"لا معتقدات إلا لمن لم يتعمق في التفكير في الأشياء"[1]
من الزاوية الرمزية، يمكن القول إن الوجود راهنية وحضور. والإنسان لا يعلن وجوده ويشهر حضوره في مجرى التاريخ ومهب الزمن، إلا حين يتحول هو نفسه إلى تاريخ، وهذا التحول هو مدار كل مواكبة ومناط كل سير جاهد أو حثيث. والواقع أن التاريخ ليس مجرد زمن يمضي أو حفنة أحقاب تنصرم، بل هو التشكيل الإنساني الخالص للسيرورة الدياكرونية الناهضة دومًا كتجاوز للثبات ومراودة للطفرات والتوثبات، ومعنى هذا أن التاريخ ليس قدَرًا أو حتمية، والمقولات الحضارية التاريخية نفسها، كالتقدم والتخلف، والنهضة والسقوط، ليست بالضرورة إحالة على واقع تاريخي قائم على وجه الحتمية والاقتضاء. فالتاريخ شيء، والوعي بالتاريخ شيء آخر. ومدار حديثنا في هذا المقال، هو القضية الاستشكالية التالية : هل التاريخ العربي، تاريخ ذهنية ملطخة بتواريخ المنازلات السجالية الخرقاء؟ هل تاريخنا استنجاز واعٍ للمشاريع الحضارية الكبرى أم أنه تاريخ إنجازات عمياء؟ هل التاريخ العربي تاريخ يفرزنا أم نفرزه؟ يصنعنا أم نصنعه؟ هل هو تاريخنا وأفقنا الحضاري القائم أم أنه اللاتاريخ الذي تهون فيه الذات ويتفاقم فيه الغياب فيستحيل الوجود برمته إلى محض كينونة سجالية طافحة بالعَيِّ والضجر؟
إن الحديث عن البدايات هو بالضرورة حديث عن الانطلاقات التي نحسبها كذلك. ولا شك أن بداية التاريخ العربي كانت بداية دينية. فالدين الإسلامي هو الذي أدرج العرب ضمن أحواز الحضور الذي به نشأت حضارتهم وتوطدت شوكتهم. والنهوض العربي في بداياته الأولى كان نهوضا طفرويًا شكل فيه الدين نقطة التحول ومناط كل الاندفاعات والتدافعات التاريخية اللاحقة. أما بالنسبة للغربيين، فإن بداية ارتيادهم الكاسح لحلبة التاريخ، كان بدوره –على مستوى من المستويات-قضية دينية، أو بتعبير أدق، كان قضية الحسم مع الدين الذي تمثل تاريخيًا وإيديولوجيًا في الكنيسة وسلطتها الشاخصة فِئَِويًا في رجال الدين أو من كان يعرف بالإكليروس.
من الزاوية الرمزية، يمكن القول إن الوجود راهنية وحضور. والإنسان لا يعلن وجوده ويشهر حضوره في مجرى التاريخ ومهب الزمن، إلا حين يتحول هو نفسه إلى تاريخ، وهذا التحول هو مدار كل مواكبة ومناط كل سير جاهد أو حثيث. والواقع أن التاريخ ليس مجرد زمن يمضي أو حفنة أحقاب تنصرم، بل هو التشكيل الإنساني الخالص للسيرورة الدياكرونية الناهضة دومًا كتجاوز للثبات ومراودة للطفرات والتوثبات، ومعنى هذا أن التاريخ ليس قدَرًا أو حتمية، والمقولات الحضارية التاريخية نفسها، كالتقدم والتخلف، والنهضة والسقوط، ليست بالضرورة إحالة على واقع تاريخي قائم على وجه الحتمية والاقتضاء. فالتاريخ شيء، والوعي بالتاريخ شيء آخر. ومدار حديثنا في هذا المقال، هو القضية الاستشكالية التالية : هل التاريخ العربي، تاريخ ذهنية ملطخة بتواريخ المنازلات السجالية الخرقاء؟ هل تاريخنا استنجاز واعٍ للمشاريع الحضارية الكبرى أم أنه تاريخ إنجازات عمياء؟ هل التاريخ العربي تاريخ يفرزنا أم نفرزه؟ يصنعنا أم نصنعه؟ هل هو تاريخنا وأفقنا الحضاري القائم أم أنه اللاتاريخ الذي تهون فيه الذات ويتفاقم فيه الغياب فيستحيل الوجود برمته إلى محض كينونة سجالية طافحة بالعَيِّ والضجر؟
إن الحديث عن البدايات هو بالضرورة حديث عن الانطلاقات التي نحسبها كذلك. ولا شك أن بداية التاريخ العربي كانت بداية دينية. فالدين الإسلامي هو الذي أدرج العرب ضمن أحواز الحضور الذي به نشأت حضارتهم وتوطدت شوكتهم. والنهوض العربي في بداياته الأولى كان نهوضا طفرويًا شكل فيه الدين نقطة التحول ومناط كل الاندفاعات والتدافعات التاريخية اللاحقة. أما بالنسبة للغربيين، فإن بداية ارتيادهم الكاسح لحلبة التاريخ، كان بدوره –على مستوى من المستويات-قضية دينية، أو بتعبير أدق، كان قضية الحسم مع الدين الذي تمثل تاريخيًا وإيديولوجيًا في الكنيسة وسلطتها الشاخصة فِئَِويًا في رجال الدين أو من كان يعرف بالإكليروس.