
تقديـــم إشكــالي:
مرت الكتابة التاريخية بالمغرب من مراحل مختلفة، تميزت كل مرحلة منها بسمات وخصائص معينة سواء من حيث اختلاف المواضيع المعالجة، أو من حيث تعدد الاتجاهات والرؤى والمقاربات والأدوات المنهجية الموظفة.وقد عرف البحث التاريخي خلال العقود الأخيرة، ولاسيما خلال الفترة الممتدة من تاريخ حصول بلادنا على الاستقلال إلى الآن، تراكما مهما ،ورصيدا متنوعا لايستهان به شكلت فيه الدراسات الإفريقية إحدى الحقول المعرفية التي حظي فيها تاريخ المغرب الحديث باهتمام الباحثين سواء على المستوى الوطني أو الدولي ،لذلك ،وفي هذا السياق تأتي هذه المداخلة ، للإجابة على الإشكالية التالية :
ما مدى حضور تاريخ المغرب ضمن هذه الدراسات ؟ وما هي الخطابات التاريخية التي تتجاذب هذا التراكم المعرفي ؟ و ماهي الخصوصيات التي طبعت كل واحد منها ،والمواضيع التي عالجها كل خطاب وكذا الإشكاليات التي يطرحها على المستويين المعرفي والمنهجي ؟ وما هو تقويمنا لبعض النماذج من هذه الخطابات ؟.
أما الخلاصة، فسنقدم من خلالها بعض الاستنتاجات العامة التي توصلنا إليها، والآفاق المحتملة لحضور تاريخ المغرب في الدراسات الإفريقية.
قبل الإجابة على هذه الإشكالية ،لابد من الإشارة إلى أن تقييم ما أنجز حول تاريخ المغرب الحديث من أعمال من طرف باحثين مهتمين أو متخصصين في مجال الدراسات الإفريقية أمر صعب وشائك ،لتعدد الرؤى والاتجاهات ،لذلك فإن هذه الورقة لا تروم القيام بتقييم وجرد شامل لهذا الإنتاج التاريخي المتمحور حول المغرب ،وإنما تسعى إلى القيام بقراءة أولية ،وتقديم بعض التوضيحات والملاحظات، وكذا الآفاق المحتملة لحضور تاريخ المغرب في الدراسات الإفريقية ،على أمل أن تتاح لنا الفرصة وكذا الوقت الكافي لتعميق البحث فيها لاحقا .
كجواب على الإشكالية المطروحة ،ومن خلال اطلاعنا على ما أنجز وما جد في حقل الدراسات الإفريقية من أعمال و أبحاث ذات الصلة بتاريخ المغرب الحديث وعلاقته مع دول إفريقيا جنوب الصحراء،يمكن القول بأن هذا التراكم المعرفي المتوفر حاليا تتجاذبه ثلاثة خطابات تاريخية هي: