"إن الافريقي ليس عدوّا للتغيير، وعندنا، اليوم، الكشف واضح عن هذه الحقيقة،. لأنّ له موهبة مدهشة، تعينه على التطبّع والتأقلم هو سمة حيوية لم تستطع التجارب ان تنال منها وهذه الموهبة يجب ان تتيح له ليأخذ مكانه في العالم، هذا المكان الذي منع عن الوصول إليه، زمنا طويلا"[1] دنيز بولم

يكتب سارتر في كتابه "اورفيوس الاسود": ماذا تتوقعون حين تنزعون الكمامة من على تلك الافواه السوداء؟ هل تظنون انهم سيهتفون بحياتكم؟ هل كنتم تعتقدون انكم حين ترفعون هذه الرؤوس التي احناها اجدادنا عنوة ستجدون الحب في أعينهم لا أعرف ولكنني أقول ان ذلك الذي ينظر في عيني لأي شيء اخر غير سؤاله الدائم، فانه سيفقد بصره؛ فلا اعتراف ولا كراهية، ولو انني صرخت، فلن تكون صرخة سوداء، لا، فمن وجهة النظر المتبناة في هذا الكتاب، ليست هناك مشكلة للسود، وعلى أي حال، حتى إن وجدت، فإنها لا تهم الرجل الابيض إلا مصادفة، انها قصة حدثت في الظلام، والشمس التي بداخلي يجب ان تشرق على كل الشقوق" فرانز فانون

مقالة من بين العديد من المقالات التي كانت تنشر على العمود الثقافي الذي يحمل اسم «مغلف منيرفا"La bustina di Minerva، بالصفحة الأخيرة من الجريدة الأسبوعية L’Espresso. العمود من تحرير الكاتب والمفكر الإيطالي "أومبرطو إيكو"، الذي سرعان ما ذاع صيته فأصبحت صفحة عموده هذا أول صفحة في الجريدة يطّلع عليها المثقفون والقراء الإيطاليون بصفة عامة، لما لمسوه فيها من تنوع في المواضيع ومن حنكة وفراسة الكاتب، الذي كان يتحول بكل سلاسة من السجل الدراماتيكي إلى أسلوب المحاكاة الساخرة والذي قال عنه بعض الدارسين "السمّ والدواء".
مثير، ذكي ومخادع هو عنوان العمود "مغلف منيرفا" La bustina di Minerva"إيكو" هنا كان يستمتع مع القارئ الذي قد يفهم منيرفا الإلهة، إلهة الحكمة والعقل، بينما هو بكل بساطة اسم لذلك "المغلف الصغير الذي يحتوي أعواد الثقاب والذي يحمل العلامة التجارية "Minerva": كانت بداخله واجهة خالية من الإشهار حيث كان ممكنا، على حد تعبير "إيكو "،" تسجيل الأفكار الغامضة والشاردة، أرقام هواتف النساء التي قد نحبها يوما ما، عناوين الكتب المراد شراءها أو تجنبها...".

" الثورة العلمية هي تغيير جذري في الفكر العلمي حدث خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر. ظهرت رؤية جديدة للطبيعة خلال الثورة العلمية، لتحل محل النظرة اليونانية التي هيمنت على العلم لما يقرب من 2000 عام. أصبح العلم تخصصًا مستقلاً، متميزًا عن كل من الفلسفة والتكنولوجيا، وأصبح يُنظر إليه على أنه يحتوي على أهداف نفعية. بحلول نهاية هذه الفترة، قد لا يكون من المبالغة القول إن العلم قد حل محل المسيحية كنقطة محورية للحضارة الأوروبية. من تخمر عصر النهضة والإصلاح، نشأت رؤية جديدة للعلم أدت إلى التحولات التالية: إعادة تعليم الفطرة السليمة لصالح التفكير المجرد؛ الاستعاضة عن وجهة نظر نوعية للطبيعة بالقيمة الكمية؛ رؤية الطبيعة كآلة لا ككائن حي؛ تطوير طريقة علمية تجريبية تسعى للحصول على إجابات محددة لبعض الأسئلة المحدودة التي تم صياغتها في إطار نظريات محددة؛ وقبول المعايير الجديدة للتفسير، والتأكيد على سؤال "كيف" وليس سؤال "لماذا" التي ميزت البحث الأرسطي عن الأسباب النهائية. لعل اهم الأسئلة التي يمكن طرحها هي التالية: ما هي الثورة العلمية؟ كيف ترتبط الثورة العلمية بالتنوير؟ إلى ماذا أدت الثورة العلمية؟

" يمكن للمرء أن يعين مثل هذا الخطاب أو ذاك على أنه خطاب عقلاني، ويصفه لإظهار أين يكمن عقلانيته، ومن هناك يقرر بالعكس ما هو اللاعقلاني. إن فعل التعيين ذاته هو الذي يسبب المشكلة: هناك إنشاء أو اعتراف بقيمة. العقل لا يُدرك أبدًا في الخارج، إنه دائمًا الوجود لذاته، والالتزام بالعملية التي يتم نشره فيها؛ لهذا السبب الآخر هو العقل المغترب، أي الجنون. السؤال ليس فقط معرفة ما الذي يجعل العقلانية ممكنة، ولكن ما الذي يجعل قيمة العقلانية ممكنة، وكيف تم تأسيس هذه القيمة، وما الذي يمكن أن يمثله نقدها. غالبًا ما يوصف أصل الفلسفة على أنه انتقال من الأسطورة إلى العقل، فما هذا المقطع؟ يشرح نشأة الكون لهزيود ولادة العالم (الكون)، طبيعته (فيزيس، من فيتاين إلى الولادة، إلى الإنتاج)، من خلال الاتحاد الجنسي للآلهة (الأرض والمحيط).

