" حبيتك بالصيف " وتصمت فيروز ، لأقفز من الفراش كغزالة البراري معلنة حالة نفسية  فرحه تؤهلني لاستقبال يوم طويل تحمل ساعاته المجهول وفي انتظار مقطع  "حبيتك بالشتي " يجري نهاري سريعا ، متخطيا حواجز الازعاج ، مشاكل العمل ، المجاملات الاجتماعية .
من يصدق ان رنة موبايل صباحية واخرى مسائية بالصوت الملائكي تحيلني الى طفلة وديعة ، مسالمة ، تذيب الصبر في القلب فيصبح عسلا مصفى يشفي الغضب ،الحنق، والثورة العارمة التي تنتابني حين أصطدم بخطأ بشري .. !نلتقي ، يبادرني السلام والسؤال ، أضحك وأعلق على لكنته  المحببة الأشبه باللغة الارمنية لاصبح ذكرا  ، فيقهقه كبشاوات الافلام العربية القديمة .. أبدأ بثرثرة  لا تنتهي ، وكلام أشرك به عيني ، لساني ، يدي ، شعري ، وحيوية تطغى على كلي فاغدو امرأة مميزة ، مغرية ، تثير..!

المفاجأة كانت أقوى من التفكير او اتخاذ قرار ، بلا شعور  أغلقت الباب ،
لم أركض لاستل سكينا من المطبخ ، او أصوب مسدسا ، جمعت ثيابي في حقيبة
لملمت بعض الصور ، وهمتُ في الطرقات والأزقة ، أبحث عن الأسباب ،
أفتشُ عن جواب ، لماذا ...!!؟
لم أرتكب جريمة شرف ..! لكني قضيت عقوبة التشرد والأشغال الشاقة في
مدن غريبة ، كئيبة ،  أغسل ، أكنس ، أتسول ، أجوع ، لأكمل الدراسة
الغربة تصقل الرجال

1
لف القبطان ذراعه حول خصري: "لا تخافي يا عصفورتي، أجيد قيادة الطائرات". حلق بي،   وألبسني الفصول الأربعة كأثواب تسوّقتها في عواصم الجمال، بيتي المطارات، أغطيتي شراشف من حرير، طعامي المحار، رفقتي المشاهير، تسليتي المسارح ، رؤية الآثار. عشقت الطيران والدوران فوق الغمام ، ومن القمرة يستدير ويبتسم،  تغافله غيمة، تهتز الطائرة من مطب ، أرتعد ، أفتح عيني  على خاصرة باردة ، ويد تحمل كرة أرضية تدور في زاوية الغرفة، وقبطان غائب لعله  هبط في مطار مجهول.

في مدينته البئيسة سُحبٌ واطئة تتربع على قبب الجلاليب والهامات. ندفٌ ثلجية لم تنقطع منذ أيام، كأن المكان اقتُطع من إحدى قرى النرويج أو... أحسّ ببرودة تدب في جميع أوصاله. همّ أن يدخل أول مقهى صادفه. تحسّس جيوبه. سرعان ما تصاعد بخار كثيف من فمه وهو يقول:
- تبّا، الجوّ غربي والجيب مغربي..

بـعـد تـلك الــحـادثـةِ الـمشـؤومـةِ شُــلّ دمـاغُـــهُ ...
انـتزعـوا قـلـبـه – دون عـلمـه – فـي ذلـك الـمسـتشفى الـمشؤوم ...
وهـو الـمُـحـتـاج إلى قلب آخـر، بـعـد أن هـاجرت بـقـلـبه حـبـيبـتُـهُ إثـر سكـتةٍ قلبيةٍ، زرعـوا لـه القلبَ الـمسروقَ.
استفـاق بـعد غـيبوبـةٍ طويـلةٍ وطـويلـةٍ جـدّاً، لينعـمَ بـحيـاةٍ جديـدةٍ مـع قلبٍ جديـدٍ وحبّ جـديـدٍ.

محمد بوشيخة
قاص وناقد من المغرب

بمقبلا صاح لفضائه الموعود، ولقصّ المشيمةِ أنشد حلقُه زغرودة الحياة؛ ظهرُهُ المعلقُ بشوقٍ تلقى الضربتين؛ لكنهم أفلتوه؛ فهوى إلى البلاط، رأسُه مشجوجٌ يرتعش؛ وفي صدرِه الدقيقِ تحشرجت صيحة الوداع!

