anfasse.orgالطقس بارد يبعث على القلق والقرف ولا زال منير يسير في دروب خافتة الضوء بخطى متهادية يتهدده السقوط في كل حين.دماغه مشلول بفعل الجوع وتأثير مخدر"السيلسيون" القوي.في طريقه يتراءى له المارة كالذباب.على عينيه غشاوة جعلته غير قادر على التمييز بين البشر والذباب.وما كان أحد لينتبه إليه لأنهم جميعا ألفوه في تلك الحالة منذ زمن ليس بالقصير لذلك لم يستطع وهو ثمل منهار أن يميز بدقة بين أحاسيسه،فمعدته تكاد تتقلص وأنفه يسيل ورجلاه المقوستان جعلتاه يبدو كغراب أراد أن يقلد مشي الحمام.
منير يشعر بالجوع،بالإنهيار،بالغثيان، لكنه لازال ماضيا في طريقه يقاوم انقراضه ليشهد على سفالتنا وضعتنا،يسير دون هدف.لعنة الجوع جعلته يفكر في استجداء صاحب الدكان  الملتحي المنكمش كالقنفد في جلباب صوفي،كان منهمكا يراجع الفواتير لما وقف منير أمام واجهة دكانه وطلب منه خبزا.على الفور أجابه في كلمتين بأن الخبز قد نفد،لكن منير بقي متسمرا في مكانه أمام الواجهة كأنه تمثال محارب قديم،أخذ نفسا من الخرقة المبللة بالسيلسيون ثم عاد ليطلب من البقال درهما ليشتري شيئا يأكله وعندها ثار عليه البقال ولعن أمه ثم نط إليه يدفعه باحتقار....وتابع منيره طريقه،إلى اللامكان
....

anfasse.orgإلى حبيبتي المهاجرة صوب عدمي :
  سأحرص دون إضاعة السطور على الديباجة إذ لم يتبق للجمال مساحة بعد أن ساقتكِ رياح الهجرة المنبعثة من فصول الكراهية المتعاقبة إلى مصير الغربة، وأنا هنا أحترق وأتحول إلى رماد في كل سطر أخطـّه عن إضاءات شوقي للقائنا المكتوب في سفرينا منذ الأزل رغم أنهم منعوا عنا فرصة التهيؤ لهذا اللقاء..
  حبيبتي ... أيتها الحبيبة السريّة - وقد خبأت هويتك تحت قميصي في مكان مقدس لا يجوز خرق حرمته- هل سأنال فرصة الثأر لحظي؟ ينتحب قلبي إذا جن الليل فأغرق في تأملاتي، أدور باحثاً عنكِ بين النـُصب الباقية لرموز بلادي، أشعر بجثمان جسدي قد سيق بمراسيم جنائزية بعد أن عارض بصرامة مغادرة البلاد، يأبى أن يتلقى التعازي رافضاً توشيحه بالأكاليل، تتقدم بي خطى الأعوام متخلفاً عن عصري، لكنني ما زلت حياً، أو هكذا يبدو لي وأنا شاهد على تنفيذ ما تقرفه روحي ويشعرني بالغثيان من تطبيق للعدالة لغايات ذات نوايا مبيتة غير عادلة.
  أقف أمام نصب الحرية وأحسبه شرفة الحبيبة، أعزف كماني المنفرد هناك وموسيقاه هي الصديق الخفي الذي يؤنس وحدتي.
  تمتم بمرارة نحّات الجدارية الحالم: قد أبدلوا هيئتي من نصب مهيب إلى ورق مقوى تقطعه المطاوي العمياء.

