أفتح عيني كل صباح وأفتش في الذاكرة ...أفتش جيدا لعلك عالق بمكان ما
أنت موجود بكل شيء في كل مكان بكل التفاصيل...لكنك لست هنا بهذا العالم
أنت حتما في مكان ما لا اعرفه قيل عنه أشياء كثيرة لكن أحدا لم يعد منه للان ولم تأت منهم أخبار أو تفاصيل أو رسائل بريدية
غياب تام بلا رجعة
افتح المذياع، كل الأخبار توحي بأنك فعلا لست موجودا
أتصفح الجرائد الصباحية ولست موجودا
اختفيت من الصور ...من الروائح من الإعلانات ...من البرامج
لكنني أراك وأحس بك ...ثمة أذن خفية بداخلي تسمع وقع خطاك على الدرج وبأي لحظة يخبرني قلبي انك ستقرع بابي
وأظل أترقب وأترقب وقع قرعاتك على بابي
أجهز لك فنجانك الساخن والخبز المحمص والزبدة الذائبة كما تحبها تماما
واستعد نفسيا وبدنيا لاحتضانك ...للانقضاض عليك كما لو أنني مازالت تلك الطفلة بالضفيرة أترقب عودتك من الدوام
غيابك يا حبيبي الكبير بالعمر يا كل العمر يا رمادي الشعر يا جميل الوجه هو القشة التي قصمت ظهر البعير
ويبرد فنجان قهوتك وأنت لم تأت ...ولم تقرع تلك الباب ...وأقوم مستسلمة للغياب المضني وأغادر
أمر على المسجد الذي كنت ترتاده خمس مرات باليوم ...تجلس بحديقته أتطلع إلى وجهك في كل الوجوه أرى ملابسك عليهم يلبسونك أرى فيهم عيونك وملامحك وأحيانا اسمع صوتك أراك كطيف مستحيل صعب المنال
واستغرب يا اسمر كيف تزامن إغلاق كل المساجد من بعدك وكأنها كانت مفتوحة لأجلك فقط ...أغلقت الحدائق والمدارس والمتاجر، وفتحت المقابر على مصراعيها ثمة أحداث غريبة تحدث أنا لا افهمها لم نعشها من قبل أبدا
اخذت كل شيء جميل معك حتى الأمان والفرح والسفر ولون البحر والسماء
ثم إنني يا روحي ومحبوبي الغالي عندما ابحث عنك في الشوارع التي مررت بها والأماكن التي تواجدت بها والمطاعم التي أكلت بها .... تبهت ملابسي وتهترئ حقائبي اليدوية وتذوب أحذيتي في قدمي وأظل امشي بعدك حافية عارية باكية كئيبة.