من بين الدراسات الميدانية المغربية في موضوع التخلف الدراسي نجد دراستين إحداهما لعبد الكريم غريب تحت عنوان "التخلف الدراسي – دراسة نظرية وميدانية في المدينة والبادية " والثانية لمحمد الدريج بعنوان
"Le retard scolaire au Maroc –étude psychologique de certains de ses facteurs "
و سنقوم باستعراض هاتين الدراستين بشكل موجز من خلال الفرضيات التي انطلقت منها كل دراسة . و أداة البحث المعتمدة و كذا عينة البحث التي أجريت عليها الدراسة , إضافة إلى النتائج التي توصلت إليها كل من الدراستين . لننتهي بعد ذلك إلى مناقشة النتائج التي توصل إليها كل من الباحثين في دراستيهما .
1- دراسة عبد الكريم غريب : (عبد الكريم غريب -1991)
تعتبر من الدراسات المغربية في هذا المجال , و هي دراسة نظرية و ميدانية في المدينــة و القرية .
يرى عبد الكريم غريب أن ظاهرة التخلف الدراسي ليست ظاهرة عابرة لحظية مؤقتة بل إشكالية تكاد تكون مزمنة , صاحبت المدرسة المغربية منذ تأسيسها إلى اليوم .
في الشق النظري للدراسة قام عبد الكريم غريب بتحديد مفهوم التخلف الدراسي وتمييزه عن مفاهيم أخرى ( الضعف العقلي والتسرب , الشذوذ النفسي ) .
ثم أعطى نبذة تاريخية عن هذه الظاهرة وتجلياتها في نسق التعليم المغربي , انطلاقا من فترة ما قبل الحماية ثم إبان الحماية وصولا إلى فترة الاستقلال .
أما في ما يخص الشق الميداني للدراسة , فلقد حاول حصر ظاهرة التخلـــف الدراسـي و التعرف عليها مع محاولة الوصول إلى تحديد وفهم أهم أسبابها , ليقوم بعد ذالك باقتراح بعض الحلول لمعالجتها .(عبد الكريم غريب - التخلف الدراسي- 1991)
أ- فرضيات الدراسة :
لقد حاول عبد الكريم غريب أن يبحث في بعض الأسباب المؤدية إلى التخلف الدراسي ، و في هذا الصدد نجده ينطلق من أربع فرضيات :
يفترض أن التخلف الدراسي يرجع إلى التلميذ .
يفترض أن التخلف الدراسي يرجع إلى المدرسة .
يفترض أن التخلف الدراسي يرجع إلى الأسرة .
يفترض أن التخلف الدراسي يرجع إلى الانتماء الطبقي.
ب- أداة البحث :
و للتحقق من الفرضيات السابق ذكرها , اعتمد الباحث على الاستمارة , أو بالأحرى مجموعة من الاستمارات الموجهة للتلميذ , للمدرس , لمدير المدرسة ثم لأب أو ولي التلميـذ , كما اعتمد كذلك على اختبار الذكاء المصور لأحمد زكي ، ثم اختبار تفهم الموضوع .
ج- عينة البحث :
اعتمد الباحث في دراسته على عينة من التلاميذ و التي تنقسم بدورها إلى مجموعتين :
المجموعة الأولى : و تضم التلاميذ المتفوقين دراسيا .
المجموعة الثانية : و تضم التلاميذ المتخلفين دراسيا .
كما أن العينة تضم مدرسين و مديري مدارس و مفتشين في التعليم إضافة إلى آباء التلاميذ .
د-نتائج الدراسة :
توصل الباحث في دراسته إلى أن العوامل السابق ذكرها في الفرضيات مسؤولة عن التخلف الدراسي.
حيث أكد البحث على أن التخلف الدراسي يرجع إلى التلميذ ذي الحالة الصحية الضعيفة , كما أن له ارتباطا بالصحة النفسية وكذلك بطموح التلميذ ( المهنة التي يرغب التلميذ في مزاولتها مستقبلا ) .كما أن للتخلف علاقة بالذكاء فالتلاميذ المتخلفون دراسيا كانوا أقل ذكاء من أولئك المتفوقين دراسيا.
أما الفرضية الثانية التي ترجع التخلف الدراسي إلى المدرسة فقد بينت نتائج التحقق منها بأن التلاميذ المتخلفين دراسيا متذمرون من مواد ومناهيج المدرسة أكثر من المتفوقين دراسيا . إضافة إلى تذمر المدرسين و المؤطرين من المواد المدرسة , و من طريقة إجراء الامتحانات التي تتخذ صبغة مباراة و ليس اختبارا تربويا .
كما يسجل الباحث سلبية العلاقة بين المدرس والتلميذ المتخلف دراسيا , وكذلك سلبية العلاقة بين المتخلفين دراسيا ورفاق الفصل , إضافة إلى موقفهم السلبي إزاء المدرسة.
