لطالما كانت العلاقة بين المثقف والسلطة ملتبسة على الدوام. تستضمر توترات أوديبية حادة تتوزع نفس المثقف وقلبه أساسها صراع لا يهدأ بين رغبتين جامحتين: الارتماء في أحضان السلطان ـ الأب المستبد الذي يحتكر جميع السلط ولا يقبل أن يشاركه فيها أحد. والابتعاد عنه صونا للكرامة وإيثارا للسلامة أي "الفطام عن الدنيا"[1] بتوصيف أبي حيان التوحيدي. ونروم في هذا المقال النظر في العلاقة الملتبسة التي جمعت السلطتين: العلمية والسياسية في سياق الثقافة العربية من خلال نوع أدبي مخصوص تمثله الآداب السلطانية، التي شكلت في تقديرنا منبعا لا ينضب لشرعنة الاسبداد وتبريره داخل منظومة الثقافة العربية.
ـ "سوق السلطان":
يقول ابن قتيبة في "عيون الأخبار": "حدثني سهل بن محمد قال: حدثني الأصمعي قال: قال أبو حازم لسليمان بن عبد الملك: "السلطان سوق فما نفق عنده أتي به"([2]).
يكشف هذا القول عن "صورة السلطان" كما تشكلت في ذهن "الخاصة" ممن حظي "بشرف" الوصول إلى "مجلس السلطان" الذي لم يكن يسمح بتخطي عتبته إلا "لأصحاب الامتياز" الذين توافرت لهم "بضاعة" خاصة يمكن أن تنفق في "سوق السلطان". فمن هؤلاء؟
ليلة اغتصاب باريس ـ نص : يونس طير
إلى آسية .بـ، وإلي في لحظات تيهي الجميل.
"فكرت من جديد في حياتي من خلال الأصفار ..فكرت في كل شيء من خلال لا شيء : إنني غاضب على هذا الجوع البشري الذي لا يكف حتى الموت.لم أعد أذكر كبريائي التي تمنعني من أن أحب.دائما يغلبني الفجور الأقوى من العفاف في نفسي.أبدا لم تأتني التي في أوانها أشتهيها :لم افهم امرأة واحدة إلا في نزوات الخيال : في الرشفات لا في رشفة .ربما فكرت في كلهن. كانت رغباتي موزعة فيهن .الحياة التي فكرت فيها لم أعشها...سلوا ذالك الذي عاشها ولم يفكر فيها .."
محمد شكري / مجنون الورد
كصمت متقادم متعب ،حلت وطأة الأشعة الحمراء ،وكان الأجدر بنا كعاشقين يلهوان بالمطر والثلج وشمس المدينة المندسّة في ثنايا جسدينا ،أن نتحايل على الثورة المنبعثة داخلنا :ثورتنا التائهة بين كل الإسقاطات المعقولة والحالمة .ثورتنا تلك ألا تحترف السكر ومتاهات الحانة اللعينة "بالساتيام "؟
وشْمٌ بَرْبَرِي ـ قصة : خيرالدين جمعة
اللعنة!...رنّ منبّه الهاتف النقال ..أغنية فرنسية رومانسية تأخذك إلى عالم الجنّ والملائكة ..أنهض من فراشي مسرعةً..عكس الأيام السابقة ...إنها الساعة السادسة والنصف صباحا ..أتعثّر في اللحاف الأبيض ..أمسك بالهاتف أوقف رنينه الدافئ الملحّ ..إنه يوم أشبه بصهيل الذاكرة أو بشموخ وشمٍ بربريّ ...اليوم سألتقيه الساعة السابعة والنصف بجانب مقر عملي ..لقد نظّمت كل شيء كي أكون في الموعد المحدَّد ...لا أريد أن أتأخّر عليه كما كان يحدث كل مرة ..لقد رتّبتُ كل شيء حتى سيارة الأجرة التي ستقلّني من شارع قرطاج حيث أسكن إلى مقر عملي ..اتفقتُ معه على الوقت ..قلتُ له الساعة السابعة و النصف بالضبط لا أريدك أن تمرّ عليّ ، لا تحرمني جنون اللقاء ولذّة التحدي ..
فليأت الإعصار!!! ـ قصة : ياسين المرزوكي
إليك:
إلى كل إخفاقاتنا الآتية.
…
وكانت ليلة دامية .
في ليل حاد الزوايا والشقوق والأمكنة، سرت كالمخمور بين أزقة المدينة القديمة. لا. فقد كنت مخمورا حقيقة. لم أعرف أي قدر هذا الذي جرني إلى هذا المكان، هنا لا يرغبون بالغرباء! كن مثلهم أو تلاش. تقلص ظهري وأنا أركن الى الرصيف وكأنني سأتلقى ضربة مفاجئة. طمأنت نفسي بعد ذلك'' لا. لن يموت أحدهم قبل الموعد الذي حدد له" !. تنجدني في الكثير من المرات استيهاماتي الدينية تذكرت قول أرغون"أنا أومن بالإله بين الفينة والأخرى". أووف - صحت في داخلي- من الذي أيقظ الشاعر في هذا الوقت بالذات - فليذهب كل الشعراء إلى الجحيم- رددت مرة أخرى بصوت خافت - سوف أنجو-سوف أنجو- هراء. شيء بداخلي يدعوني إلى الاستسلام. تحسست وجهي بيدي. انه دم. بدا السائل الأحمر زاهيا على ضوء أخر عمود إنارة. جررت قدماي المتعبتان حتى ضريح "سي العربي بن السايح" وهناك جلست مرة أخرى لالتقط أنفاسي المتلاحقة. كيف يراني هؤلاء. فلتمدني السماء بسيجارة تشتعل لاشتعل معها. أصوات هنا وهناك.وعلى بعد أمتار قليلة بدت لي سيدة مسنة وهي تتسول رغيف خبز. كنت أصادفها في كل صباح وفي فمها تلك الكلمات المعتادة ''شي خبيزة عالله يا المؤمنين" .
