استمع المواطن إلى نشرة الأخبار الزوالية، على شاشة التلفزة الملونة، التي بها خلل مدة تزيد عن الشهر. لم يستطع لحد الآن إصلاحه، فمرة تظهر الصورة واضحة بدون صوت، ومرة أخرى يجلجل الصوت وحده في فضاء الغرفة دون صورة وثالثة يغيبان معا، فيضطر إلى الربت على هيكل الجهاز، ثم الخبط بانفعال، فيستجيب حينا ويعصى أحيانا. تحدثت المذيعة الجميلة عن كوارث طبيعية, تقع في كل بقاع العالم، ووصفت حالة أناس تجرف أجسامهم وأثاثهم وبهائمهم سيول المياه الرصاصية الهائجة وآخرين يفرون من ألسنة النيران الراقصة في الهواء وثلة أخرى وقد تداعت أجسادها منهكة، تجاهد لفتح أفواهها طلبا لما تسد به الرمق،ثم ظهرت صور لذبابات ورجال مسلحين يطاردون رجالا ونساء وأطفالا، يطير بهم الخوف طيرانا، تلت ذالك أخبار عن رؤساء ووزراء، يحيون بعض الواقفين، وهم يبتسمون ثم ينبرون لإلقاء خطبهم، وسط عواصف التصفيق، ووميض آلات التصوير.
ثم رأى المواطن لقطات للاعبين يسجلون أهدافا في المرمى، ثم يتقافزون كالقردة ملوحين بأيديهم نحو الجماهير الهائجة. ولقطات عن امرأة مسنة ما زالت تحتفظ بجمالها وأناقتها، تمتلك قصورا ومعامل وضيعات وأرصدة في أبناك متعددة، إلا أنها تشعر بالوحدة، لأنها لم تجد رجلا وفيا يحبها لذاتها لا لمالها، لهذا أصبحت تفكر في الانتحار.