وفي ما يتعلق بالفرضية التي ترجع التخلف الدراسي إلى المناخ الأسري , فقد توصل الباحث إلى أن أسر المتخلفين دراسيا أكثر حجما من أسر المتفوقين , مما يجعلها أكثر اضطرابا وتصدعا .
و في إطار التحقق من الفرضية الرابعة والأخيرة فقد سجل الباحث أن المستوى الاقتصادي لأسر التلاميذ المتخلفين دراسيا متدن إذا ما قورن بالمستوى الاقتصادي لأسر التلاميذ المتفوقين و نفس الشيء تم تسجيله بخصوص المستوى السوسيو ثقافي , على اعتبار أن هذين الأمرين متلازمان في أغلب الأحوال .
هـ-مناقشة نتائج الدراسة :
لقد حاول الباحث في دراسته و بالضبط في الفصل الأول تسليط الضوء على بعض المفاهيم التي قد تكون لها علاقة بالتخلف الدراسي سواء من قريب أو من بعيد , فنجده يعطي تحديدا لمفهوم الضعف العقلي و لمفهومي"الموهوبين" و"العباقرة" ثم مفهوم"التسرب"أو"الانقطاع المدرسي" ليخلص بعد ذلك إلى تحديد مفهوم "التخلف الدراسي" ورصد مختلف أشكاله .
و من الملاحظات الممكن تسجيلها كذلك , إشارة هذه الدراسة إلى نسب المتخلفين دراسيا في العديد من الدول : ( السعودية , تونس , قطر ...) قبل أن يشير إلى نسب التخلف الدراسي بالمغرب بالوسط الحضري والقروي .
و ما يمكن تسجيله كملاحظة إيجابية في هذه الدراسة , هو اعتماد الباحث على البعد التاريخي في دراسة التخلف بالمغرب , فهو لا يكتفي بافتراض فرضيات و بالتأكد من صحتها, بل يحاول إعطاء تأريخ للظاهرة بالرجوع إلى " كرونولوجيا " التخلف بالمدرسة المغربية لفهم تطوره منذ الحماية الفرنسية إلى عهد الاستقلال رغم ما سجله من صعوبات في هذا المجال : خصوصا فيما يتعلق بالشق الإحصائي في هذه المقاربة التاريخية .
و هنا إشارة إلى أن ظاهرة التخلف الدراسي ليست نتيجة لأسباب اجتماعية أو اقتصادية أو تربوية أو سياسية أو ثقافية آنية فحسب , بل نتيجة لتراكمات تاريخية .
و بعد ذلك عرض الباحث عددا لا بأس به من الدراسات التي لها صلة بموضوع الدراسـة. و حاول تصنيفها حسب طبيعتها : نظرية أو ميدانية , كما ميز بين الدراسات الغربية ثم العربية فالمغربية .
إن هذا المجهود الذي بذله الباحث في جرد هذه الدراسات و تصنيفها وتلخيصها ثم مناقشتها لمن شأنه أن يدعم القيمة العلمية لبحثه , خاصة أن قارئ هذه الدراسة يطلع على الكثير من الدراسات الغربية والعربية في هذا المجال وبالتالي قد تتكون لديه صورة أكثر وضوحا عن الظاهرة المدروسة .
و حرصا من الباحث على أن تكون الدراسة على المستوى الوطني ، فقد اعتمد على خمسة أقاليم هي : طنجة , وجدة ، مكناس ، فاس ، الراشيدية و الصويرة , على اعتبار أن هناك تقسيمات جغرافية و اقتصادية وثقافية للمجتمع المغربي , و بالتالي فهذه الأقاليم تمثل باقي الأقاليم الأخرى و إن لم يتم إجراء الدراسة بمنطقة العيون نظرا للإكراهات المادية .
ما نريد قوله بهذا هو أن عبد الكريم غريب حاول ما أمكن, أن يقارب الظاهرة على المستوى الوطني سواء بالوسط الحضري أو القروي .
أما في جمع المعطيات , فإضافة إلى الاستمارة, اعتمد على وسائل أخرى كاختبار الذكاء المصور لأحمد زكي , ثم اختبار تفهم الموضوع .
إن نتائج الدراسة الميدانية للباحث كانت على قدر من الأهمية حيث أكدت أن التخلف الدراسي له أسباب عديدة , فمنها ما يرجع للتلميذ ومنها ما يرجع للمدرسة , ناهيك عن عوامل تربوية واجتماعية واقتصادية دون نسيان البعد التاريخي كما تمت الإشارة إلى ذلك آنفا .
و تبقى هناك ملاحظة لابد من تسجيلها , ففي ختام بحثه لم يكتف الباحث باستنتاجات وتوصيات عابرة بل إضافة إلى تشخيص الأسباب المؤدية للتخلف نجده يقترح علاجا لهذه الظاهرة . هذا العلاج الذي حاول الباحث أن يكون شموليا للظاهرة , خاصة وأن أسبابها متشعبة ومتداخلة . لنجده يقترح علاجا أو حلولا على المستوى المدرسي و البيداغوجي ،و على المستوى الاقتصــادي و الثقافي و على المستوى الفلسفي .
