(مأساة محمد الماغوط انه ولد في غرفة مسدلة الستائر اسمها الشرق الأوسط.ومنذ مجموعته الأولى"حزن في ضوء القمر" وهو يحاول إيجاد بعض الكوى أو توسيع ما بين قضبان النوافذ ليرى العالم ويتنسم بعض الحرية.وذروة هذه المأساة هي في إصراره على تغيير هذا الواقع،وحيدا،لا يملك من أسلحة التغيير إلا الشعر.فبقدر ما تكون الكلمة في الحلم طريقا إلى الحرية نجدها في الواقع طريقا إلى السجن) سنية صالح
تتألف الفرح ليس مهنتي من32 قصيدة وهذه القصائد متناثرة، فلكل مقطع شخوصه وأحداثه،فشكل القصيدة يتصف باللاترابط والتبعثر والتشتت وكأن الشاعر يحاول التمرد على قانون السببية ليضفي على عالمه منطق التفكك والتشتت والتبعثر ولعل الصفة الغالبة على(الفرح ليس مهنتي) إنها تشترك في ما بينها بقتامتها وكآبتها.
فإذا وقفنا عند القصيدة الأولى وعنوانها(من العتبة إلى السماء) كمثال نبين من خلاله الطريقة التي كتبت بها المجموعة يلاحظ القارئ كثرة القفزات المتنوعة والانتقالات داخل القصيدة الواحدة وهي تعكس في اغلبها صور القتامة واليأس والكآبة، ويبدو إن الشاعر يهدف من خلال قصائده إلى تجسيد قيمة اللاترابط والتفكك والعبث وهي قيمة تتولد بفعل التمرد.
ومن هنا يمكن القول إن(الفرح ليس مهنتي) تتصف بالسوداوية وخيبة الأمل والقلق الوجودي والتوتر واللاجدوى واللامنطق والعبث والوحدة والغربة والاغتراب إلى أخر تلك المفاهيم السوداوية التي تخيم على مناخ المجموعة،وبالطبع فان هذه المعاني تعكس رؤية الشاعر خاصته للحياة. فإذا أمعنا النظر في قصائد المجموعة فأنها لا تعكس سوى صور الموت والقتل المجاني، الخديعة والزيف،الإحساس بالفراغ،العنف والموت البطيء،كما إن الشاعر يصور مستقبل الإنسان على انه أكثر رعبا وخطرا من ماضيه وحاضره فالعالم موحش والتاريخ غير ذات معنى،والإنسان مهما كان وسط الجمع فانه يعيش وحيد خائب مقموع دائما أي انه يعيش(مهجور في العالم) على حد تعبير(سارتر) ويصف الشاعر الزمن على انه دائرة مغلقة يدور في فلكها الإنسان بلا نهاية، وهو في دورانه لا يحصل إلا على الكآبة والموت والعبث الذي يلازمه طوال حياته.
ملامح الشاعر:
وإذا كان العالم على هذه الدرجة من القتامة والعبث فلابد من تدميره والقضاء عليه وهذا ما حاول الشاعر فعله من خلال(الفرح ليس مهنتي) لكن القارئ يواجه إشكالية تحديد ملامح منهج الحياة الذي يرغب به الشاعر بديلا عن الحياة التي يحاول أن يخلص الإنسانية من قسوتها؟ لان القارئ سيقف إزاء شاعر إشكالي، قلق، متوتر، حائر، لا تخضع أفعاله لمنطق، ومواقفه غير معللة بل إنها تحاول التمرد على قانون العلية كما قلنا سابقا،وهو نفسه يقف أمام نفسه تائه ضائع لا يعرف ما يريد؟ فهو يعترف صراحة بأنه هائم في الطرقات يصافح هذا ويودع ذاك،وان مستقبله يكتنفه الظلام،فقد كتب عليه أن يعيش متشرد، جائع.
بدون النظر إلى ساعة الحائط
أو مفكرة الجيب
اعرف مواعيد صراخي
وأنا هائم في الطرقات
أصافح هذا وأودع ذاك
ثم يقول
اعرف إن مستقبلي ظلام
وأنيابي شموع
......
