-1-
... و هي تحتضر في سرير النهر ، أدركت " ايـزة " في النهاية أنها تدفن أسرارها للأبد ، و ما سقط سهوا كانت ترشفه و قطرات الندى ، تبتلعه بحسرة ... فتتحول ذاكرة القرية إلى صفحة بيضاء ، لكنها مخدوشة ، و في حاجة إلى إعادة كتابة تاريخها و مجدها الآفل ... رأت طيورا بيضاء محلقة في الأعلى ، و بقربها نبتت عشرات الجثث و البنادق مصوبة طلقتها نحو الغزاة ... شعرت برحابة الأرض و سماحتها و بهطول أمطار بعد طول سنوات عجاف ... رأت أزهارا تشرئب معانقة نور الشمس ، و الحرية ... سمعت زغاريد تعلو مكسرة سبات ليل طويل ... رأت علما ينكس ، و آخر يعلو خفاقا و جنودا يعبرون الجسر الملعون ، خارج القرية دون رجعة ... أغمضت عينيها و رحلت مطمئنة مبتسمة
-2-
تحت الجسر ، اختفت كل معالم الحياة ، بقايا جذوع أشجار يابسة ، و هو كل ما استقبله قبيل اجتياز إلى القرية .
في أعلى التلة كان مسكن مقدم القرية لا يزال منتصبا كبرج مراقبة قروسـطي ، و فجأة فتحت نوافذه ، و بدت منها هامات صغيـرة ، علا صراخها ، و غير بعيد منه ، تعالى نباح كلاب صاخب ، و حدها كعجوز كانت جالسة القرفصاء مسندة ظهرها لسور شبه متداع ، قرب منزل صغير ، حيّت الوافد الجديد ، لكنه تجاهلها ، و هو يتابع سيره متسائلا : << أما تزال لعنة هذه الشمطاء تلاحق القرية ؟ >> فكر في التوجه نحو بيت كان له ذات يوم بها ، فعدل عن الفكرة بسرعة ، متذكرا أن لا شيء كان رحيما به ، و بأسرته لقد قتلوا جميعا و أصبحوا مجرد نكرة في ذاكرة النسيان .
... و هي تحتضر في سرير النهر ، أدركت " ايـزة " في النهاية أنها تدفن أسرارها للأبد ، و ما سقط سهوا كانت ترشفه و قطرات الندى ، تبتلعه بحسرة ... فتتحول ذاكرة القرية إلى صفحة بيضاء ، لكنها مخدوشة ، و في حاجة إلى إعادة كتابة تاريخها و مجدها الآفل ... رأت طيورا بيضاء محلقة في الأعلى ، و بقربها نبتت عشرات الجثث و البنادق مصوبة طلقتها نحو الغزاة ... شعرت برحابة الأرض و سماحتها و بهطول أمطار بعد طول سنوات عجاف ... رأت أزهارا تشرئب معانقة نور الشمس ، و الحرية ... سمعت زغاريد تعلو مكسرة سبات ليل طويل ... رأت علما ينكس ، و آخر يعلو خفاقا و جنودا يعبرون الجسر الملعون ، خارج القرية دون رجعة ... أغمضت عينيها و رحلت مطمئنة مبتسمة
-2-
تحت الجسر ، اختفت كل معالم الحياة ، بقايا جذوع أشجار يابسة ، و هو كل ما استقبله قبيل اجتياز إلى القرية .
في أعلى التلة كان مسكن مقدم القرية لا يزال منتصبا كبرج مراقبة قروسـطي ، و فجأة فتحت نوافذه ، و بدت منها هامات صغيـرة ، علا صراخها ، و غير بعيد منه ، تعالى نباح كلاب صاخب ، و حدها كعجوز كانت جالسة القرفصاء مسندة ظهرها لسور شبه متداع ، قرب منزل صغير ، حيّت الوافد الجديد ، لكنه تجاهلها ، و هو يتابع سيره متسائلا : << أما تزال لعنة هذه الشمطاء تلاحق القرية ؟ >> فكر في التوجه نحو بيت كان له ذات يوم بها ، فعدل عن الفكرة بسرعة ، متذكرا أن لا شيء كان رحيما به ، و بأسرته لقد قتلوا جميعا و أصبحوا مجرد نكرة في ذاكرة النسيان .