- لقد حاول الباحث دراسة ظاهرة التخلف الدراسي من خلال أربعة مسببات لها , لكن هناك أسبابا أخرى قد يكون لها دورها في هذه الظاهرة .
إلا أن التخلف الدراسي قد يكون نتيجة لعامل من العوامل الأربعة موضوع الدراسة أو نتيجة لعامل من العوامل الأخرى , كما قد يكون محصلة لتفاعل عاملين أو عوامل كثيرة . بمعنى أنه قد تتظافر عوامل عدة لتؤدي إلى التخلف الدراسي .
فعندما نسلم بأن تلميذا ما متخلف بسبب انتمائه الطبقي فهل هذا هو السبب الوحيد في التخلف؟ أو ليست هناك عوامل أخرى تداخلت مع العامل الأول فكرست التخلف لدى هذا التلميذ ؟
أي أن المطلوب هو تحديد كيف تتفاعل العوامل فيما بينها لتحدث التخلف .لأننا عندما نعتبر التخلف الدراسي كنتيجة لعامل معين , فإننا ضمنيا نقصي عوامل أخرى قد تكون لها صلة بالظاهرة .
2- دراسة محمد الدريج: (Med DERRIJ 1979-1980)
و هي كذلك دراسة ميدانية لظاهرة التخلف الدراسي بالمغرب من خلال بعض عوامله أو أسبابه ، كما يشير عنوان الدراسة إلى ذلك . و قد حاول محمد الدريج تحديد مدى تأثير بعض العوامل في ظاهرة التخلف الدراسي .
أ- فرضيات الدراسة :
يطرح محمد الدريج في بحثه هذا إشكالية التخلف الدراسي وعلاقتها ببعض العوامل , وذلك وفق الفرضيات الإجرائية التالية :
Eافتراض أن هناك علاقة بين المستويات الاقتصادية و السوسيوثقافية للأسرة والنتائج الدراسية .
افتراض وجود علاقة بين ظروف العمل والحياة ( خصوصا ظروف السكن والحياة الدراسية للتلميذ ) .
افتراض وجود ارتباط وثيق بين التكوين والمناخ العائلي والتأخر الدراسي .
افتراض أن هناك تلازما بين المستوى الاقتصادي وظروف الحياة الأسرية والاضطرابات الانفعالية للتلاميذ .
افتراض أن للإضطرابات الانفعالية لدى التلميذ نصيبا من المسؤولية في التخلف الدراسي.
ب-أداة الدراسة :
انطلاقا من هذه الفرضية المتعلقة بظاهرة التخلف الدراسي ,صاغ الباحث أدوات البحث ونوعها , تبعا لتعقد الظاهرة المدروسة ولتداخل العوامل المتحكمة فيها . و هكذا اعتمد الاستمارة بالنسبة للتلاميذ , ثم اختبار الذكاء العالي الخاص بالمراهقين , واختبار تكملة الجملة " لساكس " ، كما اعتمد كذلك على اختبار القلق ل" تايلور " و أخيرا اختبار انفعالات الإحباط الطفولي .
أما فيما يخص مفهوم التخلف الدراسي فقد حدده الباحث في التكرار لأكثر من سنة دراسية واحدة .
ج- عينة الدراسة :
أما فيما يخص عينة البحث , فتتكون من 420 تلميذا من السنة الثالثة من التعليم الثانوي , منتمين لسبع ثانويات بمدينة الرباط . ومن هذه العينة اختار 60 تلميذا متخلفا دراسيا تخلفا كبيرا ( أي أولئك المكررون لأكثر من 5 سنوات ) كعينة تجريبية وكعينة ضابطة أخذ 60 تلميذا لم يسبق لهم التكرار. وكملاحظة فأفراد عينة الدراسة كلهم من الذكور .
د- نتائج الدراسة :
و عن نتائج الدراسة الميدانية لمحمد الدريج فيمكن إيجازها في ما يلي :
- ففي إطار التحقق من الفرضية الأولى والتي تفترض وجود علاقة بين المستوى الإقتصادي والسوسيوثقافي بالتخلف الدراسي , فقد تم التوصل إلى أن المستوى السوسيواقتصادي لأسر التلاميذ غير المكررين مرتفع إذا ما قورن بالمستوى السوسيواقتصادي لأسر التلاميذ المكررين (%26,1 من أسر التلاميذ غير المكررين , كانوا في مستوى غني جدا في مقابل %0 من أسر التلاميذ المكررين) .
كما سجل الباحث أن المستوى السوسيوثقافي لأسر التلاميذ غير المكررين مرتفع جدا عن المستوى السوسيوثقافي لأسر تلاميذ العينة التجريبية : %50 من آباء التلاميذ المتخلفين دراسيا متخلفون تخلفا كبيرا , أميون , مقابل %10 كنسبة أمية مسجلة لدى آباء التلاميذ غير المكررين .