فأنا نبي لا ينقصني إلا اللحية والعكاز والصحراء
وما من قوة في العالم
ترغمني على محبة ما لا أحب
وكراهية ما لا اكره
ما دام هناك
تبغ وثقاب وشوارع
بل يعترف بعقد النقص المتعلقة في نفسه
أيها المارة
اخلوا الشوارع من العذارى
والنساء المحجبات...
سأخرج من بيتي عاريا
وأعود إلى غابتي.
........
أنا بطل..أين شعبي؟
أنا خائن.. أين مشنقتي؟
أنا حذاء.. أين طريقي؟
وهو يعيش دون أي منهج فكري أو مخطط حياتي فهو يبحث عن هوامش الحياة
فسأبحث عن مسبحة وكرسي عتيق...
لأعود كما كنت،
حاجبا قديما على باب الحزن
ما دامت كل الكتب والدساتير والأديان
تؤكد إنني لن أموت
إلا جائعا أو سجينا
لذا تبدو شخصية الشاعر شخصية تجريدية قائمة على التنوع والتعدد،فهي لا تستقر على ارض، بل تدور في فلك افتراضي بعيد عن الواقع المعاش ولا يكاد يدنو من الواقع حتى يصطدم به فيعلن رفضه له إلى حد تدميره
وعندي...شعوب
شعوب هادئة وساكنة كالأدغال
يمكن استخدامها
في المقاهي والحروب وأزمات السير
......
كل الفتوحات العربية
مقابل(سرير)
كل نجوم الشرق
مقابل عود ثقاب
لأهتدي إلى اقرب حصاة
أو مسمار في هذا الوطن
اغرسه في صدري
كمنقار البجعة
وأموت
إن الشاعر يؤكد براءته في أكثر من موضع، فهو يعيش واقع الاعتقال والتعذيب والاهانة والتهديد بالموت رغم براءته، وهو يسترسل في تصوير التعذيب الوحشي وعلاقة الإنسان بالآخر محاولا أن يصيغ أفكاره الوجودية حول الوعي الجسماني، لكن تصرفات الشاعر تبدو عبثية وكثيرا ما يحاول أن يثبت استخفافه بالمبادئ الأخلاقية الشائعة وهو يحاول الإيماء من خلال قصائده انه يحمل أوزار كل العصور الماضي والحاضر والمستقبل وكأنه يجسد مقولة (كيركغارد) من إن الإنسان(مركب من الزمان والأزل ووقوع توتر قاتل أمر لا يمكن تجنبه) (الموت في الفكر الغربي،جاك شورون،267)
علاقة الشاعر بالآخر:
هنا لابد من الإشارة إلى إن رؤية الشاعر العدمية للحياة تأتي نتاجا لتجاربه الشخصية ويبدو إن علاقة الشاعر بالآخر هي سر أزمته الحقيقية
منذ كانت رائحة الخبز
شهية كالورد
كرائحة الأوطان على ثياب المسافرين
وأنا اسرح شعري كل صباح
وارتدي أجمل ثيابي
واهرع كالعاشق في موعده الأول
لانتظارها
......
سأرتمي على صدرها كالطفل المذعور
وأشكو لها
كم عذبني الجوع وأذلني الإرهاب
......
فالآخر هو العدو والخصم، والصراع بين الأنا والآخر صراع نفي، فالآخر يجثم فوق صدره ويخنقه، لذا لابد من التحرر منه.
