" طالما كانت هناك ديكتاتوريات، فلن تكون لدي الجرأة لانتقاد الديمقراطية"
 جان رستان، حيرة بيولوجي، 1967
استهلال
ليست الديمقراطية مجرد فكرة نظرية بل ممارسة عملية وليست نموذجا جاهزا قابل للتصدير والتبني بل هي عقلية وثقافة تقتضي احترام الخصوصيات وتراعي التقاليد والرموز الحضارية للشعوب والمجتمعات.
لقد جاءت الديمقراطية لكي تؤسس الحكم المدني وتخلص البشرية من الكثير من الأمراض السياسية على غرار الطغيان والاستبداد والشمولية وتفكك الدولة الدينية والدولة العسكرية وتنتصر للدولة المدنية التي تحتكم للقوانين والمؤسسات وتخضع السلطة للرقابة الدائمة للمواطنين وتنظم العلاقة بين الدولة والمجتمع.
غير أن التجارب الديمقراطية تعاني من الكثير من الأزمات وتواجه جملة من المخاطر ومهددة بالانقلابات والالتفاف وتحتاج دوما للتعديل والتطوير وتحاول دوما مواكبة المتغيرات والانتباه إلى الحركة التاريخية.

ان الولايات المتحدة تتخذ من القوة سبيلا في سيطرتها على العالم، معتمدة في ذلك على منطق – حكم القوة، فما مدى سلامة السلوك الأمريكي في إخضاعه للعالم بهذه السياسة؟

أولا: إستخدام الإعلام
تتخذ الولايات المتحدة الامريكية من الإعلام  وسيلة رئيسية أولى في إخضاع الجمهور الداخلي والخارجي، «فهذه الوسيلة لها تأثيرات كبيرة خاصة ان الجمهور المتلقي للمادة الإعلامية مغيب تماما لما يحدث حقا. وهنا فالادارة الامريكية بحاجة لخلق الوسط المناسب لتقوم بأفعالها العدوانية براحة تامة فعندما يتم اقناع الرأي العام ان أمريكا تدافع عن العالم من خطر الإرهاب فتصبح الترجمة الدائمة لكل سلوك امريكي هو دفاع انساني، وهذا ما نجده في المادة الإعلامية الامريكية، فالتدخلات العسكرية تسمى بالمساعدات او الامدادات، بينما هي لا تخرج عن معناها الحقيقي الذي ينحصر في الحرب والترهيب.»[1]

تُعرَف الفترة التي تنامت فيها ظاهرة الإرهاب في إيطاليا، والمتراوحة بين 1968 و 1984، بـ"سنوات الرصاص" (Gli anni di piombo)، وهي السنوات التي شهدت فيها الدولة ارتباكا سياسيا وتبدلا متسارعا للحكومات، كان بعضها يدوم أياما معدودة، تأتي غيرها على أمل إخراج البلاد من الأزمة لتقع في المطبات ذاتها. تهدّدَت في أعقابها السلم الاجتماعية بشكلٍ مؤذٍ، ومع ذلك لم تنحرف ظاهرة الإرهاب بالمسار السياسي العام للبلد، ولم تزد الأوضاعُ الصعبة القوى السياسيةَ المجمعةَ على نبذ العنف والمؤمنة بالتنافس الديمقراطي السلمي، سوى مزيد من الإصرار على دعم مسار الديمقراطية الفتية.

بصرف النظر عن مفهوم  المثقف البالغ الالتباس والتعقيد، والذي سنعرض إلى  بعض مداليله الإشكالية، فانّه  من المفترض أنّ الرسالة الأهم، التي على المثقف النقدي المتفاعل مع محيطه والفاعل فيه، المنحاز إلى الجماهير في غير ما مهادنة، ولا سكوت عن مظالم السلطة، إنّما هي الرسالة  التي يحملها تجاه المجتمع الذي ينتمي إليه -لا بل تجاه كلّ المجتمعات إن بلغت طروحاته و أفكاره مرتبة العالمية- والتي لا تقتصر، على إنتاجه للأفكار ولصنوف الثقافة في تمظهراتها المختلفة ولا في  محاولة بثّ الوعي المعرفي في النّاس و تحفيزهم على التفكير النقدي و تحريضهم على السعي إلى التغيير، بل تتجاوز ذلك إلى ما أهمّ، وهو قيادة تغيير الوضع القائم. ليس هذا فقط، بل من مهام المثقف النقدي الأساسيّة قبل وبعد ذلك مهمّة طرح حلول للتحدّيات التي يواجهها المجتمع في منعطفاته الصعبة ولحظاته التاريخية الحرجة التي قد تفضي إلى التحوّلات الكبرى، وتبلغ أحيانا، حدّ استهداف وجوده في حاضره وفي مستقبله أيضا، مثلما هو حال  الوطن العربي اليوم  الذي يعيش أعراض المخاض "القيصري" العسير للثورات العربية  المنحرفة عن مسارها.