- وفي ما يخص الفرضية الثانية المتمثلة في افتراض وجود علاقة بين ظروف الحياة والعمل والسكن وبين التخلف الدراسي, فالنتائج أثبتت أن %20 من التلاميذ غير المكررين يتلقون مساعدة من طرف أسرهم مقابل %7,7 من التلاميذ المتخلفين دراسيا .
أما عن عامل السكن ف%31,42 من التلاميذ المتفوقين كانت ظروفهم السكنية ملائمة , في حين أن نسبة التلاميذ المتخلفين ذوي الظروف السكنية المواتية لم تفارق الصفر %0.
أما بخصوص الفرضية الثالثة (علاقة التكوين والمناخ العائلي بالتأخر الدراسي), ومن خلال النتائج :%35 من التلاميذ المتخلفين دراسيا لم تكن لهم اتصالات مع آبائهم , مقابل%17 من التلاميذ العاديين هم الذين لا يتصلون بآبائهم , بمعنى أن المناخ العائلي لأسر التلاميذ المتخلفين غير ملائم أكثر مما هو عليه الأمر في أسر التلاميذ العاديين .
- في حين توصل الباحث إلى أن التلاميذ المنتمين إلى مستويات فقيرة هم أكثر اضطرابا بنسبة %34 من التلاميذ المنتمين لأسر ذات مستوى اقتصادي متوسط بنسبة %7 .
- أما الفرضية الأخيرة التي تربط الاضطرابات الانفعالية بالتخلف الدراسي , فإن التلاميذ المتخلفين دراسيا كانوا أكثر اضطرابا من التلاميذ العاديين .
وكتلخيص للنتائج التي توصل إليها الدريج في دراسته هذه ، فهناك مسؤولية العوامل السابق ذكرها في الفرضيات الخمس عن ظاهرة التخلف الدراسي .
هـ- مناقشة نتائج الدراسة :
بالرجوع إلى تاريخ هذه الدراسة يمكن القول بأنها من بين الدراسات الميدانية الأولى التي تحاول التطرق إلى ظاهرة كهذه بالمغرب (1979- 1980) .
و وعيا من الباحث بتشعب الظاهرة وبتعدد مسبباتها , فقد انطلق من خمس فرضيات في مقاربته الميدانية محاولا إيجاد علاقة بين التخلف الدراسي و المستوى الاقتصادي و السوسيوثقافي للأسرة وظروف السكن والعلاقات العائلية و الاضطرابات الانفعالية .
وتناول الظاهرة من زوايا متعددة حتى تأخذ دراسته بعين الاعتبار جل العوامل المتدخلة في ظاهرة كهذه.
و يمكن تسجيل ملاحظة أساسية أخرى هي اعتماد الباحث على أدوات متعددة في جمع البيانات , ( الاستمارة , اختبار تكملة الجمل , اختبار الذكاء ...) الشيء الذي يضفي المزيد من الموضوعية على نتائج الدراسة .
من خلال عنوان البحث أو الدراسة "التخلف الدراسي بالمغرب , دراسة سيكولوجية لبعض عوامله"ومن خلال أدوات البحث المتعمدة ( اختبارات الذكاء) , و من خلال بعض العوامل التي تم افتراضها مسؤولة عن التخلف الدراسي( الاضطرابات الانفعالية ) ، فإن مقاربة الدريج للتخلف الدراسي كانت مقاربة سيكولوجية بالأساس .
- وفي انتقائه لأفراد عينة البحث اعتمد الباحث على تلاميذ من السنة الثالثة ثانوي بمدينة الرباط . ومعروف أن التخلف الدراسي ليس لصيقا بالتعليم الثانوي وحده بل هو منتشر في جميع الأسلاك التعليمية (الابتدائي و الإعدادي وحتى التعليم العالي). ويمكن أن نلاحظ كذلك إقصاء التلاميذ المتمدرسين بالوسط القروي أو بالمراكز الحضرية الصغرى , بمعنى أن الدراسة لم تعط أهمية لعامل الوسط(قروي- حضري) في ظاهرة التخلف , خصوصا وأن هناك ارتباطا وثيقا بين الوسط وباقي الظروف الاجتماعية و الاقتصاديـة و النفسيـة و الأسرية للتلميذ .
من خلال هذه الدراسة توصل الباحث إلى عدم مسؤولية عامل الذكاء عن التخلف الدراسي . وهذه نتيجة تأكدت من خلال مقاربة موضوعية وعلمية للظاهرة , غير أنه لا يمكن المجازفة بتعميم هذا الحكم ، أي اعتبار الذكاء غير مسؤول عن التخلف الدراسي ذلك أن نتائج الدراسة ترتبط بوسط إجراء البحث و بأفراد عينته خصوصا. حيث نجد أبحاثا أخرى تؤكد على وجود علاقة بين الذكاء والنتائج المدرسية كما هو الحال في دراسة (كازينسكا 1934 ) .
هذا وإن كان الذكاء بدوره مرتبطا بالعوامل الشخصية و المدرسية و السوسيو ثقافيــــة و الصحية.