لا شيء أكثر خصوبة من العتمة، والعتمة لا يمكن أن تكتمل علاقتها مع الشخص ان لم يكن هذا الشخص أعشى. يحيط بكتاب الاستاذ هذا النوع من العتمة التي تخصب التجربة القرائية، وتقدم حرية البحت عن او تأسيس المعنى، وإذا مددنا ايدينا الى هذه العتمة فكل ما نمسكه فهو ملك لنا ولنا وحدنا.
وسنحاول وضع انفسنا داخل ما نقرأ قدر الإمكان «فليس بقارئ من لا يضع نفسه داخل ما يقرأ»[1] ونعني هنا أن نكون جزءا من سؤال الاصل الذي ينظم مقالات الكتاب ومكتوباته ، ولن نسعى لعرض مضامين الكتاب، وإنما نجعل منه القاعدة التي ننطلق منها لمحاولة فهم سؤال الأصل كما يعرضه، عابرا اليه من خلال الترجمة/ اشكال الترجمة.
يستحضر الأستاذ عددا كبيرا من الثنائيات ولكن ليس بقصد تقريرها، وإنما قصد تجاوزها ، او نقول قصد نفيها، ونعبر ونحن نَؤول/ نعود من هذه الثنائيات الى فكرة المحو والالغاء او النفي التي تشكل علاقة اللغة بالترجمة.

" مركزية الإنسان، وجهة نظر فلسفية تجادل بأن البشر هم الكيانات المركزية أو الأكثر أهمية في العالم. هذا اعتقاد أساسي متأصل في العديد من الأديان والفلسفات الغربية. تعتبر المركزية البشرية البشر منفصلين عن الطبيعة ومتفوقين عليها وترى أن الحياة البشرية لها قيمة جوهرية بينما الكيانات الأخرى (بما في ذلك الحيوانات والنباتات والموارد المعدنية وما إلى ذلك) هي موارد يمكن تبرير استغلالها لصالح البشرية.

تُشكّلُ الترجمة في السياق العربي الراهن دعامة نهضوية لا غنى عنها. يتوسّل الفكر من خلالها رفد النشاط الثقافي بخطاب حافز للذات وشاحذ للعقل. ومن هذا المنظور يقتضي المقام أن تكون الترجمة فعلا ثقافيا واعيا وهادفا. فليس ثمة ترجمة لغرض الترجمة، خالية من دواعيها ومقاصدها، إذ لكلّ واقع ثقافي استراتيجية خاصة به في الترجمة، واستراتيجية الترجمة المرابِطة في الواقع العربي تتلخّص في نشدان التواصل مع الفكر العالمي بُغية تكثيف سُبُل إثراء الذات وربطها بحراك الفكر العالمي، من هنا كان المقصد التنويري مضمَرا ومعلَنا في مشروع الترجمة. ولعلّ بحث الثقافة العربية عن الانعتاق من قيد التقليد، والتطلع لتخطي الانحصار الذي أُسِر فيه العقل، يملي عليها بناء تواصل رصين مع الفكر العالمي، العقلاني والتحرري، حتى يكون فعل الترجمة فعلا إضافيا.

"اللاّعقلانية، حركة فلسفية في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ادعت أنها تثري التخوف من الحياة البشرية من خلال توسيعها إلى ما وراء العقلاني إلى أبعادها الكاملة. إن اللاّعقلانية، المتجذرة إما في الميتافيزيقيا أو في الوعي بتفرد التجربة الإنسانية، شددت على أبعاد الغريزة والشعور والإرادة على أنها ضد العقل. كان هناك اللاعقلانيون قبل القرن التاسع عشر. في الثقافة اليونانية القديمة - التي يتم تقييمها عادة على أنها عقلانية - يمكن تمييز سلالة ديونيزية (أي غريزية) في أعمال الشاعر بندار، في المسرحيين، وحتى في فلاسفة مثل فيثاغورس وإمبيدوكليس وأفلاطون. في الفلسفة الحديثة المبكرة - حتى أثناء صعود العقلانية الديكارتية - تحول بليز باسكال من العقل إلى الإيمان الأوغسطيني ، مقتنعًا بأن "القلب له أسبابه" غير معروفة للعقل على هذا النحو. وجدت اللاعقلانية الكثير في حياة الروح وفي تاريخ البشرية مما لا يمكن التعامل معه من خلال الأساليب العقلانية للعلم. تحت تأثير تشارلز داروين ولاحقًا سيغموند فرويد، بدأت اللاعقلانية في استكشاف الجذور البيولوجية واللاواعية للتجربة.