anfasse.orgمن خلال كتاب "وصف إفريقيا"
تقديــم إشكالي
تعتبر كتب الرحلات والجغرافيا من المصادر التاريخية التي تشكل إطارا مرجعيا مهما، ومادة أساسية يستقي منها الباحث، في الدراسات الإفريقية خاصة، الكثير من المعطيات المفيدة التي يمكن أن يؤسس عليها فرضياته النظرية وبناءه التاريخي، لرسم صورة عن تاريخ العلاقات التجارية بين بلاد المغرب عامة وبلاد السودان الغربي ولاسيما في بداية العصر الحديث. ويعتبر كتاب "وصف إفريقيا" للحسن الوزان() من بين أهم هذه الأصناف من الكتب التي تفي بالغرض في هذا المجال. إنما ما هي الأهمية التي تكتسيها هذه المصادر عموما؟ وما هي الإشكاليات التي تطرحها على المستويين المعرفي والمنهجي؟ وما هي القيمة العلمية والمعرفية لكتاب "وصف إفريقيا" خصوصا، وما مدى استفادتنا منه؟

1 - أهمية المصادر التاريخية المغربية -لاسيما منها كتب الرحلات والجغرافيا- والإشكاليات التي تطرحها معرفيا ومنهجيا

جوابا عن التساؤلات التي طرحناها من قبل، يمكن القول إنه رغم أن المصادر المغربية عموما وكتب الرحلات خصوصا كتبت بذهنية مغربية، فهي مع ذلك مصادر لا غنى عنها لأنها تكمل في الغالب المعلومات الواردة في التواريخ السودانية()، وتكمن أهميتها كذلك في دحضها لبعض الأطروحات أو الأفكار التي دافع عنها بشدة بعض الباحثين الأجانب، كظاهرة جلب الرقيق السود من بلاد السودان التي دافع عنها أبطبول() وغيره، وهي تكتسي أهمية بالغة بحكم ما تزخر به من معطيات قيمة، وما تقدمه من عناصر على شكل إشارات وأوصاف وروايات يمكن للمؤرخ أن يعتمد عليها في بنائه لتاريخ المجتمعات()، كما أنها تكشف عن كثير من المعطيات المتعلقة بموضوع هذه الدراسة بالذات، حيث تمكننا من التعرف على معلومات مهمة حول عبور الصحراء، والطرق التجارية التي كانت تسلكها القوافل وما طرأ عليها من تحول ترتبت عنه عواقب وخيمة بالنسبة للمغرب()...
لكن رغم الأهمية التي تحظى بها هذه المصادر بالنسبة لتاريخ العلاقات التجارية بين المغرب وبلاد السودان خلال الفترة موضوع دراستنا، فإن استغلالها يطرح إشكاليات معرفية ومنهجية، فما هي إذن هذه الإشكاليات؟

anfasse.orgرغم الإهتمام الكبير الذي حظي به مصطلح العولمة ، والكتابات الكثيرة حوله والمقاربات التي حاولت الإحاطة به ،إلا أن الغموض لازال يكتنفه ،مما يجعله جديرا بالمناقشة .
تاريخيا ليست العولمة سوي مرحلة من مراحل تطور النظام الرأسمالي ورغبته في السيطرة على العالم وإزاحة منافسيه ،وبالتالي   فرض قيمه وسلوكاته . فمنذ ظهور الرأسمالية التجارية بعد الإكتشافات الجغرافية الكبرى بدأت رغبة أوربا في السيطرة على العالم تتضح تدريجيا ،وإذا كانت هذه السيطرة قد إتخذت طابعا إقتصاديا في ظاهرها ، إلا أن تشجيع الكنيسة لها جعلها ذات طابع الديني وثقافي  وذلك من خلال نشر قيم   المسيحية ( كسلوك وتصورات ودين ) .إستمر مشروع السيطرة قائما يتمدد أحيانا وينكمش أحيانا أخرى ،وفي النصف الأخير من القرن التاسع عشر ظهرت الإمبريالية كشكل من أشكال العولمة ، إعتمدت القوة العسكرية لتركيز الهيمنة الإقتتصادية وفي القرن الماضي كان على الرأسمالية أن تواجه أزماتها ومنافسيها ( أزماتها الإقتصادية والسياسية والمعسكر الإشتراكي ).
وقد تمكنت الرأسمالية من الصمود أمام هذه الأزمات والتخلص من منافسها و وضع حد لنظام القطبية الثنائية ،والعودة إلى نظام القطبية الواحدة  (العولمة ). إن منطق الرأسمالية يفرض – منذ وجوده – ضرورة وجود قيادة مركزية على الصعيد العالمي توجه حركيتها وتسعى إلى خلق بيئة إجتماعية وسياسية تسمح لها بالتطور وتجاوز الأزمات .
في هذه المقالة سنحاول التركيز على العولمة في جانبها الثقافي وتأثيرها على الهوية ،لأن هدف العولمة هو القضاء على الخصوصية بينما الهوية تبحث عن التمايز ،ونطرح سؤالا يبدو بسيطا :
هل تحترم العولمة الخصوصية الثقافية للأفراد والجماعات أم تسعى إلى عولمتها كما فعلت في عالم الإقتصاد والمال ؟

