجَـغرافـيا التي ستـشـكّـلُ تـربـةً لاستنباتِ نصوص الـمجموعة، ومعلوم أن الـمكانَ يرتبط بساكنيه وزمـانه ومـحرِّكـاته السوسيوثقافية.
- بُـعدُ الشخصية الورقية: وهي هـنا نكرة لا مـعـرفة، ولـهـا كـما للتنكير بُـعـد الـشـؤم في وجوه متقـلِّبةٍ و متعـدّدة.
"بـومـة" تـعنـي الشؤم في المِـخـيـال الثقافي الشعبي، وهذا مـا عـبّر عنه الـكـاتبُ القاصُّ نفسُـهُ على لسان أمِّـه: "كل ليل عندمـا تصدر البومة صـوتـها تـقول أمي إن شـؤمـاً سـيـقـع"(1).

doukhaneتختلف التصورات حول موضوعة الموت من مجال معرفي إلى آخر ، ومن فرد إلى فرد، و من زمن إلى زمن ، لكنها في النهاية قدرنا المحتوم. وإذا تصفحنا دواوين الشعر العربي القديمة منها والحديثة، فلا نجد ديوانا يخلو من هذه التيمة ، إما لوعي الشاعر العربي بزوال الحياة و عرضيتها أو لأنها الخلاص من حياة سوداء. فكيف ينظر الشاعر المغربي عبد السلام دخان إلى الموت ؟ وكيف وظفها في ديوانه  الصادر حديثا عن مطبعة الخليج العربي بتطوان(أغسطس2011) في68 صفحة.
إن اختيار اللون الأسود للغلاف، إلى جانب اللون الأحمر، لم  يكن اعتباطا بل هو انعكاس لروح الديوان و صاحبه معا، فالأحمر لون الدم ،والسواد لون الحزن ،والدم دليل الموت ،أما الحزن فنتيجة أو سبب لها.  كما أن اختيار "فقدان المناعة"عنوانا للديوان له دلالته ،إذ يشير إلى حالة مرضية تصيب الإنسان عن طريق العدوى و تؤدي إلى التقليل من فاعلية الجهاز المناعي بشكل تدريجي ليترك المصاب به عرضة للأمراض الانتهازية والأورام …و بالتالي الموت. وينقسم ديوان" فقدان المناعة" إلى مجموعتين وسم الأولى بصور مختلة هي صور جزئية لعوالم غير واضحة،وغموضها يتجلى في نكرة عناوينها ،لكننا سنطرق ونعيد الطّرْق ،وسنكشف أن  نقطة بداية عالم دخان فلسفة و هي بداية مستمرة  وكثيرة الإلحاح من خلال  تصوره الخاص للعالم ولعناصر الطبيعة :1- الهواء:فرش من هواء،دروب الهواء.2- الماء: البحر ،المطر،النهر.3- النار:بروج نارية.4-  التراب:أرض الشمال...

books3كشف التقرير السنوي الرابع للتنمية الثقافية، الذي تصدره مؤسسة الفكر العربي، أن نسبة القراءة بين العرب تدهورت بشكل مخيب، ففي الوقت الذي يشكل معدل القراءة عند الأوربي ما متوسطه 200 ساعة سنويا، نجد أن العربي يقرأ ما متوسطه 6 دقائق سنويا. وان كل 20 عربي يقرؤون كتابا واحدا في العام، بينما الأوربي يقرأ ما يقارب 7 كتب في السنة. ويبدو أن القراءة لا تزال تشكل أزمة في حد ذاتها قبل أن تكون طريقا للنمو والتطور للحاق بالركب الحضاري.
يتبادر إلى الأذهان سؤال بدهي؛ هل هذا العربي الذي لا يقرأ هو الذي قام بكل هذه الثورات !؟ هل هناك علاقة لثورته بدرجة وعيه ؟ هل حقا العرب لا يقرؤون ؟ ما علاقة القراءة والتعليم بالانتفاضة والثورة ؟ كثيرة هي الأسئلة التي نتشاركها داخل الوطن العربي مع الذي خارجه حول ماهية الثورات ؟ وهل كل ثائر قرأ كتاب "من الديكتاتورية إلى الديمقراطية" لجين شارب، أو قرأ عن ماهية الاستبداد في كتاب "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" لعبد الرحمن الكواكبي ؟ ماذا لو كان مستوى التعليم في الدول العربية مواكبا للأوربي، كيف سيكون الوضع ؟ ...

