س: لنبدأ معك بالتخصص الدقيق، عندما نريد استخراج شهادة ميلاد لعلم الأديان، لماذا يعترينا دائماً هذا الارتباك، ونواجه نفس علامات الاستفهام التاريخية حول عصر الولادة وشهادة المنشأ، ونقع في حيرة بين القرن التاسع عشر، وبين الأصول الأقدم منه بكثير وصولاً إلى الحضارات القديمة ؟
ماهي الأسباب؟ ومتى نتمكن من حسم هذا الأمر؟

علم الأديان هو علم حديث المنشأ يقع على التخوم، كما يقول الفرنسي ميشال مسلان، بين علم الاجتماع الديني والأنثروبولوجيا الدينية وعلم النفس الديني والظواهرية الدينية وعلم مقارنة الأديان وتاريخ الأديان والجغرافيا الدينية وغيرها من المداخل ليؤسس هوية مستقلة، وهذه علوم تطورت في الغرب وإسهامنا فيها ضئيل أو منعدم. فمنذ السعي لإخراج دراسة الدين من هيمنة العقل اللاهوتي، سواء مع الألماني ماكس مولر في ما أطلق عليه "Religionswissenschaft"، أو مع الفرنسي إميل لوي بيرنوف في ما أطلق عليه "La Science des religions"، بدأ علم الأديان يصوغ هوية مستقلة تهدف إلى دراسة المقدس والفعل الديني من خارج الاعتقاد. فهذا العلم يقوم أساسا على معرفة اختبارية للمقدس، وعلى رصد للكائن المتدين، من خلال تتبع الخبرات الدينية. ولو شئنا تعريفا مقتضبا لعلم الأديان، في مقابل علم اللاهوت، لقلنا إنّ الأول يهتمّ بكل ما هو معتقَد من طرف البشر بقصد بلوغ الفهم الداخلي للمقدّس المعيش، في حين يهتم الثاني بالإجابة عن سؤال: ما الواجب علينا الإيمان به؟ ولماذا ينبغي علينا الإيمان بذلك؟ ليس هناك تصادم أو تناقض بين المقارَبتين -كما أرى- وإنما هناك تكامل في الإحاطة بالرأسمال القداسي.

الترجمة:
"ولدت جوليا كريستيفا الكاتبة واللغوية والمحللة النفسية الفرنسية في بلغاريا. هاجرت إلى باريس للحصول على الدكتوراه ، وانضمت إلى مجموعة دون تغيير Tel Quel التي يديرها فيليب سوليرس ، وحضرت ندوة جاك لاكان. درّست اللسانيات والأدب في جامعة باريس 7 - دينيس ديدرو ، وجامعة كولومبيا في نيويورك بصفتها منظّرة لغة. في الوقت نفسه ، بدأت حياتها المهنية كمحللة نفسية وكاتبة. ألفت حوالي ثلاثين كتابًا ترجمت إلى حوالي ثلاثين لغة، بما في ذلك السيميائية Séméiotikè. بحث عن تحليل سلالات (1969) ، قوى الرعب. مقال عن الحقد (1980) ، قصص حب (1983) ، في البداية كان الحب. التحليل النفسي والإيمان (1985) ، بلاك صن. الاكتئاب والحزن (1987) ، الغرباء على أنفسنا (1988) ، الساموراي (1990) ، أمراض الروح الجديدة (1993) ، المؤنث والمقدس (1998 ، مع كاثرين كليمان) ، الوقت المحسوس. بروست والخبرة الأدبية (1994)، (1996)، الحميمية والعاطفة ولامعنى الثورة تمرد (1997)، رؤى رأس المال (1998) ، عبقرية أنثوية (3 مجلدات: حنة أرندت ، 1999 ؛ ميلاني كلاين ، 2000 ؛ كوليت 2002) ، جريمة قتل في بيزنطة (2004) ، لا هاين ولو باردون (2005).تعمل جوليا كريستيفا حاليًا كأستاذة في المعهد الجامعي الفرنسي وحصلت على جائزة هولبرغ (تعادل جائزة نوبل في العلوم الإنسانية) في عام 2004).