رسالة إلى صديقي اللدود ـ قصة: يسري الغول
إلى صديقي اللدود على الجانب الآخر من الجبهة،،
..........
هل فكرت يوماً يا صديقي أن تخوض عملية انتحارية، فدائية، وطنية؟ (لك أن تسميها ما شئت).
هذا بالضبط ما فعلته قبل ساعات من الآن، وأنا بكامل وعيي ودون تأثير من أحد. ولا يخالجك شعور بأنني أحدثك من البرزخ أو أي مكان سماوي آخر، فأنا ما زلت انتظر الصاروخ. أتذكر حين كتبت مقطوعة أدبية لم أقم بنشرها في أي من صحف الوطن خشية أن تتلصصوا عليها كغيرها من النصوص، رغم أنني موقن من أن رجالكم قد اخترقوا جدران عقلي وعرفوا ما فيه، يومها هذيت في مقدمة ذلك النص: "بين بيتي وبيتي شارع موغل في الموت"، هي الجملة ذاتها التي دفعتني إلى التفكير في العملية الانتحارية تلك. فقد قررت أن أخوض غمارها دون إبلاغ عائلتي أو حتى وسائل الإعلام التي ستمارس كل نزواتها كي تظهر وجه البطولة فيما أفعل.
بذرة الحب ـ قصة : فرح العلي
بذرة الحب التي القتها سناء في قلبه بدأت تنفض عنها غبار الحيرة وتشق طريقها الى النور ومافتئت تنمو وتكبر حتى اورقت بالامل ,,وازهرت بالفرح
وافعمت اعماقه بعبق ساحر لذيذ ,بشيء كالنشوة كالحلم ...شيئ غامض ,يدغدغ النفس باشواق مبهمة وحنين جارف ,ويمنح الروح رقة وخفة وقدرة على التحليق ,وكأنها طائر رشيق يرفرف باجنحة في دنيا مسحورة كل مافيها جميل وبهيج ,
اهكذا يفعل الحب ؟؟؟
هذا ماراوده صباحا وهو يستيقظ على طيف سناء يمس روحه مسا لطيفا ليوقظها من رقادها ,ويطلقها في عالم من الصفاء والحبور ...
وانبثق في اغواره تفاؤل عارم , فشعر برغبة للانطلاق ...للعمل ...للضحك...للطيران
كارهُ المطر ـ قصة : خيرالدين جمعة
كان اليوم الذي كرهتُ فيه المطر غائمًا طويلاً وموحلاً ، لم أتصوَّرْ أن ذلك سيحصل لي و لكنه حصلَ و أهالي قريتي كانوا سببا في ذلك لأنه فيما بعد سينعتني أصدقائي في المدرسة بـِ " كارهِ المطرِ " ، و إلى الآن لم أعرفْ لماذا رضي الأهالي أن ينام الأموات عند الهضبة وسط القرية في حين فرَّ الأحياء إلى الأطراف حيث بساتين الرمان والبلَحِ ، استقرَّ الأموات غافين في سعادة باهتة عند المقبرة بسورها الأبيض البسيط و غير بعيد عنها مدرستنا الابتدائية مدرسة " سيدي عبد الرحمان" العارية من أيِّ سور تصافحُ الطريق الترابي و البرد كل صباح ، وكان الشتاء يصفعنا كل سنة بلا رحمة و لكن ذلك يمرُّ بعذوبة نظرا لتلك الألعاب الصغيرة التي كنا ننفق فيها أيامنا كلَّما خرجنا من المدرسة .
نداء الحب ـ قصة : مجدي السماك
كلما خطر إلى بال سمير طيف خطيبته سلمى كان قلبه يخفق وبسرعة يدق.. ثم تتعالى دقاته حتى تتحول في لمح البصر إلى رنين، يسري كهرباء في شرايينه فيملأ كل كيانه. ويبقى هكذا كمن غاب عن الدنيا وغاص عميقا في عالم ليس له وجود.. فيحس كأن جسده كله يضيء.
مع هذا لم ينس أن يمد يده كي يتحسس قارورة العطر النسائي التي دسها في الجيب الداخلي لبذلته الرمادية.. التي اشتراها وهو عائد من رام الله قبل يومين. ثم أخرجت يده القارورة وراح بعينين ضاحكتين يتفحصها كأنه يراها لأول مرة. بعد هذا وللمرة العاشرة رش رشة خفيفة على ظهر يده.. فأحس بكفه وهي تتحول إلى قطعة عنبر يحترق. وبمنتهى الرفق صعدت كفه إلى أعلى حتى لامست أرنبة أنفه المدبب.. فصار يشم، وينتشي. وعلى الفور سمع صوتا كرجع الصدى راح ينبعث ويسري من داخله إلى داخله: الله.. الله.. هدية رائعة تليق بخطيبتي سلمى.. أروع هدية أقدمها لها من يوم ما تعرفت عليها.