إن هذه القصائد تجسد رؤية الشاعر الذي تهيمن عليه العبودية بسبب وجود الآخر كما قد توحي بإحساسه بالاغتراب الكوني لهذا فانه يبحث عن طريق للخلاص من هذه العبودية(العلاقة بالآخر)فيجدها في الحرية الفردية المطلقة، ولا شك في إن كل ذلك يؤشر المنابع الفكرية للشاعر المتمثل في الفلسفة الوجودية فسارتر يرى إن(الجحيم هو الآخر) وان(خطيئتي الأصلية هي وجود الآخر) (الموت في الفكر الغربي،جاك شورون،266)
فالشاعر يستند إلى الفلسفة الوجودية في صياغة أفكاره لكن يبدو انه يأخذ منها ما يريد ويترك ما لا يريد فيصبح استقاؤه منها بطريقة انتقائية فالوجودية تهتم بالصراع بين الأنا والآخر وبالحرية الفردية فالإنسان كما يرى سارتر(محكوم عليه أن يكون حرا،وباعتباره كذلك فانه يحمل على كاهله عبء العالم بأسره، أي انه مسؤول عن العالم بالمعنى العادي لهذه الكلمة)(فكرة الجسم في الفلسفة الوجودية133)
إن المجموعة الشعرية يطغي عليها عرض الأفكار الوجودية إلى درجة يشعر بها القارئ بان الشاعر يسخر التقنيات الفنية للتعبير عن هذه الأفكار(الوجودية) ومع حرصه الشديد على أن لا تخرج كتاباته عن دائرة الفن الشعري إذ يصوغ الأفكار الفلسفية بالطريقة الشعرية لذا فان القارئ يمكنه ملاحظة انشغال الشاعر بالأفكار الوجودية بشكل واضح.
علاقة الشاعر بالأنا:
كما أخذت علاقة الأنا بالآخر حيزا كبيرا من كتابات الماغوط فإنها اهتمت أيضا بالعلاقة بين الأنا والانا فكأن الشاعر أدرك إن الحرية المطلقة التي يسعى للحصول عليها لا تتحقق إلا من خلال التحرر من الآخرين ومن النفس معا،ويبدو إن التحرر المطلق وفق الفلسفة الوجودية يفرض وجود صلة بين العلاقتين(الأنا-الآخر/الأنا-الأنا)فهناك علاقة متلازمة بين الجسم والوعي والحرية بل الوعي وفق الفلسفة الوجودية هو وعي جسماني كما يراه سارتر إذ يرى إن(الصراع بين الأنا والآخر يهدف إلى إيقاع الإنسان في جسمه كأنه شرك لا مهرب منه) لذلك عبر عن الآخر بكونه الجحيم إذ قال مقولته المشهورة (إن الجحيم هو الآخر) فالعلاقة بين حرية الأنا وحرية الآخر هي علاقة شائكة ومعقدة في الوقت ذاته إذ دائما ما يسعى الأنا أو الآخر للانتصار على حرية الآخر،ولعل ابرز هذه المحاولات التي يتضح فيها جليا مدى عقدة العلاقة بين الأنا والآخر هي محاولة امتلاك الجسد عبر الرغبة الجنسية فالرغبة الجنسية كما يراها سارتر تعني(أن يحاول الأنا أن يجعل من جسد الآخر شركا لحريته- حرية الآخر- بحيث تذوب هذه الحرية وتلتصق بجسده كله، وبعبارة أخرى هي السعي لإحداث التجسد لذات أخرى)( فكرة الجسم في الفلسفة الوجودية170)
إن هذه المعاني والأفكار التي تدور حول الحب الاستحواذي يلاحظها القارئ في
أيها الفراش البارد والمظلم كالرقاق
آه كم أتمنى لو أشجك بفأس
وهنا يؤكد الشاعر مقولة سارتر التي ترى إن محاولة الرغبة تقود إلى افتقاد الحرية الفردية، لذا فهو يرفض الحب الاستحواذي لأنه يراه طريقة للاستحواذ وسلب حرية الأنا وهو هنا لا يسعى للتحرر من الآخر بل من نفسه أيضا.