يقـــول W.Lloyd warner واصفاً مختلف المراحل الحاسمة التي تطبـــع حيــاة الإنســـان الأبوريجيـني الأسترالي:
"يكــون الكــائن قبل ولادته روحــا خــالصا. وفي المرحلة الأولى من حيــاته، أي عندمـــا يصبح في المكـــانة الإجتمـــاعية التي تحتلهــا النســاء، يصيـــر منتميــا كليا إلى العــالم الدنيوي، أي منزوعا من الصفة الروحــانية، ثم كلما تقدم في الســن واقترب من نهـــايته، يصيـــر الفرد أكثر فأكثر موضــوع ممــارســات طقوسية وقــداسية ليجــد نفسه ســاعة الموت قد استعــاد روحــانيته وقـــداسته من جديـــد".[i]
إن كثيـــرا من معــاصرينـا -مهمــا كــان تصورهم للموت- لا يستسيغـــون أن يكــون الموت شكــلا وجــوديا كله روحــانية وقــداســة. فالمـوت لدى أغلبية الــذين لا يـؤمنــون قد أفرغ من كل محتوى ديــني قبل أن تكـــون الحيــاة ذاتــها قد فقــدت معنــاها، فالكشف عن تفـــاهة الموت قد سبق لدى البعض اكتشــــاف عبثية الحيــاة ولا معنــاها. وكمــا قــال محلل نفســـاني بريطــاني مجهــول: "نولــد حمقى، ثم نمنح أنفسنا أخــلاقاً فنصبح أغبيــاء وتعســاء، ثم [في النهاية] نمــوت".
إن هــذا الجزء الأخيـــر من الجملة: "ثم نمــوت"، يعــبر ببــلاغة عن نوع الإدراك الذي يحملــه الإنســان الغربي عن مصيـره. إلا أن هــذا الإدراك يختلــف عن ذاك الذي نلاحظه في كثيــر من الثقــافـات حيث نجد الإنســـان يعمل جــاهدا لاختــراق سـر المـــوت، ومحـــاولة معرفة دلالتهــا. إننــا لا نعــرف ثقـــافة لا تكــون فيــها هاتــان الكلمتــان "ثم نمـــوت" عــاديـــتيـن. لكن يبقــى أن هــذا الإثبــات الجــازم لموت الإنســـان الحتـــمي دون قيــمة إذا نُــظر إليه معـــزولا عن إطــاره الميثـــولوجي. فعـوض "ثم نمــوت " كــان على الجملة -لكي تكــون متنــاسقة ومعقـــولة - أن تنتهــي كالآتي: "ولهـــذا فإننا نموت ". بالفعـــل نجــد في أغلب الثقــافــات أن حـدوث الموت [ في هذا العــالم] يُعرَض كحــادث سيــئ طـرأ في البدايــات، حيث يعد نتيـــجة لواقعــة ما طــرأت في الأزمنة الأولـى[2]، فالموت لم يكن معــروفا لدى الأوائل أي لدى الأجـــداد. وبمعرفة الكيفية التي حــدث بها الموت لأول مــرة في العــالم يدرك الإنســان في ذات الوقت سبــب موتــه هو نفســـه. إننــا نمــوت لأن هـذا الشيء أو ذاك حــدث في البدايــات. فمهمــا تعددت تفــاصيل الأسطورة عن أصل الموت [أول موت حدث في الزمــان]، فإن هــذه الأسطــورة تمنــح الإنســـان التفسيــر لموته الخــاص.

"إن الافريقي ليس عدوّا للتغيير، وعندنا، اليوم، الكشف واضح عن هذه الحقيقة،. لأنّ له موهبة مدهشة، تعينه على التطبّع والتأقلم هو سمة حيوية لم تستطع التجارب ان تنال منها وهذه الموهبة يجب ان تتيح له ليأخذ مكانه في العالم، هذا المكان الذي منع عن الوصول إليه، زمنا طويلا"[1] دنيز بولم

يكتب سارتر في كتابه "اورفيوس الاسود": ماذا تتوقعون حين تنزعون الكمامة من على تلك الافواه السوداء؟ هل تظنون انهم سيهتفون بحياتكم؟ هل كنتم تعتقدون انكم حين ترفعون هذه الرؤوس التي احناها اجدادنا عنوة ستجدون الحب في أعينهم لا أعرف ولكنني أقول ان ذلك الذي ينظر في عيني لأي شيء اخر غير سؤاله الدائم، فانه سيفقد بصره؛ فلا اعتراف ولا كراهية، ولو انني صرخت، فلن تكون صرخة سوداء، لا، فمن وجهة النظر المتبناة في هذا الكتاب، ليست هناك مشكلة للسود، وعلى أي حال، حتى إن وجدت، فإنها لا تهم الرجل الابيض إلا مصادفة، انها قصة حدثت في الظلام، والشمس التي بداخلي يجب ان تشرق على كل الشقوق" فرانز فانون

مقالة من بين العديد من المقالات التي كانت تنشر على العمود الثقافي الذي يحمل اسم «مغلف منيرفا"La bustina di Minerva، بالصفحة الأخيرة من الجريدة الأسبوعية L’Espresso. العمود من تحرير الكاتب والمفكر الإيطالي "أومبرطو إيكو"، الذي سرعان ما ذاع صيته فأصبحت صفحة عموده هذا أول صفحة في الجريدة يطّلع عليها المثقفون والقراء الإيطاليون بصفة عامة، لما لمسوه فيها من تنوع في المواضيع ومن حنكة وفراسة الكاتب، الذي كان يتحول بكل سلاسة من السجل الدراماتيكي إلى أسلوب المحاكاة الساخرة والذي قال عنه بعض الدارسين "السمّ والدواء".
مثير، ذكي ومخادع هو عنوان العمود "مغلف منيرفا" La bustina di Minerva"إيكو" هنا كان يستمتع مع القارئ الذي قد يفهم منيرفا الإلهة، إلهة الحكمة والعقل، بينما هو بكل بساطة اسم لذلك "المغلف الصغير الذي يحتوي أعواد الثقاب والذي يحمل العلامة التجارية "Minerva": كانت بداخله واجهة خالية من الإشهار حيث كان ممكنا، على حد تعبير "إيكو "،" تسجيل الأفكار الغامضة والشاردة، أرقام هواتف النساء التي قد نحبها يوما ما، عناوين الكتب المراد شراءها أو تجنبها...".