anfasse.orgالمطر..وحده المطر ,  لاشيء غيره...لازلت حتى الآن اعشق هذا الساقط من السماء.رغم انه لم يعد يبعث الرائحة التي كنت اشتمها فيه .  كلما سقط مطر المدينة يأتي موحلا .كأحلامنا المتعبة ...
كأن السماء تبكي وحدتي وتحدث صمتي .أضواء الشوارع المعتمة تحاول كسر هذا الليل الجاثم على الصدور ..وكنت أرقب عجزها .. 
كنت كما كنت تعرفين أحرق الليل بسجائري المتسابقة إلى شفتي  ..المتسابق دخانها إلى صدري .لأتعلم لعبة القتل .
 طعم اليتم من الذات أكل أفراحنا ..الوقت هو الوحيد الذي استطيع قتله ..حتى هذه الكتابة تحولت مع الأيام وسيلة لقتل الوقت ولاشيء أكثر.
أيها الليل المتقارب على الانتهاء تمدد.. ففي صدري وقت لم تغشه..تمدد لأفك لغز القول, أمسك سري ,أكتشف ذاتي أتملى وجهي قليلا وجهتي المقبلة
كأن السماء تبكي , أذكر الرمل الذي طوق الخطى .وبقى غصة القدم المتعبة ..أذكر الرمل والمطر ..كان للمطر رائحة الكبريت ..كنت أجري خلف أسراب السنونوات .التي تمضي بخيوطنا المعطرة إلى الجنة , هي تحجز لنا مكانا في الجنة ..هكذا تقول أمي .. - هكذا كنت أقول –
كان للمطر رائحة سرقتها المدينة من أنفي ..المدينة عجزت عن سرقة سمرتي..لكنها غيرتني حين تكشفت أمامي , غلقت الأبواب ,  قميصي لم يقد من دبر فقط قلبي قد من كل الجهات...... 

anfasse.orgهكذا ينام وهكذا يستفيق على وقع مغزاها.لكن لماذا هي تضيع في كل لحظة ظانا أنه ممسك بتلابيبها؟أحقير هو وملعون لعنة الأبالسة؟ويا للأسف,كم تمنى أن يغدو وجبة,جيفة تنهشها الأكاسرة,لتلقي به بعد انتهاء حفلتها من تلك النافذة التي تتلاعب بأضواء العمود الكهربائي في الخارج,خالقة لذيه نوعا من الهذيان الطيفي داخل غرفته...                         &n bsp;                         &nb sp;                   
انه الغم الميتافيزيقي يهيم على روحه,مقتنعا بقواه الواهنة على أنها تستطيع أن تضع بعض الترتيب على فوضى عارمة تهز عوالمه..اضطرام أصوات صاخبة متداخلة,يثير فيه ألوانا من الوحدة القاسية,ضروبا من القسوة المتوحدة في عوالم الاضطراب الفظيع.غب هذا النضال المرير مع تجريد يقبع زواياه,ليس هناك شيء سوى اللامعنى يسيجه ,يخنقه...فعندما لا يستطيع الإنسان أن ينعم  بقسط ضئيل من الراحة الداخلية,فالأجدى به أن ينتحر في بواطن تناقضاته  ويتلاشى في التواءات دروبه الماحلة,ليبحث هناك عن طلقات رصاص تدوي في أعماقه...

anfasse.org- يحكي حميد: تختنق في الذهن ذكريات.وفي العينين غشاوة من فرط ضبابية الأشياء. في الصدر ألم يقوى ويشتد مع الأيام. وأحلم بفضاء جديد...لم أعد أطيق الإختناق...
- يتابع الحكاية :
أعبر كل المسافات، رغم ما في نفسي من ألم يسحق كل ما أريد،أعير الابتسامة لكل سيزيفات العالم،في صدري قنابل موقوتة تتوالد كل دقيقة،وكل ثانية.
يحولني الباطرون الى "روبو" أقول في كل وقت نعم أعيش في ذاكرتي وحلمي ،تقودني رجلاي إلى حيث تحدد المسير
  - قهوة عصير...
  - نعم-نعم
  أوزع بطاقات "اللوطو"و أستعطف القدر...لو نسيني بين الوجوه...مائة مليون ،مائتين،أربع مائة...على مدى الساعات أتمنى ، أحلم أشتهي ،أطلب/أطلب ،ولا ترحم أيها القدر...

