أنفاسحظي الإشهار باهتمام كبير من الباحثين و ذلك في إطار علم اجتماع الاتصال لما يتميز به هذا من مركزية في النشاط الاقتصادي الحديث, فنجاح المنتج و وصوله إلى جمهور المستهلكين يمر حتمًا عبر قناة الإشهار.
و من المواضيع التي حظيت بالمشروعية العلمية السوسيولوجية نجد الدعاية بنوعيها السياسي (la propagande) و الاقتصادي الإشهار la publicité)  ) و ذلك لتنوع الأساليب و الإستراتجيات المُستخدمة لاستمالة الجماهير و جعلها تتبنى إيديولوجية سياسية معينة أو نمط استهلاك بعينه, فالإشهار هو السلاح الناجع و الفعال للنظام الرأسمالي القائم على امتداد الأسواق و انفتاحها ما يُتيح للشركات المتعددة الجنسيات الوصول إلى أكبر عدد ممكن من المستهلكين بأقل وقت .
و لتحقيق هذا الهدف لا بد من منهجية فعالة تضمن إبلاغ الرسالة المُضمنة في الومضة الإشهارية وجعلها راسخة في الأذهان بحيث يُصبح شراء المستهلك للسلع يُلبي حاجة نفسية أكثر منه احتياج استهلاكي. و من هنا يتبين لنا الوظيفة الأولى التي يلعبها الإشهار و هي خلق الاحتياج لهذا المنتج أو غيره, و لقد لاحظ "كارل ماركس"في دراسته لنمو و تطور الرأسمالية أن السلع لا تُوجد إلا بالاستهلاك الذي يُساهم بدوره في خلق الحاجة للمُنتج مما يُساهم في دوران عجلة الإنتاج, فاقتصاد السوق لا ينتعش إلا بوجود سوق استهلاكية كبيرة. لذلك يُصبح دور الإشهار هاما و ضروريا, و ما يُهمنا هنا هو كيفية اشتغال الإشهار و أهم الاستراتيجيات التي يعتمد عليها ولعل التساؤل الأبرز هو :هل أن الإشهار علم أم فن؟ يُجيب عالم الاجتماع الفرنسي Edgar Morin على السؤال في كتابه المُعنون « Sociologie » بالقول "  الإشهار هو نظام أفعال يُريد أن يتأسس على علم. لكن فلنُحدد بأنه لا وُجود لعلم إشهار بل فن و استراتيجيا تسعى لاستخدام معطيات علمية."(1)و هذه المعطيات العلمية التي يتحدث عنها Morin ستوفرها مخابر البحث في علم النفس خاصة و كذلك السيميولوجيا و علم الاجتماع كل هذا من أجل غاية وحيدة و هي الوصول إلى المُستهلكين و إجبارهم على الشراء.

أنفاسمع مجيء كل صيف يحل المهاجرون يبن ظهرانينا مثقلين بمكبوت سيكولوجي عاطفي ناتج عن ألم الغربة، وبمكبوت اجتماعي فيه حنين إلى الحضن الأول، أي إلى مجتمعهم الأصلي الذي يختزله الضمير الجمعي الذي يسكن كل فرد منهم. لذا تلفيهم ينفسون عما يكون قد عانوا منه في بلاد المهجر، من فصام بيئي وقيمي، ونقص في الاعتبار الاجتماعي داخل المجتمعات المستقبلة، بأن يشعروك أنك دونهم ماداموا  بالعمل قد حصلوا أثره، ويطبعوا داخلة نفسك بإحساس أنهم يعيشون في فردوس أرضي حقيقي، بينما تكتوي أنت في بلدك بنيران العوز والفاقة، وانسداد أفق الحراك الاجتماعي، ويحوزك يأس من أن تتغير حالك، وتتسلق مع المتسلقين أو القابعين في الدرج الهنيئة. وفي جملة واحدة، هناك إحساس بفقدان الاعتبار وسط أفراد الساكنة المستضيفة، ورغبة في رد الاعتبار بين من هم أهل المهاجر وخلانه، وفي مجتمعه الأصلي عموما.