Najib-Mahfoud-1234رجع نجيب محفوظ في أولاد حارتنا إلى أعماق التاريخ البشري ، إلى الحياة الإنسانية في أولى مراحلها لمناقشة مجموعة من التيمات المهمة ،يقول نجيب محفوظ في حوار له «فهي لم تناقش مشكلة اجتماعية واضحة كما اعتدت في أعمالي قبلها بل هي أقرب إلى النظرة الكونية الشاملة  »(1).
رغم هذا فهي لا تخلو من خلفية اجتماعية تستوحي من قصص الأنبياء توق المجتمع الإنساني للقيم النبيلة كالعدل والحرية، يطرح فيها قضايا فكرية جديرة بالحوار والمناقشة تهم إنسان العصر الحديث ، فجعل من مادته الروائية معينا يبث من خلاله أفكاره وفلسفته تبعا لخلفياته وكذلك واقع الحياة التي يعيشها ، لم يقتصر على مناقشة القضايا المحلية مع أنه لم ينصرف عن البيئة المصرية لكنه ربطها بمشكلات العصر الحديث فهو كما يقول صاحب الرمزية «قدم بطلا جديدا في إطار عالمية المشكلات هذا البطل الذي يبحث عن الخلاص من أزمات هذا العصر ولهذا فهذه المرحلة الروائية تحتوي على كثير من صور الواقع المصري وقد أضيفت إليه القضايا الفكرية العامة التي يمكن أن توجد في أي من المجتمعات الإنسانية»(2) وهنا تكمن ميزة هذه الرواية.

nobelيبدو أن ترشيحات الأكاديمية السويدية منذ عام 1901 وحتى عامنا هذا مكمن جدل وشكوك،وذلك نتيجة تساؤلات تطرح عقب إعلان الفائز هل فعلا يستحقها ويوافق معاييرها المتمثلة في غزارة الإنتاج والإنسانية و العمق والعالمية أم لا؟
وتتمثل هذه الإشكالات في عناصر محددة كالآتي:
أ-العنصرية: يرى بعض النقاد أن جائزة نوبل جائزة عنصرية لاهتمامها بالآداب الغربية وعدم تمثل وصية نوبل من حيث الإنسانية والعالمية، ففي البداية كانت أوربية غربية ولم تخرج من حيز التوجهات الأدبية الغربية في موضوعاتها و نماذج كتاباتها و فكرها.
ويمكن معرفة ذلك من خلال ثلاث مراحل(1):
-المرحلة الأولى: سيطر عليها ما نسميه بالمحور الغربي قبل الحرب العالمية الأولى  وما بعدها، تتحكم فيها رؤية فكرية واحدة ولكنها كانت حيادية إلى حد ما لأن الخلاف غربي داخلي.

saidi_youssefأخلص الشاعر سعدي يوسف للشعر مند ديوانه الأول" القرصان" الصادر عن مطبعة البصري ببغداد ، وتجربته الشعرية التي راكمت أكثر من ثلاثة وأربعين ديوانا تعد اليوم بمثابة منجز شعري وجمالي رفيع  ساهم في تطور التجربة الشعرية العربية على نحو متفرد. نال عدة جوائز تقديرا لإبداعه الشعري منها: جائزة سلطان العويس، والجائزة الايطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية. و جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. إلتقينا به  بطنجة أثناء زيارته للمغرب وكان لنا معه الحوار التالي. .

-      الشاعر سعدي  يوسف أنت الآن في مدينة طنجة، جُلت في شوارعها، ومقاهيها، ودروبها، وكَتبت عن هذه المدينة. ماذا يشكل لك هذا المكان باعتباره موضوعا شعريا؟
عندما جئت إلى طنجة كنت  قد فكّرت قبل مجيئي بزمان طويل في أن تكون زيارتي شخصية وخاصة، وأن أتيح لنفسي فرصة التمتع بحرية الشخص المجهول، أعني أدور في المدينة في أزقتها أجلس في المقاهي في الحانات أتعرف بأناس جدد،أتصل بجميع أصدقائي فيها. بالتأكيد تاريخ المدينة يشكل دائما هاجسا حاضرا لدي: التاريخ الثقافي، التاريخ السياسي الناس الذين مروا بها وأقاموا فيها، هذا كله جزء من بانوراما المدينة. أنا الآن أكاد أكمل شهرا في طنجة، سعيد بهذا الشيء وسعيد أيضا لأني كتبت فيها عشر قصائد مهداة إلى المدينة.