وقبيل الفطامِ أخذتهُ إلى نافذة الليلِ؛ تعلِّمه أولَ ما في الدنيا من أسماءِ.
قالت: أسود!
لحظتها حطَمُوا باب سقيفتهم؛ فهبَّ من اللفة؛ وبحنجرةٍ عالمةٍ صاح:
اترك أبي يا سافل!
لكنَّ وجهَ أبيه في بئرِ الليلِ تباعد؛ وكلُّ الألوانِ غرقت في اللون الأسود!

لطالما عهدتُ نفسي قادراً على التعبير عما يختلجُ في صدري، ويجولُ في خاطري
طلق اللسان، فصيح البيان، قوي الحجة
والآن... بعدما تقطّعت بيَّ السُبل...
مات في طرف اللسان كلام
وضاقت بحمليَّ الأقلام

إسمه فارس ، إسمها احلام ، تزوجت أحلام فارس أحلامها ، وهي كعادة بنات جيلها ، تحلم أن يكون لها بيت جميل ، مزخرف ، أراد أن يحقق فارس لها ذلك ، تجند واستجمع قواه لخيوله ، درسها جيدا ، عرف سرعتها ومسافتها كل على حدة ، رمى ببعض ماله عليها ، إزدادت رغبة أحلام في أن تصير سيدة حيها ، شجعه ذلك ، ازداد حماسا ، أخذ ينفق أكثر على هذه الأحصنة المرقمة على هواه ، والتي حددت وظيفتها أن تسرع الخطى من نقطة الإنتقال إلى خط النهاية ، أحلام تحلم وفارس يغدق في العطاء عساه تتحرر خيوله التي أصابها ما أصاب حصان طراودة التي قضت على أحلام أحلام وصيرت فارس أحلامها فارس غير زمانه ، إذ صار يجول عبرالشوارع من أجل لقمة عيش تكفيه وتكفي أحلامه.

أوهام
غاص في الوحل ..
فتمسك بحبال الحياة الذابلة..
ثم سقطت مساحيق وجهه..
في واقع يتسم بالإزدواجية..!
………………..
خط الإنفلات
يقبض على جمرة الحلم..
لتفجير الرغبة المكبوتة..
أحدث زلزلة المقهور..
فحاصروا الذاكرة من جديد..!

وقت مستقطع من الغياب:
المعبد يموج بحركات مُقلقة، الطفل يتيه في رحىً لا يعرف
من أين مأتاها، يمتص إصبع الخوف، بيننا وقت  مستقطع
من الغياب .. الهلع يملأ كأس الحيرة .. يصرخ الطفل ..
يهرول المصلون ، ينتفض القمر  المطل من أعلى المعبد ،

حين تحمل الوجعَ جبلاً على كتفيكَ وتمشي حيث لا تدري الى أين والوقت كمقصلة؛ فإنّ إرادتكَ المنفعلة من ذاكرتكَ والمكتسبة من تجربتكَ الغاليةِ مع الزمن ستدفعكَ لكي تمشي أكثر عكسَ عقاربِ الساعة، وتكفر بالجدوى وتؤمنَ لكي تكفرَ ثانيةً بكلّ ما أوتيتَ من نَفَسٍ للفرح.. وتدور مع تناقضاتكَ إلى أن تعشقَ فكرةً، امرأةً وطناً.. خلاصاً ، وتعشقَ يا ابن الوجع، وتمشي مع عقارب السّاعة حيث تدري الى أين والوقت شعاع..
ألم تستلذّ بوجعك هذا؟
حين تنتشي ملءَ جسدكَ فرحاً تحملهُ ويحملكَ عشقاً فكرةً، امرأةً وطناً.. خلاصاً، حيث تدري الى أين والوقت شعاع؛ فإنّ إرادتكَ ذاتها المنفعلة من ذاكرتكَ نفسها والمكتسبة من تجربةٍ غاليةٍ مع الزمن ستدفعكَ لكي تمشي أكثر مع عقارب الساعة، وتكفر بالجدوى وتؤمن لكي تكفر ثانيةً بكل ما أوتيتَ من نَفَسٍ للعشقِ يا ابن الفرح، وتدور مع تناقضاتكَ إلى حدّ الوجع، وتمشي عكسَ عقاربِ السّاعة حيثُ لا تدري الى أين والوقتُ كمقصلة.