anfasse.org بعد المقالات الأربع السابقة حول التنمية الضائعة ( أين نحن من الحداثة )في مجالات الفكر ،السياسة والمجتمع ثم أخيرا الإقتصاد ،نخصص المقالة الخامسة والأخيرة للدين .
لقد بدأت أوربا في تحقيق حداثتها الدينية منذ عصر النهضة الذي شكل فيه الإصلاح الديني أحد أهم مظاهره إلى  جانب الحركة الإنسية والتطور الفني ،وبالتالي فتح المجال أمام العقل دون قيود وذلك بوضع حد لسيطرة الكنيسة ،بينما ظل الدين أداة إستخدمته القوى الحاكمة في العام الإسلامي للحفاظ على الوضع السائد وتبريره (خاصة بعد عهد الخلفاء الراشدين ) ومحاربة أي تحديث في البنيات التقليدية للمجتمع العربي بدعوى الخصوصية الدينية والهوية الإسلامية .
لقد كان تسلط الكنيسة كبيرا وإتخذ أشكالا ومستويات متعددة ،فقد كان تسلطا دينيا (فرض عقيدة الثأثليت ،ترويج صكوك الغفران ،الرهبانية ...)وكان تسلطا سياسيا (فرض الوصاية على الملوك والأمراء )وكان كذلك تسلطا ماديا ( فرض ضرائب ،أعمال السخرة ،إمتلاك عقارات ...).إلا أن التحولات الفكرية والإجتماعية والإقتصادية التي شهدتها أوربا مع بداية عصر النهضة كان لابد أن تؤدي تحول في المجال الديني .
فقد بدأت معالم الرغبة في الثورة على الكنيسة ووصايتها تنمو تدريجيا ،وتغديها مظاهر الفساد الأخلاقي والمادي لعدد كبير من رجال الدين .وحاولت الكنيسة بكل أساليبها وأدواتها قمع وإقبار هذه الرغبة في مهدها ،وإتهام دعاتها بالهرطقة ومحاكمتهم وإعدامهم لإثارتهم الفتنة . يقول مارتن لوثر:(   كيف تحملنا نحن الألمان هذه السرقة والنهب لأموالنا..وما هذا النظام البابوي ؟ إنه نظام شيطاني .. إنه يقود المسيحيين نحو الخراب الجسدي والنفسي ..فمن واجبنا مواجهته....ً