anfasse.orgبفرح عارم ،استقل الشاب ، وزير التربية الوطنية والتربية غير النظامية ومحو الأمية والتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، في دولة الشمس و الفصاحة ، الطائرة باكرا هذا الصباح متوجها الى الصين ... سيشارك في الندوة الدولية حول التربية المبكرة للأطفال على الابتكار والاختراع...
كم كان يتمنى أن يزور هذا البلد البعيد ...سيحضر قليلا ، يستمع قليلا ، يأخذ لنفسه صورا عديدة داخل قاعة الندوة ، مبتسما مسلما ، ثم يتجول كثيرا ، يتذوق الجمال الصيني بكل اطمئنان ،ويشتري الكثير من الهدايا للأحباب و لكاتبته الجديدة ... نزل من الطائرة ،مشى في مطار شانغهاي مزهوا بقامته المديدة وأحلامه الجميلة ... ورن هاتفه المحمول :آلو ...هنا تعديل حكومي ، وقد أصبحت في اطار التعديل الجديد وزيرا للفلاحة والبحث الزراعي والتنمية القروية والصيد البحري ،و يتعين عليك الالتحاق بعد أسبوع بالخرطوم للمشاركة في الندوة العربية الهامة حول أهمية روث البهائم في تطوير مردودية الزراعة المسقية ...

anfasse.orgما كان يخاله خطوطا حمراء لا تـُمَـس  اُختـُـِرق .. ما كان لديه سرا من الأسرار اْنْتهٍك ... ما كان مْعتبرا لديه رمزا للقوة الطاغية في لحظة الهيجان انطمس ..  أصيب في الفحولة .. في الأنا العليا والسفلى ..
 صْبرُ وصْبرٌ .. خمْر وخمْرُ .. لم يبق إلا الحشيش وجميع أصناف المخدرات كي يسكـّن ما ارتجّ في الدواخل ..
 سيكرع من السم الزعاف إن أمكن .. الموت أهون من الهُون ..
إذا لم يكن من الموت بد ** فمن العار أن تموت جبانا
 قرر بعد تفكير مُمِضّ ، أن يجعل حدا للحدود التي سيّجها حول نفسه ... صّبر نفسه مرارا على المرارة ..
ألهذا المدى انهزم التاريخ  ، وارتد منكـّسا آلاف السنين إلى الوراء  ؟؟ أينك يا بن  خلدون؟؟  لقد  تواريتَ .. ووارى الثرى ما خطـّته يمينك ..
نظرياتك  – يا بن خلدون ــ حول التقدم والعمران ، لم يصدُقْ منها إلا الاندحار في القعر..
 أنتَ من أمة ضحكت من جهلها الأمم  ... أما التقدم المزعوم فخرافة عربية ما لها من سند..

anfasse.orgبعد عمر طويل؛ وجهود مضنية ، وأحلام دفعتها أحلام فأبادتها ،  تخرج أومو وإيزيس من الجامعة ، ولأن قطار الزمن لا يرحم كان لابد عليهما من الحصول على عمل مهما كان ، وبسرعة  تتيح لهما تأسيس أسرتين صغيرتين تكونان امتدادين لهما في ما يأتي  من كر هذا الزمن .
مقتنعين بأن الرزق قرين السعي؛ قاما  باتصالات مع الجهات والمصالح والمصانع والإدارات المختلفة، ولاتصافهما بأخلاق رفيعة، وليونة في المعاملة ، وإشفاقا عليهما ، وبغية دفع أذى البطالة  ، وذل المسغبة عنهما عيينا كناسين ، في كبرى مدن  الوطن العزيز ، منصب لا يليق بهما في نظرهما ، ولكنه تكرم عليهما في نظر أولى الأمر ، ودائما تجد : في المسألة قولان.
رضي أومو وإيزيس بالحرفة الجديدة ،واكتسب كل منهما لقبا : أومو الزبال ، وإيزيس الزبال. وفي نهاية الشهر قبضا أجرة، تساوي أجرة زملائهما المعينين في مؤسسات أخرى، فارتاحا لذلك، لان الاختلاف بينهما وبين زملائهما لا يتجاوز المظهر، وهذا ليس له تأثير كبير. بل على العكس أحبا الحرفة وعرفا قيمتها ، خاصة أنهما كانا بعد الانتهاء من العمل ، وبعد استيقاظهما من النوم ، وتغيرهما لملابسهما يخرجان للنزهة في الشوارع التي كنساها ليلا ، ويستمتعان بالتجوال في وسط نظيف من صنعهما.

مفضلات الشهر من القصص القصيرة