وفي تنغير، الطقوس ذاتها والهموم ذاتها، هي التي تلفي لها مستقرا بعودة كل مهاجر، وكل عائلة مهاجرة إلى ديارها. فكلما عادوا ليقضوا عطلة الصيف بيننا، إلا وأذكيت أفكار سوق " الحريك " بلغة العامة بين صفوف الشباب  التائه في دروب تنجيهم من شراك العطالة، أمام انعدام فرص الشغل الكفيلة بتأمين المستقبل لهم ولذويهم.
وأمام السحر المارد الذي يتذوقه الشباب من أهل المنطقة، وهم يرون نماذج ناجحة في نظرهم، ممن كانوا بالأمس القريب جدا، يوقعون مكرهين على  صك من يرفل في الجحيم، في زمن العطالة، قد تغربوا عاما أو عامين، وهاهم ينثرون غبار الشوارع والأزقة على المارة بسياراتهم الفارهة.
إنه جو يشعر الكثيرين بالغثيان، ويعبر أكثر من ذلك، عن عبث اجتماعي يجعل من الحياة فاقدة كل معنى، يعين على فهم كيف يمكن لأناس أن يعيشوا في النعيم، بينما البعض الآخر تصيبه حرقة التفقير. فكيف لا يفكر مثل هؤلاء الذين إن ظلوا يشتغلون في قطاع البناء، والأعمال الشاقة " المؤبدة " بأثمان زهيدة، ولساعات طويلة تكد أجسادهم، تحت أشعة شمس لافحة وقساوة برد قارس، فإنهم سيورثون لامحالة الفقر لفلذات أكبادهم في المستقبل؟ كيف إذن لا يفكر هؤلاء في البحث بشتى الطرق، وكيفما كانت الوسائل، عن عمل يرى أي منهم ثمرته جلية واضحة على حياته وعائلته، وهذا أمر لا يتأتى في أغلب الأحيان إلا في مملكة البابا اليسوعي؟

أنفاسنحن العرب و المسلمون .. أو بدقة أكبر نحن سكان البلاد العربية و الإسلامية .. نحن شعوب مبشومة حد التخمة بفخار (( خير أمة أخرجت للناس )) .. في الوقت الذي يقعد هذا الهوس الطاووسي على واقع مترد وبائس والأكثر تخلفاً وهواناً في العالم .. نزهو وتنتفخ أوداجنا عجباً بما نتوفر عليه من أعراف وعادات وتقاليد سحيقة البدائية .. والإنسانية الحقه تمجها .. ولا تنظر إليها إلا بمنظار الفلكلور والتاريخ والآركيولوجيا .
       نحن نتباهى و نمتلئ كالمناطيد التي تظن أنها على شيء .. بل ونبتهـج بأنظمتنا العشائرية والقبلية والطائفية والعرقية والأحادية الفكرية .. وكلها تنتمي إلى التراث .. ونحن وحدنا من ينام معه في قبوره ونعبد أمواته .. نغذ السير نحو تفخيذ شعوبنا وتجزئة أوطاننا إلى أعراق وطوائف متنابذة متنافرة .. وفي ذلك كله نسير خلف قيادات تتغذى من سلة مهملات التاريخ .. تبلد عقولنا بفكر بائس .. وتلاعب قلوبنا من خلال إعادة  إنتاج الماضي بوصفه تاريخ التزمت والانغلاق .. وتاريخ التكــرار والاجترار ، وترمي بنا في هوة بلا قرار تشكل منظومة التخلف الكبرى لبلادنا .
