إلى ستة قرون بين المعري وغاليلو

بالقـبو  حـــبـرٌ
يـَدمَغ ُالسَّنوات في أعناقها
ويُعــدّنُ المَشروبَ للشُّعراء في
ضيَع ٍتــَدقُّ رغـيفـَها
والملحُ من صوت المطارق  والأنينْ
صَهرتْ سنابلـَها طحـينَ خناجر ٍ
آذانـُها ثــَملـتْ بقرقـَعـة العـجـينْ !
وروائحُ  الكـبريت  من تــَنـّـورها
فاحتْ سـياطا ً

نشيد البوح( 1)
أيتها المرأة الهاربة إلى نسائم البحر
تمهلي قليلا كي أرى ملامح بهائك
أرشف الرحيق من بلورك الزجاجي
وقليلا من أناشيدك في دمي
أغطي رقصاتي برذاذ موجك
أدفن بوحي في مواويلك فوق روابي الشمس
أولد من عطرك
كندى
وأرسم وجنتيك من رحيل إلى عينيك
هناك أترنم بورد يشهد ملاذي فيك

هلْ كنتُ أجِلُّ الحاضرَ
حينَ أحَــيّي الرايَة َ
مزهوّا بالنّخــوةِ كلَّ صَباحْ ؟
أبـــدا،،
بلْ أشْـرِعُ نافذة ً للذّاكرةِ العمياءِ،
أديرُ على بوّاباتِ المعنى المِفتاحْ
أتخطّفُ لــي منْ بعضِ خوافي الطّيْرِ
رُويشاتِ ،
وأقُدُّ لإقلاعِ الّروحِ المُتْرَعِ بالرّوْعِ
جناحْ.
هلْ كنتُ أرى

الان أبتدئ العرافهْ
كي أُسقط النّجم المعلّق في دهاليز الحكايهْ
وسأحتذي حذو الرّعاة الرّاحلين...
لا معنى للأرض التي  لم تؤوني
ولم تظلّ مخاوفي بعقيقها السريّ
لا معنى للّيل الذي أسرى بعيدا
عن حدائق دهشتي،
ولم يكن خلّي الذي بايعته
كيما يكون خليفة العشّاقْ.
لا معنى للغزل المبعثر فوق أوهام الرّوايهْ
أنْ أنت لم تسكنْ عيوني ولم تنمْ

أجلْ،
مثلَما أسلَفَ النصُّ يرشُقُني بحنين البداياتِ
يفتضُّ رافدَ بوْحٍ ضنينٍ،
أردِّدُ كانَ حميمي الظَليلَ... وظلَّ...
سأسْرِدُ إنْ أسْعفتْني التفاصيلُ
مِنْ سيرة الطُّهْر
أو لوثة ِ العُمْرِ فصْلاَ
أجلْ ، بيْننا مِنْ حريقِ الحَكايا
حكاية ُ شِعْرٍ وعرْشٍ
ونستفُّ إذّاكَ مِنْ سافياتِ الفجيعةِ تبْنا ورمْلاَ..

لا تُـطفِـئي القَـنديلَ ..
إنَّ اللَّـيلَ فـي أوَّلِـهِ
ولَـم يَـزلْ يُـراقِصُ النُّـجومَ والأقمـارْ
لا تُـطفِـئيه .. لَـمْ أزلْ
على صَهيلِ بوحِهِ .. أُواصلُ المِـشوارْ
أبحـثُ في عَـينيـكِ عَـن قَـصيدةٍ ..
مَـحمومةِ الأفكــارْ
مَـكتوبَـةٍ بِـأحرفٍ مِـن نـارْ
تَـحملُـني على جَـناحيها .. لآخرِ المَدى
تُـذيبُـني شَلاَّلَ ضـوءٍ .. يُـوقظُ النَّـهارْ

اختر من الأسماء ما تشاء
فكلها أحرف هجاء
و أنا ما آمنت يوما
بأحرف الهجاء
احرق أوراقك
غير في تاريخك، في أحلامك
اخرج من جسدك
و انثر على أطلاله مسكا و عنبر
ابني بيني وبينك أسوارا
ابسط بحورا و مد أنهارا
اذبح أفكاري

قال : سيدتي
ضميني إليك
حتى يسمع قلبك أنيني
ضعيني قطعة سكر بين شفتيك
و اقضميني....
قلت : تعال سيدي
سأغير من أجلك استدارة القمر
و سأرقص لك تحت المطر
سأنثر حول الشمس نجوما
و أفجر في الأرض عيونا

أرى ولا أبصر أحدا.
كأنّي الذي في منامه يمشي وأخطو على بدد من تراب ..
وأنصت أنصت لا أحد الآن يسمعني،
ترى أين غابوا؟
فهذي بيوتاتهم تمدّ إلى الريح أعناقها
وهذي تفاصيلهم كلّها ماؤهم في القراب،
خناجرهم عانقت غمدها ،
بعض ملح غريب مسجّى على خبز حنطتهم في الخلاء،
ركاب بلا فارس يمتطيه .
نواوير سرج معفرة بالغياب.
أرى زيتهم كمشكاة ليل يرفّ

كيفَ أُناجِيكِ .. بِأَيةِ لُغَةٍ ..
أَرْوِي تَغْرِيبةَ شِعْرِي
أَخْشَى أَنْ تَسْرِقَ مِنْ سِرَّي ..
يَوماً سِرِّي ..
نَجماتٌ تَرصدُنِي .. تَترَبَّصُ بِي
وَتبُوحُ بِهِ فِي نَزْوَةِ شَبَقٍ لِلأَقمِارْ
أَخْشَى أَنْ أَصحُو فِي عَينَيكِ ..
وَقَد أَصبَحتُ غَريبَ الدارْ

آهٍ عَشْتَارْ ..
أَنَا تَارِيخٌ حَطَّ التَّارِيخُ ..