و من أجل التوضيح فقط , يعتبر GUY BOISSON أنه لابد من التمييز بين دور الوراثة النوعية للذكاء كعجز القرد مثلا عن القيام بنفس سلوك الإنسان رغم تنشئته معه , و دور البيئة في نمو الذكاء (كحالة الأطفال الذئاب) .
كانت هذه لمحة موجزة عن دراستين ميدانيتين في موضوع التخلف الدراسي، والتي تأكدت من خلالها صحة الفرضيات التي انطلقت منها كل من الدراستين ، بمعنى أن التخلف الدراسي له ارتباط بالعوامل النفسية والتربوية و الاجتماعيـة و السوسيوثقافية و بالاضطرابات الانفعالية .....
الهوامش :
(1) عبد اللطبف الفاربي ، محمد أيت موحى ، عبد العزيز الغرضاف ، عبد الكريم غريب : معجم علوم التربية – ( مصطلحات البيداغوجيا و الديداكتيك ) رقم 1 – دار الخطابي 1994 – الطبعة 1 – ص 308-309 .
لقد حاول عبد الكريم غريب أن يبحث في بعض الأسباب المؤدية إلى التخلف الدراسي ، و في هذا الصدد نجده ينطلق من أربع فرضيات :
يفترض أن التخلف الدراسي يرجع إلى التلميذ .
يفترض أن التخلف الدراسي يرجع إلى المدرسة .
يفترض أن التخلف الدراسي يرجع إلى الأسرة .
يفترض أن التخلف الدراسي يرجع إلى الانتماء الطبقي.
ب- أداة البحث :
و للتحقق من الفرضيات السابق ذكرها , اعتمد الباحث على الاستمارة , أو بالأحرى مجموعة من الاستمارات الموجهة للتلميذ , للمدرس , لمدير المدرسة ثم لأب أو ولي التلميـذ , كما اعتمد كذلك على اختبار الذكاء المصور لأحمد زكي ، ثم اختبار تفهم الموضوع .
ج- عينة البحث :
اعتمد الباحث في دراسته على عينة من التلاميذ و التي تنقسم بدورها إلى مجموعتين :
المجموعة الأولى : و تضم التلاميذ المتفوقين دراسيا .
المجموعة الثانية : و تضم التلاميذ المتخلفين دراسيا .
كما أن العينة تضم مدرسين و مديري مدارس و مفتشين في التعليم إضافة إلى آباء التلاميذ .
د-نتائج الدراسة :
توصل الباحث في دراسته إلى أن العوامل السابق ذكرها في الفرضيات مسؤولة عن التخلف الدراسي.
حيث أكد البحث على أن التخلف الدراسي يرجع إلى التلميذ ذي الحالة الصحية الضعيفة , كما أن له ارتباطا بالصحة النفسية وكذلك بطموح التلميذ ( المهنة التي يرغب التلميذ في مزاولتها مستقبلا ) .كما أن للتخلف علاقة بالذكاء فالتلاميذ المتخلفون دراسيا كانوا أقل ذكاء من أولئك المتفوقين دراسيا.
أما الفرضية الثانية التي ترجع التخلف الدراسي إلى المدرسة فقد بينت نتائج التحقق منها بأن التلاميذ المتخلفين دراسيا متذمرون من مواد ومناهيج المدرسة أكثر من المتفوقين دراسيا . إضافة إلى تذمر المدرسين و المؤطرين من المواد المدرسة , و من طريقة إجراء الامتحانات التي تتخذ صبغة مباراة و ليس اختبارا تربويا .
كما يسجل الباحث سلبية العلاقة بين المدرس والتلميذ المتخلف دراسيا , وكذلك سلبية العلاقة بين المتخلفين دراسيا ورفاق الفصل , إضافة إلى موقفهم السلبي إزاء المدرسة.
وفي ما يتعلق بالفرضية التي ترجع التخلف الدراسي إلى المناخ الأسري , فقد توصل الباحث إلى أن أسر المتخلفين دراسيا أكثر حجما من أسر المتفوقين , مما يجعلها أكثر اضطرابا وتصدعا .
و في إطار التحقق من الفرضية الرابعة والأخيرة فقد سجل الباحث أن المستوى الاقتصادي لأسر التلاميذ المتخلفين دراسيا متدن إذا ما قورن بالمستوى الاقتصادي لأسر التلاميذ المتفوقين و نفس الشيء تم تسجيله بخصوص المستوى السوسيو ثقافي , على اعتبار أن هذين الأمرين متلازمان في أغلب الأحوال .
هـ-مناقشة نتائج الدراسة :
لقد حاول الباحث في دراسته و بالضبط في الفصل الأول تسليط الضوء على بعض المفاهيم التي قد تكون لها علاقة بالتخلف الدراسي سواء من قريب أو من بعيد , فنجده يعطي تحديدا لمفهوم الضعف العقلي و لمفهومي"الموهوبين" و"العباقرة" ثم مفهوم"التسرب"أو"الانقطاع المدرسي" ليخلص بعد ذلك إلى تحديد مفهوم "التخلف الدراسي" ورصد مختلف أشكاله .