        يستعصي علينا التعامل مع العلم .. ولا نكترث بالتجربة ولا نعي الاستقراء أو الاستنتاج .. بل لا نؤمن بإرجاع الأحداث إلى مسبباتها الواقعية .. ولا نقر بالفكر النسبي .. لسبب بسيط هو إننا قد استعمرنا ولما نزل من قبل قوة الماضي .. وفكره القار .. حتى استعبدتنا تقاليده .. وصارت مسلماته بديهيات لا تناقش وهكذا فإننا نملك كل الحلول مرة واحدة وبأعجوبة قل نظيرها في التاريخ .. نحن لا نفكر .. نعم نحب ونكره .. نعظم ونلعن .. ونعمل وبإصرار وثقة مطلقة لتجميل تاريخ يستحيل تجميله .. أما إذا فكـرنا – وهـذا استثناء – فإنما نصوغ تفكيرنا في (( لغة محنطة )) لا ترتدي سوى أكفان الماضـي .. ولا نصرخ إلا بصوت (( المنتصر التاريخي ، بطل كل الأزمان )) .. مع إن واقع حالنا يقول إننا أمة مهزومة تحارب طواحين الهواء وهي تنغمس حتى ناصيتها في ذهول حضاري رهيب .. لأننا لا نعترف بأخطائنا البتة حيث نقرأ تاريخنا قراءة تبجيلية تقديسية .. وارت عنا حقائقه .. وأعطتنا تاريخا كاذبا خاليا من أي عيب وزورته لصالح الأيديولوجيا ، أما إذا ظهر نتوء سيئ في هذه المسيرة العظيمة فمرجعه إلى مؤامرات الآخر والتخوين الرخيص والبدع والكفر والشعوبية .. وهكذا تمادينا في الغباء إلى درجة أن جعلنا من ماضينا وحاضرنا سلسلة من المؤامرات والدسائس .. لكننا لم نستفد ولو لمرة واحدة لتجنب المؤامرات اللاحقة ، بل استمرأنا رفس الآخرين على ظهورنا دون أن نضرب أحدا على قفاه ولو بمؤامرة نحن صنعناها .. فإلى أين يريـد أن ينتهي بنا المتلاعبون بعقولنا .. ونحن نحيى في قاع تراتب الأمم قاطبة ؟ ..

أنفاستمهيد:
لازالت الرؤية الإيمانية للظّواهر الدينية في التناول العربي مهيمنة ومانعة لغيرها، مما حدّ من سعة النظر وقلّل من توظيف الأدوات، الأمر الذي يملي التنبّه للمقاربات العلمية الحديثة، المنضوية تحت علم الأديان: الإناسية والاجتماعية والنفسية والتاريخية وغيرها، للاستفادة من ثراء مناهجها.
ففي زمن الحوار، الذي إن لم يعشه الفرد والجمع أُكرِها على إتيانه، تحضر إناسة الفاكرة الدينية الغربية، في كافة غرفها، حجر زاوية للتخاطب الواعي معه، بيد أن واقع الحال يظهر، أن حقل الديني أكثر الحقول المهملة في الفكر العربي، عند تناول الإشكاليات الغربية، الأمر الذي شيّد أوهاما عدّة حول الغرب. إذ لطالما أهمِلت المسألة عند التناول ضمن مغالطات إيديولوجية، جعلت الانشغال يسقط زوايا أساسية من اهتمامه، ظنّا أن الديني ولّى لديه واندرس.
جرّاء ذلك العوز والنقص، بات الاهتمام بالغرب الديني، وبمناهجه العلمية المتابعة للظواهر الدينية، مطلبا حاجيا ومعرفيا. وعيا بالفجوة الواسعة آثرنا ترجمة بعض الدراسات من اللّسان الإيطالي، ذات الصلة باجتماعيات الأديان المعاصرة، وبالمناهج العلمية، ترصد جدل مقاربات التديّن والعَلْمنة وتحرير السوق الدينية والحِراك الديني في هذه المجتمعات، لنحاول من خلالها إماطة اللّثام عن وجه خفي للغرب. أملا في لفت الانتباه لما يملكه من أدوات، وما تدور في خلده من انشغالات.المترجم
مدخل:
مما يلاحظ أن علم الاجتماع الديني بصدد اجتياز مرحلة تطوّر جوهرية، سواء فيما يتعلّق بالجانب المنهجي أو الفهمي. فقد عاينت الهيئات العلمية المنشغلة بدراسة الدين تطوّرا غير معهود للمشاركات في الملتقيات والتعاون الدراسي، وما رافقه حديثا من إلحاق وحدة علم الاجتماع الديني بالجمعية السوسيولوجية الأمريكية. وقد أعطت الكتابات النظرية والتطبيقية الأخيرة في علم الاجتماع الديني، التي بلغ صداها أعمدة عديد الصحف الجادة، دفعًا لإنعاش الحوار ولإثارة النقاشات المختلفة.