anfasse.orgتقديـــم إشكــالي:   
مرت الكتابة التاريخية بالمغرب من مراحل مختلفة، تميزت كل مرحلة منها بسمات وخصائص معينة سواء من حيث اختلاف المواضيع المعالجة، أو من حيث تعدد الاتجاهات والرؤى والمقاربات والأدوات المنهجية الموظفة.وقد عرف البحث التاريخي خلال العقود الأخيرة، ولاسيما خلال الفترة الممتدة من تاريخ حصول بلادنا على الاستقلال إلى الآن، تراكما مهما ،ورصيدا متنوعا لايستهان به شكلت فيه الدراسات الإفريقية إحدى الحقول المعرفية التي حظي فيها تاريخ المغرب الحديث باهتمام الباحثين سواء على المستوى الوطني أو الدولي ،لذلك ،وفي هذا السياق تأتي هذه المداخلة ، للإجابة على الإشكالية التالية :
ما مدى حضور تاريخ المغرب ضمن هذه الدراسات ؟ وما هي الخطابات التاريخية التي تتجاذب هذا التراكم المعرفي ؟ و ماهي الخصوصيات التي طبعت كل واحد منها ،والمواضيع التي عالجها كل خطاب وكذا الإشكاليات التي يطرحها على المستويين المعرفي والمنهجي ؟ وما هو تقويمنا لبعض النماذج من هذه الخطابات ؟.
أما الخلاصة، فسنقدم من خلالها بعض الاستنتاجات العامة التي توصلنا إليها، والآفاق المحتملة لحضور تاريخ المغرب في الدراسات الإفريقية.
    قبل الإجابة على هذه الإشكالية ،لابد من الإشارة إلى أن تقييم ما أنجز حول تاريخ المغرب الحديث من أعمال من طرف باحثين مهتمين أو متخصصين في مجال الدراسات الإفريقية أمر صعب وشائك ،لتعدد الرؤى والاتجاهات ،لذلك فإن هذه الورقة لا تروم القيام بتقييم وجرد شامل لهذا الإنتاج التاريخي المتمحور حول المغرب ،وإنما تسعى إلى القيام بقراءة أولية ،وتقديم بعض التوضيحات والملاحظات، وكذا الآفاق المحتملة لحضور تاريخ المغرب في الدراسات الإفريقية ،على أمل أن تتاح لنا الفرصة وكذا الوقت الكافي لتعميق البحث فيها لاحقا .
    كجواب على الإشكالية المطروحة ،ومن خلال اطلاعنا على ما أنجز وما جد في حقل الدراسات الإفريقية من أعمال و أبحاث ذات الصلة بتاريخ المغرب الحديث وعلاقته مع دول إفريقيا جنوب الصحراء،يمكن القول بأن هذا التراكم المعرفي المتوفر حاليا تتجاذبه ثلاثة خطابات تاريخية هي:

أنفاس نتمدخل:
شكلت الدراسات الدينية مجالا خاصا، تعززه الحاجة إلى تعميق المعرفة بالظاهرة الدينية في مستوياتها وأبعادها الاجتماعية والسياسية. فالأديان عامة تدعي بهذا القدر أو ذاك امتلاكها (كل دين على طريقته الخاصة توحيديا كان أو وضعيا) للحقيقة المطلقة التي لا تقبل الجدل، كما تدعي الأحقية في صدق دعواتها. إلا أن الدراسة العلمية (بالمعنى البنيوي لا الاختزالي) لا تقبل هذا الافتراض الأولي الذي يخدم أهدافا إيديولوجية قدر ما يخدم أهدافا معرفية. ويظل هذا الافتراض ـ مع ذلك ـ افتراضا نسبيا قابلا لكل تأويل، فما لم يتم يكشف عن جوهر الأديان وحقيقتها التاريخية، فإن كل محاولة لادعاء الحقيقة النهائية والمطلقة تصبح باطلة وغير علمية بل ومتعارضة مع منطق التاريخ، فالتداخل بين الأديان وارد في تطور كل دين، ولا دين يستطيع الجزم على أن تطوره مستقل تمام الاستقلال عن الأديان الأخرى.
وحسبنا، أننا لا نروم في هذا العرض دراسة الظاهرة الدينية (أي كان نوعها)، دراسة علمية بمنهج دقيق وإنما غرضنا أولا هو محاولة حصر مجال من المجالات التي يبحثها علم الأديان وتاريخ الأديان، ويتعلق الأمر بالمعتقدات الدينية لدى العرب قبل ظهور الإسلام، أي المعتقدات الدينية التي سادت في "جزيرة العرب". وإن كان الاهتمام بالتراث قد أغفل وهمش هذه المسألة بحيث لم تعطى لها الأهمية التي تستحقها، فإنه على الرغم من ذلك نجد بعض الدراسات هنا وهناك حول هذا الموضوع، وإننا لنسعى إلى الإحاطة بهذه الدراسات وتقديم أهم الأفكار التي خلصنا إليها من اطلاعنا عليها مع التركيز على عرض وجيز لأهم القضايا المتصلة بالموضوع.
كلمة العرب، والجاهلية:

anfasse.orgمنذ انعقاد مجمع الفاتيكان الثاني (1962-1965م) والكاثوليكيّة تلهث لكسبِ ودّ الذين هادوا، في وقت لازال فيه أتباع التوراة غير مبالين، وما فتئوا عند قرارات السنهدرين الصادرة مع مطلع القرن الميلادي الأوّل، التي أقرّت أن السيّد المسيح مجدّف. ففي حاضرنا تستجدي حاضرة الفاتيكان التقارب من اليهود بشتى الوسائل، وهم يمانعون ويشترطون، موظّفة في ذلك كافة الإغراءات اللاهوتية، كـ"وحدة التراث اليهودي المسيحي" و"الإخوة الكبار" و"المسيح وحواريوه يهود"، لعلّ آخرها تنقية عبارات القدّاس اللاّتيني، مما قد يخدش الضمير اليهودي.
كافة بابوات ما بعد الفاتيكان الثاني، من يوحنا الثالث والعشرين حتى الراهن راتسينغر، باستثناء في ذلك قصير البابوية يوحنا بولس الأول (1978-1978)، تناوبوا بنفس العزم على محو مقولة "الشعب قاتل الإله"، التي جرّمت اليهود على مدى قرون طويلة، وسعوا لتطهير تاريخ طويل حافل بالقوانين الكنسية الصادرة ضدّ اليهود، منذ مجمع إلفيرا سنة 306م، الذي حجّر الزّواج والعلاقات الجنسية بين أبناء الملّتين، مرورا بقرارات حرق أسفار التلمود في مجمع توليديو الثاني عشر سنة 681م، إلى إلزام اليهود بحمل علامات مميزة على ألبستهم في المجمع اللاتيراني الرابع 1215م، إلى إكراههم على السكنى داخل غيتوات منعزلة، مع مجمع بريسلافيا سنة 1267، إلى منع اليهود من الحصول على درجات أكاديمية في مجمع بازيليا 1434م. كل تلك القرارات الكنسية باتت لاغية، لكن رغم ذلك لازال الانفتاح الكنسي يواجه تحدّيات جمّة، في تغيير قناعات دينية تستند إلى نصوص إنجيلية صريحة الدّلالة، تُحمّل الوزرَ اليهودَ، فيما تعرض له المسيح، مثل: "ليكن دمه علينا وعلى أولادنا" (متى 27:26)، أو " فشقّ رئيس الكهنة ثيابه وصرخ: "قد جدّف! -أي المسيح- لا حاجة لنا بعد إلى شهود وها أنتم قد سمعتم تجديفه. فما رأيكم؟ أجابوا: "يستحقّ عقوبة الموت!" (متى 26: 66-67). أمام هذا الماضي الذي لا يودّ الرحيل، لا تستطيع الكنيسة أن تنكر أن من فتنوا المسيح وسعوا في قتله ليسوا يهودا، مهما بحثت عن تأويلات ومخارج لآي الإنجيل البيّنة لذلك. ولكن كان لها أن تؤصّل إلى أنّ لكلّ أمّة ما كسبت، وما كان لأمّة أن ترث إثم سلفها.
ولسائل أن يسأل، لماذا تصرّ الكنيسة على التقارب من اليهود، ولا تسعى بنفس الحزم للتقارب من العرب؟ ليست الإجابة خفية في هذا الشأن ولا تتطلب نباهة استراتيجية خارقة. وهو أن المتهوّدين الذين صاروا يهودا، القابضين على مقدرات الأراضي المقدسّة، هم أدنى وأقرب، مصلحة وولاء وارتباطا، بالكنيسة من العرب. والظرف الراهن يفرض التحالف معهم للسير قدما في إبعاد بني يعرب عن أرض فلسطين.

