رجفة
ترتجف شفاه الوطن وتسيل دمعة من عيني يبوس في وقت خشن يقتلع فيه الطاووس المستأسد جذور الصخرة بمنقاره المرقط وتدفن النعامة رأسها في رمال متحركة.

ليلته الثالثة قضاها جالسا أمامها، لم يسرقه منها النوم  مثلما سرقها منه الموت.. يتذكر أنها قبل أن تفارق بدقائق قليلة أشارت إلى الصورة القديمة المعلقة على الحائط المتأكل  وقالت:
-    لقد غيرني الزمن كثيرا

غرفةٌ خاصَّة
في البيت المزدحم بالصغار والفقر كان على الذين يرغبون في الحصول على غرفة خاصَّة أن ينتظروا طويلاً.
في الحقيقة فقد كان عليهم أن ينتظروا إلى ما لا نهاية.
وبغرابة لا حدَّ لها كان الفتى المريض بعلَّة لا شفاء منها يبتسم متقبِّلاً فكرة الموت؛ الفكرة المحتملة القريبة التي همس بها الطبيب في أذن الأب خلف الباب!

قرأ في ما أتاح له ضيق وقته، أن أبا نواس كان يقول احلى الشعر و أعذب  القريض وهو ثمل ، تأبط حافظة نقوده و جرى إلى الحانة ابتاع عدة زجاجات و في طريق العودة عرج على المكتبة و ابتاع حزمة أوراق وقلما فاخرا .

الهمنغواي *

الفرنسيّ
يخون دائما صديقته مع زوجته.
عدوى
أقلع الزوج عن التدخين،  فتألمت الزوجة من الصداع.
***
جبانان ناما في البيت، فانهار البيت من الضحك.
***

أمن
أمره الطبيب المعالج أن يفتح فمه – على اتساعه – ليرى الفاسد داخله.. فخرج من عنده مسرعا ليخطر الأمن.
ذكر محاسن
عدّد الجالسون محاسنه لها لعلها تلين وتنهي هذا الخلاف العائلي القائم بينها وبينه.... فلما انتهوا.. شكرت لهم سعيهم.
الوريث
نظر إلى ابنه الوليد الذي يلتهم ثدي زوجته بشراهة، وحاول أن يطرد الخاطر الذي يقتحمه... "هل يرث الأبناء الآباء وهم بعد أحياء؟".

أحبُّ الفراغ، والسيرَ فيه، كأنّه الطرقُ موبوءةً بالغامضِ السحيق، بالصمتِ المعلّق .. يتنقّلُ أمام ساقيَّ كالدليل .. أحبّ مجالسةَ قبرَ أبي الساكن في غيمٍ بعيد، مناجاةَ الشواهدِ، وهي تهتزُّ، الترابَ الشوكيّ يخبيءُ الزمان، وتدورُ عيناي، لعلّ سرّا يباح، خبرا يمطرُ بجديد ..

علال قوي البنية ، طويل القامة ، نظراته مشحونة بالحيرة والحزن ... تزوج علال بفاطنة ، مربوعة القد ، كثيرة الكلام ، في عينيها سكن البؤس واليأس ... تزوج الفاشل بالفاشلة ، أنجبا صبيانا وبنات ، رضعوا الفشل ، ناموا واستيقظوا على الفشل ... الأبناء يكبرون ، والفشل يكبر معهم .

هرج ومرج . الكل يجري ويلهث . يثير منبه السيارة الانتباه ، يتبعه سب بين الراجل والسائق . بقال يزيد في الثمن . خضار يغش في الميزان . جزار يخلط اللحم ، مشهور بالذبح السري ، يجلس بجانبه الحاج بوصرة مع شلته المعروفة بتتبع مؤخرات النساء ، وأكل لحوم السكان . نجار يتلاعب في نوع الخشب المتفق عليه مع الزبائن ...

في ذلك المكان شديد الظلمة كان كل شيء يبدو باعثاً على القلق ، وكانت أشعة النور التي تنسرب من خلال الثقوب الضيقة لا تلبث أن تتلاشى سريعاً .وكان انهماكي في إشعال الشموع لكي أبصر عملاً مضنياً ،وليس ذا نفع كبير .

يحمل في جرابه كل الأمنيات..
ملاك على امتداد المدى واتساع الفضاء، يفرد أجنحته في ليلة الأسرار، يوزع الأمنيات.. نجوب الأزقة وعيوننا لا تفارق السماء، ننتظر نزول الملاك وعلى أكفنا بسطنا صغار الأمنيات..
على أحر من الجمر ..

ذات مساء ضاقت بها وحدتها، وقررت أن تقتحم حجرته الصغيرة القابعة بين الشجيرات، كان الباب مقفلا، والناس نيام.
راحت تضرب برأسها الجميل الرائع المثقل بالأوجاع والهموم على الزجاج ،وعندما جاء ليفتح الباب، أبت أن تدخل حدقت في وجهه بعتب وحيرة وصرخت صرخة حزينة ،لم يُسمع مثلها من قبل.

بكت أمه وهي تبثّ لي شكواها من حال ابنها الذي يستبد به الحزن منذ شهور ويلتزم الصمت ويغيب عن المنزل ساعات النهار كلها ، وقد أعيتها الحيل لتفريج همه وانتشاله من قعر حزنه.

مشروع مستقبلي
في ألف ليلة وليلة ... رمى القدر بالخيانة في حجر شهريار؛ فقرر الانتقام من كل الخائنات في كل كتب الحواديت حتى من كانت منهن ما تزال مشروعًا لم يتحقق بعد

بصيرة
لمحت في حلمي ليلى تراود قيسًا عن قصيدته، يلقيها في هواء الصحراء لتتلقفها أذن ابن ورد؛ فأخفيت قصيدتي في قلبي.

استرعى انتباهه عنوان الغلاف، دنا من الرف ثم تناول الكتاب ،ورقه اللامع و المقصوص بعناية ظاهرة . ففنية اختيار الأيقونة السوريالية .. تفاصيل لم تترك له المجال للتردد ، يمم صوب عاملة المبيعات ودفع الثمن ثم خرج متأكدا أنه غنم نفيسا يليق بجولته في معرض الكتب ،ما إن استقر به المقام في المقهى المقابل حتى شرع في تصفح كنزه بلهفة طفل غنم أمنية طاردها لأيام .

فلما انهالت عليه القبيلة بالتجريح والاحتقار ، وقال له وجهاؤها ارحل فأنت غريب عنا وإنما قذفتك إلينا رياح التسول وكان جدك ظلاً بلا ذات .

أَحْلَى...
تململ الطّفلُ وسأل أمَّهُ مرّةً أخرى: ماما، لماذا ابتلعَ البحرُ أبي؟
إقتلعتْ براحة يدها دمعة سالتْ على خدّها، ثمّ أخذتْ قطعة سكّرٍ وأسقطتها في فنجان ماءٍ كانَ أمامها، وحرّكتها بلطفٍ حتّى الذوبانِ. عندما إختفى السّكّر تماما في الماء، قالتْ لهُ: كانَ أبوك أحلى منَ السكّر، لذلك إشتهاهُ البحرُ.

على صخرة جالسة ترعى بضع نعجات عجفاء ، في الجهة الأخرى من الطريق ، تقف مرتدية وزرة بيضاء والحزن يصبغ وجهها ، تنتظر النقل المدرسي ، والمعاناة اليومية ذهابا وإيابا .