استهلال:
" الديمقراطية ليست نظامًا سياسيًا بدون صراعات ، بل نظامًا تكون فيه النزاعات مفتوحة وقابلة للتفاوض وفقًا لقواعد التحكيم المعروفة. في مجتمع يزداد تعقيدًا ، لن تتضاءل النزاعات من حيث العدد والجاذبية ، بل ستتضاعف وتتعمق"1[1].
من المتعارف عليه أن السياسة بالمعنى الواسع تشير إلى سمة الحياة المشتركة عند مجموعة من الناس التنظيم العقلاني للعلاقات بينهم، وأول ما ظهر اللفظ هو متعلق بالاقتصاد السياسي. أما المعنى الاصطلاحي للسياسة فيشير إلى الدولة والحكومة بالتعارض مع الظواهر الاقتصادية والمسائل الاجتماعية سواء تعلق الأمر بالعدالة والإدارة أو بالأنشطة المدنية للحياة مثل التعليم والثقافة والبحث العلمي والدفاع الوطني. كما ان السياسة الجيدة هي التنظيم العقلاني للعلاقات بين الأفراد وتحييد العنف وتفادي النزاعات.

شهدت علاقة الكنيسة الكاثوليكية بموضوع حقوق الإنسان عدة تطورات، ونظرا للمنشأ العلماني لهذا الموضوع في التاريخ الحديث فقد شكّلَ نقطة خلاف جوهرية بين الكنيسة وبين الدولة الحديثة في الغرب. حيث عبّرت كنيسة روما في عدة مناسبات عن انتقادها لمفهوم حقوق الإنسان ومعارضته. لكن في ظل تحول مبادئ حقوق الإنسان إلى مرجعيةٍ كونيةٍ، شهد موقف الكنيسة تبّدُلا مجاراة لأوضاع وأعراف دولية باتت سائدة. كتاب الباحث الإيطالي دانييلي مينوتسي، أستاذ التاريخ المعاصر بمدرسة التعليم العالي بمدينة بيزا، يحاول تتبّع هذا التحول في الموقف الكنسي من قضية شائكة لا زالت عسيرة الهضم في التصور اللاهوتي، ولا زالت مثار العديد من الحساسيات في الدوائر الكنسية، لا سيما في الأوساط الاجتماعية التي ما زالت واقعة تحت تأثير الكنيسة.

 " إننا سوف نكسب معركتنا لا بمقدار ما نقتل من خصومنا   ولكن بمقدار ما نقتل في نفوسنا الرغبة في القتل"
المهاتما غاندي
مقدمة:
قد يبدو مفهوم الثورة السلمية للوهلة الأولى مفهوما كلاسيكيا لا يختلف كثيرا عن غيره من المفاهيم التي تجاوره في المكان وتجانسه في الدلالة. ولكن ما أن يـتأمل المرء فيه ويتمعن في تجلياته حتى يجد نفسه في فضاء فكري مترامي الأبعاد والأطراف، وفي خضم التمعن والنظر، يدرك المتأمل أن مفهوم اللاعنف مفهوم في فلسفة وفلسفة في مفهوم.

وليس من المصادفة أن يرتبط هذا المفهوم ارتباطا عميقا بالحكمة الإنسانية الشرقية، بما تشتمل عليه هذه الحكمة من إشراقات إنسانية، وشطحات صوفية كانت وما زالت قادرة على التوغل في أعمق مناطق الوعي الأخلاقي والوجداني في الإنسان؛ وليس غريبا أن يتعانق جمال هذا التسامح الصوفي المتضوّع بالحكمة الشرقية، مع سمو الحكمة المسيحية القديمة، وليس من العجب أيضا أن يخفق بين هاتين الحكمتين قلب المهاتما غاندي الكبير، الذي مَتحَ رحيق المحبة والتسامح من معين الحكمة الهندية القديمة، ونهل من معين الحضارة الغربية المتدفقة، فجاء عطاؤه فيضا إنسانيا مصقولا في منهج فكري فلسفي أصيل، فأخذ المفكرون من ذلك العطاء يرتحقون ومن هذا الفكر ينهلون في سبيل بناء فلسفة إنسانية للسلام قادرة على أن تنير دروب الشعوب المظلومة والمغلوبة على أمرها في نضالها من أجل الحق والحرية والسلام.

اختلف كتّاب ومؤرخو سيرة الحزب النازي الألماني حول المقولة، منهم من اعتبرها فقرة وردت في نص المسرحية التي كتبها الشاعر الألماني النازي "هانس يوهست" وعرضت في مدينة برلين بالذكرى الرابعة والأربعين لميلاد زعيم النازية "أدولف هتلر". منهم من نسبها إلى قائد سلاح الجو الألماني الشهير "هيرمان غورنغ" أحد أبرز مساعدي هتلر. وبعضهم يدعي أن من قالها هو وزير الدعاية النازي المعروف "جوزيف غوبلز". بل أحياناً ينسب هذا القول إلى هتلر ذاته.
إنها العبارة الشهيرة "عندما أسمع بكلمة مثقف أتحسس مسدسي".
لن نكترث بشأن من قالها، الأهم هنا أن هذه المقولة تعكس أيديولوجية تسلطية، لا تعترف بغير القوة الجائرة لتمد سطوتها وتبسط هيمنتها. هي تعبير عن التزمت والتشدد الفكري، والإسهاب في المغالاة الأيديولوجية التي قد تكون جذورها دينية أو عرقية أو مذهبية أو فكرية.