و من الملاحظات الممكن تسجيلها كذلك , إشارة هذه الدراسة إلى نسب المتخلفين دراسيا في العديد من الدول : ( السعودية , تونس , قطر ...) قبل أن يشير إلى نسب التخلف الدراسي بالمغرب بالوسط الحضري والقروي .
و ما يمكن تسجيله كملاحظة إيجابية في هذه الدراسة , هو اعتماد الباحث على البعد التاريخي في دراسة التخلف بالمغرب , فهو لا يكتفي بافتراض فرضيات و بالتأكد من صحتها, بل يحاول إعطاء تأريخ للظاهرة بالرجوع إلى " كرونولوجيا " التخلف بالمدرسة المغربية لفهم تطوره منذ الحماية الفرنسية إلى عهد الاستقلال رغم ما سجله من صعوبات في هذا المجال : خصوصا فيما يتعلق بالشق الإحصائي في هذه المقاربة التاريخية .
و هنا إشارة إلى أن ظاهرة التخلف الدراسي ليست نتيجة لأسباب اجتماعية أو اقتصادية أو تربوية أو سياسية أو ثقافية آنية فحسب , بل نتيجة لتراكمات تاريخية .
و بعد ذلك عرض الباحث عددا لا بأس به من الدراسات التي لها صلة بموضوع الدراسـة. و حاول تصنيفها حسب طبيعتها : نظرية أو ميدانية , كما ميز بين الدراسات الغربية ثم العربية فالمغربية .
إن هذا المجهود الذي بذله الباحث في جرد هذه الدراسات و تصنيفها وتلخيصها ثم مناقشتها لمن شأنه أن يدعم القيمة العلمية لبحثه , خاصة أن قارئ هذه الدراسة يطلع على الكثير من الدراسات الغربية والعربية في هذا المجال وبالتالي قد تتكون لديه صورة أكثر وضوحا عن الظاهرة المدروسة .
و حرصا من الباحث على أن تكون الدراسة على المستوى الوطني ، فقد اعتمد على خمسة أقاليم هي : طنجة , وجدة ، مكناس ، فاس ، الراشيدية و الصويرة , على اعتبار أن هناك تقسيمات جغرافية و اقتصادية وثقافية للمجتمع المغربي , و بالتالي فهذه الأقاليم تمثل باقي الأقاليم الأخرى و إن لم يتم إجراء الدراسة بمنطقة العيون نظرا للإكراهات المادية .
ما نريد قوله بهذا هو أن عبد الكريم غريب حاول ما أمكن, أن يقارب الظاهرة على المستوى الوطني سواء بالوسط الحضري أو القروي .
أما في جمع المعطيات , فإضافة إلى الاستمارة, اعتمد على وسائل أخرى كاختبار الذكاء المصور لأحمد زكي , ثم اختبار تفهم الموضوع .
إن نتائج الدراسة الميدانية للباحث كانت على قدر من الأهمية حيث أكدت أن التخلف الدراسي له أسباب عديدة , فمنها ما يرجع للتلميذ ومنها ما يرجع للمدرسة , ناهيك عن عوامل تربوية واجتماعية واقتصادية دون نسيان البعد التاريخي كما تمت الإشارة إلى ذلك آنفا .
و تبقى هناك ملاحظة لابد من تسجيلها , ففي ختام بحثه لم يكتف الباحث باستنتاجات وتوصيات عابرة بل إضافة إلى تشخيص الأسباب المؤدية للتخلف نجده يقترح علاجا لهذه الظاهرة . هذا العلاج الذي حاول الباحث أن يكون شموليا للظاهرة , خاصة وأن أسبابها متشعبة ومتداخلة . لنجده يقترح علاجا أو حلولا على المستوى المدرسي و البيداغوجي ،و على المستوى الاقتصــادي و الثقافي و على المستوى الفلسفي .
- لقد حاول الباحث دراسة ظاهرة التخلف الدراسي من خلال أربعة مسببات لها , لكن هناك أسبابا أخرى قد يكون لها دورها في هذه الظاهرة .
إلا أن التخلف الدراسي قد يكون نتيجة لعامل من العوامل الأربعة موضوع الدراسة أو نتيجة لعامل من العوامل الأخرى , كما قد يكون محصلة لتفاعل عاملين أو عوامل كثيرة . بمعنى أنه قد تتظافر عوامل عدة لتؤدي إلى التخلف الدراسي .
فعندما نسلم بأن تلميذا ما متخلف بسبب انتمائه الطبقي فهل هذا هو السبب الوحيد في التخلف؟ أو ليست هناك عوامل أخرى تداخلت مع العامل الأول فكرست التخلف لدى هذا التلميذ ؟
أي أن المطلوب هو تحديد كيف تتفاعل العوامل فيما بينها لتحدث التخلف .لأننا عندما نعتبر التخلف الدراسي كنتيجة لعامل معين , فإننا ضمنيا نقصي عوامل أخرى قد تكون لها صلة بالظاهرة .