anfasse.orgتعيش المجتمعات العربية,  تخلفا حضاريا جد مركب, جعلها في وضع بين الأمم و الحضارات الأخرى لا تحسد عليه.  تخبطت فيه منذ قرون عديدة. وقد ظهر هذا التخلف بصور و أشكال مختلفة , بحسب طبيعة و خصوصية كل فترة تاريخية من فترات هذه الحقبة الطويلة المظلمة .كان أبرزها دخول هذه المجتمعات, منذ الاستقلال حتى الآن, في مسلسل " تحديث « للبنيات العتيقة, السياسية, والاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية التي تتسم بها, حاولت فيه تطبيق نماذج حضارية غربية شملت مختلف مظاهر الحياة العصرية ( إدارة, عسكر, تعليم... ) بشكل تعسفي جعل, في النهاية, التعايش ما بين "العصري" و "التقليدي" العتيق يتسم بالمفارقة, و جعل, بالتالي, المشهد الحضاري العربي الآني يبدو قاتما يثير السخرية و الشفقة في نفس الوقت.
 فمنذ أن استفاق  العرب من " كومتهم العميقة " التي سببتها ضربات  " الغزو المغولي "  الموجعة وما أعقب ذلك من قضاء نهائي على الإمبراطورية العربية و الإسلامية , انتهجوا طرقا  و سياسات و استراتيجيات مختلفة بغية التقليص من هذه المسافات و التباعدات الحضارية  بينهم وبين المجتمعات المتحضرة . فمنهم من فتح شرفات الوطن لتهب نسمات الغرب بنكهة ليبرالية و رأسمالية , و منهم من أوصد كل المنافذ و سد جميع الثغرات و اكتفى بمغازلة الحاضر على إيقاعات نوستالجية  ماركسوية  , و منهم من توسد " عقائديات " خالدة و افترش أمجاد و بطولات الأجداد , و راح في نومة " دوغماتية " عميقة لم يستفيق بعد منها  إلى حد  هذه الساعة .
          كل هذه الأصناف , تمثلت لها صورة الغرب , على أنه ذلك"الآخر المزعج " الذي تغلغل في النسيج الثقافي و فجره تفجيرا , و استباح المعايير والنظم الأخلاقية والمقدسات المصونة . بعيدا عن كل التصورات الواقعية و الحقيقية التي  ستخرجها من مأزق تنمية  غير محسوبة النتائج و العواقب , لم  تقدها إلى السبل الحقيقية للتحديث الحقيقي المستدام . و لم تكلف نفسها عناء النظر إلى مختلف تمثلانها عن ذاتها ..
           وقد ازدادت حدة مفعولات هذه "الإستيهامات " الرافضة , لا شعوريا , للغرب و عصرنته , مع بداية هذه الألفية الثالثة ,  نتيجة ما  عرفته الحضارة الغربية الرأسمالية من طفرات و فجوات رقمية استجابة للتطورات التي شهدتها  الثورات العلمية في مجال الاتصالات و التكنولوجيات الرقمية . 

anfasse.orgالتطور الحضاري .. وإشكالية الفكر الديني
يمكن القول أن الكائن البشري لم يدخل دور الإنسانية إلاّ بعد إحساسه أنه كائن إجتماعي – أي ينتمي الى جماعة يحيى أفراحها ومسراتها ويتحمل ما تتحمله من أتراح وأوزار ويعاني ما تعانيه من مكاره وآلام - ، وكلما حصل خلل في هذه المعادلة .. أي إستبداد فرد أو فئة بالأمر ومصادرة حق الجماعة .. صار الإنسان يشق طريق الحرية من خلال رفضه وإنتفاضته وثورته .. وكان في كل مرة يدفع الثمن باهضاً من دمه ونفسه وجسمه وعائلته وماله ... الخ . وفي مرات قليلة كانت الحرية تنتصر ويتراجع الإستبداد ويتوارى الطغيان .. حتى إذا ما حلّ عصر النهضة وما تلاه من عصر الأنوار الذي يظن أنه إبتدأ بإنتصار الثورة الفرنسية الكبرى عام 1789 .. ، رفرفت راية الحرية على شمال الكرة الأرضية ، فيما إستمرت أكثر أقاليم الجزء الجنوبي فيها ترسف في أغلال الإستبداد . ولابد من الإقرار بأن الظاهرة الإجتماعية تمتاز بالتحول والتغير وأنها من نتاج الجماعة بيد أنها تفرض نفسها على الفرد والمجتمع كأعراف وعادات وتقاليد .. تلزمه بها لابل وتقهره عليها ، غير أن حتمية ذلك ليست بالمطلقة ، إذ أن ثمة مرونة ذات بعد نسبي في ذلك الإلزام .. وإلاّ لما ظهر الثائرون والمفكرون المتحررون وطلاب الحرية والعدالة .. وفي الوقت نفسه لما كان مكان لشذاذ الآفاق من المارقين والمستبدين واللصوص والمنحرفين والمنافقين . وعلى هذا الأساس يوصف الإنسان – والجماعة الإنسانية – بالمتغيرات الإجتماعية .. التي تحصر ضمن إطار الفكر الحضاري .
أما عن علاقة الإنسان بالدين .. فهي علاقة تأسست منذ وجد الإنسان الإجتماعي ، إذا لم نقل منذ خلق البشر .. والدين قد يكون إلهياً وهو ما يمتاز بالثبات والوحي ، وثباته قد يكون مؤقتاً وقد يكون دائمياً وحسب المعتقدات الإسلامية فإن الأديان قد نسخت خلا الإسلام فإنه باقِ الى يوم القيامة .. (( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه )) – القرآن المجيد – لكن ربما هنا تثير النظريات الحديثة إشكالية ما ولاسيما نظرية اللامحدد في العلاقة بين النصوص :