مازلت أؤرخ في كتب لم تحمل في أغلفتها تاريخ الطبع لرحيل شتاء غريب الطور. لم تكن لهجته البرد و لا سمته، غير أن السحاب اقترف كثيرا من اللعنات ،فقد أصر أن يكذب على شقراء وعدها الإمطار في حلم يحتاج الورد فيه إلى القطر و ماء المزن و آثار البر و صوت المطر.
كنت أعرف منذ صغري أن السُّحب المتجمعة على رقاب الأطلس – تنهي السلسلة رحلتها في الوطن القبلي بتونس- كثيرا ما تكذب...كنت فقط هذه المرة أرجو صدقها لأن شجري كان يموت .

يجلس إليكَ الصمت ليرى ماذا أنتَ بعد استسلامكَ لرحاب القلق؟
قلق أول ..قلق ثان .. قلق ثالث ..ورابع وخامس ..فيمتلئ عقلكَ الصغير بأوهام عذبة  جديدة وأشباح جديدة .. ثم ماذا  أنتَ بعد استسلامكَ لرحاب القلق  ؟ قُمتَ من  مجلسكَ   وقد  احتسيتَ فنجان  قهوة  بارد ،  ثم  عدتَ  إلى  مكانك ،  أخذتَ  الجريدة، ثم أنهيتَ قراءتها  في لحظات  ..  وقبل  أن  تغادر المقهى   قرأتَ  وعيناكَ  متخشّبتان في الخبر الأخير : ماذا أنت بعد  استسلامكَ لرحاب القلق ؟ ..

salmiتمثال
ذات صباح استيقظوا على تمثال منتصب في قريتهم... هرولوا نحوه كي ينشروا عليه غسيلهم... لما اقتربوا منه انتفض...
أدبروا مفزوعين...
حريق
شب حريق مهول في بيت رجل الإطفاء... هاتفوه كي ينقد الموقف... أجابهم سآتي على وجه السرعة, لكن بعد أن أقضي على الحريق الخطير الذي شب في الثكنة...
قطة
وهو يمشي في الشارع العام, التفت وراءه فوجد قطة تلاحقه, لم يأبه لها. واصل المسير... توقف و التفت فوجد ها واقفة وراءه... أحرجه الموقف, سألها:
- لم لاصقة أنت ورائي كظلي؟
أجابته:
-رائحة فأر تفوح من جيبك...

عندما صلصلتِ السيوفُ في الأزقةِ؛ وداستِ الخيلُ البطون؛ عندما تطايرت رُكَبٌ؛ وتدحرجتْ رؤوس؛ بات ليلََهُ في جحيم، وفي الصّبحٍ قام؛ يؤدي التحية حائرا لكبيرِ القبيلةِ الجديد!

حلزون
رغب في أن يكون أسرع مخلوق في العالم... خرج من قوقعته وتركها في مكان آمن... لما أنهى السباق قصد قوقعته فلم يجد ها... لم يتحمل البقاء في العراء... ذهب عند صديقه يتوسله كي يأويه...
أجابه:
-القوقعة لا تتسع إلا لحلزون واحد...

قال لي وهو يبحث عن كتاب في رفوف المكتبة الأدبية في بيته :
 _ أنا رجل خلقت للأدب... ومن أجله أبحث الآن.... وسأظل أبحث إلى حدود الموت... أنا أفضل من طه حسين ونجيب محفوظ لذلك لا أقرأ لهما ولا أحلم بأن أكون مثلهما... أنا أحلم بدرب قصيرة توصلني إلى الأدب دون عناء ودون كتابة... الأدب يا صديقي ليس هو أن تكتب قصيدة أو قصة أو رواية أو رسالة... بل هو أن تحلم بفتاة عذراء تعيش معها قصة حب إلى الأبد !!
وأنا أفكر في الرد عليه قلت له : إذن، دع عنك أدب الكتابة لي وخذ أنت أدب الحب إلى الأبد !!
عزيز العرباوي

تنادى أهل السفح ينعون جثة لفظها البحر قبيل المغرب، فدوى في الأفق نواح غطى على صدى أذان يسحبه الغروب،
من سيكون العائد هذه المرة، تساءلت الجدة المرتكنة زاوية في الخيمة تنتظر العزاء.