2- دراسة محمد الدريج: (Med DERRIJ 1979-1980)
و هي كذلك دراسة ميدانية لظاهرة التخلف الدراسي بالمغرب من خلال بعض عوامله أو أسبابه ، كما يشير عنوان الدراسة إلى ذلك . و قد حاول محمد الدريج تحديد مدى تأثير بعض العوامل في ظاهرة التخلف الدراسي .
أ- فرضيات الدراسة :
يطرح محمد الدريج في بحثه هذا إشكالية التخلف الدراسي وعلاقتها ببعض العوامل , وذلك وفق الفرضيات الإجرائية التالية :
Eافتراض أن هناك علاقة بين المستويات الاقتصادية و السوسيوثقافية للأسرة والنتائج الدراسية .
افتراض وجود علاقة بين ظروف العمل والحياة ( خصوصا ظروف السكن والحياة الدراسية للتلميذ ) .
افتراض وجود ارتباط وثيق بين التكوين والمناخ العائلي والتأخر الدراسي .
افتراض أن هناك تلازما بين المستوى الاقتصادي وظروف الحياة الأسرية والاضطرابات الانفعالية للتلاميذ .
افتراض أن للإضطرابات الانفعالية لدى التلميذ نصيبا من المسؤولية في التخلف الدراسي.
ب-أداة الدراسة :
انطلاقا من هذه الفرضية المتعلقة بظاهرة التخلف الدراسي ,صاغ الباحث أدوات البحث ونوعها , تبعا لتعقد الظاهرة المدروسة ولتداخل العوامل المتحكمة فيها . و هكذا اعتمد الاستمارة بالنسبة للتلاميذ , ثم اختبار الذكاء العالي الخاص بالمراهقين , واختبار تكملة الجملة " لساكس " ، كما اعتمد كذلك على اختبار القلق ل" تايلور " و أخيرا اختبار انفعالات الإحباط الطفولي .
أما فيما يخص مفهوم التخلف الدراسي فقد حدده الباحث في التكرار لأكثر من سنة دراسية واحدة .
ج- عينة الدراسة :
أما فيما يخص عينة البحث , فتتكون من 420 تلميذا من السنة الثالثة من التعليم الثانوي , منتمين لسبع ثانويات بمدينة الرباط . ومن هذه العينة اختار 60 تلميذا متخلفا دراسيا تخلفا كبيرا ( أي أولئك المكررون لأكثر من 5 سنوات ) كعينة تجريبية وكعينة ضابطة أخذ 60 تلميذا لم يسبق لهم التكرار. وكملاحظة فأفراد عينة الدراسة كلهم من الذكور .
د- نتائج الدراسة :
و عن نتائج الدراسة الميدانية لمحمد الدريج فيمكن إيجازها في ما يلي :
- ففي إطار التحقق من الفرضية الأولى والتي تفترض وجود علاقة بين المستوى الإقتصادي والسوسيوثقافي بالتخلف الدراسي , فقد تم التوصل إلى أن المستوى السوسيواقتصادي لأسر التلاميذ غير المكررين مرتفع إذا ما قورن بالمستوى السوسيواقتصادي لأسر التلاميذ المكررين (%26,1 من أسر التلاميذ غير المكررين , كانوا في مستوى غني جدا في مقابل %0 من أسر التلاميذ المكررين) .
كما سجل الباحث أن المستوى السوسيوثقافي لأسر التلاميذ غير المكررين مرتفع جدا عن المستوى السوسيوثقافي لأسر تلاميذ العينة التجريبية : %50 من آباء التلاميذ المتخلفين دراسيا متخلفون تخلفا كبيرا , أميون , مقابل %10 كنسبة أمية مسجلة لدى آباء التلاميذ غير المكررين .
- وفي ما يخص الفرضية الثانية المتمثلة في افتراض وجود علاقة بين ظروف الحياة والعمل والسكن وبين التخلف الدراسي, فالنتائج أثبتت أن %20 من التلاميذ غير المكررين يتلقون مساعدة من طرف أسرهم مقابل %7,7 من التلاميذ المتخلفين دراسيا .
أما عن عامل السكن ف%31,42 من التلاميذ المتفوقين كانت ظروفهم السكنية ملائمة , في حين أن نسبة التلاميذ المتخلفين ذوي الظروف السكنية المواتية لم تفارق الصفر %0.
أما بخصوص الفرضية الثالثة (علاقة التكوين والمناخ العائلي بالتأخر الدراسي), ومن خلال النتائج :%35 من التلاميذ المتخلفين دراسيا لم تكن لهم اتصالات مع آبائهم , مقابل%17 من التلاميذ العاديين هم الذين لا يتصلون بآبائهم , بمعنى أن المناخ العائلي لأسر التلاميذ المتخلفين غير ملائم أكثر مما هو عليه الأمر في أسر التلاميذ العاديين .
