1
صفحات فارغة،
ما قيدته في هذا الكناش قليل، كنت أود أن يكون هذا الكناش بمثابة ذاكرة ورقية أستودعها بعضا من أحداث هذه السنوات الستة التي أمضيتها بالصويرة، ولكن عندما أطالعه اليوم أصاب بخيبة كبيرة، إني لا أكاد أعثر بين صفحاته إلا على جمل لا معنى لها، أو على فقرات كتبت على عجل بدون سياق.
أنهزم دوما أمام أوهام التأجيل المستمرة، لا أتغلب على نفسي التي تغريني بمتسع الوقت الذي أمامي لتدوين الوقائع العظام التي ستأتي تباعا، أما توافه الأمور اليومية، فلا تستحق عناء التقييد، فقد لا تكون بقدر ثمن الحبر الذي تدبج به. أقلب هذه الصفحات اليوم وأنظر فيها كأنها تلعنني قائلة: أين فتوحاتك الكبيرة، وفي أي موضع خلفت انتصاراتك المباركة؟ ولماذا لم ترسم على وجهي؟. فرق كبير دوما بين رغباتنا الكبيرة وما نستطيع أن نسرقه من الأيام ونجعله واقعا متحققا، فعندما حللت بالصويرة، أخذت هذا الكناش وقلت أنه سيكون رفيقا ومعينا، أعود إليه كل مرة لأستودعه ما أراه، وما أتوصل إليه من نظر في شؤون الحياة الجديدة بهذه المدينة، غير أن هذا كله لم يقع على الوجه الذي أردت.