أنفاس"العولمة نظام يمكن الأقوياء من فرض الدكتاتوريات اللاإنسانية التي تسمح بافتراس الضعفاء بذريعة التبادل الحر وحرية السوق"[1]
ربما كان إعلان الولايات المتحدة الأمريكية عام 1971 القاضي بفك الارتباط بين الدولار والذهب وانهيار نظام بريتون وودز هو البداية الفعلية للعولمة ولكن ما حصل هذه الأيام من عاصفة مالية هوجاء وإفلاس عدد كبير من البنوك وتعطل السير والتراجعات في العديد من الأسواق المالية والبورصات العالمية وخسارة عدة شركات ورجال الأعمال لأرصدتهم ورؤوس أموالهم في دقائق معدودات هو "وول ستريت" ثانية تشبه ما حدث في المنظومة الرأسمالية سنة 1929 من أزمة أدت إلى الكساد والتضخم والانهيار التام للاقتصاد العالمي وهو أيضا علامة على الفشل الذريع الذي انتهت إليه إيديولوجيا العولمة ونهوض جديد للفيلسوف المختص في الاقتصاد السياسي كارل ماركس من قبره وعودة تحليلاتها العلمية في كتابه الشهير رأس المال إلى الحياة والى مسطح المعرفة واسترجاع انتقاداته للثقافة التحررية لفعلها في الساحة الفكرية الشعبية وخاصة دعواه المركزية بأن الرأسمالية تحمل بين أحشائها بدور فنائها. لكن لماذا حدث الذي حدث في زمن شهد انتصارا كاسحا لليمين السياسي وسيطرة تامة وحقيقية للعقيدة الليبرالية على المستوى الاقتصادي أين تحولت ثقافة العولمة إلى مقدس كوني يدين له الكل بالولاء والطاعة؟ 
ما يقوله الاقتصاد السياسي النقدي عن أسباب الأزمة هو التفاوت بين الوعود والانجازات، بعبارة أخرى ان العولمة تقدم مجموعة من الوعود بالنسبة للمواطنين على صعيد الثقافة والاقتصاد والسياسة ولكن هذه الوعود يكشف التاريخ عن زيفها وكذبها وتدور أساسا حول التبشير بالحرية والديمقراطية والرخاء ودولة الرفاه ومجتمع الوفرة والسعادة بالمعنى الدنيوي لأن ما حصل عليه الناس من العولمة وما حملت إلينا الأيام هو بروز الأنظمة الشمولية والمجتمع ذو البعد الواحد وتحول الأفراد إلى حشود وانتهاء الأفراد والجماعات والشركات والمؤسسات إلى الخسارة المادية وتبخر الأملاك والثروات والأموال والشقاء الروحي والتعاسة الوجودية والبطالة والفقر وتصدير الحروب وتشجيع النزاعات وتخريب الطبيعة وتدنيس القيم وتهديد مستقبل الحياة على الأرض وتخلى الإنسان عن إنسانيته, فماهي الأسباب الفعلية التي أدت إلى مثل هذه الوضعية المحرجة؟

أنفاسلعل التساؤل الأبرز الذي يدور بأذهان العديد هو لماذا أصبحت الميادين الرياضية مسرحا لأعمال العنف؟و هل ولى زمن شعارات الرياضة أخلاق أو لا تكون و الرياضة تحابب و تقارب؟ فهذه التساؤلات و غيرها مشروعة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الدور الذي تلعبه الرياضة اجتماعيا. لكن التساؤل الأبرز الذي يمكن طرحه هو: هل يكون اللجوء إلى العنف أمرًا مقصودًا من اللاعب أو المشجع؟ أم أنه نتيجة وضعيات صعبة وجد الفاعل نفسه محشورًا فيها؟
لقد أصبحت الرياضة و خاصة كرة القدم تعني الكثير لدى العديد من المشجعين,فهي ذلك الوهم الجميل الذي ينتظره طوال الأسبوع,و هي الشيء المتجدد الذي يعرفه في خضم ما يعيشه من ضغوطات الحياة اليومية: العمل,العائلة,الدراسة...لتصبح الرياضة متنفسًا لكل ذلك. و إذا كان البعض يأخذ الرياضة على أنها وسيلة من وسائل الترفيه,فإنها تصل إلى حد الإدمان لدى الكثيرين أو لنقل أنها تحولت إلى أفيون الشعوب الجديد. عندها لا تصبح مباراة في كرة القدم تدور يوم الأحد أو أي يوم آخر بل أنها تتواصل لتصبح جزءًا من المعيش اليومي,فترى المحب يتابع التمارين خلال أيام الأسبوع و يلاحق الأخبار المتعلقة بفريقه المفضل,فيصبح متعايشا معه في البيت أو في العمل أو في مكان الدراسة.و ما نريد توضيحه هنا هو أن الفريق الذي نشجع يتحول إلى جزء منا و المساس به يعني المساس بشيء له من القدسية الشيء الكثير, حتى أن التحضير للذهاب إلى الملعب يكون عبارة طقوس واجبة استعدادًا لهذا الحدث.فالعاطفة هي التي تسير أفعال المشجعين تمامًا "كالصفعة التي توجهها الأم لابنها لأنه كان لا يحتمل,أو اللكمة الصادرة من لاعب فقد السيطرة على أعصابه أثناء مباراة كرة قدم. و في جميع هذه الحالات الفعل يعرف ليس بالرجوع إلى الهدف منه أو لنظام قيم بل بالعودة إلى ردة الفعل العاطفية للفاعل المحشور في وضعيات معينة."