لو كانت لي عين واحدة..لاتكأت على عصا القاف،
أهش بها لغة شاعر.
حتى إذا ما اهتزت كالجان،
وليتُ مدبرا .
في صمت وطن  مدنّس ،
ولدتُ من جرح  عميق ،
وانسلتْ روحي ..
كماالقطرة في كأس الثمالة... يعانقها النواسي ..
خلف سيف الرشيد ،  ومركب سندباد..
***
أدونيس  وطن الظمأ الأخير،

الحب جنون
و أنا...قررت أن أعتق
جنوني..

فإن كنت ثائرا..
فأنا الثورة..
و أنا مسقط رأس الثوار
أنا القانون في دولة الحب
و أنا القاضي ...
و أنا السجن و السجان..

طيرٌ
ينَحتُ الفيروز أغنية ً
يقفُ على رأس تمثالٍ ،
تتساقط من يديه
تلويحاتٌ ساذجة ،
أقول للون : كن هواءً
ولجناح الطير : كن إزميلاً 
هناك مخلوقاتٌ بحاجة لأعادة تشكيلها .

2
هناك

أسكن في جسدي الخاوي
ويسكنني الانتظار
أجمع أنفاسي ، فأصنع منها
قطارا بخاريا ، ولعبة شطرنج
ومقهى على الشارع الرئيسي
وهيكلا من عظامْ
يتراءى لي شبحي ، مركبا بعيدا
عائما في الغمامْ
يركب حزني جنونه ، لا يفاوضني
لا يمنحني حتى حكما ذاتيا
يلتف بلحاف من أوهامْ

يدُ مَنْ لا أعرفُ فوق الخدّيْن
وعـيـْنٌ ترصدُ منها السبّابةَ والإبهامَ
ووضوحٌ شفّافٌ حـّـتـى حدودِ الإبهامْ
تستهْوي العيْنَ تقاسيمٌ و بلادُ.
عيْنٌ تتقرّى في سمرةِ وجْهِ السمراء
فلسفة الحزْنِ، سرّ اللّوعةِ، مكنونَ الصمتِ
نحيبا يعلقُ في نظرات حُبْلى
بما لا يأتي به ميلادُ
تكادُ تزيح السبّابة عن خدِّ السمراءِ
خُصلةَ ليْل يتدلّىَ فوق خدُودِ خلود،
تُعيدُ الكرّة

في عينيها .. أقرأُ إمرأةً
تسكنُ في تاريخِ الجرحِ ..
تلملمُ أشلاءَ الزمنِ الموؤودِ .. بأقبيةِ النسيانِ ..
تضيءُ فضاءَ نهاراتٍ
سرقوا من بينِ ذراعيها .. من عينيها
شمساً كانت ترتاحُ هنيهاتٍ
في هودجِ مرقدِها
ما عادت تصحو في غدِها .. في موعدِها ..
سرقوا شمساً كانت تتدلّى ..
عندَ ضفافِ الحبِّ .. ضفائرُها الشقراءُ ..
تقبّلُ موجَ البحرِ ..

جابَ المدائنَ محفوفاً بألطافِ
مِن هاذيات الرؤى , رِفقاً بعَرَّافِ

لا توقظيهِ فجزءٌ من مقاصدهِ
أن يوقظَ الأرضَ وهو الحالمُ الغافي !

ما لي حلمتُ بشلالٍ وأوديةٍ
ورملِ رَزّازةٍ يعدو وصفصافِ ؟

ومِسكِ قلعةِ أربيلَ احتفظتُ به
في النبض أو في خفاءٍ ليس بالخافي

ها آنا في حبسة المعنى
وتزاحم الأضداد
أرصّف هذا الخواء
وأستدني طيورا ماكانت لتعجزني
حطّي هنا ياحدءات الرّيح
وضعي بيضك الأعمى...
ماعاد  صباحه مثقلا بالبركات
هذا الكاهن الموتور
ولا الّليل معراجا إلى فتنة عينيه
لا الريح مفضية بي إلى قلاع أبّهته...
ولا الليل مقمر إذ أشتهيه...

دعيني أبوح لك بسر القبلْ
وكيف تموت أسرار  قبورنا  دونما الكفنْ
حين يروي حمَّاد الرَّاوية شعر السياب ،
وحين تنطفئ فوانيس الحقول .
دعيني أصف لك فرسا في اخر  السَّبق..الذي  لا أعرفه ،
دعيني أعانق أثافي المضارب ،
ما تزال ترسم  وجنتيك في  ايهابْ
حيثما يغيب القمر .
دعيني أكتب بالإبر على آماق البصرْ
انطواء خصلات شعرك،
دعيني ألمس  شعر الخنساء ،