- في حين توصل الباحث إلى أن التلاميذ المنتمين إلى مستويات فقيرة هم أكثر اضطرابا بنسبة %34 من التلاميذ المنتمين لأسر ذات مستوى اقتصادي متوسط بنسبة %7 .
- أما الفرضية الأخيرة التي تربط الاضطرابات الانفعالية بالتخلف الدراسي , فإن التلاميذ المتخلفين دراسيا كانوا أكثر اضطرابا من التلاميذ العاديين .
وكتلخيص للنتائج التي توصل إليها الدريج في دراسته هذه ، فهناك مسؤولية العوامل السابق ذكرها في الفرضيات الخمس عن ظاهرة التخلف الدراسي .
هـ- مناقشة نتائج الدراسة :
بالرجوع إلى تاريخ هذه الدراسة يمكن القول بأنها من بين الدراسات الميدانية الأولى التي تحاول التطرق إلى ظاهرة كهذه بالمغرب (1979- 1980) .
و وعيا من الباحث بتشعب الظاهرة وبتعدد مسبباتها , فقد انطلق من خمس فرضيات في مقاربته الميدانية محاولا إيجاد علاقة بين التخلف الدراسي و المستوى الاقتصادي و السوسيوثقافي للأسرة وظروف السكن والعلاقات العائلية و الاضطرابات الانفعالية .
وتناول الظاهرة من زوايا متعددة حتى تأخذ دراسته بعين الاعتبار جل العوامل المتدخلة في ظاهرة كهذه.
و يمكن تسجيل ملاحظة أساسية أخرى هي اعتماد الباحث على أدوات متعددة في جمع البيانات , ( الاستمارة , اختبار تكملة الجمل , اختبار الذكاء ...) الشيء الذي يضفي المزيد من الموضوعية على نتائج الدراسة .
من خلال عنوان البحث أو الدراسة "التخلف الدراسي بالمغرب , دراسة سيكولوجية لبعض عوامله"ومن خلال أدوات البحث المتعمدة ( اختبارات الذكاء) , و من خلال بعض العوامل التي تم افتراضها مسؤولة عن التخلف الدراسي( الاضطرابات الانفعالية ) ، فإن مقاربة الدريج للتخلف الدراسي كانت مقاربة سيكولوجية بالأساس .
- وفي انتقائه لأفراد عينة البحث اعتمد الباحث على تلاميذ من السنة الثالثة ثانوي بمدينة الرباط . ومعروف أن التخلف الدراسي ليس لصيقا بالتعليم الثانوي وحده بل هو منتشر في جميع الأسلاك التعليمية (الابتدائي و الإعدادي وحتى التعليم العالي). ويمكن أن نلاحظ كذلك إقصاء التلاميذ المتمدرسين بالوسط القروي أو بالمراكز الحضرية الصغرى , بمعنى أن الدراسة لم تعط أهمية لعامل الوسط(قروي- حضري) في ظاهرة التخلف , خصوصا وأن هناك ارتباطا وثيقا بين الوسط وباقي الظروف الاجتماعية و الاقتصاديـة و النفسيـة و الأسرية للتلميذ .
من خلال هذه الدراسة توصل الباحث إلى عدم مسؤولية عامل الذكاء عن التخلف الدراسي . وهذه نتيجة تأكدت من خلال مقاربة موضوعية وعلمية للظاهرة , غير أنه لا يمكن المجازفة بتعميم هذا الحكم ، أي اعتبار الذكاء غير مسؤول عن التخلف الدراسي ذلك أن نتائج الدراسة ترتبط بوسط إجراء البحث و بأفراد عينته خصوصا. حيث نجد أبحاثا أخرى تؤكد على وجود علاقة بين الذكاء والنتائج المدرسية كما هو الحال في دراسة (كازينسكا 1934 ) .
هذا وإن كان الذكاء بدوره مرتبطا بالعوامل الشخصية و المدرسية و السوسيو ثقافيــــة و الصحية.
و من أجل التوضيح فقط , يعتبر GUY BOISSON أنه لابد من التمييز بين دور الوراثة النوعية للذكاء كعجز القرد مثلا عن القيام بنفس سلوك الإنسان رغم تنشئته معه , و دور البيئة في نمو الذكاء (كحالة الأطفال الذئاب) .
كانت هذه لمحة موجزة عن دراستين ميدانيتين في موضوع التخلف الدراسي، والتي تأكدت من خلالها صحة الفرضيات التي انطلقت منها كل من الدراستين ، بمعنى أن التخلف الدراسي له ارتباط بالعوامل النفسية والتربوية و الاجتماعيـة و السوسيوثقافية و بالاضطرابات الانفعالية .....
الهوامش :
(1) عبد اللطبف الفاربي ، محمد أيت موحى ، عبد العزيز الغرضاف ، عبد الكريم غريب : معجم علوم التربية – ( مصطلحات البيداغوجيا و الديداكتيك ) رقم 1 – دار الخطابي 1994 – الطبعة 1 – ص 308-309 .