" الثورة العلمية هي تغيير جذري في الفكر العلمي حدث خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر. ظهرت رؤية جديدة للطبيعة خلال الثورة العلمية، لتحل محل النظرة اليونانية التي هيمنت على العلم لما يقرب من 2000 عام. أصبح العلم تخصصًا مستقلاً، متميزًا عن كل من الفلسفة والتكنولوجيا، وأصبح يُنظر إليه على أنه يحتوي على أهداف نفعية. بحلول نهاية هذه الفترة، قد لا يكون من المبالغة القول إن العلم قد حل محل المسيحية كنقطة محورية للحضارة الأوروبية. من تخمر عصر النهضة والإصلاح، نشأت رؤية جديدة للعلم أدت إلى التحولات التالية: إعادة تعليم الفطرة السليمة لصالح التفكير المجرد؛ الاستعاضة عن وجهة نظر نوعية للطبيعة بالقيمة الكمية؛ رؤية الطبيعة كآلة لا ككائن حي؛ تطوير طريقة علمية تجريبية تسعى للحصول على إجابات محددة لبعض الأسئلة المحدودة التي تم صياغتها في إطار نظريات محددة؛ وقبول المعايير الجديدة للتفسير، والتأكيد على سؤال "كيف" وليس سؤال "لماذا" التي ميزت البحث الأرسطي عن الأسباب النهائية. لعل اهم الأسئلة التي يمكن طرحها هي التالية: ما هي الثورة العلمية؟ كيف ترتبط الثورة العلمية بالتنوير؟ إلى ماذا أدت الثورة العلمية؟

" يمكن للمرء أن يعين مثل هذا الخطاب أو ذاك على أنه خطاب عقلاني، ويصفه لإظهار أين يكمن عقلانيته، ومن هناك يقرر بالعكس ما هو اللاعقلاني. إن فعل التعيين ذاته هو الذي يسبب المشكلة: هناك إنشاء أو اعتراف بقيمة. العقل لا يُدرك أبدًا في الخارج، إنه دائمًا الوجود لذاته، والالتزام بالعملية التي يتم نشره فيها؛ لهذا السبب الآخر هو العقل المغترب، أي الجنون. السؤال ليس فقط معرفة ما الذي يجعل العقلانية ممكنة، ولكن ما الذي يجعل قيمة العقلانية ممكنة، وكيف تم تأسيس هذه القيمة، وما الذي يمكن أن يمثله نقدها. غالبًا ما يوصف أصل الفلسفة على أنه انتقال من الأسطورة إلى العقل، فما هذا المقطع؟ يشرح نشأة الكون لهزيود ولادة العالم (الكون)، طبيعته (فيزيس، من فيتاين إلى الولادة، إلى الإنتاج)، من خلال الاتحاد الجنسي للآلهة (الأرض والمحيط).

لا شيء أكثر خصوبة من العتمة، والعتمة لا يمكن أن تكتمل علاقتها مع الشخص ان لم يكن هذا الشخص أعشى. يحيط بكتاب الاستاذ هذا النوع من العتمة التي تخصب التجربة القرائية، وتقدم حرية البحت عن او تأسيس المعنى، وإذا مددنا ايدينا الى هذه العتمة فكل ما نمسكه فهو ملك لنا ولنا وحدنا.
وسنحاول وضع انفسنا داخل ما نقرأ قدر الإمكان «فليس بقارئ من لا يضع نفسه داخل ما يقرأ»[1] ونعني هنا أن نكون جزءا من سؤال الاصل الذي ينظم مقالات الكتاب ومكتوباته ، ولن نسعى لعرض مضامين الكتاب، وإنما نجعل منه القاعدة التي ننطلق منها لمحاولة فهم سؤال الأصل كما يعرضه، عابرا اليه من خلال الترجمة/ اشكال الترجمة.
يستحضر الأستاذ عددا كبيرا من الثنائيات ولكن ليس بقصد تقريرها، وإنما قصد تجاوزها ، او نقول قصد نفيها، ونعبر ونحن نَؤول/ نعود من هذه الثنائيات الى فكرة المحو والالغاء او النفي التي تشكل علاقة اللغة بالترجمة.