و سنحاول هنا تحديد هذه الوضعيات التي تؤدي غالبًا إلى الانفجار. فمن المعروف أن الجمهور الرياضي أصبح فاعلا رئيسيا في النشاط الرياضي بصفته الاقتصادية كمستهلك,لذلك ترى النوادي تسعى بشتى الوسائل إلى استمالته و حثه على حضور المباريات حتى و إن كانت المخادعة وسيلة لذلك كإيهامه بالقدرة على حصد الألقاب الواحد تلو الآخر,و القول بأن النادي ملك للجمهور و مصلحته من مصلحتهم أي أنه جزءا منهم. وإذا أضفنا إلى ذلك بعض الخطابات الصحفية و التي تعتمد المبالغة كوصف مقابلة بأنها ثأرية أو مباراة الأمل الأخير و غير ذلك من الأوصاف و التي تجعل المشجع يأخذ المسألة على أنها مصيرية أو لنقل قضيته الشخصية,فتراه واقفا في الصفوف بحثا عن التذاكر وتحضير مستلزمات الاحتفال ليأتي اليوم الموعود و تجد الجماهير نفسها أمام منغصات ترى أنها تحول دونهم و دون وهمهم المنعش و الذي قدموا من أجله.

أنفاسيرمي هذا الفصل إلى القيام بمسح للمساهمات العلمية التي توفرت بصدد الطوائف الدينية، ويحاول في الوقت نفسه، أن يقرأ، نقديا، مختلف محاولات علماء الاجتماع في السنوات الأخيرة لفهم هذه الظاهرة، وتشمل هذه القراءة مستويين: المستوى النظري والمنهجي، والمستوى الميداني. كل ذلك في أفق توظيف هذا التراث لمقاربة موضوع هذه الدراسة .
1- الاتجاهات التقليدية.
ظهر الاهتمام بالحركات الدينية ذات الطابع الطائفي منذ الفترة الذهبية لعلم الاجتماع الديني حيث ظهرت أعمال الأباء المؤسسين لهذ ا الفرع من علم الاجتماع العام، وعلى الخصوص   في أعمال ترولتش  (Troeltsch) وفيير(Weber).
ففي إطار تصنيفه للكنائس والفرق الدينية السائدة  في  العالم المسيحي، رآى ترولتش  أن الطبقات الدنيا هي التي تكون منبع الاستقطاب بالنسبة للفرق الدينية، فالظلم الاجتماعي وعدم المساواة من الجوانب الأساسية في خلق الظروف السيئة للإنسان. لذلك فإن التوتر بين الكنيسة والفرق الدينية سوف يستمر طالما استمرت المسيحية في الوجود1.
أما فيبر، فركز ، تماما كما كان الشأن بالنسبة لترولتش، على الفروق التي أصبحت تميز بين الكنيسة والطائفة، فقد تحولت الكنيسة من مؤسسة تعمل في سبيل النعمة والخلاص، إلى مرفق للاستئمان يتلقى مساهمات أعضائه الإلزامية من حيث المبدأ، بدون أن يكون في وسعه إثبات شيء في ما يتعلق بفضائل أتباعه كما كان الأمر من قبل. وفي مقابل هذا التحول، تأسست الطوائف الدينية لتقوم مقام الكنيسة في تأدية واجباتها، بما هي تجمع طوعي وحصري معزول عن العالم يضم المنتسبين إليه دينيا في نظام أخلاقي شديد الصرامة2.