وإذا كانت الرغبة تمنح الأنا المضي إلى الخارج حيث الالتقاء بالآخر وان كان لقاءا محبطا فان الألم يحبس الأنا(ففي معاناة الألم ينكمش الموجود على ذاته ويترك العالم لينشغل بوجوده الجسماني فقط) ( فكرة الجسم في الفلسفة الوجودية168) ويجسد الماغوط هذا المعنى في قصيدته رسالة إلى القرية
إن قلمي يشم رائحة الحبر
كما يشم الذكر رائحة الأنثى
ما أن يرى صفحة بيضاء
حتى يتوقف مرتعشا
كاللص أمام نافذة مفتوحة
أنام
ولا شيء غير جلدي على الفراش
جمجمتي في السجون
قدماي في الأزقة
فالألم يبدل الجسم بالعالم(لكن ذلك لا يتم بشكل خالص وبسيط فالعالم لا يحتجب ويحل مكانه الجسم،دون أن يتغير شيء جوهري في وجود الأنا هو إمكان التجاوز فقبل احتجاب العالم من حيث هو قطب للانتباه يمكن للانا أن يتجاوز ذاته بصفة مستمرة وحين يصبح جسمي موضوع اهتمامي وقلقي، فان إمكانية التجاوز ممتنعة،بحيث يسقط الوجود على ذاته) ( فكرة الجسم في الفلسفة الوجودية168)
فالشاعر يقرر إن الأنا هي أنا وجودية مدركة لعلاقتها بالآخر وتعي العالم الخارجي وهي تسعى للتحرر من الذات وتبحث عن المطلق، إلا إن الاستمرار في طريق الألم إلى ما لا نهاية يجعل الخلاص من الألم مستحيلا، فيصبح الانتقال من الحاضر إلى المستقبل أمرا مستحيلا، وهذا يعني المراوحة في دائرة الزمن الواحد إذ يصبح التمايز بين الأزمان أمرا متعذرا مما يولد عند الإنسان إحساسا بالعبث واللاجدوى، لهذا فان الزمن يفقد أهم خصائصه(التتابع) عند الشاعر ولا يعود هناك فرق من وجهة نظره بين الحديث عن الماضي أو الحاضر أو المستقبل إذ يصبح الزمن عدوا لا يمكنه التغلب عليه
أنا الذي لم اقتل حتى الآن
في الحروب أو الزلازل أو حوادث الطرق
ماذا افعل بحياتي؟
بتلك السنوات المتماوجة أمامي
كالبحر أمام البجعة؟
.......
أيها البناؤون ادعموني بحجر
إنني أتصدع
كالجدران التي خالطها الغش
انهار
كالقمم الثلجية تحت شمس الربيع
آه
لو يتم تبادل الأوطان
كالراقصات في الملهى.
فالزمن بالنسبة هو كتلة هامدة لا حياة فيها، والتاريخ جثة متفسخة، فكان المشاهد والأسماء والشخوص التي يستخدمها الشاعر ما هي إلا تهويمات يصيغها الشاعر بشكل لا منطقي مجسدا بذلك المفهوم البيركامي للعبث الذي يرى إن(انعدام التوافق أو الانسجام بين حاجة الذهن إلى الترابط المنطقي وبين انعدام المنطق في تركيب العالم الأمر الذي يكابده الذهن ويعانيه) ( البيركامي وادب التمرد،جون كروكشانك،78)
النسيج اللغوي:
يبدو إن كتاب هذا النوع من الشعر يهدفون إلى التأثير المباشر في القارئ وان كان فاقدا للمنطق والترابط العضوي،ولغة الماغوط لغة تتصف بالتوتر والكثافة الشعرية وهي لغة زاخرة بالصورة والرمز،ويلاحظ ان الشاعر يستخدم اسلوب الجمل القصيرة ذات النمط العبثي،ولا شك في ان العبث بوصفه قيمة عليا تسعى المجموعة الى تجسيدها نراها تنعكس على النسيج اللغوي للمجموعة فنلحظ تمردا على الصياغات المألوفة باستخدام عبارات غير مألوفة
الآن
في الساعة الثالثة من القرن العشرين
حيث لاشيء
يفصل جثث الموتى عن أحذية المارة
سوى الإسفلت
سأتكئ في عرض الشارع كشيوخ البدو
ولن انهض
حتى تجمع كل قضبان السجون واضبارات المشبوهين
في العالم
وتوضع أمامي
لألوكها كالجمل على قارعة الطريق...
إن تجربة الماغوط التي يجسد من خلالها هذا النوع من الكتابة والتي تتصف بالغموض والعبث واللامنطق ليعبر من خلالها عن غموض الحياة وعبثيتها ولا معقوليتها، وهي كتابة تؤكد في الوقت ذاته على الحرية المطلقة مستندا في ذلك إلى المفهوم الفلسفي للوجودية.
