الحادية عشرة صباحا، ما تزال آثار النوم الثقيل بادية علي وجهها، إِنَّه يوم الجمعة.. بالنسبة لها عطلة من الجري وراء "الأمل" بحثا عن منصب شغل يُعيد لها هدوءَ نفسها وسكينتها.
مركز الشرطة.. قالتها دون غيرها من الكلمات، مُستجيبا غير مُستفسر تحَرَّك سائق سيارة الأجرة نحو الوجهة مُسرِعا وكأنه يجتهد في تخميناته. مُتكِئة هي خلفه مغمضة عيونها، وآثار التَّعب والسهر الذي تُدْمِنه قد عبثت بملامحها، شاردة وراء مُحتوى المكالمة التي أيقظتها من النوم وطلبت منها الحضور للاستفسار حول موضوع ما!!!!؟ غير مُدركة ولا منتبهة للسائق وهو يسترق النظر إليها من خلال المرآة أمامه. ولم يتوقف فضوله عند هذه الحدود بل اخترق الصمت الذي تعمَّدته هي وقال: "مهنتكم صعبة جدا.." انتبهت لترى إلى من يتحدث فلا يوجد سواها معه، واستطرد في حديثه "كانَ الله فِي عَوْنِكُمْ" وقبل أن تستفسر أضاف: الشرطي يتعب كثيرا ولا عطلة له مطلوب دائما للحضور..، حرَّكَت رأسها بالإيجاب، وحاولت أن تنتزع ابتسامة من صدرها لكنها اسْتَعْصت.
ها قد وصلت السيارة للمركز، تطلعت إلى العدَّاد وقبل أن تُعْطِيه أُجرة الرحلة أَقسم أنْ لن يأْخذ أبدا.. وحاول أن ينتزع منها وعْدًا إنْ هي ضبطته يوما ما بمخالفة أن تتغاضى عنه.. ، أشاحت بنظرها إلى خارج السيارة ونزلت، وقبل أن يُغادر انفرجت أساريرها وفاجأتها بضحكة هستيرية... استمرت معها إلى أن عادت لفراشها ثانية لا تَذْكُر شيئا مما حدث داخل مركز الشرطة.