انطلاقا من هذا النموذج الإرشادي الذي يقابل بين الكنيسة والطائفة، تناسلت الأبحاث هادفة إلى بيان أثر هذا التقابل في الحياة الاجتماعية. وكانت النتيجة، السريان بهذا التقابل  إلى حدود قصوى وقع التمييز فيها، هذه المرة، بين الطائف والبينة الاجتماعية ككل، إذ غالبا ما نظر علماء الاجتماع إلى الطوائف الدينية على أنها مشكلة اجتماعية، من خلال مقابلتها مع البنية والحركة الاجتماعيتين، بحيث اعتبرت الطوائف الدينية بعيدة عن طرق العمل الديني المألوفة، وتمثل التوجه الذي يواجه البنية الاجتماعية . علاوة على ذلك، فإن الطوائف الدينية لا تتمتع بصفة الديمومة والاستقرار التي تتميز الهياكل المكونة للمجتمع. إنها ليست مجرد مظاهر موازية لأنماط التدين المألوفة، وإنما مؤشرات غير عادية على أوضاع اجتماعية غير عادية3.

أنفاسمن منا لا يريد أن يكون سعيدا؟ و لكن ماسبل تحقيق ذلك؟يبدو أن كل البشر تنتابهم رغبة في أن يكونوا سعداء ولكن المشكل أنهم عاجزون أن يحددوا بيقين تام ما يجعلهم سعداء بحق و يترتب عن هذا أن مشكلة تحديد الفعل الذي يجلب السعادة هي مشكلة لا حل لها فما هي أسباب ذلك؟
إن مفهوم السعادة بلغ من عدم التحديد مبلغا جعل كل إنسان يعجز عن أن يقول في ألفاظ دقيقة ما يرغب فيه لأن السعادة هي مثل أعلى للتخيل والعاطفة و ليست مطلبا عقليا أو غاية يمكن إدراكها إذ من الضروري أن يكون هناك حد أقصى ترتبط به فكرة السعادة و هذا الحد الأقصى يتغير من شخص إلى لآخر فهناك من يجعل البحث عن الحقيقة والمعرفة هي السعادة و هناك من يبحث عن كثرة الأضواء و الشهرة وفريق آخر لا يبغي من حياته سوى تجنب الشقاء و تحقيق الصحة الكاملة . لكن  رغم ذلك فإن هذه الأفعال وأهدافها لا ينتج عنها تحصيل السعادة ذلك أن تجارب الحياة تعلمنا أننا قد ننجز أهدافنا ولكن مع ذلك لا نبلغ السعادة بل تنقلب إلى نوع من السأم .  غير أن للمجتمع الإستهلاكي المعولم رأيا آخر في السعادة بل يرى أنه بامكانه تحقيق السعادة للإنسان . فهل حقا بمقدور هذا المجتمع  توفير السعادة للإنسان أم أن ما يعدنا به حول أمنية السعادة هي من قبيل  السعادة   الإيديولوجية الوهمية وهي مجرد أسطورة زائفة ؟ تستند فكرة السعادة في المجتمع الإستهلاكي إلى نقد الأنتروبولوجيا الفلسفية التي تمجد السعادة وتعتبرها خيرا أسمى وتعتبرها مجرد أنتروبولوجيا ساذجة تقوم على فكرة خاطئة عن الطبيعة البشرية إذ تعتقد أن الإنسان له ميل طبيعي للسعادة و تحصر السعادة في ما يلي : سعادة الجسم على حساب سعادة الروح وسعادة الفرد على حساب سعادة المجموعة . و مرجع هذا التصور للسعادة هو ليبيرالي إقتصادي من جهة و ديني ميتافيزيقي من جهة أخرى ز ففي المستوى الأول ترتبط السعادة بفكرة الرخاء و رغد العيش و الرفاه وفي المستوى الثاني ترتبط بالنجاة و الخلاص الفردي و تتراء لنا السعادة في المجتمع الإستهلاكي المعاصر ذات إشعاع كبير و تمتلك رونقا خاصا في النفوس تمارس تجييشا كبيرا وتؤدي وظيفة الدعاية والإستقطاب .