وعلى الرغم من وجود اثر الفلسفة الوجودية في نصوص الشاعر إلا إن القارئ لا يستطيع الإجابة عن تساؤل هل إن الشاعر يتعاطف مع هذه التجربة أم يكتبها لغرض تعريتها وفضحها؟ والإجابة على هذا التساؤل قد يعد إشكالية نقدية وفق المفهوم المعاصر للنقد إذ بدأ النقد في الآونة الأخيرة ينحوا إلى إغفال اثر الكاتب وموقفه وثقافته من النص،وأصبح مفهوم النقد كما يراه الدكتور شكري الماضي بأنه عبارة عن وصف وتفسير وحكم في أن واحد ومن مهامه أن يبن مدى تلاحم المضمون والشكل وان يوضح العلاقة بين النص والقارئ من خلال الانطباع الذي يولده النص في القارئ خلال القراءة وبعدها.
ومن هنا يتضح إن هناك درجة كبيرة من تلاحم المضمون والشكل، إذ بدا للقارئ إن حياة الشاعر التي يصورها في أكثر من مكان لا تشبه أي حياة بشرية أخرى فهو يفتقد أي صفة إنسانية نبيلة، وهو لا يرى في عالمه الكبير غير الجثث وبقع الدم فهو مصاب بقحط إنساني....
هناك نحل...وهناك أزهار
ومع ذلك فالعلقم يملأ فمي
هناك طرف وأعراس ومهرجون
ومع ذلك فالنحيب يملأ قلبي
أيها الحارس العجوز يا جدي
أعطني كلبك السوقي لأتعقب حزني
اعرني مصباحك الكهربائي
لأبحث عن وطني
......
احسد المسمار
لان هناك خشبا يضمه ويحميه
اغبط حتى الجثث الممزقة في الصحراء
لان هناك غربانا ترفرف حولها وتنعق لأجلها
فالعالم الشعري الذي يصوره الماغوط عالم مفكك وهش وقابل للتعديل والحذف وهو عالم يشعر القارئ بالحاجة إلى إعادة ترتيبه،إذ نثر الشاعر ومن خلال ومضاته مناخا قاتما يلفه الغموض والظلام والمخاوف فلا فرق عنده بين النور والظلام أو الحق والباطل أو المعقول واللامعقول أو الصواب والخطأ، فهو يرى إن الأشياء لم تتداخل مع بعضها فحسب بل كل شيء مال إلى الانهيار،فيذوب الإنسان ويتلاشى روحا وعقلا وجسدا وفي ظل هذا الانهيار الذي يصوره الماغوط تتحول القيم إلى أشلاء والصمت يحل بدلا عن الكلام،والخنوع بدلا عن التفاعل والتواصل،والأتباع بدلا عن الإبداع فينزوي الإنسان وسط لجة العبث واللامعقول التي تغمر العالم.
وختاما يمكن القول إن الماغوط كان واضح التأثر بالفلسفة الوجودية وخصوصا بفيلسوف العبث البيركامي الذي يرى إن(العبث ما هو إلا علاقة،علاقة انعدام التوافق بين الفرد من ناحية،وبين العالم من ناحية أخرى،فليس العبث شيئا قائما بذاته،بل هو تقابل شيئين آخرين غير العبث نفسه...هما الوجود من ناحية والعقل الفردي من ناحية أخرى ويترتب على القول إن العبث ما هو إلا علاقة بين العقل من ناحية التجربة ويكابدها باعتبارها شطرا من الشطرين اللذين نقوم عليهما العلاقة يترتب على ذلك انه لا يمكن تصوير العبث على انه شيء كلي مطلق) ( البيركامي وأدب التمرد،جون كروكشانك،61)
وعلى أية حال فان مجموعة الفرح ليس مهنتي تجسد لونا من الاحتجاج والتمرد العنيف على وضع الإنسان المتردي، كما إنها تنزع نحو التجديد.